الأسلحة الغربية في أيدي الأوكرانيين.. هل تهزم روسيا؟

الدول الغربية بدأت تدرك أهمية تلك المساعدات لأوكرانيا، وبدأت تفكر ليس فقط في كيفية تجنُّب الهزيمة، لكن في كيفية تحقيق النصر

 الأسلحة الغربية في أيدي الأوكرانيين.. هل تهزم روسيا؟

ترجمات - السياق

لا حل يلوح في أفق الحرب الروسية على أوكرانيا، والوضع على الجبهات يزداد تصعيدًا، وكل دولة تسعى لكسب أي دعم مادي أو عسكري، وهو ما نجحت فيه كييف، إذ تحصد مساعدات هائلة من الدول الغربية، على رأسها الولايات المتحدة، وهو ما عدته صحيفة واشنطن بوست عاملًا حاسمًا في غاية الأهمية، من أجل إحراز كييف النصر.

الصحيفة الأمريكية عوَّلت -في تقريرها- على الأسلحة المقرر تقديمها خلال الفترة المقبلة، خصوصًا "إم 1 أبرامز الأمريكية" و"ليوبارد الألمانية".

وبينت، في تحليل للكاتب مايكل أوهانلون، وهو زميل أقدم ومدير الأبحاث لبرنامج السياسة الخارجية في معهد بروكينغز ومؤلف كتاب "التاريخ العسكري الاستراتيجي الحديث... حروب أمريكا الكبرى منذ عام 1861"، أن الولايات المتحدة وحلفاءها في "الناتو" كانوا -حتى وقت قريب- يقدمون المعونة العسكرية لأوكرانيا بحرص، خشية الوقوع في مغامرة تصعيد الصراع العسكري هناك، لاسيما أن الكرملين قد هدد صراحةً بأن أي تصعيد في الموقف العسكري بأوكرانيا، سوف يواجه باستخدام السلاح النووي، كما أعلن أن شحنات السلاح التي يقدمها الغرب لأوكرانيا، أصبحت هدفًا مشروعًا للقوات الروسية.

وأشارت إلى أن القضية المطروحة بين الحلفاء الغربيين حاليًا، هي ما إذا كان ينبغي عليهم تزويد كييف بدبابات ثقيلة حديثة الصُنع، التي من شأنها أن تعزز بشكل كبير قوة الأوكرانيين في ساحة المعركة، كمحاولة لاستعادة جزء كبير أو معظم ما يقرب من 17 في المئة من الأراضي الأوكرانية، التي لا تزال روسيا تحتفظ بها.

أمام ذلك، أعلنت بريطانيا أنها تخطط لإرسال عدد غير محدد من دباباتها القتالية الرئيسة من طراز تشالنغر2، لكن الجدل الأكبر يظل بلا حل.

وأوضحت أن الغرب قدَّم دعمًا كبيرًا لأوكرانيا منذ بدء الحرب في فبراير 2022، بما في ذلك الصواريخ المضادة للطائرات والمدفعية الصاروخية "هيمارس"، وبطاريات الدفاع الجوي "باتريوت"، وهي مساعدات لم يكن من الممكن تصور تقديمها قبل عام أو حتى أشهر فقط، خوفًا من اشتعال الموقف بين "الناتو" وموسكو.

ومع ذلك -حسب الصحيفة- لم تكن النتائج بالشكل المرضي على الأرض، فبينما يشعر البعض بالقلق من أن تكون إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تسرعت في تقديم هذه المساعدات، ما قد يغضب روسيا، لا يزال آخرون يتهمون واشنطن بالحذر المفرط.

حتى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في خطاب الامتنان والتضامن الذي ألقاه للكونغرس قبل عيد الميلاد مباشرة، لم يستطع مقاومة تأنيب واشنطن بلطف عما إذا كانت المساعدات الغربية حتى الآن كافية.

النهج البطيء

وأبدى أوهانلون، تأييده لما سماها سياسة "النهج البطيء" في تسليح أوكرانيا، مشيرًا إلى أن هذا النهج قد يضرب عصفورين بحجر واحد (لا يغضب الكرملين، ويسهم في دعم القوات الأوكرانية على الأرض بشكل متواصل).

ولكن يحذر الكاتب من الوقوع في شرك "سياسة الاعتدال"، بدعوى الخوف من الغضب الروسي، ما يعيق تطوير استراتيجية الغرب لإنهاء الحرب، مشددًا على ضرورة دعم كييف بالدبابات الأمريكية والألمانية والبريطانية، التي أُعلنها مؤخرًا في أسرع وقت.

ورغم أنه رأى أن القلق من التصعيد والخوف، من جر روسيا لحرب مباشرة مع "الناتو" في محله، ويجب التحوط من ذلك جيدًا، إلا أنه عاد وأكد أهمية تقديم المساعدات، لإحداث تحول على الأرض لصالح القوات الأوكرانية.

وأشار الكاتب إلى أن الأسلحة الأمريكية والغربية ساعدت أوكرانيا بشكل مباشر في قتل وإصابة أكثر من مئة ألف جندي روسي، منوهًا إلى أنه بينما زوَّد الغرب كييف بالقدرات الفتاكة اللازمة، قدَّمت الاستخبارات الأمريكية معلومات لا تقل أهمية عن المساعدات العسكرية، قادت القوات الأوكرانية لتحقيق ضربات موجعة للجانب الروسي.

ورأى أنه حتى الآن سياسة "الحذر" تؤتي ثمارها، ولم تقدم روسيا على عمل طائش، من خلال استهداف البنية التحتية اللوجستية لحلف الناتو أو قوافل الإمداد أو الأقمار الاصطناعية أو حتى القواعد العسكرية لحلف الناتو في أوروبا الشرقية.

في المقابل، ساعدت الأسلحة الغربية، أوكرانيا، في استعادة جزء جيد من الأرض التي فقدتها في الأشهر الأولى من الحرب، فضلًا عن أن هذه الأسلحة أوقفت المد الروسي تجاه العاصمة كييف.

علاوة على ذلك -وفق الكاتب- عندما أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تهديداته النووية المستترة وغير المستترة في سبتمبر وما بعده، كان لا بد من أخذها على محمل الجد، إذ كان من الأفضل تركه يهدأ قبل التفكير في التصعيد التالي للدعم العسكري الغربي.

وأضاف الباحث بمعهد بروكينغز، أن المساعدات العسكرية التي يقدمها الغرب أسهمت -بما لا يدع مجالًا للشك- في قدرة أوكرانيا على الاستمرار في الحرب مع القوات الروسية حتى الآن، موضحًا أن الدول الغربية بدأت تدرك أهمية تلك المساعدات لأوكرانيا، وبدأت تفكر ليس فقط في كيفية تجنُّب الهزيمة، لكن في كيفية تحقيق النصر وهو ما دفعها إلى تقديم مساعدات عسكرية غير مسبوقة في الفترة الأخيرة، كانت تعد خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه.

احتياجات أوكرانيا

ورأى أوهانلون، أن تجربة الحذر والنهج البطيء في تقديم المساعدات لأوكرانيا، أظهرت أن الغرب كان محقًا في تخصيص بعض الوقت، لتقييم احتياجات أوكرانيا الأكثر إلحاحًا، على سبيل الأولوية في كل مرحلة من مراحل القتال.

وأشار إلى أن صواريخ غافلين وستينغر كانت حاسمة في إحباط الهجمات الروسية الأولية على كييف، أواخر فبراير ومارس 2022.

بينما في المرحلة التالية من القتال في الربيع والصيف، احتاجت كييف إلى القدرة على رد الضربات ضد قصف روسيا لمناطق شرقي أوكرانيا وجنوبها.

بعد ذلك، أواخر الصيف والخريف، أتاحت المدفعية الأكثر دقة والأطول مدى -بما في ذلك "هيمارس"- فرصة لأوكرانيا لاستعادة بعض الأراضي، من خلال استهداف البنية التحتية الروسية ومراكز القيادة، وتركيز القوات والمستودعات وطرق الإمداد الرئيسة.

ومن ثمّ، أصبح تحسين الدفاعات ضد الطائرات من دون طيار والصواريخ، أمرًا بالغ الأهمية عندما صعّدت روسيا هجماتها الجوية من سبتمبر فصاعدًا.

وبيّن أن نهج الغرب "الحذر" كان ضروريًا أيضًا، لأن أنظمة الأسلحة الحديثة مُعقدة الاستخدام، إذ يستغرق تعلُّم كيفية استخدام صواريخ باتريوت شهورًا، وهو ما ينطبق على دبابات القتال الرئيسة التابعة للولايات المتحدة، بخلاف صيانتها أو عملية دمجها بشكل صحيح في عملية الأسلحة المشتركة.

وأشار إلى أنه رغم أن الجنود الأوكرانيين أظهروا قدرات تعلم رائعة، أثناء تكيفهم مع الأسلحة الغربية، العام الماضي، فإن الغرب كان على صواب عندما وضع في الاعتبار منحنيات التعلم الطويلة اللازمة لإتقان هذه الأنظمة.

وقال الكاتب: "من المؤكد أن التقدم خطوة بخطوة، ساعد أوكرانيا في إصلاح نقاط الضعف، لكنه لم يعزز هدف صياغة استراتيجية لإنهاء الحرب أو تحديد القدرة التي ستكون مطلوبة في النهاية لذلك"، لافتًا إلى أنه من الناحية التكتيكية، كان الغرب "جيدًا جدًا"، لكن من الناحية الاستراتيجية كان يفتقر إلى التخطيط إلى حد ما.

وفي ما يخص الدبابات الجديدة، التي يستعد الغرب لتقديمها لأوكرانيا، شدد الكاتب على أنه حان الوقت لأن يوفرها الغرب للأوكرانيين، مشيرًا إلى أن ذلك ليس فقط من أجل المساعدة في كسب الحرب، وإنما أيضًا لمساعدة كييف في استعادة أكبر قدر ممكن من الأراضي التي احتلتها روسيا.

وأوضح أن أحد هذه الأسلحة، التي يجب إمداد أوكرانيا بها، الدبابات الحديث، ولاسيما الدبابات الألمانية من طراز ليوبارد-2 التي يجب توفيرها للجانب الأوكراني بالكميات المطلوبة والكافية، لتحقيق طفرة ملموسة في ساحة القتال.

وأبرز الكاتب أهمية مساعدة الدول الغربية للقوات الأوكرانية في مجال التدريب والإعداد، لاستيعاب تلك النوعية من الأسلحة المتطورة إلى جانب توفير الدعم اللوجسيتي اللازم لأوكرانيا مع الأخذ في الحسبان أهمية الوقت في هذا الخصوص.

ورأى أن الكرملين لن يرضخ لطاولة المفاوضات قريبًا، ومن ثمّ فإن إرسال الدبابات لكييف سيظهر لموسكو أن العزم الأمريكي لا يزال ثابتًا حتى مع وجود الجمهوريين -المتشككين في الحرب- كأغلبية داخل مجلس النواب.

وأضاف: "لو كانت هناك أية فرصة لانتهاء هذا الصراع عام 2023، وآمل أن يحدث ذلك، فإنه يجب عدم إهدار المزيد من الوقت في تزويد أوكرانيا بقدرات مناورات حربية مشتركة، ثم الانتظار حتى نرى ما يمكن أن تفعله بها"