حرارة يونيو تلهب الأجواء بين سلطة عدن والحكومة اليمنية.. ما القصة؟
معركة بنكهة حرارة يونيو.. الكهرباء تفجر أزمة بين سلطة عدن والحكومة اليمنية

السياق
تراشق إعلامي واتهامات متبادلة، هزت صفوف الحكومة الشرعية في اليمن، على خلفية انقطاعات الكهرباء المتتالية، التي تحولت من مشكلة خدمية، إلى أزمة بنكهة سياسية.
فالانقطاعات المتكررة لخدمة الكهرباء، في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، تسببت في أزمة بين المجلس الانتقالي الجنوبي، والحكومة الشرعية، بعد اتهامات من الأول للحكومة، ملمحًا إلى أن ملف الكهرباء يُستخدم في أجندات سياسية لمعاقبة المواطنين.
ادعاءات من هنا وأخرى من هناك، جعلت حرارة الصيف تنتقل إلى البيانات الصادرة من الطرفين، فكشفت التوترات السياسية بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة معين عبدالملك، التي كان يغذيها أزمة البنك المركزي.
فماذا حدث؟
ضغط متزايد على استخدام الطاقة الكهربائية في الصيف، تزامن مع أزمة في توافر الوقود لمحطات الكهرباء في عدن، أدى إلى انقطاع الخدمة ساعات طويلة عن المواطنين في محافظة عدن، ما أثار عاصفة من الانتقادات والبيانات المتراشقة.
ففي أحدث فصول تلك التراشقات، استنكر مصدر حكومي مسؤول، تصريحات وزير الدولة محافظ عدن أحمد لملس، بتنصل الحكومة من مسؤولياتها في دعم خدمة الكهرباء في عدن.
وفي تصريح لوكالة أنباء سبأ الحكومية، قال المصدر المسؤول الذي لم يكشف هويته: «يدرك المحافظ أكثر من غيره أن الحكومة عملت ومازالت تعمل وبكل الإمكانات المتاحة لدعم خدمة الكهرباء في عدن والمحافظات المحررة»، مشيرًا إلى أن تقارير وزارة الكهرباء والطاقة، توضح أن إنفاق الحكومة على الكهرباء في عدن، يمثل 60% من إنفاقها على القطاع بشكل عام في المحافظات المحررة.
وبينما أكد المصدر المسؤول أن تكلفة توليد الكهرباء في محافظة عدن تبلغ 55 مليون دولار شهرياً في حدها الأدنى، أشار إلى أن الإنفاق اليومي لتشغيل الكهرباء وتوليد الكهرباء ليوم واحد في وضعها الحالي بعدن ثماني ساعات، يبلغ قرابة 1.8 مليون دولار، تشمل 1.2 مليون دولار قيمة مشتقات نفطية، مازوت وديزل، إضافة إلى النفط الخام المخصص لتشغيل محطة بترومسيلة في عدن (الذي تقدر قيمته بما بين 400 و600 ألف دولار يوميًا بحسب أسعار النفط الخام عالميًا)، توفر 80 في المئة منه من حقول الإنتاج في مأرب.
تصريحات المصدر المسؤول، جاءت في أعقاب بيان لمحافظ عدن أحمد حامد لملس، قال فيه إن «الإجراء الذي اتخذته السلطة بوقف توريد الإيرادات إلى البنك المركزي مسؤولية وواجب إنساني وأخلاقي»، رافضًا ما وصفه بـ«تعذيب أبناء العاصمة عدن».
وأوضح المسؤول الحكومي، أن الإجراءات التي اتخذتها السلطة في عدن، بمنع تسليم الإيرادات إلى البنك المركزي، ليست سياسية، وفق ما فسره ويفسره مغرضون، إنما تعبير عن الرفض لعدم إيفاء الحكومة بالتزاماتها تجاه عدن، واستمرارها في استخدام ملف الكهرباء كأداة لمعاقبة المواطن.
هل من انفراجة؟
المحلل الاقتصادي وحيد الفودعي، قال في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن مصادر أكدت أن مندوبي البنك المركزي في عدن، طلبوا العودة إلى مواقعهم لاستلام الإيرادات المتعلقة بمحافظة عدن، ما يعني تنفيذ توجيهات الرئيس العليمي لمحافظ عدن، بتوريد عائدات المحافظة إلى البنك المركزي.
وأوضح المحلل الاقتصادي، أن محافظ عدن، أحمد لملس، كان يتهم الحكومة بالتقصير، في دعم كهرباء عدن، وهو ما نفته تصريحات مصدر مسؤول في الحكومة، حيث وضحت بالتفصيل الدعم الحكومي لكهرباء عدن، التي تستغرق 60% من الدعم الحكومي المقدم للمحافظات اليمنية المحررة، المقدر بـ55 مليون دولار شهريًا.
وأشار إلى أن ما حدث، الأسبوع الماضي، لا يتعلق بالكهرباء بقدر ما يتعلق بمماحكات سياسية، وتنصل طرف من المسؤولية، وتحميلها للطرف الآخر، مؤكدًا أن أحداث الأيام والأسابيع الماضية، ذات طابع سياسي أكثر من كونها ذات طابع اقتصادي، الهدف منها إيصال سعر صرف العملة إلى رقم قياسي.
وأكد المحلل الاقتصادي، أن مجلس القيادة الرئاسي تحدث عن جانبي المشكلة، الجانب الأول: محافظ عدن، ووجهه بتسليم الإيرادات إلى البنك، والجانب الآخر: الحكومة، ووجهها باستمرار تزويد كهرباء عدن بالمشتقات النفطية اللازمة لتوليد الكهرباء.
وفي تصريحات لوسائل إعلام محلية، قال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، إن التطورات الأخيرة في الملف الاقتصادي، تعكس أزمة قديمة مرتبطة بإدارة ملف الكهرباء بصورة تقليدية، ما حول موضوع الكهرباء إلى ثقب أسود يلتهم ملايين الدولارات يوميًا.
رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، قال إن «إيرادات الحكومة كلها في المرحلة الراهنة، لا تكاد تغطي كهرباء عدن فقط، ما يشير إلى حجم المشكلة، وتعاظمها خلال الفترة السابقة التي وصلت بها مشكلة الكهرباء إلى 150 مليون دولار خلال أقل من ثلاثة أشهر».
وبحسب الاقتصادي اليمني، فإن الحكومة ستكون أمام مأزق كبير خلال الأشهر المقبلة، إذا استمرت هذه المشكلة وهذا النزف، مشيرًا إلى أنه كان من المفترض التفكير في آليات مختلفة لمعالجة مشكلة كهرباء عدن، والبحث عن حلول خارج الإطار التقليدي، بتوفير الديزل والمازوت.
ويقول مراقبون، إن تبادل الاتهامات بين الحكومة ومحافظ عدن، نتيجة للضغط الشعبي الذي لم يستطع المحافظ السكوت عنه وتحمله، لأنه يعيش المعاناة ويلمس تدهور الخدمة، ليس بسبب عجز التوليد فحسب، بل حتى لنفاد الوقود الخاص بهذه المحطات.
وأشاروا إلى أن على الحكومة أن تتدخل لإيجاد حل يضمن استمرار تدفق الوقود بحده الأدنى، لكن للأسف لا نية لإصلاح الوضع الخدمي، سواء تعلق الأمر بالكهرباء أم بغيرها.