ما السلاح النووي التكتيكي الذي ستنشره روسيا في بيلاروسيا؟
ما مدى قوة السلاح النووي التكتيكي الذي ستنشره روسيا في بيلاروسيا؟

ترجمات - السياق
أثار إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا، أسئلة كثيرة عن قدرات هذه الأسلحة، وهل يمكن أن تكون مقدمة لحرب نووية، وإمكانية استخدامها على الأرض، فضلًا عن الرد الغربي المتوقع.
صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، سلطت الضوء على "السلاح التكتيكي الروسي"، موضحة أن الرغبة الصريحة في إدخال أسلحة نووية بحرب تقليدية، تعد من سمات السياسة العسكرية الروسية طوال تاريخها.
وتمتلك روسيا ترسانة نووية تعد الأكبر في العالم، من حيث الرؤوس الحربية النووية، إذ يُقدر مخزونها بنحو 5977 من هذه الرؤوس الحربية مقارنةً بـ 5428 تمتلكها الولايات المتحدة.
وبحسب مؤسسة "نشرة علماء الذرة" أخرج نحو 1500 من هذه الرؤوس الحربية من الخدمة، وهناك 2889 في الاحتياط، وينشر 1588 كرؤوس حربية استراتيجية.
وتشير المؤسسة إلى أنه ينشر نحو 812 من هذه الرؤوس على صواريخ بالستية أرضية، وقرابة 576 على صواريخ بالستية تطلق من غواصات، ونحو 200 في قواعد قاذفات ثقيلة، ويمكن للسلاح النووي الاستراتيجي أن يدمر مدينة، ويقضي على سكانها ويجعلها غير صالحة للحياة لعقود طويلة.
فما هو السلاح النووي التكتيكي؟
ذكرت الصحيفة، أن "تكتيكي" مصطلح غير دقيق لسلاح نووي، يمكن استخدامه داخل مسرح حرب، مشيرة إلى أن ذلك يعني أن لدى موسكو رأسًا حربيًا أقل قوة (الرأس المتفجر لصاروخ أو صاروخ أو طوربيد) ويطلق في مدى أقصر -بالألغام أو المدفعية أو صواريخ كروز أو القنابل التي تسقطها الطائرات- من الأسلحة النووية "الاستراتيجية".
وأشارت إلى أنه يمكن للولايات المتحدة وروسيا إطلاق الصواريخ على موطن الآخر بالصواريخ البالستية العابرة للقارات.
وذكرت أن اتفاقيات الحد من التسلح بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي (وفي ما بعد بين الولايات المتحدة وروسيا) التي بدأت في السبعينيات، ركزت -في الغالب- على عدد الأسلحة النووية الاستراتيجية، وليس الأسلحة التكتيكية.
وأوضحت أن الأسلحة النووية، التي تحدث بوتين عن نيته نشرها في بيلاروسيا، تكتيكية، تنتج قوة تدميرية أقل، ويطلق عليها أيضًا "أسلحة أرض المعركة النووية"، حيث يمكن تفجيرها في ساحة المعركة من دون أن يمتد تأثيرها الإشعاعي لمسافات بعيدة.
كما أن نسبة الإشعاعات والقوة التفجيرية تكون أقل كثيرًا مقارنةً بالأسلحة النووية الاستراتيجية، لذلك فإن الأسلحة النووية التكتيكية مُصممة للاستخدام في ساحة المعركة، وهي قصيرة المدى تُستخدم مثلًا لتدمير رتل دبابات، أو مهاجمة مطار، أو مهاجمة إحدى الكتائب التي تتنقل بأرض المعركة، ما يعني أن السلاح التكتيكي أداة لتحقيق نصر في معركة، والحصول على بعض المزايا في ساحة الحرب، وليس لها قوة تدميرية هائلة قادرة على إبادة جيش أو مدينة.
ما الذي فعلته روسيا لإثارة قلق الغرب؟
وعن أسباب قلق الغرب، أشارت "واشنطن بوست" إلى أنه عندما أرسل بوتين قواته إلى أوكرانيا عام 2022، هدد أي دولة تتدخل بـ"عواقب لم تشهدها"، وهو ما كان يُنظر إليه على أنه تهديد بضربة نووية.
وما زاد هذه المخاوف، أنه في 25 مارس الجاري، قال بوتين إن روسيا تستعد لنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا، وهي حليف يُمثل نقطة انطلاق للهجمات الروسية على أوكرانيا.
وتجري روسيا تدريبات بانتظام، لاختبار أنظمة إيصال الأسلحة الاستراتيجية، بما في ذلك التدريبات على إطلاق صواريخ بالستية عابرة للقارات وصواريخ كروز قصيرة المدى.
وبينت الصحيفة، أن عددًا من الخبراء العسكريين يدرسون كيف يمكن لروسيا استخدام سلاح تكتيكي في صراع تقليدي، مثل الحرب الدائرة في أوكرانيا.
ما مدى قوة السلاح النووي التكتيكي؟
أوضحت "واشنطن بوست" أنه بما أن أقوى الرؤوس الحربية الاستراتيجية تقاس بمئات الكيلوطن، فإنه يمكن أن تكون للأسلحة النووية التكتيكية عوائد تفجيرية تقل عن كيلوطن، أو عشرات الكيلوطنات، على معظم التقديرات.
واستشهدت بأن القنابل الذرية التي أسقطتها الولايات المتحدة على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين عام 1945 كان لهما مردود متفجر يبلغ قرابة 15 كيلوطن و20 كيلوطن على التوالي.
كيف تتناسب الضربة النووية مع العقيدة العسكرية الروسية؟
منذ عام 2000، سمحت العقيدة العسكرية الروسية المشتركة باستخدام الأسلحة النووية "ردًا على عدوان واسع النطاق باستخدام الأسلحة التقليدية في المواقف الحاسمة للأمن القومي للاتحاد الروسي"، وفقًا للصحيفة.
وأشارت إلى أن الاستراتيجية الروسية المعروفة بـ "التصعيد وحده هو الحل" -التي يتبعها بوتين- تتوخى استخدام سلاح نووي تكتيكي في ساحة المعركة، لتغيير مسار الصراع التقليدي الذي تتعرض القوات الروسية لخطر خسارته.
ونقلت الصحيفة عن الجنرال غون هيتين، نائب رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة السابق -الذي كان كبير المسؤولين العسكريين في الأسلحة النووية بالولايات المتحدة- قوله: الترجمة الأكثر دقة للاستراتيجية الروسية هي "التصعيد لتحقيق الفوز".
بينما يقول دبلوماسيون روس، في محاولة للتخلص من المخاوف مما قد يحدث في أوكرانيا، إن الأسلحة النووية لن تستخدم ضد القوات التقليدية إلا إذا كان "وجود روسيا ذاته في خطر".
ماذا في الترسانة الروسية؟
أما عن الترسانة الروسية، فبينت "واشنطن بوست" أن وزارة الدفاع الأمريكية كانت قد ذكرت عام 2018 أن روسيا لديها "مزايا كبيرة" على الولايات المتحدة وحلفائها، في ما يخص القوات النووية التكتيكية.
بينما قدر باحثون في اتحاد العلماء الأمريكيين أنه حتى عام 2022، كان لدى روسيا 4477 رأسًا نوويًا، يمكن اعتبار 1525 منها -أي ما يقرب من الثلث- تكتيكيًا.
وفي فبراير الماضي، أعلن بوتين تعليق مشاركة بلاده في معاهدة نيو ستارت، التي تفرض قيودًا على الأسلحة النووية الاستراتيجية، وهي آخر اتفاقية تجمع روسيا والولايات المتحدة.
وفي رسالته -أثناء إحيائه الذكرى الأولى للحرب الدائرة في أوكرانيا- تحدث الرئيس الروسي عن تعزيز "الثلاثي النووي"، وهو مصطلح روسي يعني 3 أدوات إطلاق لتوجيه السلاح النووي نحو هدفه، وتشمل: (القوة النووية الصاروخية، التي تشمل بدورها صواريخ عابرة للقارات، والقوة النووية الجوية، التي تشمل القاذفات البعيدة المدى، والقوة النووية البحرية، التي تشمل الغواصات النووية).
كيف تبدو الضربة النووية التكتيكية؟
نقلت الصحيفة الأمريكية، عن عالمة السياسة في جامعة براون، نينا تانينفالد -مؤلفة كتاب "المحرمات النووية... الولايات المتحدة وعدم استخدام الأسلحة النووية منذ عام 1945" - تصورها لحرب نووية محتملة.
ورسمت تانينفالد سيناريو لحرب يُستخدم فيها سلاح نووي صغير، بقوة تفجيرية تبلغ 0.3 كيلو طن، ينتج عنه "ضرر يتجاوز بكثير المتفجرات التقليدية".
وكتبت في مجلة العلوم الأمريكية، يمكن أن يتسبب ذلك في "تكرار الفظائع التي شهدتها هيروشيما، وإن كان ذلك على نطاق أصغر".
وأضافت تانينفالد أنه "إذا تم تفجير رأس حربي صغير فإنه قد يقضي على القوات المعارضة، من دون أن يترك وراءه أضرارًا إشعاعية طويلة المدى، تجعل ساحة المعركة بعيدة عن متناول الجميع".
كيف يرد العالم؟
حال لجوء بوتين لاستخدام أسلحة نووية في أوكرانيا، رأت "واشنطن بوست"، أنه نظرًا لأن أوكرانيا ليست عضوًا في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فقد طالب بوتين بعدم السماح لها بالانضمام، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها ليسوا ملزمين بالدفاع عنها، لكن الغرب سيكون تحت ضغط كبير للرد على هجوم نووي، ربما حتى بسلاح تكتيكي خاص به.
وقد حذر بايدن من ذلك، قائلاً: "لا أعتقد أن هناك أي شيء مثل القدرة على استخدام سلاح نووي تكتيكي بسهولة وعدم انتهاء المطاف بهرمجدون"، في إشارة إلى الحرب المزعومة عن نهاية العالم.
وأضاف بايدن متحدثًا عن التهديد النووي: "للمرة الأولى منذ أزمة الصواريخ الكوبية... لدينا تهديد بسلاح نووي إذا استمرت الأمور في الواقع على المسار الذي تسير فيه".
وقال إنه قضى كثيرًا من الوقت، في محاولة الحفاظ على تماسك "الناتو"، مشيرًا إلى أن "هناك كثيرًا من التغييرات التي تحدث"، من دون أن يكشف ماهية تلك التغيرات.
وأكد بايدن أنه "يعرف بوتين جيدًا إلى حد ما... إنه لا يمزح عندما يتحدث عن الاستخدام المحتمل لأسلحة نووية تكتيكية أو أسلحة بيولوجية أو كيميائية".
يشار إلى أن الولايات المتحدة تمتلك قرابة 150 قنبلة جاذبية نووية من طراز بي 61، التي تسقط من الطائرات، ذات العوائد المتغيرة، والتي يمكن أن تصل إلى 0.3 كيلو طن، وهي متمركزة بخمس دول في "الناتو"... بلجيكا وألمانيا وهولندا وإيطاليا وتركيا.
ومن المعروف أن دولتين أخريين في "الناتو"، المملكة المتحدة وفرنسا، تمتلكان أسلحة نووية خاصة بهما.
وأعربت بولندا عن اهتمامها بـ "مشاركة" الأسلحة النووية الأمريكية، ما قد يعني أي شيء من عرض طائرات حراسة أو استطلاع لمهمة نووية إلى استضافة الأسلحة.