حرب الوجبات الخفيفة تشعل التنافس على منصب رئيس أمريكا مبكرًا... كيف كان أداء بايدن؟

كثيرًا ما يسافر بايدن عبر البلاد، ويتوقف عند متاجر تاكو المحلية ومحلات الآيس كريم، للحصول على وجبات سريعة والتقاط الصور والدردشة مع الموظفين.

حرب الوجبات الخفيفة تشعل التنافس على منصب رئيس أمريكا مبكرًا... كيف كان أداء بايدن؟

ترجمات - السياق

من شطائر البرغر مرورًا بالمخبوزات و«الآيس كريم»، وجد الرئيس الأمريكي جو بايدن من العلامات التجارية، التي نمت في عهده بصورة كبيرة، وسيلة لتعزيز صورته رئيسًا للجميع.

فاعتياد المطاعم الصغيرة، أصبح وسيلة لبايدن لتسليط الضوء على الأعمال التجارية الجديدة، التي افتتحت خلال إدارته، إلا أنه اتخذها مؤخرًا كأحد أساسيات برنامجه الانتخابي لولاية رئاسية جديدة، كدليل على سجله الاقتصادي «المتميز».

تلك السياسة التي تطمح إلى الاستفادة من المصالح التجارية التي نمت في عهده بشكل ملحوظ، قالت عنها صحيفة واشنطن بوست، إنها يمكن أن تشكل الصورة العامة للرئيس، وتمنحه مزيدًا من التأييد العملي.

وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن مساعدي بايدن يخططون لمواصلة عرض النجاحات، التي حققتها الشركات الصغيرة والكبيرة على الجمهور، أثناء عرض سجله الاقتصادي رئيسًا خلال الأشهر المقبلة، كمحاولة لدعم جهوده الانتخابية قبل الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل.

 

نجاح الخطط

واستدلت «واشنطن بوست»، على رؤيتها بنشر الرئيس بايدن مقطع فيديو عبر «تويتر» يتضمن محادثته مع مطعم «غوست برغر»، كجزء من حملة البيت الأبيض للاحتفال بأكثر من 10 ملايين شركة جديدة أنشئت منذ توليه منصبه، وعلق عليها الرئيس حينها بقوله: «مزيد من الأدلة على نجاح خطتنا الاقتصادية».

ففي يناير الماضي، فاجأ الرئيس الأمريكي جو بايدن عاملة مطعم محلي في العاصمة واشنطن باسم «غوست برغر»، بطلب وجبة الغداء له ولنائبته كامالا هاريس، للاحتفال برقم قياسي لطلبات الأنشطة التجارية الصغيرة.

حينها كتب البيت الأبيض عبر «تويتر»: «الرئيس فاجأ مطعم غوست برغر في واشنطن بطلب شطائر البرجر والبطاطس المقلية له ولنائبته، للاحتفال بمرور عامين على تحطيم الأرقام القياسية لتطبيقات الأعمال التجارية الصغيرة».

 

رد فعل غير مسبوق

وقالت «واشنطن بوست»، إنه سرعان ما سلط مالكو المطعم الضوء على طلب بايدن، عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به، ما أسهم في رد فعل غير مسبوق.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن جوش فيليبس، أحد مالكي مطعم غوست برغر، قوله: «بعد أسبوعين من أمر الشراء الصادر عن الرئيس ارتفعت مبيعاتنا 100% تقريبًا»، مضيفًا: «الزبائن كانوا يصرون على طلب الشطائر نفسها التي طلبها الرئيس بايدن».

لم تكن تلك المرة الأولى التي يظهر فيها بايدن كمستهلك عادي، فالرئيس الأمريكي توقف لشراء المثلجات «الآيس كريم» خلال جولة له بولاية أوهايو عام 2021.

وبعد أن سألته إحدى المواطنات بطريقة لطيفة عن نكهة الآيس كريم التي أخذها، أجابها «كوكيز بالشوكولاتة»، ثم تناول قطعة منها وسط ضحكات المواطنين وتفاعلهم.

وفي واقعة ثالثة، ظهر بايدن يرتدي النظارات الشمسية من «راي بان»، بينما شوهد يقود إحدى السيارات الكهربائية الجديدة لتجربتها، وكثيرًا ما تحدث عن حبه لسيارته شيفروليه كورفيت ستينغراي من إنتاج عام 1967.

وتقول «واشنطن بوست»، إنه كثيرًا ما يسافر بايدن عبر البلاد، ويتوقف عند متاجر تاكو المحلية ومحلات الآيس كريم، للحصول على وجبات سريعة والتقاط الصور والدردشة مع الموظفين، مشيرة إلى أنه بعد أيام قليلة من تنصيب بايدن عام 2021، توقف موكبه أمام متجر (ماما ديلي) لبيع الخبز في واشنطن، الذي يتردد أن جيف زينتس الرئيس الجديد لموظفي البيت الأبيض شارك في تأسيسه.

 

رعاية الشركات الصغيرة

تقول الصحيفة الأمريكية، إن عديد الرؤساء الأمريكيين حرصوا على رعاية الشركات الصغيرة ودعمها، في طريقة تهدف إلى إظهار مشاركتهم المجتمع الأمريكي في كل شيء، كرؤساء للجميع، ومن ناحية أخرى، لاستغلالها كدافع سياسي.

الرئيس الأسبق باراك أوباما كان -كذلك- حيث شوهد يتناول طعامه في أكثر من مطعم، بينها «كيني بي بي كيو سموك هاوس» الصغير في كابيتول هيل، إضافة إلى أنه شوهد بصحبة بايدن (حينما كان نائبه) في مطعم «دوغ تاغ بيكري» وطلبا سندويش لحم خنزير وغرويير لكل منهما، وقال أوباما مازحًا: «جو سيدفع الحساب».

ولم يقتصر الأمر عند بايدن وأوباما، بل إن الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش تناول العشاء في مطعم  بيكينغ جورميه إن، في مركز تجاري متواضع خارج واشنطن، وهو مكان يتردد إليه والده أيضًا.

لكن قليلًا من هؤلاء الرؤساء اعتاد المطاعم الصغيرة وصالات الآيس كريم، أو أظهروا عادتهم في الوصول إلى المتاجر والمحلات المحلية، بانتظام مثل بايدن، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن هذه الممارسة أساسية لصورة بايدن السياسية، كأمريكي عادي نشأ في سكرانتون، ببنسلفانيا.

ولفتت إلى أن هذه الأمور (كاعتياد المطاعم الصغيرة) أصبحت وسيلة لبايدن لتسليط الضوء على الأعمال التجارية الجديدة التي افتتحت خلال إدارته، مؤكدة أن بايدن ومنافسيه في الحزب الجمهوري يعمدون إلى الأسلوب نفسه، لكنهم يهاجمون الشركات في بعض الأحيان، لإيصال بعض الرسائل.

وقال بايدن بفيديو في يناير الماضي: «لديّ أنباء رائعة... 10.4 مليون شخص تقدموا بطلبات لبدء مشروع تجاري جديد... هذا أكثر من أي وقت في التاريخ الأمريكي في فترة واحدة... 10.4 مليون مشروع تجاري صغير».

وعن تصريحات بايدن، قالت «واشنطن بوست»: «في عصر تجد فيه حتى أكبر العلامات التجارية الأمريكية، بما فيها ديزني و كوكا كولا، نفسها عالقة في النقاشات المستقطبة والصراعات الثقافية في البلاد، فإن أغلبية هذه الشركات تنأى بنفسها بعيدًا عن ربط اسمها أو علامتها التجارية بأي رئيس».

 

جولات بايدن

ولأهمية هذه التفاعلات لشعبية الرئيس، ذكرت "واشنطن بوست" أن بايدن قام في أكتوبر الماضي، برحلة تسوق مرتجلة إلى متجر الملابس الرجالية "جوس. أ. بنك" بالقرب من منزله في ولاية ديلاوير.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن رئيس «تايلورد براندز» الشركة الأم لـ«جوس. أ. بنك» جون تيغي، قوله: «لقد فوجئنا بالرئيس بايدن داخل متجرنا، ووقف في طابور طويل ينتظر دوره لتفقد بعض البضائع».

لكن جوس.أ. بانك اختار النأي بنفسه بعيدًا عن أي علاقة تربطه بالرئيس، سعيًا منه للبقاء بعيدًا عن أي صراع سياسي محتمل لاسم الرئيس، فأحجمت الشركة عن إعلان زيارة بايدن في أكتوبر الماضي، كما ظلت صامتة بعد رحلته الثانية إلى المتجر نفسه في ديسمبر الماضي.

ويقول تيغي: «نحن فخورون بوجود عديد الشخصيات البارزة التي تتسوق منا على مر السنين»، مضيفًا أن سياسة الشركة مع العملاء «احترام حقهم في الخصوصية ومعاملة الجميع، بمن في ذلك الرئيس».

ورفض الكشف عما إذا كانت زيارات بايدن إلى جوس.أ. بانك أدت إلى زيادة المبيعات، قائلاً إن بائع التجزئة «رأى اهتمامًا من العملاء ومبيعات عبر محفظة متاجرنا قبل زيارة الرئيس وبعدها».

وأشارت الصحيفة إلى أن سلف بايدن، دونالد ترامب -الذي يتنافس على إطاحته عام 2024- عومل بحذر أكثر من الشركات التي يُفضلها، مؤكدة أنه مع استعداد بايدن لمحاولة إعادة انتخابه، يتجه بشكل ملحوظ أكثر من أي وقت مضى إلى الشركات والعلامات التجارية، لعرض سجله الاقتصادي وجانبه الشخصي.

 

شعبية الرئيس

ولتوضيح أهمية هذه الجولات لشعبية الرئيس، نقلت "واشنطن بوست" عن راسل رايلي، مؤرخ رئاسي في مركز ميلر بجامعة فيرجينيا، قوله: هذه الجهود للتنقل في سياسات البيع بالتجزئة وسيلة للمرشحين لتحديد مواقعهم في المشهد الثقافي والاجتماعي للبلاد.

وأضاف: «هناك ديناميكية مثيرة للاهتمام بين صورة الرئيس والمنتجات التي يستخدمها، أو المؤسسات التي من المعروف أن الرئيس يتردد إليها»، متابعًا: «يمكن للرئيس تشكيل صورته العامة اعتمادًا على المنتجات التي يستخدمها، ومن ثمّ يمكن الاستفادة من المصالح التجارية (أو عدم الاستفادة منها) من خلال الحصول على التأييد العملي من الرئيس».

وقالت دينا روبيو، مالكة مطعم دون رامون في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا، أمام لجنة بمجلس النواب العام الماضي: «صندوق الليمون الذي كنت أشتريه بـ 30 دولارًا يكلفني الآن 90 دولارًا»، مضيفًا: «لقد اضطررت إلى رفع الأسعار للحفاظ على أرباحي، ما أدى إلى نفور زبائني أصحاب الدخل الثابت، لأنهم لم يتفهموا المأزق الذي أعيشه».

واستشهد المشرِّعون الجمهوريون بكلماتها في التقرير الذي أصدرته اللجنة في ديسمبر الماضي، قائلين: «لسوء الحظ، قصص مثل روبيو شائعة بأمريكا في الوقت الحالي».

 

جولات ترامب

لم يتوقف الأمر عند بايدن لاستغلال هذه الجولات شعبيًا، فقد أشارت «واشنطن بوست» إلى أن ترامب، الذي تعهد أيضًا بخفض الأسعار إذا أعاده الناخبون إلى البيت الأبيض، توقف مؤخرًا أمام مطعم يدعى (زيستو) في ويست كولومبيا، بولاية ساوث كارولينا، لالتقاط صور سيلفي وطلب وجبات سريعة.

ونشر أحد مساعدي ترامب لحظة وقوف الأخير أمام المطعم على وسائل التواصل الاجتماعي، وحظي بردود فعل كبيرة جدًا، وتضمن المقطع سؤالًا لأحد موظفي المطعم موجهًا حديثه للرئيس الأمريكي السابق: «هل تنصح بهذا الطعام؟»، بينما وعدته سيدة أخرى بأنها سوف تصلي من أجل عودته إلى البيت الأبيض.

كما نشر أصحاب المطعم صورًا لزيارة ترامب المفاجئة في "فيسبوك" و"إنستغرام" و"تويتر"، وكتبوا: «لكل من يريدون أن يعرفوا ما حدث، فقد طلب 10 وجبات خفيفة بيضاء و10 مخاريط مغموسة بالشوكولاتة له ولفريقه».

تأتي هذه الجولة، رغم أن ترامب ابتعد -إلى حد كبير- عن المؤسسات المحلية، خلال السنوات الأربع التي قضاها في منصبه، واختار تناول الطعام ولعب الجولف في ممتلكاته الخاصة بعيدًا عن الشارع.

ولفتت الصحيفة إلى أن الشركات التي تقف وراء المنتجات التي تبناها ترامب، خلال رئاسته - بما في ذلك دايت كوكس وشاربيز وبيغ ماك- كانت مترددة في تأييد الرئيس لها، حتى لا تتضرر علامتها التجارية بأي إخفاق سياسي لاحق.

وبينت أنه عند تصوير تايلور جورميه أحد مالكي مطعم برغر كنغ، وهو يصافح ترامب عام 2017 خلال مائدة مستديرة بالبيت الأبيض حول الأعمال الصغيرة، واجه متجر الساندويتشات في العاصمة ذات الأغلبية الديمقراطية على الفور احتجاجًا على "تويتر" ودعوات للمقاطعة، ما أدى إلى تراجع مبيعاته.

لكن في الأسابيع الأخيرة، سعى ترامب إلى بدء تسويق نفسه مرة أخرى لجمهور أوسع، فنجحت حملته في الضغط لإعادة حساباته على "فيسبوك"، و"إنستغرام".

وختمت «واشنطن بوست» تقريرها بقولها: «مع تسرب الاستقطاب السياسي إلى عالم التجارة، أصبحت العلاقة بين السياسيين ورجال الأعمال أكثر صعوبة»، خوفًا من تأثير الاستقطاب السياسي في مبيعات هذه الشركات.