فرص متساوية لأردوغان وأوغلو... ماذا بعد الانتخابات الرئاسية التركية؟
يقول الباحث في الشأن التركي، مصطفى صلاح، لـ-السياق-، إن المعارضة التركية أكثر قوة، بعد أن تمكنت من تجاوز اختلافاتها الأيديولوجية والوصول إلى تفاهمات بشأن مواجهة أردوغان، لكنه أكد أنها تواجه صعوبات عدة في تنفيذ برنامجها المعلن.

السياق "خاص"
بينما دخلت الانتخابات الرئاسية التركية، سباق الأمتار الأخيرة، بدأ طرفا السباق يشحذان أسلحتهما وأعينهما على «الكتلة الحرجة»، أملًا بأن تمنحهما الفرصة للفوز بالمنصب الرفيع.
ذلك المنصب يأمل الرئيس التركي، أن يمهله الزمن ليحتفظ به مدة تزيد على 20 عامًا الماضية، ليسطر تاريخًا جديدًا، بينما تحاول المعارضة التركية، التي التف معظم قياداتها خلف كمال كليجدار أوغلو، أن تزيح رجب طيب أردوغان من سدة الحكم، وتعيد ضبط بوصلة أنقرة.
محاولات الاحتفاظ بالمنصب ومساعي إزاحة الرئيس التركي تساوت فيها -إلى حد ما- فرص الطرفين، وفقًا لاستطلاعات الرأي، التي رجح أحدها كفة أردوغان، بينما كانت الأخرى من نصيب كليجدار أوغلو.
صراع سياسي وصفه مراقبون بـ«الصفري»، متوقعين أن يستمر إلى ما بعد الجولة الأولى من الانتخابات، التي لن يتمكن في أولى جولاتها أحد الطرفين من إزاحة الآخر.
ذلك الصراع دفع المرشحين الاثنين، إلى استعراض قوتهما خلال الأيام المنصرمة، عبر حشد المؤيدين، في الساحات والميادين، أملًا بالخروج من النقطة العمياء.
صعوبات عدة
قال الباحث المتخصص في الشأن التركي مصطفى صلاح، في تصريحات لـ«السياق»، إن هناك صعوبات عدة تقف حائلًا أمام فوز أحد المرشحين بالمنصب الرفيع، في ظل اشتداد المنافسة بينهما، مشيرًا إلى أن كل طرف يحاول الحصول على ثقة الناخبين، بما يملك من أوراق.
وأوضح الباحث المتخصص في الشأن التركي، أن الانتخابات الرئاسية «مهمة» جدًا للمستقبل السياسي للمرشحين، خاصة مع تقارب نسب تأييدهما الشعبية، التي ترجح إمكانية الذهاب إلى جولة ثانية.
كانت شركة Areda المقربة من الحكومة التركية، أجرت استطلاع رأي أظهر تقدّم رجب طيب أردوغان، على منافسه كمال كليجدار أوغلو بفارق 9%.
في المقابل، أظهر استطلاع للرأي لشركة ماك، المقربة من المعارضة التركية، تقدم كليجدار أوغلو بفارق 5.5% على أردوغان.
ويقول الباحث في الشأن التركي، إن المعارضة التركية أكثر قوة، بعد أن تمكنت من تجاوز اختلافاتها الأيديولوجية والوصول إلى تفاهمات بشأن مواجهة أردوغان، لكنه أكد أنها تواجه صعوبات عدة في تنفيذ برنامجها المعلن.
على الجانب الآخر، بات حزب العدالة والتنمية وتحالفه الحاكم، أكثر قدرة على الاحتفاظ بقاعدته الشعبية التقليدية، وإن كان يواجه صعوبات أيضًا بسبب الأوضاع الداخلية، والأزمات الإقليمية والدولية التي تعد أنقرة طرفًا فيها، بحسب الباحث في الشأن التركي.
وأشار إلى أن ما أثير عن حالة أردوغان الصحية وعدم قدرته على مباشرة مسؤولياته بصورة كاملة، أدى إلى تراجع شعبية أردوغان، خاصة أن سياساته أفرزت تحديات وتهديدات للدولة التركية، وأدت إلى تراجع اقتصادها وزيادة عزلتها الإقليمية.
الكتلة الحرجة
وأكد الباحث في الشأن التركي، أن إيجابيات وسلبيات المرشحين البارزين، جعلت من الصعوبة بمكان قياس المستوى الحقيقي لشعبية أوغلو وأردوغان، في ظل تداخل متغيرات طبيعة التحالفات التي أعلنتها المعارضة والحزب الحاكم، التي تعد متناقضة.
فالاتجاهات التصويتية غير الحزبية، أو «الكتلة الحرجة»، ستكون حجر الزاوية في تحديد مجريات ونتائج هذه الانتخابات، لأن تقارب النسب في استطلاعات الرأي يعظم أهمية ودور هذه الأصوات، حال الاتجاه نحو جولة ثانية من الانتخابات، بحسب الباحث في الشأن التركي.
وأشار إلى أنه إذا فاز أردوغان برئاسة تركيا، ستكون هناك مساحة وهامش للتحرك، كون تيار المعارضة أصبح لديه شخصية سياسية وتزايدت قدرته على الحضور والتمثيل، ما سيكون عاملًا مهمًا بالتأثير في ملفات وقضايا السياسة التركية داخليًا وخارجيًا.
رؤية مغايرة
في السياق نفسه، قال الباحث المتخصص في الشؤون الإقليمية بمؤسسة الأهرام كرم سعيد، في تصريحات لـ«السياق»، إن المشهد السياسي في تركيا، لا ينبئ بأي تغيير جذري، مشيرًا إلى أن حزب العدالة والتنمية ورئيسه أردوغان يتمتعان بشعبية كبيرة في أوساط قطاعات لها كتلة تصويتية مؤثرة.
من جهة أخرى، انتقد الباحث المتخصص في الشؤون الإقليمية، غياب مشروع قومي للمعارضة التركية، التي لا تزال تتنازع بين تبايناتها الأيديولوجية، ما جعلها أقرب لإطاحة كليجدار أوغلو من سباق الترشح للانتخابات الرئاسية.
ورغم ذلك، فإنه قال: حال استمرار حزب العدالة والتنمية بالسلطة، لن يظل قابضًا على مفاصل الدولة، كون المعارضة رقمًا صعبًا في معادلة الحياة السياسية.
وأشار إلى أن القوى السياسية المشاركة في الانتخابات، لديها قناعة بأن هذا الاستحقاق سيكون فارقًا في المسار السياسي لها مستقبلًا، ما يفسر حالة الحشد والتعبئة والتنسيق المستمر منذ عامين، الذي أفرز خريطة تحالفات سياسية جديدة ومعقدة، بخلاف الاستحقاق السابق.