بعد 12 عاما... سوريا تعود إلى الحضن العربي

أعلنت جامعة الدول العربية، في بيان رسمي اليوم، أنها اتخذت قراراً باستعادة سوريا عضويتها واستئناف مشاركتها في اجتماعات مجلس الجامعة اعتبارا من اليوم الأحد.

بعد 12 عاما... سوريا تعود إلى الحضن العربي

من القاهرة هنا دمشق... سوريا تعود إلى الحضن العربي بضوء أخضر من الجامعة العربية

السياق

«من القاهرة هنا دمشق» نداء تردد صداه عاليًا في أنحاء العاصمة المصرية، الأحد، بعد الاجتماع الطارئ الذي عقده وزراء الخارجية العرب، في جامعة الدول العربية، ومنح سوريا الضوء الأخضر لعودة مقعدها، وشعبها إلى الحضن العربي.

ففي أعقاب اجتماع طارئ، عقده وزراء الخارجية العرب في العاصمة المصرية القاهرة،  أعلنت جامعة الدول العربية، في بيان رسمي اليوم، أنها اتخذت قراراً باستعادة سوريا عضويتها واستئناف مشاركتها في اجتماعات مجلس الجامعة اعتبارا من اليوم الأحد.

وقال البيان إن مجلس الجامعة على المستوى الوزاري قرر "استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، اعتبارا من 7 مايو أيار 2023".

ودعا البيان، إلى ضرورة إلى اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج حول حل الأزمة وفق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة وبما ينسجم مع قرار مجل سالأمن رقم 2254 بدءا بمواصلة التي تتيح توصيل المساعدات الإنسانية لكل المحتاجين في سوريا.

وطالب البيان، بتشكيل لجنة اتصال وزارية مكونة من الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والأمين العام لمتابعة تنفيذ اتفاق عمان والاستمرار بالحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل لحل شامل للأزمة السورية يعالج جميع تبعاتها.

 وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد الصحاف، قال في تصريحات لوكالة الأنباء العراقية، إن اجتماع وزراء الخارجية العرب وافق على عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، مشيرًا إلى أن دبلوماسية الحوار ومساعي التكامل العربي التي تبنّاها العراق، كان لها جهد في عودة سوريا إلى الجامعة.

كان متحدث الخارجية العراقية، قال إن العراق يجدِّدُ موقفه من المسألة السوريّة، بأهمية عودتها إلى مقعدها في الجامعة العربيّة، بما يسهم بتعزيز أمنها واستقرارها.

الأمر نفسه أكده جمال رشدي، المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية، الذي قال في تصريح مقتضب، إن الجامعة العربية تبنت قرار عودة سوريا إلى مقعدها.

كان رشدي، قال إنه من المتوقع أن يوافق وزراء الخارجية العرب على استعادة سوريا لمقعدها بالجامعة في اجتماعهم الأحد، ما يدعم الجهود الإقليمية لتطبيع العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد.

تفاقم المعاناة

من جانبه، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، رئيس الدورة 159 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، في الاجتماع الاستثنائي لمجلس الجامعة، إن الاجتماع يجدد الدعم لسوريا، في سبيل سعيها للخروج من أزمتها التي امتدت تبعاتها السلبية من إرهاب، ودمار، ونزوح، ولجوء، إلى المنطقة والعالم، وصولاً إلى فقدان شعب شقيق، له إسهامات تاريخية في الحضارة العربية، لمفهوم الوطن الآمن.

وأكد وزير الخارجية المصري، أن معاناة السوريين تفاقمت نتيجة تعثر التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة، وتعدد التدخلات الخارجية فيها، وانصراف انتباه المجتمع الدولي إلى قضايا أخرى، ما أنتج حالة من الجمود لسنوات، وهو أمر كان لا يمكن لنا كدول عربية السكوت عنه، بعدما بات مصير الشعب السوري بكل أطيافه مرتبطاً بالمواءمات على الساحة الدولية، التي تشهد حالة من الاستقطاب غير المسبوق، وأصبح رهينة للجماعات الإرهابية التي زجت إلى الساحة السورية بواسطة دول وتنظيمات، لتحقيق أغراض سياسية بحيث كرست وجودها على الأراضي السورية، وبقى الشعب السوري بمفرده في مواجهة تحديات عدة أثقلت كاهله.

وبحسب شكري، فإن الدول العربية تولي أولوية كبيرة لأن تكون لها إسهاماتها الملموسة والمباشرة في صياغة حلول للأزمات العربية، الأمر الذي يحظى باهتمام خاص في مصر انطلاقًا من إيمان القاهرة بمبدأ الحلول العربية للقضايا العربية، وبضرورة تكاتف وتضامن الأشقاء في تجاوز التحديات، وبأهمية تفعيل الدور العربي القيادي، والنأي عن التعقيدات الدولية والإقليمية، حفاظاً على المصالح العربية المشتركة.

وأشار إلى أن جميع مراحل الأزمة السورية أثبتت أنه لا حل عسكرياً لها، مؤكدًا أن السبيل الوحيد للتسوية هو الحل السياسي بملكية سورية خالصة، من دون إملاءات خارجية، واستيفاء الإجراءات المرتبطة بتحقيق التوافق الوطني بين الأشقاء السوريين، وبناء الثقة، ومواصلة اجتماعات اللجنة الدستورية.

وشدد على أن انضمام سوريا إلى البيان الختامي لاجتماع عمان، في الأول من مايو الجاري، تطور إيجابي وخطوة مهمة على صعيد إثبات حسن النوايا وتنفيذ التعهدات وتعزيز التعاون العربي، لحل الأزمة السورية. 

محطات على طريق التطبيع

كانت عضوية سوريا في الجامعة العربية عُلقت عام 2011 بسبب الأحداث التي مرت بالبلد العربي، التي تسببت في سحب دول عربية كثيرة مبعوثيها من دمشق.

إلا أنه في الفترة الأخيرة عادت دول عربية، إلى التعامل مع سوريا، عبر الزيارات والاجتماعات رفيعة المستوى.

ومع عودة تلك البلدان، كثفت الدول العربية اجتماعاتها في الفترة الأخيرة، لحلحلة الخلافات بشأن عودة سوريا إلى الجامعة العربية، فعقدت ثلاثة اجتماعات في قرابة شهر.

ففي 15 أبريل الماضي، استضافت السعوديّة الاجتماع المخصّص لبحث عودة دمشق إلى الحاضنة العربيّة، بعد أكثر من عقد على إبعادها، واتّفق الوزراء العرب المشاركون فيه، على أهمّية تأدية دور قيادي عربي، في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة السورية.

وبحسب بيان صدر -آنذاك- عن وزارة الخارجيّة السعودية، فإن الوزراء المجتمعين أكدوا أن الحل السياسي هو الوحيد للأزمة السوريّة، مشدّدين على أهمّية أن يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة، ووضع الآليّات اللازمة لهذا الدور، وتكثيف التشاور بين الدول العربيّة بما يكفل نجاح هذه الجهود.

وأضافت الخارجيّة السعوديّة أنّ الوزراء تشاوروا وتبادلوا وجهات النظر بشأن الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السوريّة، ينهي كل تداعياتها ويحافظ على وحدة سوريا، وأمنها واستقرارها، وهويّتها العربيّة، ويعيدها إلى محيطها العربي.

اجتماع عمّان

بعد أيام من اجتماع جدة، وتحديدًا في الأول من مايو الجاري، عقد وزراء خارجية السعودية والأردن والعراق ومصر، اجتماعًا في عمّان لبحث الأزمة السورية.

وأكد وزراء الدول الأربع ضرورة إنهاء الأزمة السورية عبر حل سياسي، يحفظ وحدة سوريا وتماسكها وسيادتها، مشيرين إلى ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية والطبية، لكل من يحتاجها من الشعب السوري، في جميع أنحاء سوريا.

وبحسب البيان الختامي للاجتماع، فإن الوزراء أكدوا أولوية إنهاء الأزمة السورية، وكل ما سببته من قتل وخراب ودمار، ومن معاناة للشعب السوري، ومن انعكاسات سلبية إقليميًا ودوليًا، عبر حل سياسي يحفظ وحدة سوريا وتماسكها وسيادتها، ويلبي طموحات شعبها، ويخلصها من الإرهاب.

كما أكدوا أن الحل يجب أن يسهم في تعزيز الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين، يفضي إلى خروج جميع القوات الأجنبية غير المشروعة منها، وبما يحقق المصالحة الوطنية، ويعيد إلى سوريا أمنها واستقرارها وعافيتها ودورها.

واتفق الوزراء على أجندة المحادثات التي ستتواصل وفق جدول زمني يتفق عليه، وبما يتكامل مع الجهود الأممية وغيرها ذات الصلة، وستشمل الأوضاع الإنسانية والأمنية والسياسية.