اتفاق جدة.. خطوة أولى في طريق إنهاء القتال بين الجيش السوداني والدعم السريع

نص الإعلان على 7 بنود، أولها حفظ سلامة ومصالح الشعب السوداني، والالتزام بضمان حماية المدنيين في جميع الأوقات، والمرور الآمن لهم من مناطق القتال.

اتفاق جدة.. خطوة أولى في طريق إنهاء القتال بين الجيش السوداني والدعم السريع

السياق

بعد قرابة شهر من قتال دام، بين الجيش السوادني وقوات الدعم السريع، المتحاربين على السلطة في السودان، وقَّع طرفا النزاع "اتفاق جدة"، وهو إعلان يتعهّدان فيه باحترام قواعد تتيح توفير المساعدات الإنسانية، من دون التوصل -حتى الآن- إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، في مفاوضات وصفها دبلوماسيون أمريكيون بالصعبة.

وتوصل ممثلون للجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، إلى هذا الإعلان بعد نحو 4 أسابيع من القتال، الذي أسفر عن قتل أكثر من 750 شخصًا ونزوح آلاف، في إطار "محادثات أولية" بمشاركة الولايات المتحدة والأمم المتحدة، بدأت السبت الماضي، في مدينة جدة السعودية.

وأكد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، أن توقيع "الاتفاق المبدئي" بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في جدة، و إعلان الالتزام بحماية المدنيين يشكل خطوة أولى، تتبعها خطوات أخرى.

وأضاف في "تويتر": "الأهم في محادثات جدة بين المكونين العسكريين، هو الالتزام بما اتفقا عليه".

وشدد على أن بلاده ستعمل، حتى يعود الأمن والاستقرار إلى السودان.

 

البنود السبعة

ونص الإعلان على 7 بنود، أولها حفظ سلامة ومصالح الشعب السوداني، والالتزام بضمان حماية المدنيين في جميع الأوقات، والمرور الآمن لهم من مناطق القتال.

وأيضًا احترام القانون الإنساني الدولي، والامتناع عن أي هجوم، من المتوقع أن يتسبب في أضرار مدنية، واتخاذ الاحتياطات الممكنة لتجنُّب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين.

وكذلك تسهيل المرور الآمن والسريع، من دون عوائق للعاملين في المجال الإنساني، عبر الطرق المتاحة.

إضافة إلى بذل الجهود، لضمان نشر هذه الالتزامات، والأخرى المعنية بالقانون الدولي، وسط صفوف المقاتلين، إضافة إلى تعيين نقاط اتصال، للتعامل مع الجهات الفاعلة الإنسانية، لتسهيل أنشطتها واتخاذ التدابير اللازمة، لضمان التزام الخاضعين لتعليمات أو توجيهات أو سيطرة طرفي النزاع بالقانون الإنساني الدولي.

فضلًا ع  تمكين الجهات الإنسانية المسؤولة، مثل "الهلال الأحمر السوداني" و"اللجنة الدولية للصليب الأحمر"، من جمع الموتى وتسجيل أسمائهم ودفنهم، بالتنسيق مع "الهيئات المعنية".

وضرورة الالتزام بمنح الأولوية للمناقشات، لتحقيق وقف إطلاق نار قصير المدى، وكذلك جدولة المناقشات الموسعة اللاحقة، لتحقيق وقف دائم للأعمال العدائية.

من جانبها أعلنت المسؤولة الأمريكية المطّلعة على المحادثات، توقيع الطرفين "إعلان التزام بحماية المدنيين في السودان".

وأوضحت أن الطرفين يلتزمان -بموجب هذا الإعلان- بمبادئ عامة للسماح بوصول المساعدات الإنسانية، وإعادة التيار الكهربائي والمياه والخدمات الأساسية، وسحب قواتهما من المستشفيات، والسماح بدفن القتلى "بكرامة".

وأكدت المسؤولة، التي طلبت عدم كشف اسمها، أن المحادثات مستمرة حتى التوصل إلى وقف للنار، متحدثة عن اقتراح بهدنة لعشرة أيام.

وأوضحت أن ما اتفق عليه الطرفان "ليس وقفًا لإطلاق النار، بل تأكيد لالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي، خصوصًا في ما يتعلّق بمعاملة المدنيين والحاجة إلى توفير مساحة لعمل المعنيّين بالمجال الإنساني.

 

مسافة بعيدة

وأبدت أملًا "حذًرا" بأن يسهم توقيع الطرفين هذا الإعلان "في التأسيس لزخم يرغمهما على توفير مساحة" لإدخال المساعدات الإنسانية، رغم إقرارها بأن مسافة "بعيدة" لا تزال تفصل الطرفين في المحادثات.

وستستمر المفاوضات، للتوصل إلى هدنة مؤقتة جديدة، تتيح إيصال المساعدات، قد تصل مدتها إلى عشرة أيام، حسب بيان وزارة الخارجية الأمريكية.

وقُتل ما لا يقل عن 18 عاملًا في المجال الإنساني، منذ بدء القتال في 15 أبريل.

وأعلنت وكالات أممية ومنظمات غير حكومية، تعليقًا مؤقتًا لعملها في الخرطوم ودارفور، وقد استؤنف عملها لاحقًا في بعض المناطق، لكنها تقول إنها تواجه عنفًا مستمرًا.

كان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، قد أفاد بتعرض مساعدات غذائية، تقدّر قيمتها بملايين الدولارات، للنهب في الخرطوم.

 

ترحيب "الحرية"

من ناحيتها أعلنت الآلية الثلاثية التي تتكون من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) ترحيبها بالإعلان.

وقالت في بيان: "هذه خطوة أولى مهمة نحو تخفيف المعاناة الإنسانية، وحماية حياة المدنيين في السودان وكرامتهم".

وحثت الأطراف المتقاتلة على بذل كل جهد على الفور، لترجمة هذه الالتزامات إلى عمل هادف على أرض الواقع.

وطلبت من طرفي النزاع، تعليمات واضحة لا لبس فيها، إلى مقاتليها للالتزام  "بالإعلان" وتسهيل المرور الآمن للمساعدات الإنسانية، واستعادة الخدمات الأساسية، وانسحاب القوات من المستشفيات والعيادات.

وكذلك رحبت  قوى الحرية والتغيير -التحالف المدني السابق بالحكومة السودانية- بتوقيع هذا الإعلان، وعدته خطوة أولى مهمة صوب إنهاء الحرب الدائرة في البلاد منذ 15 أبريل الماضي.

 وحثت الطرفين على "الالتزام الصارم والجاد بما اتفق عليه".

واتفق الطرفان -للمرة الأولى- على وسائل لمراقبة خرق أي هدنة يتوصل إليها، حسب ما أفاد مسؤولون.

وقال مسؤول أمريكي آخر إن المفاوضات كانت "صعبة جدا"، وأقر بأن كلًا من الجانبين قد تكون له دوافع خفية، من خلال مراقبة وقف إطلاق النار.

وأضاف: "صراحة، هناك أمل لدى الجانبين بأن يُنظر إلى الجانب الآخر على أنه مرتكب الانتهاكات".

لكنه أشار إلى أن طول الوقت الذي استغرقته الوساطة، سيجعل على الأقل وقف إطلاق النار أكثر "فعالية" إذا ما تم التوصل إليه.

وقال مسؤولون كبار بوزارة الخارجية الأمريكية، إن إعلان الالتزام الموقع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ليس وقفًا لإطلاق النار، لكنه يهدف إلى توجيه سلوك القوات، لتأمين الظروف لتدفق المساعدات الإنسانية.

وأكد المسؤولان -في حديث لوكالة رويترز- أن الطريق إلى الهدف النهائي للوقف الدائم للأعمال العدائية سيظل طويلًا.

وأشارا إلى أن طرفي النزاع لا يزالان متباعدين إلى حد ما، رغم أملهم بأن يكتسب "اتفاق جدة" زخمًا.

واستضافت مدينة جدة  السعودية -على مدى أسبوع- محادثات بين الجانبين، في ظل وساطة أمريكية سعودية.

 

انتقال مدني

وبدأت أعمال العنف -قبل نحو شهر- بعدما رفضت قوات الدعم السريع تنفيذ الاندماج وفقًا لما نصّ عليه اتفاق ينجز عملية انتقالية إلى حكم مدني.

وتساءل دبلوماسيون وخبراء، عما إذا كان الطرفان المتحاربان يريدان السلام حقًا، أم أن كلًا منهما مهتم أكثر بدحر الآخر.

والخميس، صوّت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة -بفارق ضئيل- لصالح تعزيز مراقبة الانتهاكات التي يشهدها السودان.