حرب الرسائل المسربة.. هل حسم قيادات السجون التناحر على منصب مرشد الإخوان؟
في تصعيد جديد للتناحر الداخلي، لجأت جبهتا اسطنبول ولندن إلى الرسائل المسربة المنسوبة لقيادات تنظيم الإخوان في السجون المصرية، في محاولة لترجيح شرعية إحداهما.

السياق
على خطى صراع مدمر هوى بعرش «الإخوان» الذي أسس بنيانه على شفا جرف هار، ما زال التنظيم الإرهابي يدور في فلك التناحر على إرث حسن البنا.
ذلك الصراع، الذي دخل عامه الثاني، بين جبهتي لندن واسطنبول على منصب المرشد العام لـ«الإخوان»، من دون أي أفق للحل، رغم محاولات قادة التنظيم لرأب الصدع، توقَّع مراقبون أن يهدم بنيان البيت الإخواني على رؤوس أتباعه.
وفي تصعيد جديد لذلك التناحر الداخلي، لجأت جبهتا اسطنبول ولندن إلى «الرسائل المسربة» المنسوبة لقيادات تنظيم الإخوان في السجون المصرية، في محاولة لترجيح شرعية إحداهما.
إلا أن تلك الرسائل كانت متناقضة في معناها وفي دعمها لكل من الجبهتين، فبينما كانت الرسائل الأخيرة مؤيدة وداعمة لجبهة لندن، كانت الجولة الأولى منها، مؤيدة لمواقف جبهة اسطنبول، ما أثار تساؤلات عما إذا كان التوقيت هو عامل التغير في المواقف، أم أن تلك الرسائل غير دقيقة، ومحاولة جديدة للتلاعب بالقواعد التنظيمية للإخوان؟
فماذا حملت تلك الرسائل؟
بينما تستعد جبهة لندن لتسمية المرشد الجديد، خلفًا للراحل إبراهيم منير، وسط ترجيحات بأن صلاح عبدالحق، البالغ من العمر 80 عامًا الواجهة الجديدة للتنظيم، بعد انتقاله إلى لندن، أكدت مصادر قريبة الصلة من «رابطة الإخوان المصريين بالخارج» أن جبهة لندن بدأت خطوات لدعم عبدالحق، بين قواعد الإخوان، مدعومة برسائل منسوبة لنائبي المرشد العام للإخوان محمود عزت وخيرت الشاطر.
وبحسب مصادر «السياق»، فإن الرسائل المسربة تدعم قرارات جبهة لندن، بقيادة محيي الدين الزايط، القائم المؤقت بأعمال مرشد الإخوان، وتدعو القواعد التنظيمية للجماعة إلى دعمها، مطالبة محمود حسين وجبهة اسطنبول، بالتوقف عن محاولات تفكيك الصف الإخواني، والعودة إلى المسار الشرعي للتنظيم، تحت قيادة جبهة لندن والقائمين عليها.
ليست الأولى
إلا أن رسالتي عزت والشاطر، ليستا الأوليين من نوعهما، ففي مايو الماضي، سُربت رسالة من داخل السجون المصرية، تزعم أن محمد بديع المرشد العام للاخوان، يؤيد موقف محمود حسين وجبهته بتركيا، موضحًا أنها تسير في المسار الشرعي، بحسب مصادر السياق.
رسالة مرشد الإخوان، كانت تسير على الخط نفسه، لأخرى أرسلها عضو مكتب الإرشاد محمد سعد عليوة، تؤيد موقف جبهة اسطنبول، إلا أن رسالة مسربة للدكتور طه وهدان عضو مكتب الإرشاد، المسؤول السابق عن الأسر داخل جماعة الإخوان، كانت تؤيد جبهة لندن، وقعت في يد محمود حسين، الذي أخفاها خشية أن تؤثر في قواعد التنظيم، كون وهدان يتمتع بتأييد كبير داخلها.
حرب الرسائل
إلى ذلك، قال الباحث في شؤون الجماعات الأصولية عمرو فاروق، في تصريحات لـ«السياق»، إن حرب الرسائل بين جبتهي اسطنبول ولندن، محاولة من الفريقين للحصول على تأييد قواعد التنظيم، وكسب شرعية زائفة.
ولم يستبعد فاروق، أن تكون تلك الرسائل صحيحة، مشيرًا إلى أن محاميي السجناء، قد يكونون حلقة الوصل بين قادة التنظيم داخل السجون المصرية، ومن يتولون جبهتي لندن واسطنبول.
وأشار إلى أن هذه الرسائل محاولة لحسم المواقف، خاصة الجبهة الداخلية والقواعد التنظيمية للجماعة، مؤكدًا أن الرسالة الأخيرة المنسوبة إلى نائبي المرشد محمود عزت وخيرت الشاطر، تهدم ما سبق من تسريبات عن دعم الشاطر، لجبهة اسطنبول ومحمود حسين.
وكشف الباحث في شؤون الجماعات الأصولية أن هناك مؤشرات لمستجدات عن تفاوض ما، تقوده إحدى الدول العربية، التي لها مصالح في المنطقة، لوقف المد الشيعي وتفكيك الأزمة اليمنية، مؤكدًا أن الإخوان قد يوظفون -بشكل غير مباشر- لتحقيق تلك المصالح، مقابل التفاوض للإفراج عن عدد منهم أو تخفيف الضغوط عليهم داخل السجون.
ورغم ذلك، فإن فاروق استبعد عودة جماعة الإخوان إلى المسار السياسي أو الدعوي والاجتماعي في مصر، مشيرًا إلى أن خطوة كهذه تتطلب شروطًا للقيادة السياسية في مصر.
تشكيك وتفنيد
في المقابل، قال الباحث في شؤون الجماعات الأصولية والإرهابية أحمد سلطان، في تصريحات لـ«السياق»، إنه من الصعوبة بمكان تصديق تلك الرسائل المسربة، المنسوبة إلى قيادات الاخوان بالسجون.
واستدل سلطان في رؤيته على أن قيادات التنظيم داخل السجون المصرية، تحرص على أن تكون بعيدة عن الصراع، من دون ترجيح كفة جبهة على أخرى، في محاولة للبقاء على توفير ملف الإعاشة.
وتوقع الباحث في شؤون الجماعات الأصولية، أن تتجه الأزمة بين جبهتي اسطبنول إلى مزيد من التعقيد، قد تشعل وقودها اللجان الإلكترونية من مؤيدي الجبهتين، وقد تسفر عن كثير من أسرار التنظيم، خلال المرحلة المقبلة.