تستهدف الغاضبين من بوتين.. المخابرات الأمريكية تطلق حملة لتجنيد جواسيس روس
وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أطلقت حملة دعائية لتجنيد مواطنين روس، بهدف تزويدها بمعلومات استخباراتية عن بلدهم، مستهدفة الأشخاص الغاضبين من سياسات بوتين.

السياق
رغم أن الحرب الدائرة في أوكرانيا بعيدة عن أراضيها، هناك اتهامات للولايات المتحدة بالتورط في القتال الدائر هناك، لأسباب جيوسياسية واقتصادية، ما أدى إلى توسع فجوة العداء بين واشنطن وموسكو، وتنوعت أشكال الحروب بينهما وأخطرها "حرب الجواسيس".
ويبدو أن واشنطن تعتمد المقولة الشهيرة "في الحرب كل شيء مباح"، وإلا لما حثت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، الروس على تزويدها بمعلومات استخبارية عن بلدهم، في مقطع فيديو على "تلغرام" يستهدف المواطنين "غير الراضين عن سياسات الرئيس فلاديمير بوتين".
ويُظهر مقطع الفيديو المقتضب موظفًا حكوميًا روسيّا وزوجته في منزلهما مع طفل، ويبدو أنهما يعيشان حياة صعبة ويتساءلان عما إذا كانت هذه هي الحياة التي يحلمان بها.
طريقة التجنيد
يرى الفيديو أن بإمكان الروس العمل على تحسين الأوضاع، من خلال توفير معلومات استخباراتية لوكالة الاستخبارات المركزية، مع الحفاظ على "حسهم الوطني" كذلك، ويوضح طريقة ذلك باستخدام متصفح "تور" للوصول إلى "الشبكة المظلمة" وأدوات لتشفير الاتصالات.
وقالت الوكالة في الفيديو: "تريد وكالة الاستخبارات المركزية معرفة الحقيقة بشأن روسيا، ونحن نبحث عن أشخاص موثوق بهم يمكنهم إخبارنا بهذه الحقيقة"، مؤكدة: "قد تكون معلوماتكم قيّمة أكثر مما تعتقدون".
وأشارت "سي آي إيه" إلى أنها تأمل التواصل مع عاملين في مجالات الاستخبارات والدبلوماسية والعلوم والتكنولوجيا ومجالات أخرى، وأنها مهتمة بكل أنواع الاستخبارات، بما فيها السياسية والاقتصادية.
ولجأت الوكالة الأمريكية إلى شبكات اجتماعية أخرى، لكنها تركز الآن على "تلغرام"، لأنها الوسيلة الرئيسة التي يستخدمها الروس للحصول على معلوماتهم، من السياسة إلى الحرب في أوكرانيا، حسب ما أوضح مسؤول في "سي آي إيه" لوكالة فرانس برس.
وشدد المسؤول على أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى إثارة تمرد أو تغيير النظام في موسكو، لكنها تأمل أن يحصل بعض الروس على طريقة لمساعدة بلادهم في المضي قدمًا، من خلال التعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية.
ووفقًا للمصدر، فإن حملات مماثلة على منصات اجتماعية أخرى، معظمها محجوب في روسيا، كانت مثمرة.
وفي الأشهر الماضية كشفت برلين ولندن وأوكرانيا ودول أخرى تابعة أو داعمة للمعسكر الغربي، عن عملاء روس يعملون لصالح الكرملين.
بينما أكدت تقارير غربية أن الدول الأوروبية تعد مسرحًا استخباراتيًا مفتوحًا لروسيا، لكن كما في حال الولايات المتحدة، فإن الأمور تكون أكثر حساسية.
سوابق تاريخية
منذ الحقبة السوفيتية نادرًا ما هدأت حرب الجواسيس بين القوتين الكبيرتين، فدائمًا ما تُظهر حكومات البلدين أو تذكر وسائل الإعلام أو تكشف التقارير المسربة عن عمليات تبادل الجواسيس والأسرى أو القبض عليهم أو حتى تصفيتهم.
ومن المعروف عن تبادل الجواسيس، بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، أنه كان يجري ليلًا على جسر غلينيك في برلين، قبل انتهاء الحرب الباردة، أوائل تسعينيات القرن الماضي.
كان غلينيك يعرف بـ "جسر الجواسيس" وكان يربط المنطقة الأمريكية في برلين الغربية بمدينة بوتسدام في ألمانيا الشرقية السابقة، فوق نهر هافل.
وتعود أشهر عملية تبادل إلى عام 1986 حين أفرج عن المنشق السوفييتي البارز ناتان شارانسكي مقابل تشيكوسلوفاكي وزوجته متهمين بالتجسس لحساب موسكو.
العملاء العشرة
عام 2010 حصلت عملية تبادل سجناء بين واشنطن وموسكو في فيينا، شملت آنا تشابمان وهي شابة روسية كانت تقيم في نيويورك اعتُقلت بتهمة التجسس، وسيرغي سكريبال وهو ضابط استخبارات روسي سابق وعميل مزدوج لبريطانيا.
وقد أثار تسميمه عام 2018 جنوبي إنجلترا، حيث لجأ، أزمة دبلوماسية كبيرة مع روسيا، التي نفت أن تكون حاولت قتل الجاسوس السابق.
وفي مطار فيينا عام 2010 جرت عملية تبادل جواسيس غير مسبوقة منذ الحرب الباردة، حيث سلمت الولايات المتحدة روسيا عشرة عملاء اعتُقلوا على أراضيها، نهاية يونيو مقابل تسلمها أربعة روس حُكم على ثلاثة منهم بالتجسس لحساب الغربيين.
وأقر العملاء العشرة بأنهم مذنبون أمام المحكمة الفدرالية في نيويورك، وأعلنت القاضية كيمبا وود "طردهم الفوري" من الولايات المتحدة.
وأضافت: "لقد وافقوا على أنهم لن يسعوا إلى العودة للولايات المتحدة".