تشاد على حافة الهاوية... كيف تضر الحرب في السودان بجارتها الهشة؟

ما يقرب من 1.4 مليون شخص، نزحوا من السودان منذ اندلاع الأزمة، بينهم 330 ألفًا عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة، بينها تشاد.

تشاد على حافة الهاوية... كيف تضر الحرب في السودان بجارتها الهشة؟

ترجمات – السياق

قالت صحيفة ذا كونفيرزشن، إن المدنيين يتحملون العبء الأكبر، منذ اندلاع الأزمة السودانية في 15 أبريل الماضي، بين قوات الدعم السريع، بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو «حميدتي»، والقوات المسلحة السودانية، بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان.

وأوضحت الصحيفة، أن ما يقرب من 1.4 مليون شخص، نزحوا من السودان منذ اندلاع الأزمة، بينهم 330 ألفًا عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة، بينها تشاد.

وأشارت إلى أن تشاد التي تعد بلدًا هشًا، دخلها نحو 90 ألف لاجئ سوداني منذ بدء الصراع، ليضاف الوافدون الجدد إلى 600 ألف لاجئ معظمهم سوداني موجودون بالفعل في أنجامينا، بعد فرارهم من صراعات، خاصة في إقليم دارفور.

ورغم ثروتها النفطية، فإن تشاد من أفقر الدول، تقول الصحيفة، مشيرة إلى أنها (تشاد) تشترك مع السودان في حدود بطول 1400 كيلومتر، والمجموعات العرقية نفسها التي تعيش على جانبي حدودهم.

 

تأثير الأزمة السودانية في تشاد

قالت هيلجا ديكو الباحثة الأولى في جامعة فرايبورغ بألمانيا، في تقريرها الذي نشرته صحيفة ذا كونفيرزشن، إن النزاع المسلح المستمر في السودان، يشكل تحديات أمنية وإنسانية وسياسية واقتصادية لتشاد.

وأوضحت الخبيرة في النزاعات العرقية والدينية، أن العلاقات بين تشاد والسودان سادتها الصراعات والحروب بالوكالة واتفاقات السلام الهشة، مشيرة إلى أن منطقة دارفور تلعب دوراً حاسماً، حيث إنها كانت مأوى للجماعات المتمردة في البلدين.

وقبل توليه السلطة في تشاد، من خلال انقلاب في ديسمبر 1990، كان إدريس ديبي إيتنو، وهو من عرقية الزغاوة، وميليشياته قاعدة خلفية في دارفور، بحسب هيلجا ديكو، التي قالت إن أعضاء الزغاوة الدارفوريين ينتمون إلى الدائرة المقربة من حكمه.

وبعد وفاته عام 2021، تولى مجلس عسكري بقيادة ابنه محمد السلطة في تشاد، تقول الخبيرة في النزاعات العرقية، مشيرة إلى أن الفريق أول حميدتي على اتصال جيد بالساسة وقادة الجيش في تشاد، إضافة إلى أنه من أصول عربية تشادية، وموطنه إقليم دارفور، حيث تعيش عائلته على جانبي الحدود.

يأتي ذلك إضافة إلى أن ابن عم حميدتي، الجنرال بشارة عيسى جاد الله، هو الرئيس الشخصي لأركان محمد ديبي، ما يجعل لانتصار حميدتي أو هزيمته في السودان مخاطرة كبيرة على الرئيس الانتقالي ديبي في تشاد.

ففي حال فوزه، قد يشعر العرب التشاديون بالتشجيع لمحاولة الاستيلاء على السلطة في تشاد أيضًا، بحسب الخبيرة في النزاعات العرقية، التي قالت إن كثيرًا من التشاديين سيرغبون في إنهاء حكم الزغاوة، الذي استمر أكثر من 30 عامًا، في وضع يمكن أن تشكل فيه القوات العربية التشادية تهديدًا لمحمد ديبي.

أما حال الهزيمة، فلن يتنازل حميدتي عن معقله دارفور وذهبها، الذي يعد سبب ثروته وقوته العسكرية، بحسب الخبيرة في النزاعات العرقية، التي قالت إن حميدتي معروف بقسوته.

وأوضحت أن الزغاوة في دارفور يمكن أن يصبحوا ضحايا، كما حدث خلال أزمة دارفور عام 2003، مشيرة إلى أنه إذا لم يتدخل محمد ديبي، فإن أبناء ديبي والزغاوة الآخرين يمكن أن يتخلصوا منه بسرعة.

 

الأزمة الإنسانية

وتقول هيلجا ديكو، إن عواقب اندلاع القتال في الخرطوم ظهرت شرقي تشاد، مشيرة إلى أنه فر نحو 90 ألف لاجئ من السودان إلى تشاد حتى الآن، بينهم قرابة 12500 عائد تشادي يعيشون في السودان منذ عقود.

وبحسب الباحثة الأولى في جامعة فرايبورغ بألمانيا، فإن معظم اللاجئين وصلوا إلى شرقي تشاد ومعهم ما يمكنهم حمله فقط، مشيرًا إلى أنهم التقوا هنا سكان فقراء، محذرة من أنه قد يؤدي وصول مزيد من اللاجئين إلى تفاقم الوضع غير المستقر.

وتقول الخبيرة في النزاعات العرقية، إن هناك حاجة ماسة للمساعدات الدولية، فالسكان يفتقرون إلى الماء والغذاء والرعاية الطبية وضرورات الحياة.

ووفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإنها تلقت 17% فقط من الأموال اللازمة لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا للاجئين في تشاد من المانحين.

وخلال زيارتها الأخيرة، تعهدت سامانثا باور، مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بتقديم 17 مليون دولار كمساعدات إنسانية للحكومة التشادية للاجئين الجدد منذ فترة طويلة شرقي البلاد.

كما وعد نائب المفوض السامي لشؤون اللاجئين رؤوف مازو، بتقديم المساعدة للاجئين والتشاديين خلال لقائه مع محمد ديبي في 22 مايو الماضي.

ورغم هذه الوعود، فإن هناك خطرًا من أنه إذا شعرت أي مجموعة بالإهمال في تخصيص الدعم، فقد تزداد التوترات بين السكان المحليين والوافدين الجدد.

ومع اقتراب موسم الأمطار، يهدد الوضع بمزيد من التدهور، فقد يصبح الوصول إلى مخيمات اللاجئين شبه مستحيل بسبب سوء الطرق أو عدم وجودها، ما يجعل الأمر أكثر صعوبة على منظمات الإغاثة، لتوزيع إمدادات الإغاثة وإبعاد اللاجئين عن المنطقة الحدودية، بشكل قد يجعل حدوث كارثة إنسانية شرقي تشاد محتملًا.

 

أزمة اقتصادية

وتقول الخبيرة في النزاعات العرقية، إن تشاد غير الساحلية تعتمد على واردات معظم السلع، المنتجات الصناعية والمواد الخام والمواد الغذائية، من موانئ رئيسة هي دوالا في الكاميرون وبورت سودان في السودان، ما يجعل لإغلاق الحدود تأثيرًا مباشرًا في المستهلكين التشاديين، بشكل أدى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات بنسبة تصل إلى 70%، بحسب مرصد التعقيد الاقتصادي.

يأتي ذلك، إضافة إلى توقف الصادرات التشادية القليلة غير النفطية، التي يشكل القطن والصمغ العربي والمواشي أهم أسسها، بحسب الخبيرة في النزاعات العرقية، التي قالت إن الحرب في السودان قد تؤدي إلى توقف الاقتصاد التشادي الضعيف بالفعل.

ومما زاد الطين بلة، نقص الوقود الحالي في تشاد، الذي أدى إلى زيادة أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 300% في بلد تعتمد فيه الأسر الخاصة والمصنعون على مولداتهم الخاصة.

 

التداعيات السياسية

فوجئ الرئيس التشادي الانتقالي محمد ديبي بالقتال في السودان أثناء أداء فريضة الحج في المملكة العربية السعودية، تقول هيلجا ديكو الباحثة في جامعة فرايبورغ بألمانيا، مشيرة إلى أن الرئيس التشادي استغرق ما يقرب من أسبوع لإيجاد طريقة آمنة للعودة إلى نجامينا.

إلا أنه مع ذلك، أعلن على «فيسبوك»، أنه كان على اتصال هاتفي بالطرفين المتحاربين، في محاولة لإقناعهما بوقف القتال.

وتقول الخبيرة في النزاعات العرقية، إن ديبي الابن أراد أن يقدم نفسه كوسيط للجمهور الدولي، مشيرة إلى أنه تجنب اختيار أحد الجانبين، من خلال التحدث معهما، كونه لا يستطيع تحمل الوقوع في أي من جانبي الصراع بين البرهان وحميدتي.

ومنذ وفاة والده، حاول محمد ديبي إحكام قبضته على السلطة رغم الانتقادات الوطنية والدولية، بحسب الخبيرة في النزاعات العرقية، التي قالت إن مجلس الأمن، جدد في اجتماعه الأخير، عدم أهلية الحكومة الانتقالية، بما في ذلك رئيسها.

ويمكن أن تؤدي الحرب في السودان ونتائجها إلى مزيد من زعزعة استقرار تشاد وإبعادها عن أي طريق نحو السلام والديمقراطية.