وول ستريت جورنال: صراع على السلطة في السودان يتحول إلى حرب مفتوحة
وول ستريت جورنال: الفشل في إنهاء القتال بسرعة سيدفع السودان للانزلاق إلى حرب أهلية

ترجمات - السياق
قالت صحيفة وول ستريت، إن التنافس بين كبار جنرالات السودان، تحول إلى حرب مفتوحة، نهاية هذا الأسبوع، ما أدى إلى زعزعة الاستقرار، في بلد كانت تتنافس عليه القوى الجيوسياسية في الشرق الأوسط والولايات المتحدة وروسيا.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، في تقرير ترجمته «السياق»، أن الصراع بين الفريق عبدالفتاح البرهان والفريق محمد حمدان دقلو، سيؤدي إلى تفاقم أزمة اقتصادية وإنسانية حادة، بالنسبة إلى أكثر من 45 مليون شخص في السودان، مشيرة إلى أنه سيؤدي إلى مزيد من التأخير في الانتقال الموعود إلى الحكم المدني.
واندلع قتال عنيف بين الجيش السوداني بقيادة الجنرال عبدالفتاح برهان، وقوات الدعم السريع، وهي «ميليشيا ترعاها الدولة بقيادة الجنرال دقلو، في العاصمة الخرطوم وأجزاء أخرى من البلاد»، تقول الصحيفة الأمريكية.
ونقلت عن سكان قولهم، إن الجيش وقوات الدعم السريع تبادلا إطلاق النار والمدفعية، مشيرين إلى أن القوات الجوية السودانية قصفت مواقع برية لقوات الدعم السريع، معظمها قرب مناطق سكنية.
وأظهرت لقطات مصورة طائرات حربية، تحلق على ارتفاع منخفض فوق الخرطوم، مع تصاعد أعمدة الدخان من الأرض في مواقع عدة.
كما وردت أنباء عن اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في مدينة بورسودان على البحر الأحمر والقضارف في الشرق ودارفور في الغرب.
وقالت لجنة الأطباء السودانيين، إن أعضاءها أحصوا 56 قتيلًا مدنيًا على الأقل وما يقرب من 600 في وقت مبكر من الأحد، رغم استحالة تقييم حجم الضحايا، لأن خدمات الطوارئ لا تصل إلى عديد من أجزاء البلاد.
وضع مخيف
وقال برنامج الغذاء العالمي، إن ثلاثة من موظفيه قُتلوا وأصيب آخران أثناء العمل في دارفور، مشيرًا إلى أن أضرارًا لحقت بإحدى طائراته في مطار الخرطوم الدولي.
«سمعنا إطلاق نار طوال الليل وهذا الصباح» قال ربيع توت، خبير تكنولوجيا المعلومات البالغ من العمر 29 عامًا، الذي كان يحتمي في المنزل مع زوجته وطفليه بالقرب من جامعة الخرطوم، مضيفًا: «بالكاد ننام. إن الأمر مخيف جدًا».
وحث مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على وقف فوري للعنف في السودان، الذي يقع على البحر الأحمر بين مصر وإثيوبيا، بينما عقد الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، والسودان من أعضائهما، اجتماعات طارئة الأحد.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، إنه تشاور مع نظيريه في السعودية والإمارات، وهما دولتان لديهما مصالح اقتصادية وسياسية كبيرة في البلاد.
وأضاف بلينكن: «القتال الخطير بين القوات المسلحة السودانية وقوات الأمن السريع... يهدد أمن وسلامة المدنيين السودانيين، ويقوض الجهود المبذولة لاستعادة الانتقال الديمقراطي في السودان».
وتقول «وول ستريت جورنال»، إن قادة الأمر الواقع في السودان الجنرال برهان ونائبه الجنرال دقلو، برز كلاهما إلى الصدارة في ظل حكم الديكتاتور السوداني عمر البشير.
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن الرجلين «شاركا في القمع الوحشي لانتفاضة في منطقة جنوبي غرب دارفور»، مضيفة أنهما أطاحا عام 2019، الرئيس عمر البشير بعد أشهر من المظاهرات المؤيدة للديمقراطية، وبعدها بعامين، أطاحا حكومة انتقالية بقيادة مدنية، كان من المفترض أن تقود السودان إلى الانتخابات.
حسم السيطرة
وبحسب «وول ستريت جورنال»، فإن البرهان ودقلو كانا يناوران في الأشهر الأخيرة من أجل اليد العليا، وحسم من سيسيطر -نهاية المطاف- على القوات المسلحة السودانية والقطاعات الرئيسة للاقتصاد، من الزراعة إلى تعدين الذهب.
والثلاثاء، فوت المجلس العسكري الحاكم الموعد النهائي المتفق عليه مع الأمم المتحدة والولايات المتحدة وحكومات أجنبية، لاستعادة الحكم المدني بعد انقلاب 2021.
وحذر محللون من أن الفشل في إنهاء القتال بسرعة واستئناف المحادثات مع القادة المدنيين، قد يدفع السودان مرة أخرى للانزلاق إلى حرب أهلية، وسيؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة تتصارع مع تمرد إسلامي في الصومال، حيث لم تدخل الأطراف المتحاربة في إثيوبيا إلا مؤخرًا في اتفاق سلام.
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن استمرار العنف داخل السودان، سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية المدمرة، بما في ذلك التضخم الجامح الذي جعل الأساسيات مثل الخبز والسكر بعيدًا عن متناول كثيرين.
ويقول برنامج الغذاء العالمي إن 15 مليون سوداني، أي ما يقرب من ثلث السكان، يعانون الجوع، مشيرًا إلى أنه علق عملياته في البلاد بعد قتل موظفيه.
تعقيد حل النزاع
وتقول «وول ستريت جورنال»، إن الجنرال دقلو أرسل قوات الدعم السريع للقتال، كجزء من تحالف تدعمه السعودية والإمارات في اليمن منذ عام 2015.
في المقابل، فإن الجنرال برهان حليف مقرب من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وقالت قوات الدعم السريع على «تويتر» السبت إن الجنود المصريين في قاعدة عسكرية «استسلموا» بعد دخول قوات الدعم السريع القاعدة، مشيرة إلى أنها «لا تعد القوات المصرية عدواً وأنها مستعدة لتسليمها للحكومة المصرية».
يأتي ذلك، بينما دعا السيسي ورئيس جنوب السودان، الأحد، إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن دول الخليج عمقت مشاركتها في السودان منذ إطاحة البشير، بشراء مساحات شاسعة من الأراضي لإنتاج المحاصيل الغذائية والأعلاف الحيوانية مثل البرسيم، وهو أمر بالغ الأهمية لتربية الماشية.
وأضافت أن الإمارات وافقت -العام الماضي- على استثمار بـ 6 مليارات دولار في السودان، يتضمن بناء ميناء جديد على البحر الأحمر، واشترت أيضًا الذهب الذي صُدر بشكل قانوني في النصف الأول من عام 2022، بنحو 1.32 مليار، وفقًا لبنك السودان المركزي.
بينما قالت وكالة الأنباء السعودية إن وزارة الخارجية دعت، السبت، القادة العسكريين والسياسيين في السودان إلى «منح الأولوية للغة الحوار وضبط النفس والحكمة» لإيجاد حل للأزمة.
صفقة "فاغنر"
في غضون ذلك، يشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق بشأن صفقة بين الجنرال دقلو ومجموعة فاغنر الروسية، بحسب «وول ستريت جورنال»، التي قالت إن الولايات المتحدة شجعت مصر -في الأشهر الأخيرة- للضغط على الجنرال برهان لطرد المجموعة، وفقًا لمسؤولين أمنيين غربيين حاليين وسابقين.
وقال كاميرون هدسون، رئيس الأركان السابق للمبعوث الأمريكي الخاص للسودان، الذي يعمل مساعدًا كبيرًا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن: «الولايات المتحدة قلقة من أن (فاغنر) تستخدم السودان لتمويل حرب روسيا في أوكرانيا».
وأكد المسؤول الأمريكي السابق أن «استيلاء (فاغنر) على السودان من شأنه أن يربط وجودها من البحر الأحمر إلى جمهورية إفريقيا الوسطى غير الساحلية»، مشيرًا إلى أن «السودان سيكون جوهرة التاج في إفريقيا».
وتوفر قوات الجنرال دقلو الأمن إلى Meroe Gold، وهي شركة تعدين تخضع لسيطرة «فاغنر» وقائد المجموعة يفغيني بريغوزين، أصبحت لاعباً رئيساً بصناعة الذهب في السودان.
وفي فبراير، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على شركة Meroe Gold، قائلاً إنها صدرت الذهب السوداني إلى روسيا، وكانت من مجموعة كيانات فاغنر، التي يُزعم أنها مولت التعذيب وعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والقتل، في أوكرانيا وإفريقيا.