أكبر ميزانية دفاع في تاريخها.. كيف تستعد أمريكا لمواجهة روسيا والصين؟
هل يجري بايدن أي تغيير في مستوى التمويل للأسلحة النووية، بعد أن أكمل مراجعة الموقف النووي؟

ترجمات - السياق
رغم أن الموزانة التي طلبها الرئيس الأمريكي جو بايدن، لوزارة الدفاع "البنتاغون" من الكونغرس، هي الأكبر في تاريخ البلاد، إذ تبلغ 886 مليار دولار، فإنها تواجه تحديات صعبة، تتمثل في استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، بخلاف التطورات والتكنولوجيا التي يحتاجها الجيش الأمريكي لمواجهة الصين، التي برزت مؤخرًا على الساحة الدولية، كقوة عسكرية.
أمام هذه التحديات، وضعت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، عددًا من الأسئلة، على الرئيس الأمريكي الإجابة عنها، بشأن الموازنة، وهل تكون قادرة على إعادة تشكيل سياسة الأمن القومي الأمريكية؟
وذكرت المجلة أن موازنة الدفاع -للسنة المالية 2024- التي اقترحتها إدارة بايدن، أثارت تعليقات من جميع أطراف الطيف السياسي، نظرًا للعجز الفيدرالي المتصاعد، والأزمات التي واجهت العملة الأمريكية مؤخرًا، مع ضرورة مواجهة تحديات ضخمة، تتمثل في الغزو الروسي لأوكرانيا، وقضية الصين وتايوان، وغيرها من التحديات الأخرى في الشرق الأوسط.
كان بايدن قد كشف عن مقترح الموازنة الفدرالية للعام المالي 2024 الذي يبدأ في الأول من أكتوبر 2023 وينتهي في 30 سبتمبر 2024.
وبلغ إجمالي الموازنة 6.8 تريليون دولار، اقترح فيها بايدن زيادة الإنفاق على الجيش ومجموعة من البرامج الاجتماعية الجديدة، مع خفض العجز بالموازنة في المستقبل.
معدل التضخم
السؤال الأول، يعتمد على الشق الاقتصادي، بأنه بعد اتخاذ قرار بشأن موازنة الدفاع، فما معدل التضخم الذي تستخدمه إدارة بايدن، للحفاظ على المستوى الحالي بقيمته الحقيقية، كما حدث العام الماضي، أو تقديم زيادة حقيقية، كما فعل الكونغرس؟
وذكرت "ناشيونال إنترست" أن معدل التضخم السنوي كان في يناير 2022 نحو 6 في المئة، وهو ثاني أعلى مستوى له خلال أربعين عامًا.
حتى مع عدم وجود نمو حقيقي، فإن ارتفاع معدل التضخم 6 في المئة، فوق الأموال التي طلبها بايدن لميزانية 2023، يعني طلب نحو 870 مليار دولار لموازنة 2024.
وأشارت المجلة إلى أن استخدام مستوى قانون تفويض الدفاع الوطني كقاعدة، يؤدي إلى طلب موازنة بنحو 900 مليار دولار.
بالنسبة للسنة المالية 2024، افترض بايدن معدل تضخم 6 في المئة، ومن ثمّ فإن استخدام معدل تضخم 6 في المئة والميزانية المعتمدة من الكونغرس للسنة المالية 2023 كأساس، يعني موازنة مقترحة قدرها 912 مليار دولار للسنة المالية 2024.
لذلك، من حيث القيمة الحقيقية، فإن ميزانية الدفاع للعام المالي 2020 هي 26 مليار دولار أقل من مستوى السنة المالية 2023.
الكونغرس والتخفيض
إضافة إلى اتخاذ قرار بشأن الموازنة ومعدل التضخم الذي يجب استخدامه في تحديد المبلغ الإجمالي لموازنة الدفاع لعام 2024، على بايدن أن يقرر كيفية التعامل مع عدد من أعضاء في الكونغرس، الذين يرغبون في إعادة ميزانية الدفاع إلى مستوى 2022، الذي يبلغ نحو 775 مليار دولار.
ورغم اعتقاد كثيرين أن هذا إجراء قاسٍ، يجب أن تعلم أن موازنة الدفاع البالغة 775 مليار دولار للسنة المالية 2024 سيكون أعلى بـ35 مليار دولار، أو 5 في المئة، من ميزانية إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الأخيرة، ونحو المبلغ نفسه الذي توقعه بايدن بعامه الأول في منصبه.
ومن المهم -وفق "ناشيونال إنترست"- تذكر أن الدعم الأمريكي لأوكرانيا يمول بشكل منفصل عن ميزانية الدفاع العادية، وأن تايوان تدفع ثمن جميع الأسلحة التي تحصل عليها تقريبًا.
وحسب المجلة، تتكون المجموعة الثانية من هؤلاء الأعضاء الذين يعتمدون على قائمة الأولويات غير الممولة.
وتحدد هذه الأولويات، التي يجب بموجب القانون تقديمها مباشرة إلى الكونغرس، من قِبل الخدمات وقادة المقاتلين، تلك البرامج التي ألغاها وزير الدفاع من طلب الميزانية الأصلي.
بالنسبة للسنة المالية 2020، احتوت هذه القائمة على 21 مليار دولار من الأولويات غير الممولة، وأضيف معظمها إلى اقتراح بايدن للسنة المالية 2023.
وبالنسبة للسنة المالية 2020، تبلغ القائمة 17.1 مليار دولار فقط.
ومع ذلك، فإن هذا المبلغ لا يشمل القائمة من القيادة السيبرانية، ومكتب الحرس الوطني، والقيادة الاستراتيجية، ووكالة الدفاع الصاروخي.
بينما تتألف المجموعة الثالثة من صقور الدفاع، الذين يريدون زيادة الإنفاق الدفاعي من مستواه الحالي البالغ 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 5 في المئة، بالنظر إلى الحشد العسكري الصيني.
توقيت الموازنة
وتتساءل "ناشيونال إنترست": هل تكشف إدارة بايدن عن موازنتها في الوقت المناسب؟
لتقول خلال أول عامين في إدارة بايدن، أصدرت الإدارة ميزانيتها، بما في ذلك جزء الدفاع، بعد أكثر من شهر من موعد عرضها المفترض.
ووفق "ناشيونال إنترست"، يجعل هذا من الصعب على الكونغرس تمرير الموازنة قبل بدء السنة المالية، ما يُشكل صعوبة على وزارة الدفاع، لافتة إلى أنه حتى تمرير موازنة السنة المالية الجديدة، لا يمكن للبنتاغون أن ينفق إلا على مستوى العام السابق، ولا يمكنه بدء أي برنامج جديد.
كان بايدن قد أصدر اقتراح موازنته في 13 مارس الماضي، أي بعد شهر من تاريخ الاستحقاق، ويرجح أن يصدر الكونغرس قرارًا مستمرًا على الأقل للجزء الأول من السنة المالية الجديدة، ما يجعل الأمر أكثر صعوبة على الجيش لإنفاق هذه الأموال بكفاءة وفعّالية.
رواتب الجيش
إضافة إلى اتخاذ قرار بشأن حجم الموازنة ومعدل التضخم، على الرئيس الأمريكي أن يقرر معدل زيادة رواتب الجيش والمتقاعدين.
وأوضحت "ناشيونال إنترست" أن أساس رفع الرواتب، مؤشر تكلفة التوظيف، من 30 سبتمبر 2022، الذي كان 5 في المئة مقارنةً بـ 4.6 في المئة العام الماضي، لافتة إلى أن هذه الزيادة ستكون الأعلى خلال ثلاثين عامًا.
بالنسبة إلى رواتب المتقاعدين، ارتفع متوسط تكلفة المعيشة 8.7 في المئة من يوليو إلى سبتمبر 2022.
وحسب المجلة "لا توجد إدارة ملزمة بموجب القانون بتنفيذ هذه المستويات، لكن أغلبية الإدارات تفعل ذلك، لأن لها تأثيرًا كبيرًا في التوظيف والتعيينات".
ولأن الرواتب والإعانات تستهلك ربع الميزانية الإجمالية، فإن الزيادة التي سيقرها بايدن، سيكون لها تأثير كبير في المبلغ الذي سيوجهه للاستثمار في المشتريات والبرامج البحثية النووية والتقليدية الحالية.
كان بايدن اقترح زيادة في الرواتب التي استخدمت في سبتمبر 2022 كأساس، بـ 5.2% للموظفين العسكريين والمدنيين، و8.7% للمتقاعدين العسكريين.
ومع ذلك، أشار بعض النقاد، الذين يؤيدون زيادة أكبر، إلى أنه منذ السنة المالية 2021، زادت رواتب العسكريين 10.7 في المئة فقط، بينما بلغ التضخم 16 في المئة، وانخفضت علاوات الإسكان العسكري من 100 في المئة من الإيجار وتكاليف المرافق إلى 95 بالمئة.
الأسلحة النووية
وتطرح المجلة تساؤلًا مهمًا عن القوة النووية الأمريكية:"هل يجري بايدن أي تغيير في مستوى التمويل للأسلحة النووية، بعد أن أكمل مراجعة الموقف النووي؟
ففي ميزانيته الأولى، تجاهل بايدن تعهدات حملته وبرنامج عمل الحزب الديمقراطي، التي دعت إلى الحد من الاعتماد المفرط على الأسلحة النووية، لكنه، بدلاً من ذلك، تبنى في ميزانيته الأولى الاقتراح بإعادة بناء وتحديث الردع النووي –بـ 1.7 تريليون دولار- وقدم تمويلًا لأربعة أسلحة نووية تكتيكية جديدة، حسب "ناشيونال إنترست".
بينما وصف البرنامج الديمقراطي، الاقتراح النووي لإدارة ترامب بأنه غير ضروري ومهدر ولا يمكن الدفاع عنه.
علاوة على ذلك، أثناء ترشحه للرئاسة، تعهد بايدن بتفكيك التزام أمريكا بزيادة دور الأسلحة النووية.
كان عديد من أنصار بايدن يأملون أن تؤدي تعهداته إلى تقليص أو حتى إزالة المكون الأرضي للثالوث النووي الاستراتيجي، الذي يكلف 264 مليار دولار للمحافظة عليه وتحديثه، لكن مراجعة الوضع النووي لبايدن لم تقدم هذه التوصية.
ومن المرجح أن تكون التخفيضات التي اقترحوها، إلغاء واحد أو أكثر من برامج الأسلحة النووية التكتيكية الثلاثة: (صاروخ كروز جديد مسلح نوويًا الآن في مرحلة البحث، وقنبلة نووية حرارية من حقبة الحرب الباردة، ورأس حربي جديد منخفض القوة، أرادت إدارة ترامب نشره في الغواصات الهجومية).
وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أنه خلال السنة المالية 2020، ضمنت إدارة بايدن مجددًا التمويل لجميع الأرجل الثلاث للثالوث النووي الاستراتيجي وسلاحين تكتيكيين جديدين، لكن لم يشمل أي تمويل للسلاح النووي منخفض القوة.
فالعام الماضي، حاول بايدن إلغاء الرؤوس الحربية منخفضة العائد، لكن محاولته رُفضت من الكونغرس، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، واضطر إلى مواصلة تمويل هذا البرنامج عامًا آخر.
الأسطول البحري
ما هدف بايدن بالنسبة لحجم والتشكيل النهائي للأسطول؟
في طلبه للسنة المالية 2022، اقترح بايدن إيقاف تشغيل خمس عشرة سفينة، بما في ذلك سبعة طرادات وأربع سفن قتالية ساحلية، وبناء ثماني سفن فقط كبديل، أقل بكثير مما مُوِّل في السنة المالية 2021.
ولم يصرح الكونغرس ببناء أربع سفن إضافية فحسب، بل حد من قدرة البحرية على سحب السفن من الخدمة، وفي طلب ميزانية السنة المالية 2020، اقترح بايدن 27.9 مليار دولار لشراء ثماني سفن جديدة وتقاعد خمس عشرة.
لكن الكونغرس أضاف مرة أخرى 5 مليارات دولار لبناء ست سفن جديدة، وحظر إيقاف تشغيل اثنتي عشرة من الخمس عشرة.
في ضوء هذه التغييرات، على إدارة بايدن أن تقرر ما إذا كانت سترفع هدفها، المتمثل في توسيع البحرية من مستواها الحالي البالغ 296 سفينة، إلى 321 بحلول عام 2030، وإذا حدث ذلك، هل تأخذ الإدارة الأموال من الخدمات الأخرى، أم تقرر زيادة الموازنة؟