بعد انسحاب أمريكا... عسكريون أفغان ينضمون إلى داعش خوفًا من طالبان

انضم الأعضاء السابقون في وحدات النخبة العسكرية، وجهاز المخابرات الذي دربته الولايات المتحدة، بعد أن تُركوا لمصيرهم مطاردين من طالبان، إلى التنظيم الوحيد الذي يتحدى حُكام البلاد الجدد، ألا وهو داعش، بحسب صحيفة وول ستريت.

بعد انسحاب أمريكا... عسكريون أفغان ينضمون إلى داعش خوفًا  من طالبان
داعش خرسان

ترجمات – السياق

بعد سيطرة طالبان، على العاصمة الأفغانية كابل، اضطر العشرات من المخابرات الأفغانية، الذين تركتهم الولايات المتحدة وراءها، للانضمام إلى تنظيم داعش خراسان، خوفاً من انتقام الحركة.

وانضم الأعضاء السابقون في وحدات النخبة العسكرية، وجهاز المخابرات الذي دربته الولايات المتحدة، بعد أن تُركوا لمصيرهم مطاردين من طالبان، إلى التنظيم الوحيد الذي يتحدى حُكام البلاد الجدد، ألا وهو داعش، بحسب صحيفة وول ستريت.

وأوضحت الصحيفة، في تقرير، أن عدد المنشقين الذين ينضمون إلى المجموعة الإرهابية صغير نسبيًا، لكنه في تزايد، وفقًا لقادة طالبان ومسؤولي الأمن السابقين في الجمهورية الأفغانية، الذين يعرفون المنشقين.

لكن الأخطر من ذلك، أن هؤلاء المجندين الجدد يجلبون إلى تنظيم داعش، الخبرة الحاسمة في جمع المعلومات الاستخباراتية وتقنيات الحرب، ما قد يعزز قدرة التنظيم المتطرف على منافسة تفوق طالبان.

تفاصيل الانضمام

ونقلت "وول ستريت جورنال"، عن مسؤول أفغاني سابق، قوله: إن ضابطًا في الجيش الأفغاني كان مسؤولًا عن مستودع أسلحة وذخيرة في غارديز، عاصمة ولاية باكتيا الجنوبية الشرقية، انضم إلى الفرع الإقليمي للتنظيم المتطرف، ولاية خراسان، وقُتل قبل أسبوع في اشتباك مع مقاتلي طالبان.

وأضاف المسئول، أن العديد من الرجال الذين كان يعرفهم، وجميعهم في المخابرات والجيش، انضموا أيضًا إلى داعش خراسان بعد أن فتشت طالبان منازلهم، وطالبتهم بتقديم أنفسهم للسلطات.

كما نقلت الصحيفة، عن أحد سكان منطقة كاراباخ شمال كابل، قوله، إن ابن عمه، وهو مسؤول بارز سابق في القوات الخاصة الأفغانية، اختفى في سبتمبر الماضي، ليتبين أنه أصبح جزءًا من خلية لداعش، كاشفًا عن أن أربعة آخرين من الجيش كان يعرفهم، انضموا إلى صفوف التنظيم، خلال الأسابيع الأخيرة.

عوامل جذب

من جهته، اعتبر رحمة الله نبيل، الرئيس السابق لوكالة التجسس التابعة للمديرية الوطنية للأمن، الذي غادر البلاد أن "داعش أصبح جذابًا للغاية، بالنسبة لبعض السابقين في قوات الأمن، لاسيما في بعض المناطق".

وأوضح: "لو كانت هناك مجموعات مقاومة أخرى للحركة، لكانوا انضموا إليها، لكنهم في الوقت الحالي لا يرون إلا خيارًا واحدًا ضد طالبان".

وذكرت الصحيفة، أن طالبان لا تلبث أن تقضي على أي حركة مقاومة لها في مهدها لتستأثر بالسلطة، وكشفت أن قوات طالبان قضت أوائل سبتمبر الماضي، على حركة مقاومة وليدة في وادي بنجشير بقيادة أحمد مسعود، نجل أحمد شاه مسعود القائد المناهض للحركة، الذي اغتاله تنظيم القاعدة عام 2001، ثم فر قادة المقاومة إلى الخارج، لذلك أصبح داعش التهديد الوحيد للحكومة المتشددة الجديدة.

بطالة الجنود

ودقت الصحيفة الأمريكية ناقوس الخطر، بشأن تزايد أعداد البطالة بين الجنود الأفغان السابقين، ما يضطرهم للانضمام لمثل هذه التنظيمات، وقالت: إن مئات الآلاف من ضباط المخابرات والجنود وأفراد الشرطة السابقين في أفغانستان عاطلون من العمل، ويخافون على حياتهم، رغم تعهدات بالعفو من حركة طالبان، لافتة إلى أن "جزءاً ضئيلاً منهم عاد إلى العمل تحت إشراف طالبان، مثل جميع موظفي الحكومة الأفغانية تقريباً".

وأشارت إلى أنه "مثل جميع موظفي الحكومة الأفغانية تقريبًا، لم يتلق الجنود رواتبهم منذ أشهر، ما يدفع العديد منهم للانضمام إلى داعش. ويقول مسؤولون أمنيون، إن التنظيم يقدِّم مبالغ نقدية كبيرة لأعضائه الجدد في أفغانستان، إلى جانب الحماية من طالبان."

وأوضحت الصحيفة: رغم أن طالبان وداعش يقولان إنهما يريدان فرض نظام ديني صارم في أفغانستان، فإن الجانبين لديهما اختلافات دينية وأيديولوجية وسياسية عميقة، حيث تتبع طالبان مذهباً أقل تشدداً وتطرفاً من الذي يتبعه داعش".

يذكر أن التنظيم سيطر على مناطق عدة شرقي أفغانستان، إلى أن أدى هجوم طالبان عام 2015 إلى إضعافه بشكل كبير، ومع ذلك، انتعشت ولاية خراسان هذا العام مرة أخرى، مستفيدة من انهيار الجمهورية الأفغانية وانسحاب القوات الأمريكية في أغسطس الماضي.

تكرار العراق

وحذرت "وول ستريت جورنال" من تكرار ما حدث بالعراق في أفغانستان حاليًا، ونقلت تحذيرات مسؤول غربي كبير من أن ما يحدث "مشابه لما بدأ في العراق مع جنرالات صدام حسين المحبطين"، إذ حلَّت الولايات المتحدة قوات الأمن العراقية، بعد غزو العراق عام 2003، قائلاً: "مع وجود الأسلحة المخبأة في المنازل، وسنوات من الخبرة القتالية، قدَّموا مجموعة جاهزة من المجندين للجماعات المتشددة، بما فيها القاعدة".

وفي شهادة حديثة أمام مجلس الشيوخ، حذر كولين كال، رئيس إدارة السياسات في وزارة الدفاع الأمريكية، من أن تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان، قد يكون قادراً على شن هجمات على الغرب وحلفائه في غضون 6 أشهر، وأن تنظيم القاعدة يستطيع أن يفعل ذلك في غضون عامين.

وأشارت الصحيفة، إلى أن لا يزال بإمكان "داعش" و"القاعدة" إثارة الفوضى في أفغانستان، من ثم فإنهما يتنافسان على التجنيد والتمويل.

وكان "داعش خراسان" أعلن الشهر الماضي مسؤوليته عن عدد من الهجمات التي وقعت مؤخرًا، بينها تفجير انتحاري استهدف مسجدًا للشيعة في ولاية قندوز، وأودى بحياة نحو 100 شخص، في محاولة لتأجيج الكراهيات الطائفية وتقويض الحُكم في البلاد.

يُعتقد أن التنظيم يقوده منذ عام 2020 "شهاب المهاجر" الذي يوحي اسمه الحركي بأنه متحدّر من العالم العربي إلا أن أصله لا يزال مجهولًا.

بينما يرجِّح كثر أنه كان قياديًا في تنظيم القاعدة أو عضوًا في شبكة حقاني، التي تعد حاليا أحد أقوى الفصائل، وأكثرها تهديدًا لطالبان في أفغانستان.

إلى ذلك، يضم بحسب تقديرات الأمم المتحدة، ما بين 500 وبضعة آلاف من المقاتلين شمالي أفغانستان وشرقها، بما في ذلك خلايا نائمة في كابل.