السودان.. ظهور نادر للبرهان وهدوء حذر يعقبه قتال عنيف

أفاد شهود عيان في الخرطوم بأن سكانها استيقظوا -الاثنين- على هدير الطائرات المقاتلة، في حين تحدث آخرون عن سماع أصوات انفجارات وإطلاق رصاص في مناطق مختلفة من العاصمة.

السودان.. ظهور نادر للبرهان وهدوء حذر يعقبه قتال عنيف

السياق

مع دخول الأزمة في السودان، بين الجيش وقوات الدعم السريع، اليوم الـ17، لايزال القتال مستمرًا رغم الهدنة التي أعلنها الطرفان 72 ساعة، ليتساءل كثيرون عن جدوى إعلان الهدنة إذا لم تنفذ.

السودان، الذي تحول في يوم وليلة من دولة ينتظر مواطنوها استقرارًا سياسيًا والانتقال إلى حكم مدني، بات حلمه التزام الأطراف المتنازعة بوقف إطلاق النار.

وأفاقت الخرطوم مجددًا على هدير الطيران الحربي والانفجارات، رغم موافقة طرفي النزاع على تمديد إضافي للهدنة، في وقت حذّرت الأمم المتحدة من بلوغ الوضع الإنساني "نقطة اللاعودة" وأعلنت إرسال مبعوث الى المنطقة، لمحاولة معرفة ظروف ملايين العالقين وسط القتال.

وأفاد شهود عيان في الخرطوم بأن سكانها استيقظوا -الاثنين- على هدير "الطائرات المقاتلة"، في حين تحدث آخرون عن سماع أصوات انفجارات وإطلاق رصاص في مناطق مختلفة من العاصمة، التي يناهز تعدادها خمسة ملايين نسمة.

 

هدنة هشة

جاء ذلك بعد ساعات من إعلان الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، موافقتهما على تمديد وقف لإطلاق النار، كان من المقرر أن ينتهي ليل أمس ، إلا أن الهدنة الأخيرة بقيت هشّة كغيرها من محاولات التهدئة، منذ اندلاع النزاع بين الحليفين السابقين في 15 أبريل، الذي أغرق السودان في فوضى، حصدت مئات القتلى ودفعت عشرات الآلاف إلى المغادرة.

ويرى الخبراء أن اتفاقات وقف النار تهدف إلى ضمان أمن إجلاء الرعايا الأجانب، والسماح بمواصلة بعض الجهود الدبلوماسية، التي تقودها أطراف خارجية، في ظل رفض القائدين العسكريين التواصل بشكل مباشر.

ويبدو أن كل محاولات الحلّ تصطدم بصراع النفوذ الشخصي، بين البرهان ودقلو.

 

ظهور البرهان

نشرت القوات المسلحة السودانية لقطات لاجتماع قادة عسكريين برئاسة عبد الفتاح البرهان في أحد مراكز القيادة.

وقالت #القوات_المسحلة_السودانية  في منشور على صفحتها في "فيسبوك": "القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان  يشرف على سير العمليات من أحد مراكز القيادة".

ويعد هذا الظهور النادر، هو الثاني للبرهان منذ اندلاع المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 إبريل.

نقطة اللاعودة

إلى ذلك، دقت الأمم المتحدة جرس الإنذار من تحوّل الوضع إلى مأساة إنسانية.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الأممية ستيفان دوجاريك، إن الأحداث في السودان تحصل بنطاق وسرعة غير مسبوقين"، مبديًا "قلقه الكبير".

وأضاف أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش قرر أن يرسل "فورًا إلى المنطقة" رئيس الوكالة الإنسانية للمنظمة الأممية مارتن غريفيث "في ضوء التدهور السريع للأزمة الإنسانية في السودان".

وأكد غريفيث أنه في طريقه إلى المنطقة "لدراسة كيف يمكننا أن نقدّم مساعدة فورية"، موضحًا أن "الوضع الانساني يقترب من نقطة اللاعودة" في بلاد كانت تعدّ من الأكثر فقرًا في العالم، حتى قبل تفجر النزاع الأخير.

وحذّر من أن النهب الذي تعرضت له مكاتب المنظمات الإنسانية ومستودعاتها "استنزف أغلبية مخزوناتنا".

 

وضع مأساوي

وأسفرت المعارك عما لا يقل عن 528 قتيلًا و4599 جريحًا، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السودانية السبت، في حصيلة يرجح أن تكون أعلى.

كما أدت إلى نزوح داخلي وخارجي، وتشمل الاشتباكات 12 من الولايات الـ18 في السودان، الذي يبلغ عدد سكانه 45 مليون نسمة.

ويضطر سكان العاصمة غير القادرين على مغادرتها، إلى الاحتماء من إطلاق النار والقصف، لكنهم يواجهون ظروفًا تزداد صعوبة، في ظل انقطاع الكهرباء وشحّ المواد التموينية والمياه والوقود.

 

حتى إشعار آخر

ومنحت السلطات المحلية في الخرطوم، موظفي القطاع العام "إجازة حتى إشعار آخر"، بينما تؤكد الشرطة أن أفرادها ينتشرون لمنع أعمال النهب.

وباتت أغلبية المستشفيات خارج الخدمة، في حين تواجه تلك التي لا تزال تعمل وضعًا "لا يمكن تحمّله" بسبب نقص التجهيزات.

وعلى مدى الأيام الماضية، أجلت دول غربية وعربية رعاياها، توازيًا مع جهود دبلوماسية، سعيًا إلى الحل.

 

جهود عربية

من المقرر أن تعقد الجامعة العربية –الاثنين- اجتماعًا على مستوى السفراء، بناءً على طلب مصر، لبحث الأوضاع.

كما أعلنت منظمة التعاون الإسلامي، عقد اجتماع "طارئ" للجنتها التنفيذية -الأربعاء- في جدة بطلب من السعودية.

وتبذل الإمارات جهودًا حثيثة، لدفع طرفي النزاع إلى وقف القتال والبحث عن حل سلمي، إذ أجرى نائب رئيس دولة الإمارات الشيخ منصور بن زايد، اتصالًا بالقائد العام للجيش السودان عبدالفتاح البرهان، نقل إليه خلاله حرص أبوظبي على "دعم جميع الحلول والمبادرات السياسية السلمية، الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان"، وفق ما أفادت وكالة أنباء الإمارات.

ومع دخول النزاع أسبوعه الثالث، تمكنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من إيصال أول شحنة مساعدات إنسانية عن طريق الجو، إلى مدينة بورتسودان، على مسافة 850 كلم إلى الشرق من الخرطوم، أرسلت من عمّان وتزن ثمانية أطنان.

وأوضحت اللجنة أن الشحنة "ضمّت معدات جراحية لدعم مستشفيات السودان ومتطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني، الذين يقدمون الرعاية الطبية للجرحى، الذين أصيبوا خلال القتال"، إلا أنها لن تكفي سوى لمعالجة 1500 جريح.

 

بورتسودان

وقال المدير الإقليمي لمنطقة إفريقيا في اللجنة الدولية للصليب الأحمر باتريك يوسف، في مؤتمر صحفي افتراضي من جنيف: "تمكنا من الطيران إلى بورتسودان من عمان كفريق طبي مع مستلزمات للتعامل مع جرحى الحرب تكفي لاستقرار 1500 جريح".

ودعت القوى الدولية والإقليمية، إلى وضع حد للعنف المتصاعد بين القائدين العسكريين، لكنهما رفضا المحادثات المباشرة.

 

صراع دارفور المروع

غربي دارفور، قُتل 96 شخصًا على الأقل منذ الاثنين في مدينة الجنينة، بحسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الانسان التي وصفت الوضع بأنه خطير.

وتتزايد أعمال النهب والتدمير وإضرام الحرائق، بما في ذلك داخل مخيمات النازحين، بحسب منظمة أطباء بلا حدود، التي اضطرت إلى "وقف كل أعمالها تقريبًا غربي دارفور" بسبب العنف، بحسب ما قال نائب مدير المنظمة في السودان سيلفان بيرون.

وحذّر بيرون -في بيان- من أن المنظمة "قلقة جدًا من تأثير أعمال العنف في الذين سبق أن عانوا موجات من هذا العنف".

وأشارت وزارة الصحة إلى "تسبب الصراع القبلي المسلح في تدمير لمستشفى الجنينة الرئيسي ولوزارة الصحة وإتلاف ما به من ممتلكات وعربات وأجهزة".

ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش القتال في دارفور بأنه "مروع"، وقال إن "المجتمع ينهار، ونرى القبائل تحاول تسليح نفسها".

شهد إقليم دارفور حربًا دامية، بدأت عام 2003 بين نظام الرئيس السابق عمر البشير ومتمردين ينتمون إلى أقليات إثنية، ما أسفر عن قتل 300 ألف شخص ونزوح 2.5 مليون، وفق الأمم المتحدة.