فايننشال تايمز: حرب أوكرانيا تُفرغ المخازن الأوروبية من الأسلحة
قدَّمت الحكومات الغربية أكثر من 110 مليارات دولار من الدعم إلى كييف، منها نحو 38 مليار دولار مساعدات عسكرية، وفقًا لمعهد كيل الألماني للاقتصاد الدولي.

بعد عام على حرب أوكرانيا... ضروع أوروبا تجف
ترجمات – السياق
على أبواب عامها الثاني، باتت الحرب في أوكرانيا في طريق مسدود، وسط استعداد روسيا لشن هجوم على البلد الأوراسي، بينما تحاول كييف التدثر بالمساعدات الغربية، لمعاونتها على الرد بهجوم ربيعي مضاد، يكسبها مزيدًا من الزخم الذي فقدته تحت وطأة «الانتصارات» الأخيرة للجيش الروسي.
إلى ذلك، كشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن الصراع في أوكرانيا أفرغ المستودعات والمخازن الأوروبية من الأسلحة، مشيرة إلى أن الحفاظ على صمود جيش كييف، في صراع طويل دموي، يُقلق الغرب.
وذكرت الصحيفة -في تحليل للكاتب هنري فوي- أن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" ينس ستولتنبرغ يختار كلماته بعناية، وقدرته على التمسك الصارم بنقاط الحوار، لذلك عندما حذر -هذا الأسبوع- من أن قطاع الدفاع الغربي الواقع تحت الضغط لديه مشكلة، فإنه كان يقصد ذلك.
كان ستولتنبرغ حذر من أن القوات الأوكرانية تستهلك كمية ذخائر أكبر بكثير من تلك التي تنتجها الدول الأعضاء في الحلف.
وقال -خلال مؤتمر صحفي عشية اجتماع لوزراء الدفاع في دول الناتو- الاثنين الماضي: إن "الوتيرة الحالية لاستخدام الذخائر في أوكرانيا أكبر بكثير من وتيرة إنتاجنا الحالية".
كما أضاف: "هذا الأمر يضع صناعاتنا الدفاعية تحت الضغط".
وذكرت الصحيفة البريطانية، أنه بعد مرور نحو عام على الحرب في أوكرانيا، وآلاف القتلى، قدَّمت الحكومات الغربية أكثر من 110 مليارات دولار من الدعم إلى كييف، منها نحو 38 مليار دولار مساعدات عسكرية، وفقًا لمعهد كيل الألماني للاقتصاد الدولي.
مستودعات خالية
ورأت "فايننشال تايمز" أن "عامًا من الحرب في أوكرانيا دمر الترسانات الأوروبية"، مشيرة إلى أنه في عديد من العواصم الأوروبية أبلغ الجنرالات وزراء الدفاع بأنه لم يتبق شيء من الذخائر، والمستودعات خالية".
ونوهت إلى أن الدنمارك أعطت لأوكرانيا كل ما تملك من مدافع هاوتزر الفرنسية من طراز القيصر، بينما قدمت إستونيا كثيرًا من بنادق المدفعية عيار 155 ملم، لدرجة أنه لم يتبق منها شيء.
وأشارت إلى أنه على خلفية هذا الوضع، فإن المحادثات بين وزراء الدفاع الغربيين، الذين اجتمعوا في مقر حلف شمال الأطلسي، هذا الأسبوع، وسيشاركون في مؤتمر ميونيخ للأمن، مليئة بـ "الحواجب العابسة والنظرات المقلقة".
وهو ما أثار تساؤلات في ما بينهم: "إلى متى يمكننا الحفاظ على هذا المستوى من الدعم، وكيف؟".
أمام هذه المعضلة -وفق الصحيفة البريطانية- يلوح في الأفق هجوم الربيع الروسي، الذي قال ستولتنبرغ إنه بدأ بالفعل.
ومن المتوقع أن يشمل هذا الهجوم موجة حشد من القوات التي ضمتها موسكو مؤخرًا من قوات الاحتياط، ومستوى من القوة الجوية لم تنشره موسكو، وإطلاقًا يوميًا لعدد كبير من قذائف المدفعية، يفوق تلك التي تنتجها مصانع الأسلحة الأوروبية في غضون شهر.
وحيال ذلك، اعترفت كاغسا أولونغرين، وزيرة الدفاع الهولندي بصعوبة الموقف، قائلة: "ما هو قادم مقلق".
ووصفت "الشعور بالعبس والقلق" بين زملائها وزراء (الناتو) -الذين التقوا هذا الأسبوع- بالقول: إنها لحظة حرجة بسبب ما نراه على الأرض وما نتوقع حدوثه خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وأضافت: "بالتفكير في المستقبل قليلاً، هناك سيناريو جاد وحيد، وهو بالطبع أن هذه الحرب ستستمر فترة طويلة".
وأوضحت الصحيفة، أن أوروبا لم تتخيل في البداية، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيقدم على هذه الخطوة، إلا أنه بعد 24 فبراير 2022-موعد الغزو- تضامن الأوروبيين لمنع سقوط كييف في أيدي الروس.
وأشارت إلى أنه سرعان ما تدفقت الأسلحة الأوروبية إلى كييف عبر الحدود البولندية الأوكرانية شرقًا، (بينما كان اللاجئون يتدفقون في الاتجاه الآخر)، لتدخل أوروبا مرحلة جديدة من الحروب، لم تشهدها منذ الحرب العالمية الثانية.
ضغوط هائلة
لكن -وفق "فايننشال تايمز"- فإن ما يقرب من 12 شهرًا من الحرب الضروس، التي استهدفت فيها قوات بوتين البنية التحتية المدنية والأهداف العسكرية، فرضت ضغوطًا هائلة على قطاع الدفاع في أوروبا غير المستعد.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصراع في أوكرانيا، فرض ضغطًا هائلًا على قطاع الدفاع في أوروبا، وأن المصانع الأوروبية بالكاد قادرة على إنتاج ما يكفي من القذائف، لتلبية احتياجات كييف الأسبوعية.
وأضافت: "في بلدان (الناتو) الشرقية، استنفدت مخزونات المعدات السوفيتية، التي يعرف الجيش الأوكراني كيفية استخدامها، وهناك ترحيب بقرارات توريد أنواع جديدة من الأسلحة الغربية الصُنع، لكن تليها أسابيع وشهور من التأخير".
ونقلت الصحيفة عن جودي ديمبسي -الزميلة غير المقيمة بمؤسسة كارنيغي أوروبا- قولها: "الوضع لا يسير على ما يرام بالنسبة للأوكرانيين، إنهم يفتقرون إلى كل شيء"، مشددة على أن أوكرانيا تحتاج إلى الوسائل اللازمة للرد على الهجمات الروسية، إلا أنهم لا يحصلون عليها، خصوصًا في الفترة الأخيرة.
وأوضحت أن الأوكرانيين لا يشككون في الإرادة السياسية الأوروبية لدعمهم، إلا أن القدرة الفعلية على تقديم ما يكفي بسرعة، ليست كافية.
وترى الصحيفة، أن الحل في مواجهة الضغوط على أوروبا لتسليم القذائف اللازمة لكييف، بالنسبة الكافية وفي الوقت المناسب، يتطلب -وفقًا لمعظم المسؤولين الأوروبيين- توقيع عقود طويلة الأجل مع مصنعي الأسلحة الدفاعية، ليس فقط لاستخدامها في المجهود الحربي حاليًا، وإنما أيضًا استمرار ضخها وقت السلم، لافتة إلى أن هذه المحادثات سوف تهيمن على مؤتمر ميونيخ للأمن، من 17 حتى 19 فبراير الجاري، تزامنًا مع مرور عام على حرب أوكرانيا.
أمام ذلك، اقترح وزير دفاع إستونيا هانو بيفكور، على نظرائه في "الناتو"، هذا الأسبوع، أن تتحد الدول المانحة لتوقيع عقد بـ 4 مليارات يورو لشراء مليون طلقة مدفعية، كحالة اختبار لعمليات الشراء المشتركة، التي تمنح مقاولي الدفاع الأمن للاستثمار في قدرات جديدة.
وأعلنت سبع دول أوروبية، بما في ذلك المملكة المتحدة والنرويج والدنمارك، الأربعاء، حزمة تمويل مشترك بـ 200 مليون جنيه استرليني من العقود المباشرة بين أوكرانيا ومصنعي الدفاع الغربيين للإمدادات، بما في ذلك ذخيرة مدفعية وقطع غيار للدبابات.
كان "الناتو" أمر أعضاءه -أواخر العام الماضي- بإجراء فحص سريع لمخزوناتهم من الأسلحة، ومن ثمّ فإنه اعتمادًا على النتائج التي توصلوا لها، ستتوجه حكومات هذه الدول لتوقيع عقود إنتاج جديدة، تكفي لاحتياجات أوروبا لفترة طويلة.
وهو ما أكده ستولتنبرغ هذا الأسبوع، مشيرًا إلى أن المصانع أضافت نوبات عمل و"حتى العمل خلال عطلات نهاية الأسبوع"، لإنتاج ما تحتاجه الدول الأعضاء بالحلف من الأسلحة اللازمة.
لكن -وفق الصحيفة البريطانية- فإن مشكلة الدول الأوروبية تكمن في أن "الاقتصاد العسكري الروسي يعمل -منذ عام على الأقل- في إنتاج احتياجاته العسكرية، بينما في المقابل بدأت أوروبا العمل على ذلك".
كانت روسيا، أرسلت مذكرة إلى دول "الناتو" بسبب توريد الأسلحة إلى أوكرانيا، وأشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى أن أي شحنة تحتوي على أسلحة لأوكرانيا ستصبح "هدفًا مشروعًا" لروسيا، وأن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي متورطان بشكل مباشر في الصراع بأوكرانيا، ليس فقط من خلال توفير الأسلحة، لكن أيضًا من خلال تدريب الأفراد على أراضي بريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، ودول أخرى.
وأكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن ضخ أوكرانيا بالأسلحة من الغرب، لا يسهم في نجاح المفاوضات الروسية الأوكرانية، وسيكون له تأثير سلبي.