السودان يزحف نحو الشهر الثالث من الصراع بعد 10 هدن فاشلة
توسعت دائرة المواجهات في العاصمة الخرطوم وأم درمان خلال الساعات الماضية، وسط تأكيد الدعم السريع، تمكن قواتها من السيطرة على عديد من المعسكرات وأسر المئات، بعد النجاح في صد هجوم للجيش.

السياق
للمرة العاشرة، تنتهي الهدنة المفروضة في السودان، ويستيقظ المواطنون على وقع القصف المدفعي، ويتبادل الطرفان إعلان نجاحهما في فرض السيطرة على أجزاء من البلاد، ليزحف السودان نحو الشهر الثالث من الصراع الذي خلف نحو 1800 قتيل، وفق مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح "أكليد"، وقرابة مليوني نازح، بينهم أكثر من 476 ألفًا عبروا إلى دول مجاورة.
وبعد هدنة فُرضت على نحو جيد هذه المرة، واستمرت أربع وعشرين ساعة، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تجددت الاشتباكات بشكل عنيف بعد 10 دقائق فقط من انتهائها.
وتوسعت دائرة المواجهات في العاصمة الخرطوم وأم درمان خلال الساعات الماضية، وسط تأكيد الدعم السريع، تمكن قواتها من السيطرة على عديد من المعسكرات وأسر المئات، بعد النجاح في صد هجوم للجيش.
بينما نفى الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني رواية الدعم السريع، بقوله إن الجيش أجرى عمليات تمشيط بمناطق متفرقة من العاصمة الخرطوم، في إطار التخلص من التمرد، مشددًا على أن: "حديث التمرد عن تدمير قوات في منطقة المدرعات أو مهاجمة قواتنا لا أساس له من الصحة".
اشتباكات أعنف
وبعد هدنة احتُرمت أكثر من سابقاتها، بحسب سكان من الخرطوم، جاءت اشتباكات الأحد عنيفة وموسعة، لتشمل مناطق لم يكن الصراع المسلح دق بابها، استُخدمت خلالها الأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن شهود عيان، أن القتال الذي اندلع الأحد بين الجانبين، كان من الأعنف منذ أسابيع، وشمل اشتباكات على الأرض في حي الحاج يوسف المكتظ بالسكان.
ويرى مراقبون أن تجدد الاشتباكات، يؤكد عدم تحقيق الهدنة القصيرة هدفها المأمول بكسر حلقة العنف، ما قد يدفع الوسيطين السعودي والأمريكي إلى تعليق مفاوضات جدة.
في الوقت نفسه أدان الوسيطان السعودي والأمريكي تجدد الاشتباكات، ودعيا إلى توقفها فورًا، مؤكدين أن الحل العسكري في السودان غير مقبول.
وأكدا -خلال بيان مشترك- العمل على التنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لوقف القتال وتقليل تأثيره في المنطقة، وتكثيف التنسيق مع الجهات المدنية السودانية ذات العلاقة لضمان مشاركتهم في رسم مستقبل السودان.
مفاوضات ومبادرات
وأوضح الوسيطان أنهما على استعداد لاستئناف المباحثات، بمجرد أن يُظهر طرفا الصراع تقيدهما بما اتفقا عليه في إعلان جدة.
وأشار البيان إلى أن الجيش السوداني والدعم السريع، أظهرا سيطرة فعالة على قواتهما، خلال هدنة السبت، ما أدى إلى تراجع حدة القتال وانحساره في جميع أنحاء السودان، ومكّن من إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية وتحقيق بعض تدابير بناء الثقة.
وفي الوقت الذي لا يبدو الحل النهائي قريبًا من الطرفين، تصدرت منصات التواصل الاجتماعي حملات تطالب بوقف الحرب وحماية المدنيين العُزل.
وأطلقت الصحفية السودانية صباح محمد الحسن حملة "الأعلام البيضاء" التي تقوم فكرتها على رفع الأعلام البيضاء على أسطح المنازل والسير بها في مواكب السيارات، إضافة إلى تغيير الصور على الحسابات الشخصية في مواقع التواصل إلى صورة العلم الأبيض.
وكتبت صباح عبر "تويتر" : "نطلق اليوم حملة الأعلام البيضاء لمساعدة المواطن في حماية نفسه سلميًا بحمل علم أبيض أو رفعه على أسطح المنازل (أنا مواطن سوداني أعزل ومسالم أريد أن أعيش) نحاول التواصل مع لجان المقاومة حتى تخرج مواكب الولايات بالأعلام البيضاء، من أجل السلام ووقف إطلاق النار.
وضع إنساني صعب
الحملة الحالمة لا تبدو قريبة من التحقق على أرض الواقع، في ظل تمسك كل طرف بما يريد، رغم وضع إنساني صعب تعيشه المدن السودانية ونقص الغذاء، والحاجة لنحو 3 مليارات دولار من أجل المساعدات الإنسانية بحسب الأمم المتحدة.
ما يزيد تفاقم الأزمة خروج 66% من المستشفيات في مناطق الاشتباكات عن الخدمة، وعمل المؤسسات الطبية المتبقية بشكل جزئي في ظل نقص الفرق الطبية والإمدادات الطبية والماء والكهرباء، بحسب بيانات نقابة الأطباء السودانية.
في السياق ذاته حذرت وكالة بلومبرغ من مخاطر القتال في السودان على التراث الثقافي السوداني الذي يعود إلى آلاف السنين، في ظل حالات نهب المتاحف وأرشيفات الجامعات التي لا تقدر بثمن وأضرموا فيها النيران.