عقدة تشكيل الحكومة.. كر وفر والضحية لبنان
بالتوازي مع تصريحات عون، أعلن جبران باسيل صهر الرئيس عون، ورئيس التيار الوطني الحر، الذي يمثل كتلة مسيحية وازنة في البرلمان اللبناني، عدم موافقته على تسليم السلطة لحكومة مستقيلة، والتهديد بتعيين حكومة انتقالية تتسلَّم السلطة من عون

السياق
حالة من الكر والفر ينتهجها الساسة في لبنان حول تشكيل الوزارة الجديدة، بين مخاوف المواطنين وآمال نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال، وشروط رئيس الجمهورية ميشال عون.
رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، بدا أكثر تفاؤلًا -الخميس- وأوضح أن مشاورات تشكيل الحكومة في أمتارها الأخيرة، عندما قال، عقب خروجه من لقائه بالرئيس عون في قصر بعبدا، إن اللقاء المقبل سيشهد تشكيل الحكومة بشكل نهائي.
وأوضح ميقاتي للصحفيين، وهو يغادر القصر الجمهوري مبتسمًا، أن الاجتماع هذه المرة استمر نصف ساعة فقط، لكنه المرة المقبلة لن يغادر قبل تشكيل الحكومة، ممازحًا الصحفيين: "ما رح أروح، رح أنام هنا".
حكومة ميقاتي التي تشكلت في العاشر من سبتمبر الماضي، أصبحت حكومة تصريف أعمال، بعد بدء ولاية مجلس النواب الجديد في 22 مايو الماضي، لكن -حتى الآن- فشلت مساعي التشكيل الجديد، وسط مخاوف من تعثر جديد، والدخول في مرحلة الفراغ الحكومي.
فراغ رئاسي
المخاوف من الفراغ الحكومي تلتقي مع انتهاء ولاية ميشال عون في 31 أكتوبر المقبل، وتصريحاته بأنه سيغادر قصر بعبدا عند انتهاء فترته، لكن بشرط أن يسلِّم مهامه لرئيس جديد أو حكومة كاملة الصلاحيات، مشيرًا إلى أنه سيتحمل مسؤولياته الدستورية بالعمل بكل ما أوتي من قوة، لتهيئة الظروف المواتية لانتخاب رئيس جديد، وأنه لن يسمح بنقل صلاحياته لحكومة تصريف أعمال برئاسة نجيب ميقاتي، وأنه مستعد للتعاون لتشكيل الحكومة اليوم قبل الغد.
وبالتوازي مع تصريحات عون، أعلن جبران باسيل صهر الرئيس عون، ورئيس "التيار الوطني الحر"، الذي يمثل كتلة مسيحية وازنة في البرلمان اللبناني، عدم موافقته على تسليم السلطة لـ"حكومة مستقيلة"، والتهديد بتعيين حكومة انتقالية تتسلَّم السلطة من عون.
لم يجز ولم يحظر
المؤرخ والكاتب السياسي الدكتور فواز طرابلسي، قال -بتصريحات صحفية- إن حجة تصريحات عون بأن الحكومة مستقيلة ولا يمكنها تسلُّم السلطة أمر غير دستوري، وأن الدستور اللبناني لم يذكر أي نقاط لشكل الحكومة التي يمكن أن تتسلَّم الحكم بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية.
وأضاف أن الدستور لم يجز أو يحظر تولي حكومة تصريف أعمال مهام الرئاسة.
في السياق ذاته رأى الباحث السياسي الدكتور مكرم رباح، أن محاولات عون ورفاقه الحالية بدعة دستورية، بدأها وزير العدل السابق والمستشار الحالي لرئيس الجمهورية سليم جريصاتي قبل عامين، حين أفاد بأن رئيس الجمهورية يمكنه تصريف الأعمال وألا يغادر القصر، مشيرًا إلى أنه عندما ثبت خطأ تلك الأحاديث، روج لأن تسليم السلطة إلى حكومة تصريف أعمال أمر غير دستوري.
ويقول إدغار قبوات، المحامي والأكاديمي، إن عدم وجود نص صريح لحكومة تصريف الأعمال، فتح الباب للخلاف، وأحدث انعطافات خطرة نحو الفراغ الدستوري، الذي ضرب مبدأ حسن سير مؤسّسات الدولة، ما دفع المجلس الدستوري إلى الاعتراف بالتأثيرات السلبيّة والخطرة للفراغ الرئاسي على حسن سير المؤسسات، لاسيّما في ظلّ غياب النصوص الدستوريّة التي ترعى هذه الحالة من الناحية الإجرائيّة.
الانتقال السلس
يقول الكاتب والمحلل السياسي جورج غانم، إن لبنان لم يشهد أي انتقال سلس للسلطة، سوى انتقالات ما تعرف بالعهد الواحد، التي حدثت بين الرئيس فؤاد شهاب إلى شارل حلو، والتي عرفت بالعهد الشهابي، وكذلك من إلياس الهراوي إلى إميل لحود وكانت ضمن العهد السوري.
ويضيف أن لبنان في مأزق، خاصة من حيث الوضع الاقتصادي المأساوي، وعدم الاهتمام العربي والدولي بالاستحقاق الرئاسي في لبنان، لتلاحق الأحداث العالمية.
الأوضاع المتلاحقة في لبنان تجعل أهمية تشكيل حكومة اليوم أهم من الغد، وسط مخاوف من تطورات قد تحدث على مستوى قصر بعبدا وفراغ رئاسي مع بداية نوفمبر المقبل.