هل استسلمت إسرائيل لانقسامات داخلية أسقطت كثيرًا من جيرانها؟

آخر ما يحتاجه نتنياهو هو انفجار العنف، لكن يبدو أن شريكيه في الائتلاف، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، مصممان على اتباع نهج معاكس، بتصريحات تحريضية وتنصل من التنازلات، التي يرغب رئيس الحكومة في تقديمها للفلسطينيين، بشأن عائدات الضرائب وتصاريح العمل.

هل استسلمت إسرائيل لانقسامات داخلية أسقطت كثيرًا من جيرانها؟

ترجمات - السياق

قالت صحيفة فايننشال تايمز، إن الانقسامات الإسرائيلية تعمل على صرف انتباهها عن عاصفة إقليمية، مشيرة إلى أن صُناع السياسات بالتوترات الداخلية، الذين لا يملكون سوى قليل من الوقت، منشغلون بالتعامل مع الأزمات الخارجية الوشيكة.

وأوضحت الصحيفة البريطانية، في تقرير ترجمته «السياق»، أن أزمة الإصلاحات القضائية في إسرائيل انتهت إلى حين، فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أوقف جهود الحكومة، للحد من استقلال المحكمة العليا، عندما بدا أن البلاد على وشك الانزلاق إلى الهاوية.

وبينما تحبس إسرائيل أنفاسها، يبذل الرئيس إسحاق هرتسوغ جهودًا مدتها شهر واحد للتوصل إلى حل وسط، بحسب الصحيفة البريطانية، التي قالت إن أعداء إسرائيل وأصدقاءها يراقبون ويتساءلون عما إذا كانت هذه القوة الإقليمية الهائلة قد استسلمت للانقسامات الداخلية، التي أسقطت كثيرًا من جيرانها.

إلا أن تلك المهلة قد تكون مؤقتة «لسوء الحظ»، فالجانبان متباعدان للغاية، بحسب الصحيفة البريطانية، التي قالت إنه بينما تسعى الحكومة للسيطرة على المحكمة، لتعزيز أهدافها اليمينية المتطرفة والدينية، تقف المعارضة في الجهة المقابلة مُحاولة حماية استقلال المحكمة لإفشال الحكومة.

الجانبان مُتخمان بالسخط، تقول «فايننشال تايمز» مشيرة إلى أن الحكومة تظن أنها فازت بالحق في متابعة أجندتها من خلال صناديق الاقتراع.

 

«كل يغني على ليلاه»

وأكدت الصحيفة البريطانية، أن لكل عضو في الائتلاف أهدافًا في إعادة الهيكلة القضائية، فالصهاينة المتدينون يريدون منع المحكمة من حماية حقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية، بينما تريد الأحزاب الدينية الأرثوذكسية منع المحكمة من إرسال طلاب المدارس الدينية إلى الجيش، ويريد نتنياهو منعها من سجنه.

وبحسب «فايننشال تايمز»، فإن المعارضة العلمانية تعتقد أن الحفاظ على استقلال المحكمة يعني حماية ديمقراطية إسرائيل وطريقة حياتها، مشيرة إلى أنها حققت انتصارًا كبيرًا ممثلًا في مئات الآلاف من المتظاهرين، الذين خرجوا أسبوعًا بعد أسبوع، والذين يعرفون طريق عودتهم إلى الساحة العامة.

الأمر نفسه بالنسبة لجنود الاحتياط، الذين هددوا بعدم الخدمة، ورجال الأعمال أصحاب التكنولوجيا العالية، الذين هددوا بالمغادرة، والذين يعرفون كيف يفعلون ذلك مرة أخرى، تقول الصحيفة البريطانية، مشيرة إلى أنه يمكن للسياسيين، الذين يتطلعون إلى استطلاعات الرأي المواتية، أن يروا طريقًا واضحًا لتحقيق النصر إذا تمكنوا من إسقاط الائتلاف الحاكم.

وقبل شهر واحد فقط من عودة الكنيست إلى جلساته، لا يوجد وقت كافٍ للمصالحة بين الحكومة والمعارضة، خاصة إذا شعر الطرفان بأن لديهما مزيدًا من المكاسب برفض المساومة، تقول «فايننشال تايمز»، مشيرة إلى أنه من المحتمل أن يدخل الطرفان في لعبة مناورة، للتأكد من أنه عندما تتوقف الساعة، يلقى اللوم على الجانب الآخر.

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن صانعي السياسة في إسرائيل ينشغلون بكل تلك الأمور، بينما لا يملكون سوى اقليل للتعامل مع الأزمات الخارجية، التي تهدد بعاصفة، مشيرة إلى أن الوضع يتدهور في الضفة الغربية والقدس الشرقية، بعد أن أدى الاحتكاك بين المسلحين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين وقوات الدفاع الإسرائيلية إلى تزايد عدد الضحايا.

 

انفجار وشيك

وأكدت «فايننشال تايمز»، أن هناك عوامل تغذي احتمال حدوث انفجار، فالسلطة الفلسطينية تنهار، بينما المقاتلون الشباب، الذين لديهم قدرة على الوصول إلى الأسلحة يهاجمون الإسرائيليين، ولم تردعهم ذكرى الانتفاضة الأخيرة عندما كانوا رضعًا.

يأتي ذلك بينما يرد حراس المستوطنين بعنف من باب «دفع الثمن» (بدا ذلك واضحًا بشكل أفضل بحرق منازل الفلسطينيين في حوارة)، تقول الصحيفة البريطانية، مشيرة إلى أن وزراء الحكومة الإسرائيلية المتطرفين يحرضون ويغمرون شباب المستوطنين.

ملامح غضب تختمر قد تجعل الاحتكاك بالأماكن المقدسة في القدس لا مفر منه على ما يبدو، خاصة عندما تتصاعد المشاعر في شهر رمضان وعيد الفصح.

وتقول «فايننشال تايمز»، إن آخر ما يحتاجه نتنياهو هو انفجار العنف، لكن يبدو أن شريكيه في الائتلاف، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، مصممان على اتباع نهج معاكس، بتصريحات تحريضية وتنصل من التنازلات، التي يرغب رئيس الحكومة في تقديمها للفلسطينيين، بشأن عائدات الضرائب وتصاريح العمل.

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن هذا السلوك يقوّض أيضًا العلاقات مع الأردن المجاور والتقدم في اتفاقات إبراهيم، مشيرة إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة حذرت من التبعات السلبية للصراع مع الفلسطينيين، ورفضت تحديد موعد لزيارة نتنياهو لأبوظبي.

في غضون ذلك، ينشغل السعوديون، الذين كان نتنياهو يأمل إدخالهم دائرة السلام، بالمصالحة مع عدو إسرائيل، إيران، التي تواصل مسيرتها نحو العتبة النووية، خاصة بعد أن قال مسؤولون أمريكيون إنها تحتاج إلى 12 يومًا فقط لتخصيب ما يكفي من اليورانيوم، لاستخدامه في صنع قنبلة نووية.

وتقول «فايننشال تايمز»، إن النظام الإيراني نجا من «الانتفاضة النسائية»، على الأقل في الوقت الحالي، وأقام تحالفات استراتيجية مع روسيا والصين، مشيرة إلى أنه بينما لا يزال اقتصادها في مأزق، فإنها تستعد لتلقي أسلحة وتكنولوجيا روسية متقدمة، مكافأة على المساعدة التي تقدمها لفلاديمير بوتين بحربه في أوكرانيا.

 

العتبة النووية

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإنه حتى الآن، رُدع الإيرانيون عن تجاوز العتبة النووية، بسبب الخوف من الاستباقية الإسرائيلية أو الانتقام الأمريكي، مشيرة إلى أن إيران تعلم أن الولايات المتحدة منشغلة في مكان آخر وغير مهتمة بحرب جديدة في الشرق الأوسط.

ويمكن لإيران أن تستنتج من أزمة إسرائيل الداخلية، أنها لم تعد بحاجة إلى الخوف من عملها العسكري أيضًا، تقول «فايننشال تايمز»، مشيرة إلى أن كل ذلك ينذر بالخطر لإدارة الرئيس جو بايدن، التي تعتمد على إسرائيل، المدعومة بعقود من المساعدة العسكرية الأمريكية السخية، للمساعدة في الحفاظ على الاستقرار بمنطقة مضطربة.

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن الأمر لا يقتصر على تآكل هذا الدور بسبب الانقسامات الداخلية، لكن أزمة إعادة الهيكلة القضائية، وكذلك خطط حكومة نتنياهو الطموحة للنشاط الاستيطاني، تسبب احتكاكًا بواشنطن.

وأشارت إلى أن استدعاء سفير نتنياهو إلى وزارة الخارجية الأمريكية كان لتوبيخه، في الوقت نفسه لم يحدد موعد لزيارة رئيس الوزراء المعتادة لواشنطن.

وتقول «فايننشال تايمز»، إن بايدن تدخل مرتين على انفراد، لإقناعه بالتراجع عن تشريعاته القضائية، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تعمل أيضًا مع إسرائيل ومصر والأردن، لمحاولة السيطرة على الأراضي الفلسطينية.

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن القوات المسلحة الأمريكية أجرت تدريبات مع سلاح الجو الإسرائيلي، في عرض يُراد منه إيصال رسالة إلى طهران، لكن هذه الوسائل غير كافية إذا تدهورت الأوضاع الداخلية والخارجية في إسرائيل بشكل أكبر.

وختمت الصحيفة البريطانية تقريرها بقولها، إنه مع ارتفاع المخاطر، فإن أصدقاء إسرائيل يأملون نجاح وساطة الرئيس هرتسوغ، بينما أعداؤها يستمتعون بالفشل.