أسوشيتد برس: قطر تعزز نفوذها في لبنان وسط أزمات عدة
الدوحة تعمل بصمت على توسيع نفوذها في لبنان، عبر استقبال القادة اللبنانيين، وضخ عشرات الملايين من الدولارات، لمساعدة الجيش وسط الانهيار الاقتصادي التاريخي.

ترجمات -السياق
قالت وكالة أسوشيتد برس، إن أغلبية دول الخليج حذت -في السنوات الأخيرة- حذو المملكة العربية السعودية و«نبذت» لبنان الذي ضربته الأزمة، بسبب النفوذ المتزايد لجماعة حزب الله المسلحة المدعومة من إيران، إلا أن قطر كانت الاستثناء الوحيد.
وأوضحت الوكالة الأمريكية، أن الدوحة تعمل بصمت على توسيع نفوذها في لبنان، عبر استقبال القادة اللبنانيين، وضخ عشرات الملايين من الدولارات، لمساعدة الجيش وسط الانهيار الاقتصادي التاريخي، الذي يضرب البلد العربي.
وأشارت إلى أن قطر، تلك الدولة الصغيرة الغنية بالغاز، بدأت أواخر يناير الماضي رؤية ثمار استثمارها، عندما حلت شركة قطر للطاقة المملوكة للدولة محل شركة روسية، في تحالف شركات دولي للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط، قبالة الساحل اللبناني.
لم يكن ذلك فحسب، بل إن قطر تنضم للمرة الأولى -الاثنين- إلى اجتماع في باريس، بجانب مسؤولين من فرنسا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، لإجراء مباحثات بشأن الأزمات السياسية والاقتصادية في لبنان، بحسب الوكالة الأمريكية.
وتقول «أسوشيتد برس»، إن الدوحة تصور نفسها على أنها قوة أكثر حيادية، في بلد استخدمت فيه قوى خارجية لعقود الانقسامات الطائفية في لبنان لخوض معارك بالوكالة، مشيرة إلى أنه طالما دعمت المملكة العربية السعودية، الفصائل السُّنية في لبنان في مواجهة النفوذ الإيراني من خلال حزب الله، بينما دفع التنافس لبنان مرارًا إلى حافة نزاع مسلح.
دفع المفاوضات
وبحسب الوكالة الأمريكية، فإن قطر التي تتمتع بعلاقات جيدة بإيران، تحاول دفع المفاوضات بين طهران ودول الخليج.
ونقلت «أسوشتد برس»، عن مدير مركز هاكوب كيفوركيان للشرق الأدنى محمد بزي، قوله إن إدراج قطر في المحادثات المقبلة، إشارة إلى أن إيران لن تُستبعد تمامًا من ذلك الاجتماع، إضافة إلى اعتراف بنفوذ طهران على لبنان».
وأضاف بزي: «مع مشاركة السعودية ودول الخليج بشكل أقل حدة في لبنان، تحاول قطر إحياء دورها كوسيط»، إلا أنه مع ذلك فإن قطر «لم تظهر حتى الآن سوى قليل من الدلائل على استعدادها لإنقاذ لبنان بمفردها».
ومنذ أواخر عام 2019، انهار الاقتصاد اللبناني تحت وطأة الفساد المستشري وسوء الإدارة، ما أدى إلى فقدان العملة المحلية (الليرة) أكثر من 90% من قيمتها، وأدى إلى سقوط معظم السكان في براثن الفقر.
ويطالب المانحون الدوليون، بما في ذلك قطر، الحكومة بتنفيذ إصلاحات للإفراج عن نحو 11 مليار دولار في شكل قروض ومنح، لكن السياسيين اللبنانيين قاوموا ذلك، لأن الإصلاحات ستضعف قبضتهم على البلاد.
تدخل ليس جديدًا
وتقول «أسوشيتد برس»، إن تدخل قطر في لبنان ليس جديدًا، فبعد الحرب التي استمرت 34 يومًا بين إسرائيل وحزب الله عام 2006، ساعدت الدوحة في إعادة بناء عديد من البلدات والقرى التي عانت دمارًا كبيرًا جنوبي لبنان، مشيرة إلى أنه نتيجة ذلك، ظهرت لوحات إعلانية ضخمة كُتب عليها «شكرًا لك يا قطر» في جميع أنحاء لبنان.
وفي مايو 2008، بعد أن حارب حزب الله وحلفاؤه خصومهم المدعومين من الغرب، بأسوأ قتال في بيروت منذ الحرب الأهلية (1975-1990)، سافر القادة السياسيون اللبنانيون إلى قطر، حيث توصلوا إلى «اتفاق الدوحة»، بحسب الوكالة الأمريكية، التي قالت إن الصفقة أنفقت جمودًا دام 18 شهرًا ومهدت الطريق أمام انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة.
استثمارات أجنبية
وفي ظل الهدوء الذي أعقب ذلك الاتفاق، تدفقت استثمارات أجنبية ضخمة، ونما الاقتصاد اللبناني 9% ثلاث سنوات، بحسب «أسوشيتد برس»، التي قالت إنه في ديسمبر 2018، افتتح الرئيس السابق ميشال عون المكتبة الوطنية اللبنانية، التي أعيد تأهيلها حديثًا في بيروت، بتمويل من قطر بـ 25 مليون دولار، التي وضعت حجر الأساس له في بيروت عام 2009، والدة الأمير الشيخة موزة بنت ناصر المسند.
وتقول الوكالة الأمريكية، إن السعودية انسحبت من لبنان في السنوات الأخيرة مع تنامي نفوذ حزب الله، مشيرة إلى أنه العام الماضي، أعلن الحليف الرئيس للمملكة في لبنان، رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، وهو لبناني سعودي، تعليق عمله في السياسة.
عام 2020، حظرت الرياض استيراد المنتجات اللبنانية، وبينما حذت دول خليجية أخرى حذوها، لكن قطر لم تفعل ذلك، بل ضاعفت استثماراتها مع انهيار الاقتصاد اللبناني، بحسب «أسوشيتد برس».
ضخ أموال قطرية
وقالت الوكالة الأمريكية، إن المستثمرين القطريين اشتروا فندق بيروت لو فيندوم الشهير المطل على البحر المتوسط عام 2020، بينما تحدثت تقارير عن أن الدوحة تخطط لضخ الأموال في القطاع المصرفي اللبناني المتعثر.
وفي يونيو الماضي، تبرعت قطر بـ 60 مليون دولار لدعم رواتب الجيش اللبناني، بحسب الوكالة الأمريكية التي قالت إن الدوحة كانت تدعم الجيش بإمدادات غذائية شهرية، مشيرة إلى أنه طالما كان تعزيز الجيش اللبناني سياسة للولايات المتحدة، التي ترى في قوته ثقلًا موازنًا لحزب الله.
وقبل أسبوع، وبعد ثلاثة أشهر من توقيع لبنان وإسرائيل اتفاقية الحدود البحرية بوساطة أمريكية، انضم وزير الطاقة القطري سعد شريدة الكعبي إلى المسؤولين اللبنانيين في بيروت، في حفل لتوقيع اتفاق لحصول قطر على 30% في تحالف شركات دولي للتنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية.
وقال الكعبي في المؤتمر الذي عُقد حينها: «بالنسبة لنا في قطر، تمنحنا هذه الاتفاقية المهمة فرصة لدعم التطورات الاقتصادية في لبنان خلال هذا المنعطف الحاسم".
ووفقًا للاتفاقية، فإن شركة قطر للطاقة ستستحوذ على 20% التي كانت ستحصل عليها شركة «نوفاتك» الروسية، إضافة إلى 5% لكل من شركة إيني الإيطالية العملاقة و«توتال إينرجي» الفرنسية.
سياسيًا، لم تدعم قطر أي حزب، لكن يقال إنها تدعم انتخاب قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، ليصبح الرئيس المقبل للبلاد، بحسب «أسوشيتد برس»، التي قالت إن الدوحة دعت جوزيف عون، الذي يعتقد أن حزب الله يعارض ترشيحه، إلى زيارتها في ديسمبر، للقاء مسؤولين رفيعي المستوى.
وقال الاقتصادي اللبناني أنطوان فرح، إن قطر كما تفعل في كثير من الأحيان، تعمل على تعزيز مصالحها الاقتصادية والسياسية، مشيرًا إلى أنها تضمن دخلًا من استثماراته،ا بينما تكتسب دورًا سياسيًا في البلد الذي تستثمر فيه.
لكن علي حمادة، الصحفي بصحيفة النهار اللبنانية اليومية، قال إن قطر، مثل دول الخليج الأخرى، سترغب في رؤية القادة السياسيين اللبنانيين يجرون إصلاحات جادة.
وأضاف الصحفي اللبناني: «على لبنان أن يساعد نفسه لكي يساعد العرب لبنان. لا يمكن للسياسيين اللبنانيين الجلوس وانتظار الأموال من السماء».