بكالوريا الجزائر... قطع الإنترنت في عموم البلاد لمنع الغش
لم يقف الوضع في الجزائر على قطع الإنترنت بل وصل لسجن فتاة وتغريمها بعد إدانتها بالغش في الامتحانات.

السياق
أجواء من التوتر يعيشها طلاب "البكالوريا" في الجزائر، ليس فقط بسبب الخوف من صعوبة الاختبارات، لكن للإجراءات المشددة التي تفرضها الدولة، للتصدي لمحاولات الغش، التي تضاعفت بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي قرار أثار غضب كثيرين، قطعت السلطات الجزائرية الإنترنت كإجراء احترازي دأبت عليه لسنوات، وينتظر أن يستمر التعطيل حتى نهاية الامتحانات.
يشارك في هذه الامتحانات 790.515 مترشحًا بينهم 269.539 مترشحًا حرًا موزعين على 2.674 مركز إجراء، يمتحنون في ست شعب: علوم الطبيعة والحياة والرياضيات والرياضيات التقنية والتسيير والاقتصاد واللغات الأجنبية والفلسفة.
السجن في مواجهة الغش
لم يقف الوضع في الجزائر على قطع الإنترنت بل وصل لسجن فتاة وتغريمها بعد إدانتها بالغش.
وسائل إعلام محلية نشرت أن محكمة جزائرية، قضت بسجن طالبة عامًا مع النفاذ وفرض غرامة قدرها 200 ألف دينار "نحو 1468 دولارًا أمريكيًا" بعد إدانتها بالغش في أحد امتحانات الشهادة الثانوية.
وأشارت وسائل الإعلام إلى أن الحكم أصدرته محكمة مدينة مليانة، التي تبعد قرابة 150 كليومترًا غربي العاصمة الجزائر.
وأوضحت أن الطالبة المدانة استعملت "وسائل الاتصال عن بُعد" في عملية الغش.
كذلك، أدين 21 طالبًا بتهم تتعلق بالغش وتسريب أسئلة وأجوبة.
وحسب "بي بي سي"، فإن قانون العقوبات الجزائري ينص على "السجن حتى ثلاث سنوات ضد كل من قام قبل الامتحانات أو أثناءها بنشر أسئلة الامتحانات النهائية وإجاباتها في كل الأطوار التعليمية".
وأكدت هيئة الإذاعة البريطانية أن هذه العقوبات جاءت بعد تسجيل حالات غش عدة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان أبرزها حادثة تسريب امتحان البكالوريا سنة 2016 عن طريق نشر المواضيع عبر "فيسبوك" و"إنستغرام" و"تيك توك".
وأشارت الإذاعة إلى أن الحكومة الجزائرية شددت -منذ ثلاث سنوات- عقوبات الغش في الامتحانات النهائية، لتصل إلى السجن 3 سنوات، وقد تصل العقوبة إلى 15 سنة، حال التسبب في إلغاء الامتحان وإعادته.
إدانات سابقة
العام الماضي قضت محكمة جنوبي شرق الجزائر، بالسجن ثلاث سنوات وغرامة قدرها 10 ملايين دينار (نحو 65 ألف يورو) بحق نائب في البرلمان، بعدما حاول مساعدة ابنته في الغش بامتحانات شهادة التعليم المتوسط.
وحاول النائب إرسال ورقة الإجابة عن امتحان الرياضيات لابنته في امتحانات شهادة التعليم المتوسط، التي جرت بين 6 و8 يونيو 2022، والنجاح فيها شرط التأهل للمرحلة الثانوية.
وقبل ذلك سُجنت معلمة في ولاية بسكرة، بعدما أدينت بنشر أسئلة مادة العلوم الطبيعية بهاتفها. وكذلك حُبست فتاة 18 شهرًا بسبب مساعدتها تلميذًا في الغش بمادة اللغة الفرنسية.
الخسائر مليارا دولار
لكن ما يغضب الجزائريين هو قطع الإنترنت، الذين يقولون إنه يعطلهم عن أعمالهم، وانتقد كثيرون المسؤولين، وذكروهم –في تغريدات- بوعودهم التي قطعوها بعدم تعطيل الإنترنت خلال امتحانات الثانوية العامة.
وتداول ناشطون مقطع فيديو للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون يعود لعام 2020، أكد خلاله "اللجوء إلى وسائل تقنية جديدة لتأمين إجراء الامتحانات الخاصة بشهادة البكالوريا بدلاً من قطع الإنترنت".
وهذه السنة السابعة على التوالي، التي يعطل فيها الإنترنت 8 ساعات في أيام الامتحانات.
ويعاني قطاع البنوك والمال والأعمال والباحثين والشركات الرقمية والاقتصاد الوطني وحتى الأفراد، لذلك غرد أشخاص ساخرين من اعتقاد الحكومة أن الإنترنت ليس مهمًا في المجالات الحيوية وإنما "للعب فقط".
وحسب خبراء تحدثوا لوسائل إعلام، فإن قطع الإنترنت يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة قدرت قيمها بأكثر من ملياري دولار.
وقال الخبير المالي بوكبر سلامي، في تصريح لسكاي نيوز عربية، إن قطع الإنترنت يوقف نشاط مؤسسات كبيرة جدًا، ومبادلات مالية سواء شركات جزائرية أم حتى أجنبية.
سمعة الامتحانات
الرد الحكومي جاء على لسان وزير التربية الوطنية، عبدالحكيم بلعابد، الذي قال قبل أيام، إن "التدابير المتخذة لمكافحة الغش أسهمت في القضاء على الظاهرة بطريقة شبه كلية السنة الماضية".
جاء حديث بلعباد على هامش تفقده لسير الامتحانات في ولاية تيبازة.
وقال الوزير في كلمة أمام السلطات المحلية لتيبازة: "إن الدورة الحالية لهذه الامتحانات عرفت تنصيب خلايا متابعة ومكافحة الغش بكل ولاية تحت إشراف النائب العام لكل مجلس قضائي وبمشاركة أعضاء اللجان الأمنية الولائية ومديريات التربية".
وأشار الوزير الجزائري إلى أن "خلية المتابعة" المندرجة ضمن تدابير مكافحة الغش "ستضفي مصداقية أكثر على سمعة هذه الامتحانات المصيرية التي توليها السلطات العليا للوطن أهمية قصوى ويتابعها رئيس الجمهورية".