بايدن ضد ترامب: مباراة العودة لكبار السن
بايدن ضد ترامب.. منافسة بين ثمانيني وسبعيني على رئاسة أمريكا

ترجمات -السياق
رغم أن الحملة لا تزال في مراحلها الأولى، فإن الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تتجه نحو منافسة بين الرئيس الحالي جو بايدن (80 عامًا) ممثلًا للحزب الديمقراطي، وسلفه دونالد ترامب (76 عامًا)، عن الحزب الجمهوري.
كِبر سن (الثمانيني بايدن والسبعيني ترامب) أثار انتباه صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، التي وصفت الانتخابات المحتملة بينهما بأنها "مباراة جديدة بين العواجيز"، في إشارة إلى المنافسة السابقة بينهما عام 2020.
وأشارت الصحيفة إلى أنه حال استمرار بايدن على رأس السلطة لولاية جديدة، فإنه سينهي منصبه في السادسة والثمانين من العمر تقريبًا، وإن عاد ترامب إلى البيت الأبيض فإنه سيتخطى -نهاية ولايته- ثمانين عامًا.
وقد أطلق بايدن حملته للفوز بترشيح الديمقراطيين، بينما يظل دونالد ترامب الأوفر حظًا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري.
وأظهر استطلاع حديث للرأي، أن 5 في المئة فقط من الأمريكيين، يريدون أن يترشح كل من بايدن وسلفه ترامب مرة أخرى، وأن 38 في المئة لا يرغبون بترشح أي منهما.
عودة بايدن
في مؤتمر صحفي، إلى جانب الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول في حديقة الورود بالبيت الأبيض هذا الأسبوع، بدا أن جو بايدن يستمتع بإمكانية إعادة "مباراة الرئاسة" ضد خصمه السابق دونالد ترامب، حسب وصف "فايننشال تايمز".
وعندما سُئل عما إذا كان هو الديمقراطي الوحيد القادر على هزيمة ترامب عام 2024، ابتسم الرئيس وهو يرتدي نظارته الشمسية وقال: "قد لا أكون الوحيد، لكنني أعرفه جيدًا وأعرف الخطر الذي يمثله على ديمقراطيتنا"، وأضاف: "لقد سلكنا هذا الطريق".
جاءت تصريحات الرئيس، بعد يوم واحد من إطلاقه رسميًا حملته لإعادة انتخابه، في خطوة أبطلت التكهنات بما إذا كان الرئيس البالغ من العمر 80 عامًا سيرشح نفسه مرة أخرى أم لا.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أنه رغم أنه لا يزال هناك 18 شهرًا قبل الانتخابات الرئاسية وكثير من التحولات المحتملة في المناخ السياسي، فإن عديد المحللين يعتقدون أنه من المرجح -بشكل متزايد- تكرار الانتخابات الرئاسية لعام 2020، التي دارت بين بايدن وترامب، وانتهت بفوز الأول بعد منافسة شرسة كادت أن تتحول لمأساة، خصوصًا بعد اقتحام عدد كبير من أنصار المرشح الخاسر (ترامب) مبنى الكابيتول.
ونوهت إلى أنه رغم خسارته قبل ثلاث سنوات، لا يزال ترامب المرشح الأوفر حظًا بلا منازع، ليكون المرشح الجمهوري للرئاسة عام 2024، حتى في الوقت الذي يواجه فيه مشكلات قانونية متصاعدة، بما في ذلك التهم الجنائية بمانهاتن والتحقيق الجاري في جورجيا، بشأن جهوده لإلغاء نتائج انتخابات 2020.
وذكرت الصحيفة، أن استطلاعات الرأي الأخيرة، جاءت في صالح ترامب بين القواعد الشعبية للجمهوريين، بينما تعثر منافسه الرئيس، حاكم فلوريدا رون ديسانتيس.
وتظهر استطلاعات الرأي أيضًا، أن الأغلبية العظمى من الأمريكيين، لا يريدون أن يترشح ترامب مرة أخرى.
فقد أظهر استطلاع شبكة إن بي سي نيوز أن 60 في المئة من الأمريكيين يرفضون خوض ترامب المنافسة مجددًا على رئاسة البلاد.
في المقابل، في إشارة مقلقة للديمقراطيين، أظهر الاستطلاع نفسه أن 70 في المئة من الأمريكيين -بما في ذلك ما يزيد قليلاً على نصف الديمقراطيين- قالوا إنهم لا يريدون أن يترشح بايدن مرة أخرى أيضًا.
وبينت الصحيفة البريطانية، أن نصف الذين رفضوا ترشح بايدن مجددًا، أشاروا إلى سنه كسبب "رئيس".
ويُعد بايدن بالفعل أكبر رئيس سنًا في تاريخ الولايات المتحدة، ومن المقرر أن يبلغ من العمر 82 عامًا حال تنصيبه مجددًا -وهو رقم غير مسبوق في تاريخ البلاد- بينما سيكون عمره 86 عامًا، نهاية ولاية ثانية مدتها أربع سنوات.
ورغم ذلك، فإن بايدن رفض الاعتراف بأرقام الاستطلاعات الأخيرة، وقال خلال وجوده بحديقة الورد هذا الأسبوع: "سبب رغبتي في إعادة ترشحي هو استكمال ما بدأناه".
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول في البيت الأبيض، قال بايدن ردًا على سؤال بشأن سنه: "الناخبون الأمريكيون سيشهدون سباقًا، وسيحكمون على ما إذا كنت أمتلك ما هو مطلوب أم لا. أنا أحترمهم إذا ألقوا نظرة فاحصة على سني. لقد ألقيت نظرة فاحصة عليه قبل أن أقرر الترشح لولاية جديدة، وأشعر بأنني بحالة جيدة، وأشعر بالحماسة".
وأضاف ممازحًا: "في ما يتعلق بالسن، لا أستطيع حتى أن أقول إنني أخمن كم سِني... لا أستطيع حتى أن أقول الرقم".
قواعد اللعبة
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أنه رغم أن الحملة التمهيدية للحزب الديمقراطي لا تزال في مراحلها الأولى، فإن بايدن يجهز نفسه بالفعل لخوض المنافسة ضد ترامب مجددًا.
ونوهت إلى أن بايدن أطلق مؤخرًا حملته الرئاسية الرابعة والأخيرة -ترشح للانتخابات الرئاسية من دون جدوى عامي 1988 و2008 قبل فوزه عام 2020- من خلال فيديو مدته ثلاث دقائق، على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد وضع الفيديو "عالي الإنتاج" ترامب في المقدمة وفي المنتصف، ما يؤكد الدور المركزي الذي من المرجح أن يلعبه الرئيس السابق في الانتخابات المقبلة.
ومما يكشف مدى اعتماد بايدن على التحذير من ترامب، ومن ثمّ إعادة انتخابه، أن الفيلم افتُتح بصور دخانية في 6 يناير 2021، عندما اقتحمت حشود من أنصار ترامب مبنى الكابيتول، وقاطعت التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.
وفي إشارة إلى عبارة ترامب الشهيرة "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" ، حذر بايدن من "متطرفي ماغا" الذين يقول إنهم "يصطفون" لمهاجمة "الحريات الأساسية" التي تتمتع بها الولايات المتحدة، وأبرزها لاشك "الحق في التصويت".
وقد رددت الرسالة صدى حملة بايدن الفائزة لعام 2020، وكذلك انتخابات التجديد النصفي العام الماضي، عندما تحدى الديمقراطيون توقعات "الموجة الحمراء" للجمهوريين، واستمروا في السيطرة على مجلس الشيوخ الأمريكي.
ووصفت الصحيفة البريطانية هذه السياسة، بأنها "قواعد اللعب" التي يعتمد عليها الديمقراطيون للاحتفاظ برئاسة البيت الأبيض.
ونقلت عن الكاتبة الصحفية آمي والتر، ناشرة تقرير كوك السياسي غير الحزبي: "يراهن الديمقراطيون على أن سِن بايدن سيكون أقل أهمية لدى الناخبين، حال المواجهة مع ترامب".
ورأت أن الديمقراطيين واثقون إلى حد كبير بأنه مع وجود ترامب على رأس قائمة 2024، فإن الناخبين المتأرجحين سيميلون مرة أخرى إلى بايدن.
كما أظهر استطلاعًا لصحيفة وول ستريت، أن الناخبين الذين لا يؤيدون ترشح ترامب وبايدن مجددًا، يفضلون بايدن بهامش كبير، 54 إلى 15 في المئة، إذا اضطروا في النهاية إلى الاختيار بينهما.
ما يخدم بايدن أيضًا هذه المرة، اتحاد الديمقراطيين خلفه، لهزيمة ترامب مجددًا، خصوصًا أنه نجح في الحفاظ على تماسك الحزب، في وقت كانت أغلبية الترشيحات تصب في صالح ترامب، في إشارة إلى أن الرئيس السابق كان المرشح الأبرز للفوز بالانتخابات السابقة عام 2020.
تحدي السن
ورغم كل ذلك، فإن "فايننشال تايمز" ترى أن سِن بايدن مازال تحديًا كبيرًا أمام استمراره على رأس السلطة في الولايات المتحدة، لأنه سيقف عائقًا أمام حركته وانتقاله من ولاية إلى أخرى، مشيرة إلى أنه استفاد عام 2020 جزئيًا بسبب قيود جائحة كورونا، التي حدت من السفر والحملات الشخصية.
ونوهت الصحيفة إلى أن سِن بايدن ضمن الحملات المركزية للجمهوريين، مستشهدة بتصريحات المرشحة الجمهورية لانتخابات الرئاسة الأمريكية، نيكي هايلي، الأخيرة، التي قالت فيها: إن الرئيس الحالي، جو بايدن، قد لا يستطيع العيش حتى آخر الولاية الثانية له في البيت الأبيض، حال أعيد انتخابه مرة أخرى.
وقالت نيكي هايلي، في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، إن الشخص الذي يريد منح صوته لبايدن، عليه أن يضع في الحسبان أنه يصوت لكمالا هاريس من الناحية الفعلية، مضيفة أنه من غير المحتمل أن يستطيع العيش حتى السادسة والثمانين.
وبموجب الدستور الأمريكي، فإن نائب الرئيس هو الذي يتولى مهام الرئيس، حال شغور المنصب.
وأمام ذلك، يُسارع عديد من الديمقراطيين إلى الدفاع عن الرئيس، قائلين إنه في حين أنه قد يكون أكبر سنًا، إلا أنه يتمتع بالقدرة العقلية والبدنية على التحمل، أربع سنوات أخرى في البيت الأبيض.
من التحديات التي قد تواجه بايدن أيضًا، بعيدًا عن سِنه، الركود الاقتصادي المتوقع خلال هذا العام، بخلاف ارتفاع سقف الديون، ووصول التضخم إلى أرقام قياسية، وهي أمور قد تقف عائقًا أمام إعادة انتخابه.
وحسب الصحيفة البريطانية، لا ينحسر جدل سِن بايدن بين الجمهوريين فقط، بل ثمة ديمقراطيون كثيرون كانوا يفضلون ألا يترشح الرئيس الحالي مجددًا، بسبب سِنه.
فقد أظهر استطلاع لمركز نورك لبحوث الشؤون العامة، أن 47 في المئة فقط من الديمقراطيين، يؤيدون ترشح بايدن.
ويقول معارضو ترشح بايدن، إنه متقدم في السن، كما أن علامات عدة للمرض ظهرت عليه، بحسب قولهم، حيث ظهر الرئيس الحالي أكثر من مرة "شارد الذهن" غير قادر على التركيز.
لكن بايدن دافع عن صحته، وقال في مقابلة صحفية إنه يتمتع بالصحة، التي تتيح له أن يؤدي واجباته في البيت الأبيض، على أكمل وجه.