واشنطن تحقق في إفلاس سيليكون فالي... هل استولى قادة البنك على ودائعه؟

إيداعات الأوراق المالية تُظهر أن بيكر وبيك، المدير المالي، باعا الأسهم في الأسبوع السابق لانهيار البنك، مشيرة إلى أن بيكر مارس خيارات على 12451 سهمًا في 27 فبراير وباعها في اليوم نفسه، محققًا نحو 2.3 مليون دولا

واشنطن تحقق في إفلاس سيليكون فالي... هل استولى قادة البنك على ودائعه؟

ترجمات - السياق

كارثة اقتصادية كبيرة هزت الولايات المتحدة، بإفلاس بنك وادي السيلكون (إس بي في)، دفعت وزارة العدل الأمريكية، لفتح تحقيق في القضية، يستهدف خصوصًا مبيعات الأسهم الأخيرة من جانب عدد من قادة المصرف، بحسب صحيفة وول ستريت الأمريكية، وفقًا لمطلعين على الأمر.

الاتهامات

وأفادت الصحيفة بأن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية التي تشرف على الأسواق المالية، أطلقت هذا التحقيق، بعد أن استولى المنظمون على البنك المُقرض في كاليفورنيا الأسبوع الماضي، وسط تدفق تاريخي على ودائعه، مشيرة إلى أن التحقيقات لا تزال في مرحلة أولية، وقد لا تؤدي إلى توجيه اتهامات بشكل رسمي.

مخاوف

وعمقت أسهم مجموعة "إس في بي فاينانشيال"، هبوطها قبل تعليق تداولها في تعاملات ما قبل السوق، في ظل الأنباء المتعلقة بها، حيث أوصى مستثمرو رأس المال، الشركات بسحب أموالها من البنك، ما أثار مزيدًا من المخاوف بشأن الصحة المالية والسيولة في القطاع المصرفي الأوسع.

خسارة كبيرة

وانخفض سهم "إس في بي" بنسبة تصل إلى 69% في تعاملات ما قبل السوق، الجمعة، بعد إعلان الشركة القابضة للبنك- الذي يقع مقره في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا- بشكل مفاجئ، الأربعاء، أنها ستصدر أسهمًا بـ 2.25 مليار دولار لتعزيز مركزها الرأسمالي بعد الخسارة الكبيرة التي تكبدتها محفظتها الاستثمارية.

عوامل الإفلاس

وتسببت الصدمة في ضغوط بيعيه حادة على أسهم البنوك الأمريكية، التي هبطت بأكبر قدر منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، كما واصلت تراجعها أثناء تعاملات ما قبل فتح السوق الأمريكية، الجمعة.

وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن العامل الذي سرّع إفلاس بنك سيليكون فالي المقرّب من الشركات الناشئة، هو سحب مبالغ كبيرة جدًا من زبائن يملكون أكثر من 250 ألف دولار في حساباتهم، وهو المبلغ الأقصى الذي تضمنه المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع "إف دي آي سي".

أمام ذلك، وُضع المصرف، الجمعة، تحت إشراف هذه المؤسسة "إف دي آي سي"، ما شكّل أكبر إفلاس مصرفي بالولايات المتحدة منذ الأزمة المالية عام 2008.

تفاصيل التحقيقات

وعن تفاصيل التحقيقات، نقلت "وول ستريت جورنال" عن مصادر تأكيدها أن التحقيقات تشمل أيضًا مبيعات الأسهم التي قام بها مسؤولو "إس في بي فاينانشال" قبل أيام من انهيار البنك، مشيرين إلى أن تحقيق وزارة العدل يشمل المدعين العامين للاحتيال بالوزارة في واشنطن وسان فرانسيسكو.

كانت السلطات التنظيمية الأمريكية قد أعلنت -الأسبوع الماضي- السيطرة على أعمال البنك، الذي يركز على شركات التكنولوجيا، بعد أن شهد موجة ذعر دفعت المودعين لسحب أموالهم بوتيرة حادة.

وانهار "بنك سيليكون فالي"، المقرض الرئيس للشركات الناشئة في الولايات المتحدة منذ الثمانينات، بعد تهافت مفاجئ على سحب الودائع، ما دفع الهيئات الناظمة لوضع اليد عليه.

وبينت "وول ستريت جورنال" أن الرئيس التنفيذي لـ "إس في بي فاينانشيال غروب"، جريغ بيكر والمدير المالي دانيال بيك، لم يستجيبا لطلبات التعليق، كما رفض المتحدثون باسم لجنة الأوراق المالية والبورصات، ومكتب المدعي العام الأمريكي في سان فرانسيسكو والقسم الجنائي بوزارة العدل، التعليق أيضًا على التحقيقات الجارية.

من الازدهار إلى الانهيار

في المقابل، يحقق المنظمون في ولاية ماساتشوستس في تداول المديرين التنفيذيين وما عرفوه أو قالوه عن أعمال البنك في 90 يومًا قبل انهياره، وفقًا لوزير الكومنولث ويليام غالفين، الذي يشرف على قسم الأوراق المالية في الولاية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل انهيار "إس في بي"، الأسبوع الماضي، والاستيلاء عليه من شركة تأمين الودائع الفيدرالية، كان يقدم خدماته إلى عالم الشركات الناشئة المنعزل والمستثمرين الذين يمولونها، لافتة إلى أن ودائع البنك ازدهرت مع صناعة التكنولوجيا، حيث ارتفعت بنسبة 86% عام 2021 لتصل إلى 189 مليار دولار.

أسباب الأزمة

ورأى تقرير "وول ستريت جورنال" أن سبب الأزمة التي تعرض لها البنك -وهي أكبر عملية انهيار لبنك أمريكي منذ الأزمة المالية عام 2008- أن ودائعه تضاعفت أكثر من 4 مرات خلال 4 سنوات (من 44 مليار دولار عام 2017 إلى 189 مليارًا نهاية 2021)، بينما نمت قروضه التي يقدمها للشركات الناشئة من 23 مليار دولار إلى 66 مليارًا.

وأوضحت الصحيفة أن البنك وقع ضحية  للتدفق على الودائع، مشيرة إلى أن العملاء حاولوا سحب 42 مليار دولار -نحو ربع إجمالي ودائع البنك- يوم الخميس وحده، ما أسهم في تدمير تدفق السحوبات المالية للبنك.

وأضافت: "لقد ضُخت كميات كبيرة من الودائع في سندات الخزانة الأمريكية وغيرها من سندات الدين، التي ترعاها الحكومة والتي انخفضت قيمتها السوقية مع رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، العام الماضي".

تفاؤل لم يحدث

كانت شركة "إس في بي فاينانشال" قد حذرت -في تقريرها السنوي الأخير للمستثمرين- من أن أعمالها تركز بشكل كبير على إقراض الشركات الجديدة في مجالات التكنولوجيا وعلوم الحياة والرعاية الصحية، ما قد يؤدي لأي انهيار في أي لحظة جرّاء الظروف الاقتصادية الراهنة.

وجاء في التقرير أن "تركيزات قروضنا مستمدة من دخول المقترضين في أنشطة مماثلة يمكن أن تتسبب في تأثر هؤلاء المقترضين بالمثل بالظروف الاقتصادية الراهنة".

ورغم ذلك، أعرب الرئيس التنفيذي للشركة "جريغ بيكر" عن تفاؤله قبل أيام من انهيار البنك، قائلاً خلال أحد المؤتمرات الأسبوع الماضي، إنه "وقت رائع للانطلاقة"، مشيرًا إلى أن تركيز البنك على تلك الصناعات لم يسبب مخاطر اقتصادية.

ما قبل الانهيار

وبينت "وول ستريت جورنال" أن إيداعات الأوراق المالية تُظهر أن بيكر وبيك، المدير المالي، باعا الأسهم في الأسبوع السابق لانهيار البنك، مشيرة إلى أن بيكر مارس خيارات على 12451 سهمًا في 27 فبراير وباعها في اليوم نفسه، محققًا نحو 2.3 مليون دولار.

وحسب المصادر، باع بيك ما يزيد قليلاً على 575000 دولار من الأسهم في 27 فبراير، أي ما يقرب من ثلث ممتلكاته في الشركة.

وأشارت إلى إجراء البيعين بموجب ما تسمى خطط (10 بي 5 - 1) التي قُدمت قبل 30 يومًا، إذ تسمح هذه الخطط للمطلعين بجدولة مبيعات الأسهم مسبقًا، لردع أي مسؤولية عن التداول على المعلومات غير العامة.

أمام ذلك، شددت لجنة الأوراق المالية والبورصات (إس إيه سي) القواعد الخاصة بالخطط، التي تشمل فترة انتظار 90 يومًا قبل تنفيذ المبيعات.

وبالفعل، دخلت القواعد الجديدة حيز التنفيذ في 27 فبراير، وهو اليوم نفسه الذي باع فيه المسؤولون التنفيذيون أسهمهم.

تهمة التداول

كانت لجنة الأوراق المالية والبورصات أنشأت قواعد جديدة، دخلت حيز التنفيذ في 27 فبراير وتنطبق على الخطط المقدمة في 1 أبريل.

وتشمل القواعد -حسب الصحيفة- مزيدًا من الإفصاح والشفافية والجداول الزمنية للمبيعات المجدولة، وتفرض "فترة تهدئة" مدتها 90 يومًا بين تاريخ الإيداع والبيع الأول.

وبموجب القواعد الجديدة، لن يُسمح بمبيعات بيكر، التي جاءت بعد شهر واحد فقط من تقديمه.

ووفق "وول ستريت جورنال" فإن هيئة الأوراق المالية والبورصات قد أرسلت رسالة قوية إلى البائعين الداخليين الشهر الماضي عندما وجهت إلى تيرين بيزر، الرئيس التنفيذي لشركة أونتراك، تهمة التداول من الداخل لبيع أسهم بأكثر من 20 مليون دولار من أسهم الشركة قبل أن تنخفض بنسبة 44%.

وبينت الصحيفة أن شكوى هيئة الأوراق المالية والبورصات تزعم أن بايزر كان على علم بالخسارة المحتملة لأكبر عميل للشركة عندما وضع خطة البيع في مايو 2021.

انتقادات حرجة

كما تعرض بيكر وغيره من المسؤولين التنفيذيين في "إس في بي" لانتقادات لتلقي مكافآتهم السنوية، الجمعة، قبل ساعات قليلة من إغلاق المنظمين للبنك.

والأحد الذي تلاه، أبرمت الحكومة الأمريكية صفقة لدعم المودعين في سيليكون فالي وبنك سيجنتشر، الصديق للعملات المشفرة.

ووفقًا للقاعدة النهائية للجنة الأوراق المالية والبورصات، يمكن للمطلعين الاستفادة من القواعد الأقدم والأقل صرامة -بما في ذلك تجنب فترة الانتظار البالغة 90 يومًا- طالما تداولوا بموجب خطط تم تبنيها قبل سريان القواعد الجديدة.

بينما طلب المنظمون في ولاية ماساتشوستس معلومات مُفصلة عن خطط تداول المديرين التنفيذيين، من خلال أمر استدعاء صدر الاثنين الماضي، وفقًا لنسخة من طلب المستند.

وقد شغل بنك وادي السيليكون عديدًا من الفروع في ولاية ماساتشوستس، نتيجة شرائه بنك بوسطن الخاص عام 2021.

وتعليقًا على ذلك، قال غالفين: إننا مدينون لعملاء الخدمات المصرفية في ماساتشوستس والشركات التي قد تتأثر سلبًا بالتحقيق، مضيفًا: "لا أعتقد أننا قيمنا الضرر حتى الآن، وهذا ما نحاول القيام به".

انهيار مفاجئ

وأوضحت الصحيفة أن بنك وادي السيليكون (إس في بي) يعد البنك السادس عشر في الولايات المتحدة، بأصول تبلغ نحو 200 مليار دولار، وقد تدهور وضعه المالي على مدى سنوات، حيث سار في اتجاهين معاكسين، ثم انهار فجأة، لافتة إلى أن وضعه المالي شهد تدهورًا كبيرًا على مدى سنوات.

وبلغت حجم أصول البنك نحو 209 مليارات دولار من 31 ديسمبر، وفقًا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.

تهديد الشركات الناشئة

لكن انهيار "إس في بي" -ثاني أكبر فشل مصرفي في تاريخ الولايات المتحدة- أدى إلى تهديدات بإغلاق الشركات الناشئة وغيرها من الشركات التي أوقفت أموالها في البنك ولم تتوقع الوصول إلى كثير من أموالها.

وحسب الصحيفة، فقد تنفس العملاء الصعداء، بعد أن أعلنت وزارة الخزانة والمنظمون المصرفيون أنهم سيضمنون ودائع البنك، في خطوة تهدف إلى تعزيز الثقة المتزعزعة في النظام المصرفي الأمريكي.

وبينما لم تعد شركة "إس في بي فاينانشال" تسيطر على بنك سيليكون فالي، بعد أن سيطر المنظمون على البنك الجمعة، فإنه لا يزال لدى "إس في بي فاينانشال" ثلاثة قطاعات تشغيلية، بما في ذلك الخدمات المصرفية الاستثمارية وأذرع رأس المال الاستثماري التي تسعى إلى بيعها أو إعادة هيكلتها، وفقًا لإيداع الأوراق المالية.

المخاطر المالية

وحسب "وول ستريت جورنال" فإنه غالبًا ما تتضمن تحقيقات التنفيذ التي تجريها هيئة الأوراق المالية والبورصات، فحص ما إذا كانت الشركة قد كشفت بدقة المخاطر المالية أو الشكوك التجارية قبل وقوع حدث سلبي.

ونوهت إلى أنه عادةً ما يفحص المنفذون إفصاحات الشركة المنظمة والدورية، إضافة إلى بيانات الإدارة للمستثمرين أو المحللين في المكالمات الجماعية والمنتديات الأخرى.