تقارير سرية أمريكية تحمِّل ترامب مسؤولية الانسحاب الفوضوي من أفغانستان 

في أول تعليق له، قال ترامب، إن الرئيس جو بايدن المسؤول الوحيد عن فشل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان عام 2021.

تقارير سرية أمريكية تحمِّل ترامب مسؤولية الانسحاب الفوضوي من أفغانستان 

ترجمات – السياق

بعد مرور قرابة عامين على الانسحاب الفوضوي الأمريكي من أفغانستان، حمَّلت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الرئيس السابق دونالد ترامب المسؤولية، لفشله في التخطيط للانسحاب الذي اتفق عليه مع حركة طالبان، لكن سرعان ما رد ترامب على الاتهامات الموجهة إليه.

وقال ترامب، إن الرئيس جو بايدن المسؤول الوحيد عن فشل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان عام 2021، وإن التقرير الجديد الذي أصدره البيت الأبيض يلوم إدارة ترامب على الانسحاب، تضليل.

وفي ملخص التقرير الذي رفعت عنه السرية وسُلّم إلى الكونغرس، يشدد البيت الأبيض على أن إدارة الرئيس جو بايدن فعلت كل ما في وسعها.

وأثار ملخص الإدارة الديمقراطية، المأخوذ من المراجعات السرية لوزارتي الخارجية والدفاع التي أرسلت إلى الكونغرس، ردود فعل غاضبة من المشرِّعين الجمهوريين، الذين طالبوا بالوثائق من أجل تحقيقهم الخاص في الانسحاب.

وانتقد مايكل ماكول، الرئيس الجمهوري للجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، الإدارة الأمريكية بشدة، وقال -في بيان- إن بايدن أمر بالانسحاب وكان "مسؤولاً عن الإخفاقات الهائلة في التخطيط والتنفيذ".

ورأت المراجعة، التي أجرتها إدارة بايدن لمدة عامين تقريبًا، للانسحاب الأمريكي المأساوي من أفغانستان، أنه كان ينبغي على المسؤولين الأمريكيين أن يبدأوا عملية الإجلاء في وقت سابق، أي في عهد سلفه ترامب، وفق صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

وأصدر مجلس الأمن القومي -الخميس- ملخصًا من 12 صفحة لنتائج الحكومة بشأن الانسحاب في أغسطس 2021، الذي سرعان ما تحول إلى أعمال عنف.

وأشار إلى أنه في الوقت الذي سارع المسؤولون الأمريكيون لإجلاء الناس من المطار الدولي في العاصمة كابل، نفذ انتحاري تابع لـ"داعش" هجومًا أسفر عن قتل 13 جنديًا أمريكيًا وما يصل إلى 170 مدنيًا.

ودافع المجلس عن مسار الانسحاب من أفغانستان، الذي أنهى 20 عامًا من المحاولات الفاشلة لهزيمة حركة طالبان.

فورين بوليسي: ترامب وبايدن تركا أفغانستان تنهار

تفاصيل الانسحاب

وعن تفاصيل الانسحاب، ذكرت "نيويورك تايمز"- نقلًا عن تقرير مجلس الأمن القومي- أنه خلال الدقائق الأخيرة من الانسحاب، صعد حشد من الأفغان اليائسين، للهروب من حكم طالبان، على أجنحة طائرة شحن عسكرية أمريكية، إلا أنهم سقطوا من السماء بعد إقلاع الطائرة ولقوا حتفهم.

وأوضحت، أنه تبع ذلك، انهيار سريع للحكومة الأفغانية، وتولت طالبان زمام الأمور.

وقال جون كيربي، المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض، الذي أجاب عن أسئلة الصحفيين لأكثر من ساعة عن مراجعة الحكومة: "من الواضح أننا لم نفهم الأمور بشكل صحيح بالنسبة لأفغانستان، خصوصًا في ما يتعلق بسرعة انتشار حركة طالبان في جميع أنحاء البلاد واستيلائها على السلطة".

وأضاف: "بينما كانت نية الرئيس الأمريكي إنهاء تلك الحرب، لا يمكن إنكار أيضًا أن القرارات المتخذة وعدم التخطيط الذي قامت به الإدارة السابقة، قد حد بشكل كبير من الخيارات المتاحة له".

واستطرد كيربي: "رغم تقليص خياراته، قاد الرئيس بايدن عملية صُنع قرار مدروسة وصارمة وشاملة، تستجيب للحقائق على الأرض".

وبحسب تقرير مجلس الأمن القومي، غيّرت الحكومة سياساتها لتنفيذ عمليات الإجلاء هذه في وقت أقرب، عندما تسوء الأوضاع الأمنية.

وقال المجلس: "ما من شيء كان بإمكانه تغيير مسار الانسحاب"، مشددًا على أن الرئيس جو بايدن رفض إرسال جيل آخر من الأمريكيين، لخوض حرب كان يجب أن تنتهي بالنسبة للولايات المتحدة منذ فترة طويلة.

من جانبها، أوضحت الإدارة الأمريكية أنه "لا مؤشرات على أن مزيدًا من الوقت أو مزيدًا من المخصصات المالية أو مزيدًا من الأمريكيين" كان من الممكن أن يُغير المسار بشكل جذري.

ورغم ذلك، فإن كيربي شدد على أن الإجراءات التي اتخذها ترامب -بدءًا من اتفاقيته مع طالبان لسحب القوات الأمريكية ربيع 2021، والتخفيض السريع لقواته وفشله في مشاركة المواد الانتقالية ذات الصلة مع فريق خليفته- ترك بايدن مع قليل من الخيارات الجيدة.

ووفقًا للتقرير، عندما تولى بايدن منصبه، كان هناك 2500 جندي فقط في أفغانستان، بانخفاض عن قرابة 10000 عندما تولى ترامب منصبه.

وانتقد التقرير -الذي أصدرته إدارة بايدن- الاتفاق الذي أُبرم بين إدارة ترامب وطالبان، ما وضع حكومة بايدن في موقف صعب، وقال إن أيًا من وكالات الاستخبارات الأمريكية "لم يتوقع الانهيار السريع للقوات الحكومية الأفغانية".

كانت حركة طالبان اجتاحت العاصمة كابل بشكل مفاجئ، وسط انهيار سريع لحكومة الرئيس السابق أشرف غني، الذي اختار الفرار وغادر البلاد بطائرة خاصة.

وأبرمت الولايات المتحدة اتفاقًا مع طالبان في عهد ترامب، لسحب القوات الأمريكية، وخلال عملية الانسحاب لقي 13 عسكريًا أمريكيًا و170 أفغانيًا مصرعهم، في هجوم انتحاري على أسوار المطار المزدحم، حيث أقيم جسر جوي عسكري غير مسبوق، أجلي عبره أكثر من 120 ألف شخص في غضون أيام.

وحسب التقرير، تركت إدارة ترامب لخليفتها موعدًا محددًا للانسحاب، لكن من دون خطة لتنفيذه، وبعد 4 سنوات من الإهمال، وفي بعض الحالات التردي المتعمد، كانت أنظمة ومكاتب ووكالات مهمة لضمان مغادرة آمنة ومنظمة، في حالة يرثى لها.

وأضاف: "بعد أكثر من 20 عامًا، وأكثر من تريليوني دولار، وتدريب جيش أفغاني قوامه 300 ألف، تشير السرعة والسهولة اللتان سيطرت بهما طالبان على أفغانستان، إلى عدم وجود خطط لعملية الانسحاب".

إهانة

ووصف كيربي عملية الانسحاب المتسرعة بالإهانة، قائلًا: "لقد كان إحساسًا عامًا بالإهانة والإهمال الذي ورثه الرئيس". وأضاف: "لا نقلل من تأثير اتفاق الدوحة في الروح المعنوية والاستعداد للقتال على قوات دفاع الأمن الوطني الأفغانية" ، في إشارة إلى الاتفاق الذي أبرمه ترامب مع طالبان لسحب القوات من أفغانستان.

وتابع: "كان لذلك تأثير مدمر للغاية في استعدادهم لمواصلة القتال من أجل بلدهم".

في المقابل، قال ستيفن تشيونغ، المتحدث باسم حملة إعادة انتخاب ترامب، للصحيفة الأمريكية، ردًا على كيربي: "إدارة بايدن تحاول التملص من مسؤولية الانسحاب الكارثي في أفغانستان، الذي أدى بشكل مباشر إلى قتل أمريكيين وشجّع الإرهابيين".

وأضاف: "لقد أصبح العالم مكانًا أكثر خطورة في ظل حكم جو بايدن".

 

دفاع وتبرير

وبينت "نيويورك تايمز" أن الملخص المُنتقى من المراجعات التي أجريت عبر الوكالات الحكومية، بما في ذلك وزارة الخارجية و"البنتاغون"، دافع إلى حد كبير عن تصرفات بايدن وإدارته.

وفي مواجهة عديد من الأسئلة عن الطبيعة الفوضوية للانسحاب، دافع كيربي مرارًا وتكرارًا عن جهود الحكومة لفحص الذين جرى إجلاؤهم، وجهود الجيش لنقل المدنيين والقوات جوًا من أفغانستان، والتفكير السريع للموظفين الطبيين على الأرض الذين قدموا الرعاية، كما أشاد بعمل الجنود والدبلوماسيين، وقال إنه لن يفقد أحد وظائفه بسبب الأحداث التي وقعت خلال الإجلاء.

وقال كيربي: "هذه الوثيقة لا تتعلق بالمساءلة... الأمر يتعلق بتوضيح الأمور".

ولدى سؤاله مرارًا عما إذا كان الرئيس قد تحمل مسؤولية الانسحاب، قال كيربي: "إنه القائد العام، وهو مسؤول تمامًا عن العمليات التي يقوم بها رجالنا ونساؤنا والأوامر التي يتلقونها".

كان بايدن قد دافع في البداية عن الانسحاب كـ "نجاح غير عادي" وأعلن نهاية حقبة استخدمت فيها الحكومة الأمريكية القوة العسكرية "لإعادة تشكيل دول أخرى"، لكن استطلاعات الرأي في ذلك الوقت، أظهرت أن أقل من 40 في المئة من الأمريكيين أيدوا كيفية تعامله مع الانسحاب، ومن ثمّ فقد طالب بايدن في النهاية بمراجعة "من أعلى إلى أسفل" للعملية.

ووفقًا للملخص، قال المسؤولون إن السرعة التي استولت بها طالبان على البلاد -رغم تأكيدات الحكومة الأفغانية قدرتها في الحفاظ على الاستقرار- كانت دليلًا على أن الحكومة الأمريكية يجب أن تعيد حساباتها بشأن هذه المخاطر.

وعندما سُئل عما إذا كان الرئيس يستعد لتوضيح نتائج المراجعة للجمهور، قال كيربي إن بايدن شارك بالفعل وجهات نظره بشأن الانسحاب.

وفي الأسابيع الأخيرة، وصف أعضاء الخدمة الناشطون وقدامى المحاربين بتفاصيل مروعة، المذابح والموت الذي شهدوه خلال الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان.

وقال إيدان جوندرسون، مسعف في الجيش كان يعمل في آبي جيت، المنطقة التي انفجرت فيها القنبلة: "أرى وجوه كل من لم نتمكن من إنقاذهم، أولئك الذين تركناهم وراءنا"، وأتساءل ما إذا كان حلفاؤنا الأفغان قد فروا إلى بر الأمان أم أنهم قُتلوا على يد طالبان.

كان الرقيب السابق في مشاة البحرية الأمريكية تايلر فارغاس أندروز أيضًا، من أولئك الذين قدموا أدلة أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، لفحص التعامل مع الانسحاب.

وانهار فارغاس أندروز بالبكاء وهو يتحدث عن أكثر اللحظات دموية بعملية الإجلاء الأمريكية في أغسطس 2021، بعد أن أدى تفجير انتحاري في مطار كابل إلى قتل وإصابة مئات.

وتحدث عن الرائحة النتنة لبعض الجثث، تحت عمود كبير من الدخان، بينما ملأت صرخات الأطفال والنساء والرجال الفضاء حول المطار، بعد أن هاجم انتحاريان حشودًا من الأفغان، كانوا يأملون الهروب من البلاد في طائرة.