الغارديان: السوريون في تركيا يواجهون مصيرًا غامضًا سواء بقي أردوغان أم رحل
ملايين اللاجئين السوريين في تركيا يواجهون مصيرًا غامضًا، بسبب التجاذب السياسي الذي تعيشه البلاد على وقع الانتخابات الرئاسية.

ترجمات -السياق
نحو 4 ملايين لاجئ سوري يعيشون في تركيا، ينتظرون بقلق، نتائج الانتخابات التركية التي انطلقت اليوم الأحد، لأن لنتائجها تأثيرًا مباشرًا في مستقبلهم، خصوصًا أنهم يتعرضون -منذ سنوات- لضغوط سياسية، لإجبارهم على الرحيل.
صحيفة غارديان البريطانية، سلطت الضوء على المصير المجهول الذي ينتظر هؤلاء اللاجئين، مشيرة إلى أنه رغم هروبهم من الحرب والدمار في بلدهم أملًا بحياة أفضل في تركيا، فإن هؤلاء السوريين لا يزالون يعانون صعوبات عدة، بينها ظروف اللجوء وصعوبة الحصول على فرص العمل والإسكان، والحصول على حقوقهم الإنسانية.
وحذرت الصحيفة من أن ملايين اللاجئين السوريين في تركيا يواجهون مصيرًا غامضًا، بسبب التجاذب السياسي الذي تعيشه البلاد على وقع الانتخابات الرئاسية، سواء بقي رجب طيب أردوغان في السلطة أم رحل.
وتزداد هذه المخاوف، بعد أن أشارت آخر استطلاعات الرأي، إلى أن نحو 80 في المئة على الأقل من الأتراك، يريدون عودة السوريين إلى بلادهم.
روايات ومعاناة
من السوريين الذين تحدثت معهم "غارديان" شاب يدعى راكان طالب (26 عامًا)، وكان قد وصل لمدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا عام 2014 بعد فراره من تقدم "داعش" على مدينته دير الزور.
وأشارت الصحيفة إلى أن راكان كان يحلم بدراسة الطب، إلا أنه ترك كل ذلك خلفه، بعد أن غادر مقاعد الدراسة واتجه للعمل في تركيا، ونجح في امتلاك متجره الخاص منذ نحو عامين، حيث يبيع المنظفات.
وروى الطالب السوري معاناته، قائلًا: "لقد فقدت تعليمي ومستقبلي وكل شيء تقريبًا من أجل المجيء إلى هنا والعيش بأمان وكرامة".
وأضاف:"كثيرون يتحدثون عن إعادة العلاقات مع بشار الأسد وترحيلنا إلى سوريا"، مشيرًا إلى أن "نتائج الانتخابات ستكون مصيرية بالنسبة لي ولكل السوريين في تركيا".
ونوهت الصحيفة إلى أن ما يُقدّر بنحو 4 ملايين سوري يعيشون في تركيا، تعمّقت علاقتهم بهذا البلد على مدى العقد الماضي، رغم المناخ العدائي المتزايد.
ويطالب معظم الأتراك -حسب استطلاعات الرأي الأخيرة- بترحيل السوريين، محملين إياهم مسؤولية تدهور الأحوال المعيشية، والأزمات الاقتصادية التي واجهت البلاد مؤخرًا.
وقد وجد هذا الشعور موطنًا متزايدًا عبر الطيف السياسي في تركيا، وسط تصاعد أصوات الأحزاب المعادية للمهاجرين، حيث هاجم تحالف سياسي عريض يحاول إطاحة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سياسته المتعلقة بالهجرة.
النتيجة كانت حرب شد وجذب، بين الائتلاف الحاكم بقيادة أردوغان وحزب الشعب الجمهوري المعارض بشأن مصير الجالية السورية في تركيا، حيث يتنافس الحزبان على التعهد باتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة واستعادة العلاقات مع الأسد.
وعندما تتجه تركيا إلى صناديق الاقتراع، الأحد، فإن الجالية السورية على موعد لتحمُّل الخسارة، بصرف النظر عمن يفوز.
تشدد المعارضة
وسلطت "غارديان" الضوء على الوضع المتشدد، الذي تتخذه المعارضة التركية تجاه اللاجئين السوريين.
وأشارت إلى أنه رغم الوعد ببداية حقبة جديدة من العدالة والديمقراطية، فإن مرشح المعارضة للرئاسة كمال كيلغدار أوغلو كان صريحًا برغبته في ترحيل اللاجئين السوريين، موضحًا خططه في كل تجمع حاشد حينما قال: "سوف نعيد جميع السوريين إلى بلادهم في غضون عامين على أبعد تقدير".
وأوضحت الصحيفة أن المشاعر المعادية للاجئين تتزايد داخل حزب الشعب الجمهوري، رغم رفعه شعارات الديمقراطية الاجتماعية، حيث دعا أحد الفروع المحلية وسائل الإعلام لمشاهدة سوريين من منطقتهم في حافلات متجهة إلى الحدود الجنوبية لتركيا، في إشارة إلى عودتهم لبلادهم في القريب العاجل.
وقال أونورسال أديغوزيل، نائب كيلغدار أوغلو: "من وجهة نظرنا، نحن لا نقول بطريقة عنصرية إننا سوف نعيد الناس، لكن من خلال السياسة الصحيحة والتواصل السليم مع سوريا، نريد إعادة بناء المنطقة، وإعادة السوريين خطوة إلى الوراء".
وفي السياق الانتخابي، رد أردوغان على حزب الشعب الجمهوري بالضغط لاستعادة العلاقات بسرعة مع دمشق، والتقى وزير الدفاع التركي ورئيس المخابرات مرارًا نظيريهما السوريين، وهي أعلى الاجتماعات منذ أكثر من عقد، بينما قال وزير الخارجية السوري أسد فيصل المقداد للصحفيين: "على أنقرة سحب قواتها من شمالي سوريا حتى يصبح التقارب ممكنًا".
وحسب الصحيفة البريطانية، لا تزال إمكانية المصالحة مع بشار الأسد كافية لأردوغان، للادّعاء بأن السوريين المقيمين في تركيا آمنون للعودة.
وفي العام الذي سبق الانتخابات، صعّدت الحكومة التركية ما تصفه ببرنامج "العودة الطوعية" رغم أن السوريين والجماعات الحقوقية نفوا أن تكون طوعية.
و أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش، بأن العائدين كثيرًا ما تعرضوا للاعتقال، وأُجبروا على توقيع استمارات الترحيل، وتعرّضوا للاعتداء، وفي بعض الحالات أُجبروا على عبور الحدود عائدين إلى سوريا تحت تهديد السلاح.
بينما أدى الزلزالان المزدوجان في فبراير الماضي، إلى دمار البنية التحتية في المناطق الخاضعة لسيطرة أنقرة، وثني أردوغان، الذي كان قد تباهى بأن الأبنية التي شيّدتها أنقرة في إدلب أصبحت جاهزة للعائدين، عن برنامج "العودة الطوعية" مؤقتًا.
وتسبب الزلزالان في قتل ما يقرب من 60 ألف شخص جنوبي تركيا وشمالي سوريا، ودمرا المنازل والبنية التحتية، في قطاع عريض من الأرض الخاضعة للسيطرة التركية، في الشمال السوري.
ووفقًا لسكان، كانت الأبراج القاتمة مرئية على منحدر تل إدلب، لكن قيل إنها فارغة إلى حد كبير أو مأهولة بالسوريين، الذين لم يغادروا إلى تركيا.
وقد تحدث السوريون، الذين شاركوا في برنامج "العودة الطوعية" بتركيا عن المعاملة القاسية التي تعرضوا لها من الأتراك، وكذلك كيف واجه كثيرون منهم خطر الاعتقال والتعذيب والاختفاء القسري والفقر في بلدهم.
ووصف آخرون من الجالية السورية في غازي عنتاب، كيف اختفى أصدقاؤهم الذين عادوا عند وصولهم إلى سوريا.
من هؤلاء خالد الحمصي، الصحفي الذي اعتُقل عند نقطة تفتيش في تركيا هذا العام.
ونقلت "غارديان" عن الحمصي، قوله: "في البداية تعرضت لضغوط لقبول الترحيل، بعد أن قاومت مرات عدة، لأنني أعلم جيدًا أن ذلك يعني ترك عائلتي ورائي في تركيا".
وذكر الحمصي أنه أُجبر على توقيع أوراق الترحيل، ثم رُحل بعد ذلك إلى تل أبيض شمالي سوريا.
وأضاف: "عشت في تركيا ما يقرب من سبع سنوات، وبعد أن فقدت كل شيء بسوريا في المرة الأولى، أرى نفسي أفقد كل شيء بنيته في تركيا خلال السنوات الماضية، وأضطر مرة أخرى إلى البدء من الصفر".
ويرى الحمصي أن "الانتخابات التركية لا تعني لي شيئًا على الإطلاق ولا يهمني من يفوز"، مضيفًا: "نعلم جميعًا أن اللاجئين كرة قدم سياسية تستخدمها الحكومة لتهدئة المعارضة، بينما تستغلها المعارضة لإرضاء الجمهور التركي الأوسع".