هل اقترب موعد خروج لبنان من ازمة الشغور الرئاسي؟
استبعد فرنجية إنجاز ملف اختيار رئيس للجمهورية، في جلسة البرلمان المقبلة.

السياق
يوم يفصلنا عن جلسة برلمانية، من المفترض أن يسمى فيها رئيس جديد لبنان، ليشغل المنصب الشاغر، كخطوة ولو بسيطة ورمزية أمام هيمنة ميلشيا حزب الله على الدولة، في طريق استقرار سياسي، قد يكبح الانهيار الاقتصادي، الذي يسير بسرعة نحو لبنان.
لقب رئيس الجمهورية لا يحمله أحد، منذ انتهاء ولاية ميشال عون، مع فشل اختيار بديل له 11 مرة.
لكن التوقعات تتعزز بأن تكون الجلسة المقبلة، المرة الـ12 التي يعجز فيها لبنان عن اختيار رئيسه، رغم ثبات المعارضة أمام "تهديدات ومناورات" حزب الله والاستقرار على اختيار جهاد أزعور الأوفر حظًا أمام منافسه سليمان فرنجيه، الذي يلقى دعم الثنائي الشيعي لكن من دون توافق مسيحي.
تصويت لصالح أزعور
بدورهم، أكد مسؤولون في "التيار الوطني الحر"، أن نواب التكتل سيصوتون لصالح أزعور.
ورفض رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، اتباع حلف الممانعة، قائلًا إن كل من يضع ورقة بيضاء أو اسمًا من غير المرشحَين المطروحين أو شعارات، يسهم مع محور الممانعة في تعطيل الاستحقاق الرئاسي، ووصف الغد بأنه مفصلي.
نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، قال إنه سيشارك في جلسة الانتخاب، ويصوت لصالح مرشحه سليمان فرنجية.
وأكد أنه مؤهل، و"يمتلك مواصفات وطنية جامعة، ولديه رؤية إنقاذية، ويتعاون مع الآخرين لتثبيتها".
ويرشح الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل سليمان فرنجيه، رغم أنه لا يحظى بدعم الأغلبية العظمى من الكتلة المسيحية في البرلمان، لرفضهم جهاد أزعور الخبير الاقتصادي العالمي، الذين يسعون لإعاقة ترشيحة، تارة بالتهديد وأخرى بالمناورة، بينما يشير مطلعون إلى أن أصوات مستقلة ستتخلى عن حيادها، خوفًا من تهديدات حزب الله، وتدعم فرنجيه.
رئيس كل اللبنانيين
وفي أحدث لقاء له، رفض أزعور وصفه بمرشح المعارضة، وقال إنه منفتح على التحاور مع جميع الأطراف.
وقال أزعور ، في بيان صحافي اليوم :" لا أريد لترشيحي أن يكون تقاطع الحد الأدنى بين مواقف ومشاريع القوى السياسية المختلفة، بل تلاقي الحد الأقصى بين أحلام اللبنانيين واللبنانيات بوطن نستحقه جميعا،ً سيداً حراً مستقلاً مزدهراً".
وأضاف أنه لا يشكل تحدياً لأحد، وأعرب عن أمله في أن يكون ترشيحه مساهمةً في الحل وليس عنصراً يضاف إلى الأزمة والاستعصاء ، مطالباً بـ "التعالي على الاصطفافات والاعتبارات الضيقة، والاتحاد على هدف واحد مشترك هو إنقاذ بلادنا".
وأشار إلى أن مشاكل لبنان قابلة للمعالجة، لافتاً إلى أن ترجمة طموح الشعب اللبناني تحتاج إلى الاستقلال التام عن أي تدخلات خارجية، وحماية الأرض والسيادة الكاملة، وإعادة الاعتبار للدولة ومؤسساتها، والالتزام بالدستور.
وأضاف أنه سيعمل بالتعاون مع الجميع على إعادة وصل ما انقطع مع المحيط العربي، ومع دول العالم الأخرى.
وسبق أن شغل أزعور مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، وقد كان وزير المال اللبناني بين عامي 2005 و2008.
وحاصل على دكتوراه في العلوم المالية الدولية، ودرجة عليا في الاقتصاد الدولي والعلوم المالية، من معهد الدراسات السياسية في باريس، وله أبحاث تتّصل بالاقتصادات الصاعدة واندماجها في الاقتصاد العالمي بجامعة هارفارد.
كان وزير المالية في حكومة فؤاد السنيورة بين عامي 2005 و2008، الفترة التي نسق خلالها، بحسب صفحة صندوق النقد الدولي، "تنفيذ مبادرات مهمة للإصلاح، منها تحديث النظم الضريبية والجمركية اللبنانية" وشارك في إعداد مؤتمري باريس 1 و2.
جاء ترشيح أزعور، إثر اتصالات مكثفة بين كتل معارضة والتيار الوطني الحر، حليف حزب الله المسيحي الأبرز، الذي عارضه في مسألة رئاسة الجمهورية.
ويقول مراقبون، إن ترشيح أزعور جاء ثمرة توافق جمع بين تأييد حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، والتيار الوطني الحر بقيادة جبران باسيل، وهما أكبر قوتين مسيحيتين في البرلمان، إلى جانب حزب الكتائب بقيادة سامي الجميل.
حوار فرنجية
من ناحيته أعلن سليمان فرنجية استعداده لحوار وطني شامل "من دون شروط".
وقال: "إذا حدث الاتفاق بين القوى السياسية على مرشح يحل الأزمات فلا مشكلة لديّ بذلك".
وأضاف: "أنا لبناني ماروني عربي وملتزم بالإصلاحات والطائف ولا يوجد في قاموسي أي تعطيل في الحياة السياسية، وأتعهد بأن أكون رئيساً لكل لبنان".
وقال فرنجية الذي يرأس تيار المردة في ذكرى ما يعرف بـ "مجزرة إهدن": "إذا تم الاتفاق بين كل القوى السياسية على مرشح يحل الأزمات فلا مشكلة لدي بذلك"، مستبعداً إنجاز ملف اختيار رئيس للجمهورية في جلسة البرلمان المقبلة.
و"مجزرة إهدن" هو اسم يطلق على اشتباكات وقعت في بلدة إهدن اللبنانية وأدت إلى مقتل والد فرنجية ووالدته وشقيقته.
وتعهد سليمان فرنجية أن "يكون رئيساً لكل لبنان إذا وصل للمنصب"، داعياً إلى "حوار وطني غير مشروط لحل مشاكل البلاد".
وقبل أيام، دعا عضو المجلس المركزي في حزب الله اللبناني، نبيل قاووق، إلى الحوار غير المشروط، لحل مسألة الشغور الرئاسي في لبنان، مشيراً إلى أن حزب الله لم يفرض رئيساً على أحد، ومن لا يرى مصلحة للبنان بالتوافق الوطني يقامر بمصير البلد.
موقف حزب الله عدَّه كثيرون مناورة من الحزب، لضرب توافق المعارضة والعودة إلى نقطة الصفر من جديد.
وهو ما لفت إليه أيضًا نائب أمين عام الحزب، نعيم قاسم، بعدما سبق لرئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين، أن قال: «إذا لم يسارع بعض اللبنانيين إلى ما يُعرض عليهم الآن، سيأتي الوقت الذي يكونون فيه غير قادرين على أن يحصلوا على ما يعرض عليهم اليوم، وعلى هؤلاء أن يستعجلوا اغتنام هذه الفرصة، فالتأخير ليس في مصلحتهم على الإطلاق".
وفي كل الأحوال، فإن اختيار منصب رئيس الجمهورية من دون توافق بين القوى المسيحية وحزب الله، يعد تهديدا بالفوضى والانقسامات، في بلد يقوم على نظام المحاصصة الطائفية.
وحسب هذا النظام، فإن رئيس الجمهوري يكون مسيحيًا متوافقًا عليه من الأطراف السياسية.