استمرار المعارك في السودان... وفرار مئات الآلاف من المدنيين
في ظل الوضع المأساوي الذي يعيشه أبناء السودان، كانت دولة الإمارات نافذة أمل ويد عون ودعم للسودانيين.

السياق
تستمر المعارك في السودان، بين الجش بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو، بالتزامن مع وصول مبعوث الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في محاولة لإيجاد مخرج للأزمة.
وأكد مفوّض الأمم المتّحدة للشؤون الانسانية مارتن غريفيث، عبر "تويتر"، أنّه وصل إلى السودان "لتأكيد التزام الأمم المتحدة تجاه الشعب السوداني".
جاءت زيارة غريفيث غداة إعلان وزارة خارجية جنوب السودان -في بيان- أن طرفي النزاع وافقا "من حيث المبدأ"، خلال اتصال بالرئيس سلفا كير، على هدنة سبعة أيام تبدأ الخميس.
ولم يعلن الطرفان رسميًا موافقتهما.
وتسود حالة من الفوضى العاصمة السودانية، منذ اندلاع المعارك في 15 أبريل، بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وأسفرت المعارك، في الخرطوم ومناطق أخرى، خصوصاً دارفور في الغرب، عن أكثر من 500 قتيل و5000 جريح، بحسب البيانات الرسمية التي يُعتقد أنّها أقلّ بكثير من الواقع.
اتفق الطرفان على هدن عدة لفتح ممرات إنسانية، إلا أنهما لم يلتزما بها، واستمرت الاشتباكات رغم الاتفاقات المتكررة.
مضادات طائرات
وأفاد شهود عيان من سكان العاصمة الخرطوم، بأنهم سمعوا "أصوات اشتباكات ودوي انفجارات باتجاه مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان "، بينما أكد آخرون سماع "أصوات مضادات الطائرات الأرضية قرب المطار".
كذلك أعلنت السعودية، التي تنظم عمليات لإجلاء مدنيين وتقود جهوداً لوقف المعارك الدائرة، أنّ مجموعة مسلّحة اقتحمت وخرّبت ملحقيتها الثقافية في السودان، ولم يُشر إلى إصابات جراء عملية الاقتحام.
واستنكرت وزارة الخارجية السعودية -في بيان- بأشد العبارات اقتحام "الملحقية"، ودعت إلى احترام "حرمة البعثات الدبلوماسية" ومعاقبة الجناة.
مجلس التعاون الخليجي، من جانبه، أدان الحادث على لسان أمينه العام جاسم البديوي، الذي أكد أن هذه التصرفات تزيد مخاطر انفلات الوضع بالسودان.
البديوي شدد على ضرورة احترام الاتفاقيات الدولية والأعراف الدبلوماسية، التي تضمن حرمة وسلامة مقرات البعثات الدبلوماسية.
ودعا جميع الأطراف لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الدبلوماسيين والمقرات الدبلوماسية، كما حثهم على العودة إلى الحوار للتوصل إلى حل سياسي، يضمن عودة السلام والاستقرار للسودان، وتماسك الدولة ومؤسساتها.
فرار وعنف
دفع هذا العنف المتصاعد الأجانب إلى مغادرة البلاد، كما يواصل السودانيون بالآلاف النزوح داخل بلدهم، أو الفرار إلى الدول المجاورة.
والثلاثاء، قال متحدّث باسم المنظمة الدولية للهجرة، خلال مؤتمر صحفي دوري في جنيف، إنّ المعارك الدائرة في السودان أجبرت أكثر من 334 ألف شخص على النزوح داخل البلاد، وأكثر من 100 ألف على اللجوء إلى الدول المجاورة.
وتتوقع الأمم المتحدة فرار 800 ألف شخص إلى الدول المجاورة، مثل مصر وتشاد وإثيوبيا وإفريقيا الوسطى.
أما الذين لا يستطيعون مغادرة السودان، وكثيرون منهم لعدم توافر الإمكانات المالية، فيواجهون نقصا الغذاء والمياه والكهرباء، بينما تصل الحرارة في الخرطوم إلى 40 درجة مئوية.
انعكاس على مصر
في هذا الصدد قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في مقابلة مع صحيفة أساهي اليابانية نُشرت الثلاثاء، إنه "وسط الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وفرار عديد من السودانيين... تواجه مصر أيضًا مشكلات"، مشيرًا إلى مشكلات مثل ارتفاع التضخم وزيادة أسعار الضرورات اليومية.
كارثة النظام الصحي
من جانبها حذرت الأمم المتحدة من أنّ النزاع يحوّل المأساة الإنسانية إلى "كارثة".
وعبرت منظمة الصحة العالمية عن خشيتها من "كارثة" في النظام الصحّي، الذي كان هشّا في بلد يعد من الأفقر في العالم.
والثلاثاء، أعلنت الأمم المتّحدة أنّ برامجها المخصّصة لتلبية الاحتياجات الإنسانية في السودان لم تؤمّن حتى اليوم سوى 14% من التمويلات اللازمة لعملياتها لهذا العام، وما زالت بحاجة إلى نحو 1.5 مليار دولار لتلبية هذه الاحتياجات، التي تفاقمت منذ اندلاع المعارك.
وما زاد الوضع سوءًا، أنّ أعمال العنف والنهب لم توفر المستشفيات ولا المنظمات الإنسانية، التي اضطر عديد منها إلى تعليق أعماله في السودان.
وتعمل 16% فقط من المنشآت الصحية في الخرطوم، لكنها تعاني نقص المستلزمات، والفرق الطبية منهكة، بحسب منظمة الصحة العالمية.
قتال دارفور
خارج الخرطوم، تسود الفوضى ولاية غرب دارفور، حيث يشارك مدنيون في أعمال العنف بين القبائل المتناحرة، بحسب الأمم المتّحدة.
وأحصت الأمم المتّحدة سقوط قرابة مئة قتيل منذ الأسبوع الماضي، عندما بدأ القتال في هذه المنطقة، التي شهدت -في العقد الأول من الألفية الثانية- حربًا أهلية أوقعت 300 ألف قتيل، وأدّت إلى نزوح 2.5 مليون شخص.
وأعربت نقابة الأطباء عن قلقها إزاء "انهيار النظام الصحي في الجنينة"، عاصمة غرب دارفور، مضيفة أنّ نهب المراكز الصحية ومخيّمات النازحين، أدّى إلى "إجلاء عاجل" للفرق الإنسانية.
الإمارات نافذة أمل
في ظل الوضع المأساوي الذي يعيشه أبناء السودان، كانت دولة الإمارات نافذة أمل ويد عون ودعم للسودانيين.
الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات، وجَّه بتوفير جميع أشكال الدعم للسودانيين على أرض دولة الإمارات، ممن توقفت رحلاتهم وسفرهم إلى بلدهم، وضمان توفير وتلبية الاحتياجات من مسكن ورعاية صحية، والعمل مع الجهات المختصة لضمان عودتهم إلى الجمهورية السودانية، في وقت لاحق بشكل آمن.
ووجَّه محمد بن راشد بتوفير مساعدات إنسانية عاجلة للنازحين السودانيين، تتولى تقديمها مؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية"، بعد أيام من تعهد دولة الإمارات، بتقديم 50 مليون دولار كمساعدات إنسانية طارئة للسودان.
فضلًا عن الجهود السياسية والدبلوماسية، التي تقودها أبوظبي، لدفع الأطراف للوصول إلى حل سلمي ووقف القتال.