المعادلة باتت صفرية... ماذا يعني غياب الإخوان عن الحوار الوطني المصري؟
يقول المحلل السياسي أحمد رفعت، في تصريحات لـ -السياق-، إن استبعاد الإخوان من الحوار الوطني، قرار اتخذه الشعب المصري، تنفذه الدولة بالنيابة عنه

السياق "خاص"
تأكيدًا لطي صفحتها نهائيًا، واستبعادها من أي معادلة سياسية مستقبلية، بعد انكفائها على محاولات تعكير صفو الشارع، والتشكيك في القيادة السياسية المصرية، وقدرة البلد الإفريقي على عبور التحديات التي خلفتها سياساتها وإرهابها، جاء الحوار الوطني المصري، خاليًا من تنظيم الإخوان.
فمع انطلاق الحوار الوطني المصري -قبل أيام- فقد «الإخوان» الورقة التي كان يراهن عليها التنظيم الإرهابي، لفتح نافذة لها في الشارع السياسي مجددًا، أملًا بأن تتاح له تجربة أخرى، سواء في مجلس النواب أم على أقل تقدير في المحليات.
إلا أن القيادة السياسية المصرية، التي قطعت عهدًا على نفسها، بغلق باب الحوار أمام من تلوثت أيديهم بدماء المصريين، أوفت بما تعهدت، ولم تستجب للضغوط الإقليمية والدولية، التي حاولت من خلالها بلدان عدة، إقحام تنظيم الإخوان مجددًا، بعد أن اقتلعته ثورة شعبية عام 2013 من جذوره.
ماذا يعني غياب الإخوان؟
يقول الباحث المتخصص في حركات الإسلام السياسي، أحمد زغلول شلاطة، في تصريحات لـ«السياق»، إن استبعاد الإخوان من الحوار الوطني كان طبيعياً، مشيرًا إلى أن المعركة بينها وبين السلطات المصرية باتت «صفرية» منذ عام 2013.
وأوضح شلاطة أن المعركة بين الدولة المصرية وتنظيم الإخوان «وجودية»، ما يجسد فلسفة الدولة تجاه التنظيم الإرهابي، مشيرًا إلى أن «ممارسات العنف التي مارسها في حق الدولة المصرية والمصريين عقب 2013»، كانت سببًا في تعزيز موقف القاهرة ضد الإسلام السياسي.
في السياق نفسه، قال المحلل السياسي أحمد رفعت، في تصريحات لـ«السياق»، إن استبعاد الإخوان من الحوار الوطني، قرار اتخذه الشعب المصري، تنفذه الدولة بالنيابة عنه، مشيرًا إلى أنه لن تكون هناك عودة للتنظيم الإرهابي، حتى لا يتكرر ما وصفه بـ«خطأ فترة السبعينيات».
وبحسب المحلل السياسي المصري، فإن قطاعًا كبيرًا من المصريين يرون الإخوان جماعة خارج القيم الوطنية، ما يجعلها خارج الحسابات أو الدعوات الوطنية، مشيرًا إلى أن الدعوات الوحيدة التي ستوجه للتنظيم الإرهابي، ستكون لإجراء محاكمات وتنفيذ عقوبات وأحكام أصدرها القضاء المصري، بخلاف تنفيذ مطالب بالثأر للشهداء والجرحى من المواطنين، وتعويضات ما أتلفته أيديهم التخريبية من منشآت ومؤسسات.
المحلل السياسي المصري، أكد أيضاً أن جماعة الإخوان انتهت بالفعل، مستدلًا على رؤيته بتعليقات النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، التي كانت غاضبة من وجود شخصيات بالحوار الوطني لم ترفع السلاح ولم تدع أو تشجع عليه، بل هتفوا فقط ضد الدولة المصرية، في إشارة إلى السلفيين.
واستبعد أحمد رفعت فكرة تقبل الشعب المصري لعودة الإخوان إلى المشهد، سواء اليوم أم في المستقبل القريب.
مصير الدعوات الإقليمية
يقول الباحث المتخصص في حركات الإسلام السياسي، أحمد زغلول شلاطة، في تصريحات لـ«السياق»، إن المبادرات الإقليمية التي جرى تداولها، كانت تهدف إلى خلخلة الصراع الصفري، بين الدولة المصرية وتنظيم الإخوان.
وأوضح زغلول، أن مصيرها الفشل كالمبادرات الإقليمية أو الدولية، أو تلك التي صدرت من بعض الشخصيات السياسية في مصر، أو قيادات دولية داخل الإخوان، مؤكدًا أنه لا مؤشر لتغيير المعادلة الصفرية بين الدولة المصرية وجماعة الإخوان.
وأشار إلى أن الدعوات التي طرحتها جبهة إبراهيم منير، بشكل مباشر أو غير مباشر قبل أو بعد رحيله، ومحاولته خطب ود النظام المصري قبل عام ونصف العام، ومع بداية انطلاق الحوار الوطني، كان مصيرها إقصاء تنظيم الإخوان من جلسات الحوار الوطني.
شروط خطرة
رؤية أخرى، أشار إليها الباحث المتخصص في الشأن الأمني والإقليمي إبراهيم عرفات، الذي قال في تصريحات لـ«السياق»، إن «الشروط التي وضعتها الدولة المصرية في ما يتعلق بالإخوان، غير كافية».
وأوضح الباحث المتخصص في الشأن الأمني والإقليمي، أن «الشروط» تتمثل في عدم الحوار مع من تلطخت أيديهم بالدماء، إذ إن هذا الشرط يمكن أن ينتفي خلال 30 عامًا أو أقل، مع صعود الجيل الجديد من قيادات الجماعة، الذي لم يعاصر أو يتورط في العنف، ما يفتح الباب للجلوس معهم، رغم اعتناقهم الفكر الإرهابي نفسه.
وأشار الباحث المتخصص في الشأن الأمني والإقليمي إلى أن «مسألة الخمول التي تضرب الجماعة داخل مصر، جزء منها مرتبط بالملاحقات الأمنية، بينما الآخر لاختراق القوى السياسية المختلفة، حتى الوصول إلى مراكز صنع القرار فيها، كما حدث من نهاية التسعينيات حتى أحداث 25 يناير».
وطالب عرفات، بوضع أجندة وطنية قومية محددة بالاتفاق بين القوى السياسية، تحدد تحركات الدولة في إطار وطني وليس أمميًا، يعمل على تحقيق مصالح الدولة الوطنية، لا مصالح جماعة ولا حزب.