بوتين تعهد بتقديمه للعدالة... ما مصير قائد 'فاغنر' الروسية؟

لا يزال الغموض يكتنف مصير قائد مجموعة فاغنر، رغم انهاء تمرده، إذ أظهر موقع فلايت رادار 24 أن طائرته الخاصة، حطت في بيلاروسيا، قادمة من روسيا.

بوتين تعهد بتقديمه للعدالة... ما مصير قائد 'فاغنر' الروسية؟

السياق

في أول خطاب له منذ انتهاء التمرد، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قادة تمرد فاغنر -نهاية الأسبوع الماضي- بالرغبة في "رؤية روسيا غارقة في صراع دموي"، متعهدًا بتقديم منظمي التمرد "إلى العدالة".

غير ان الرئيس الروسي، وصف جنود "فاغنر" المنتظمين بأنهم "وطنيون"، وأنه سوف يسمح لهم بالانضمام إلى الجيش، أو التوجه إلى بيلاروسيا، أو العودة إلى ديارهم.

لكن جهاز الأمن الاتحادي الروسي، أعلن -الثلاثاء- أنه أسقط التهم الجنائية المتعلقة بالتمرد المسلح، وفق ما نقلت وكالة إنترفاكس".

بالمقابل، أعلنت وزارة الدفاع -في بيان- أن "فاغنر" تستعد لتسليم المعدات العسكرية الثقيلة إلى القوات الروسية.

كان مقاتلو "فاغنر" زحفوا فجأة -السبت الماضي- صوب العاصمة موسكو مطالبين بإقالة القيادة العسكرية، بسبب ما عدوه سوء تعامل مع الحرب في أوكرانيا.

وأكد بريغوجين، الذي كان يوصف بطباخ بوتين، أنه لن يستسلم ولن يتراجع، واعدًا الروس برئيس جديد للبلاد، قبل أن يتراجع.

لكنه أنهى فجأة أيضا تمرده هذا، وطلب من قواته العودة إلى الثكنات "حقنًا للدماء".

جاء ذلك، بعد اتفاق توسط فيه رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، أدى إلى خروج بريغوجين من روسيا، ووصوله إلى مينسك.

 

قتال الأشقاء

اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -الاثنين- أوكرانيا وحلفاءها الغربيين، بأنهم أرادوا حدوث "اقتتال بين الأشقاء" الروس أثناء تمرد مجموعة فاغنر المجهض.

وقال بوتين إنه أصدر أوامر لتجنُّب إراقة الدماء، ومنح عفوًا لمقاتلي "فاغنر" الذين شكل تمردهم التحدي الأكبر -حتى الآن- لحُكمه المستمر منذ عقدين.

وأضاف الرئيس الروسي، في خطاب متلفز: "منذ بدء الأحداث، اتُّخذت إجراءات بناءُ على توجيهاتي المباشرة لتجنّب إراقة كبيرة للدماء"، مثنيًا على "وطنية" الروس.

وأشار إلى أن "الاقتتال بين الأشقاء هو ما أراده أعداء روسيا: كل من النازيين الجدد في كييف ورعاتهم الغربيين، والخونة الوطنيين بأنواعهم، أرادوا أن يقتل الجنود الروس بعضهم".

كما شكر بوتين مسؤوليه الأمنيين، على جهودهم خلال التمرد المسلح، في اجتماع ضم وزير الدفاع سيرجي شويغو، العدو الأبرز لقائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين.

وتابع أن "التضامن المدني للروس أظهر أن أي ابتزاز وأي محاولة لإثارة اضطرابات داخلية محكوم عليها بالفشل".

 

خدمة روسيا

متوجها إلى مقاتلي "فاغنر" قال بوتين: "اليوم لديكم فرصة لمواصلة خدمة روسيا، من خلال إبرام عقد مع وزارة الدفاع أو غيرها من وكالات إنفاذ القانون، أو العودة إلى عائلاتكم وأصدقائكم، وكل من يريد الذهاب إلى بيلاروس يمكنه ذلك".

كان بريغوجين، قد قال –الاثنين- في أول تسجيل صوتي له منذ إنهاء التمرد، إن هدفه من إرسال مقاتليه نحو موسكو كان إنقاذ مجموعته المهددة بالحلّ وليس الاستيلاء على السلطة.

وأوضح أن تحرك قواته نحو العاصمة موسكو في إطار حركة التمرد، جاء احتجاجًا على أخطاء وقع فيها مسؤولون في وزارة الدفاع أثناء الحرب في أوكرانيا.

لكنه شدد على أن تحركات "فاغنر"كانت ولا تزال تستهدف تحقيق مصالح روسيا.

كانت هذه أول تصريحات بريغوجين، منذ إبرام صفقة لوقف التمرد، التي يقال إنها تشمل ذهابه إلى بيلاروسيا، مع إسقاط التهم الجنائية الموجهة إليه، رغم أن وسائل إعلام روسية ذكرت، نقلاً عن مسؤولين، أنه لا يزال يخضع للتحقيقات.

وقال إنه أنهى التمرد "حقنًا لدماء الجنود الروس"، زاعمًا أن بعض المدنيين في روسيا أصيبوا بخيبة أمل لتوقف زحفه نحو العاصمة.

 

مصير "فاغنر"

بالمقابل، لا يزال الغموض يكتنف مصير قائد مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين، إذ أظهر موقع فلايت رادار 24 أن طائرته الخاصة، حطت في بيلاروسيا، قادمة من روسيا.

وكشف الموقع الذي يرصد حركة الطيران، أن الطائرة التجارية حطت في مطار ماتشوليشي العسكري، قرب مينسك في وقت مبكر من الثلاثاء.

 

مسألة داخلية روسية

في واشنطن، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، إن المسؤولين يراقبون الاضطرابات في الدولة النووية.

وأضاف: "أجرينا وتمكنا من إجراء، بشكل آني وعبر القنوات الدبلوماسية، محادثات مع المسؤولين الروس بشأن مخاوفنا".

لكن وزارة الخارجية قالت إن السفيرة لين تريسي في موسكو اتصلت بالمسؤولين الروس "لكي تكرر ما سبق أن قلناه إن هذه مسألة داخلية روسية، وإن الولايات المتحدة غير ضالعة ولن تكون ضالعة فيها".

في الأثناء، استمر القتال في أوكرانيا، حيث حققت قوات كييف انتصارات جديدة في معركتها لدحر القوات الروسية من شرقي البلاد وجنوبها، بينما ألغت سلطات العاصمة الروسية الإجراءات الأمنية التي اتخذتها خلال التمرد.

وقال بريغوجين إن تمرده كان يهدف إلى منع حلّ "فاغنر"، لافتًا إلى أن السهولة التي تقدمت بها قواته نحو موسكو تكشف "مشكلات خطيرة في الأمن".

وأضاف، في رسالة صوتية مدتها 11 دقيقة، لم يكشف فيها عن مكانه: "ذهبنا للاحتجاج وليس لإطاحة السلطة"، متفاخرًا بأن مقاتليه "أغلقوا كل البنى التحتية العسكرية" بما في ذلك القواعد الجوية طوال زحفهم، وصولًا إلى نقطة توقفهم، التي تبعد أقل من 200 كلم عن موسكو.

 

خيار بيلاروس

ألغى بريغوجين التمرد وانسحب من مقر عسكري سيطر عليه مقاتلوه في مدينة روستوف (جنوب)، ويعد مركز إدارة الحرب في أوكرانيا، في ساعة متأخرة من مساء السبت، بعد جهود وساطة من الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو.

ومن المقرر أن يتحدث لوكاشنكو عن الاضطرابات قريبًا، وفق ما أكدت قناة مقربة من الرئاسة في "تلغرام".

وقال رئيس "فاغنر"إن لوكاشنكو عرض عليه سبيلًا لمواصلة نشاط المجموعة وعدم حلّها.

الأحداث غير العادية السبت -ومن بينها إسقاط "فاغنر" ست مروحيات وطائرة قيادة وتحكم للجيش الروسي، أثناء تقدمها وفق مصادر روسية- يُنظر إليها دوليًا على أنها أخطر أزمة أمنية في روسيا منذ عقود.

كان الكرملين تحت ضغط لتأكيد عودة الأمور إلى طبيعتها.

وقال مقر شركة فاغنر في سان بطرسبرغ، إنه لا يزال مفتوحًا ويعمل، بينما أكد وزير الخارجية سيرغي لافروف أن الشركة ستواصل العمل في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى.

 

يوم سعيد

في غضون ذلك، أكد القادة العسكريون الأوكرانيون، أن قواتهم تحرز تقدمًا جنوبي البلاد وشرقها، وزارهم الرئيس فولوديمير زيلينسكي، لتعزيز الروح المعنوية للوحدات التي تقاتل القوات الروسية قرب مدينة باخموت.

وقال زيلينسكي في كلمته المسائية المعتادة: "اليوم، حقق جنودنا تقدمًا في جميع المناطق، وهذا يوم سعيد".

وقال قائد القوة البرية في الشرق أولكسندر سيرسكي: "ندحر العدو من مواقعه على أطراف مدينة باخموت... أوكرانيا تستعيد أراضيها، نحن نتحرك قدمًا".

وأفاد سكان في بلدة دروزكيفكا على خط المواجهة قرب باخموت في دونيتسك وكالة فرانس برس، بأن أربعة انفجارات هزت منطقة سكنية خلال الليل.

وقطعت الانفجارات مواسير المياه والصرف الصحي، وتسببت في تحطّم نوافذ وتطاير حجارة وقعت في الساحات والأسطح، لكن السلطات البلدية قالت إنه لم يصب أحد بأذى.

بنبرة ساخرة، قالت ليوبوف (66 عامًا) وهي تشير إلى حفرة بسقف بيتها المغطى بالألواح الأسمنتية: "كانت ليلة مسلية، لم نحظ بها منذ فترة طويلة، لقد سبقها هدوء لمدة شهر أو نحو ذلك".