عودة داعش لعمليات الذبح في سوريا.. هل محاولة لإعادة التموضع؟
يقول صلاح ملكاوي، الخبير الأردني بالشأن السوري في تصريحات لـ-السياق-، إن نحر تنظيم داعش 3 مدنيين، خلال جمعهم الكمأة شمالي سوريا، يهدف إلى تعويض حالة الضعف التي ضربته وتسببت في تراجع عملياته بسوريا.

السياق "خاص"
«جئناكم بالذبح»، شعار داعشي استدعاه التنظيم الإرهابي مجددًا، بعد إفلاس حيله وانحسار انتشاره، في محاولة لإعادة تموضعه، وبث حالة من الخوف لدى خصومه، أملًا بأن يستطيع موازنة فرق القوة، بينه وبين أجهزة الأمن السورية والعراقية.
إلا أن ذلك النمط، الذي استدعاه «داعش» جاء بعد توالي الهزائم التي تعرض لها التنظيم الإرهابي، في مساع منه لاستعادة الصورة التي أسهمت في كثير من «انتصاراته»، التي سرعان ما تحولت إلى سراب.
كان «داعش» أعلن «ذبح» 3 سوريين من جامعي الكمأ في ريف حلب، بعد 3 أسابيع من تصفيته 70 سوريا، ما يشير إلى أن هذه المنطقة هدف سهل للتنظيم.
كما أعلن المرصد السوري، اليوم الجمعة، مقتل 15 شخصا خلال جمعهم الكمأة في وسط سوريا على يد داعش.
ورغم محاولة التنظيم بث الرعب في نفوس المواطنين، بالمناطق التي يحاول إعادة تموضعه فيها، فإن نمط «نحر» خصومه، لم يعد مفاجئًا، كما كان عام 2014، ما يعني سقوط جدار الخوف، الذي يحاول «داعش» ترميمه.
استدعاء نمط «الذبح»
يقول الباحث المتخصص في الشأن الأمني والإقليمي إبراهيم عرفات، في تصريحات لـ«السياق»، إن داعش يرى في الحرب النفسية مدخلًا لإعادة التموضع على الأرض.
وأوضح عرفات أن استدعاء شعار «جئناكم بالذبح»، يشير إلى إفلاس التنظيم، خاصة أنه استدعى نمطًا روج له قبل 9 سنوات، كتنظيم لا يقهر، إلا أن التنظيم الإرهابي يفتقد تغطية إعلامية مكثفة أتيحت له، ما يعني أن حيلته لن تؤتي أكلها.
وأشار الباحث المتخصص في الشأن الأمني والإقليمي، إلى أن أسلوب «الذبح» الذي اتبعه التنظيم عام 2014 كان مفاجأة للجميع، ما أسهم في بناء جدار من الخوف والرعب، إلا أن ذلك الجدار انهار بعد إعادة بناء قوات الأمن في العراق، التي تحركت بدعم دولي، وصولًا إلى القضاء على خلافة التنظيم المكانية عام 2017.
في السياق نفسه، قال الخبير الأردني في شؤون الجماعات الإرهابية مروان شحادة، في تصريحات لـ«السياق»، إن تنظيم داعش يستخدم أساليب وصورة نمطية للعنف والتوحش.
وأوضح الخبير الأردني، أن هذا الأسلوب يحاول التنظيم من خلاله بث الرعب لدى خصومه، في ظل عدم توازن القوة بينه وبين أجهزة الأمن في سوريا والعراق تحديدًا، وتوالي الهزائم التي مُني بها.
وأشار إلى أن «داعش» يستخدم تكتيكات الرعب والعنف، لبث الخوف في صفوف معارضيه، عبر استدعاء الصورة النمطية السلبية التي عكست توحش التنظيم، وأسهمت في كثير من انتصاراته، لكنها كانت أيضاً دافعا قويا لمحاربته وهزيمته.
من جانبه، قال صلاح ملكاوي، الخبير الأردني بالشأن السوري في تصريحات لـ«السياق»، إن نحر تنظيم داعش 3 مدنيين، خلال جمعهم الكمأة شمالي سوريا، يهدف إلى تعويض حالة الضعف التي ضربته وتسببت في تراجع عملياته بسوريا.
وأوضح الخبير في الشأن السوري، أن تنظيم داعش يحاول تعويض نقص عملياته في سوريا مقارنة بالعراق، من خلال استخدام تكتيكات قديمة مثل: النحر والقتل والوصول إلى مدنيين من الكمأة في باديتي حمص وبيت الزور، والقيام بعمليات عنيفة، لإثبات أن لديه القدرة على المبادرة، إلا أن الأمر يكشف ضعف التنظيم الإرهابي وتراجعه.
عوامل انتشار «داعش»
الباحث المتخصص في الشأن الأمني والإقليمي إبراهيم عرفات يقول، إن ثمة عوامل ساعدت في انتشار «داعش» بحلب وشمالي سوريا، أبرزها الفوضى التي أعقبت الزلزال المدمر.
وأكد عرفات، ضرورة إعادة استئناف العمليات ضد التنظيم الإرهابي، سواء من التحالف الدولي أم قوات سوريا الديمقراطية، عبر تكتيكات مختلفة، لوأد أي محاولة صعود مكاني لـ«داعش» مرة أخرى.
في السياق نفسه، يقول الخبير الأردني في الشأن السوري صلاح ملكاوي، في تصريحات لـ«السياق»، إن تراجع نشاط التنظيم في سوريا لا يعني انتهاءه، لكن بمقارنة نشاطه بأوقات سابقة، يمكن القول إن الضربات وعمليات الإنزال والعمليات العسكرية ضده واعتقال قيادات له في سوريا وقتل قادة، سواء في الجنوب أم الشمال أم في المناطق الخاضعة لهيئة تحرير الشام، كانت سببًا رئيسًا في تراجع عملياته.
3 مراحل
إلا أن التنظيم يحاول استثمار الأزمات والكوارث لفتح باب التجنيد وتعويض تراجع عملياته، بحسب ملكاوي، الذي قال إنه بعد حادث الزلزال جنوبي تركيا وشمالي سوريا، مر خطاب التنظيم بثلاث مراحل: أولاها إظهار الشماتة في المنكوبين "لأنهم يستحقون غضب الله".
وأوضح أن المرحلة الثانية هي محاولة استفادة التنظيم من الكارثة، كالتنظيمات الإرهابية التي تستغل الأزمات الإنسانية، وترى أن أي بيئة منكوبة أرض خصبة للتجنيد، لأن المواطنين وقتها يكونون غاضبين، وتلك فرصة ذهبية لتجنيدهم.
وأشار إلى أن خطاب التنظيم تحول إلى توجيه اللوم للسلطات التركية، واتهامها بالتقصير في خدمة وإيصال المساعدات إلى المسلمين في الشمال السوري.
أما المرحلة الأخيرة، فيرى الخبير في الشأن السوري، أنها محاولة إظهار داعش تعاطفًا كاذبًا مع المنكوبين في الشمال السوري، متهمًا المؤسسات الدولية والدول العربية والإسلامية، بالتراخي في إيصال المساعدة الإنسانية للمتضررين من الزلزال.