تصعيد متبادل.. ما أسباب استئناف حركة الشباب عملياتها الإرهابية في الصومال؟
تقول الخبيرة إيمان الشعراوي، في تصريحات لـ-السياق-، إن حركة الشباب الصومالية كثفت نشاطها الإرهابي في الآونة الأخيرة، في محاولة منها لتأكيد تأثيرها في المشهد السياسي.

السياق "خاص"
تنفيذ أحكام إعدام وتدفق الدعم الأمريكي لمساندة الجيش الصومالي، تطوران على طريق مقديشو، لمحاربة إرهاب حركة الشباب، التي صعدت عملياتها الإرهابية في البلد الإفريقي.
وتبنت حركة الشباب الصومالية -خلال اليومين الماضيين- هجومًا انتحاريًا استهدف مسؤولين وسط مدينة بارطيري، كانوا يخططون لشن هجوم ضدها، إضافة إلى هجوم بسيارة تحمل متفجرات، استهدف دار الضيافة في المدينة، ما أسفر عن مصرع 10 أشخاص علي الأقل وإصابة آخرين بجروح، بينهم محافظ إقليم غدو أحمد بولي غريد وقائد الفرقة الـ43 بالجيش الصومالي العقيد أحمد عبدالله حرسي.
تلك التطورات قوبلت بأخرى من الحكومة الصومالية والجيش، تمثلت في تنفيذ محكمة عسكرية صومالية، الخميس، أحكام الإعدام رمياً بالرصاص في أكاديمية الشرطة الوطنية بالعاصمة مقديشو بحق 3 من مسلحي حركة الشباب الإرهابية.
دعم أمريكي
في السياق نفسه، أعلنت الولايات المتحدة تقديم دعم جديد للجيش الصومالي، في حربه ضد حركة الشباب، عبر مذكرة تفاهم لتطوير قدرات قوات الجيش وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وبحسب وكالة الأنباء الصومالية، فإن وزير الدفاع الصومالي عبدالقادر محمد نور، أبرم –الخميس- مع السفير الأمريكي في مقديشو لاري أندريه، مذكرة تفاهم لتعزيز كفاءة القوات الخاصة من الجيش الوطني، بهدف تنشيط العمليات العسكرية الرامية إلى تصفية ميليشيات حركة الشباب.
تلك التطورات التي تزامنت مع تصعيد «الشباب»، أثارت تساؤلات، عما إذا كانت الحركة الإرهابية ستكون قادرة على مواجهة تلك الصدمات، وأسباب نشاطها الإرهابي الذي تزايد على الساحة الصومالية.
وبحسب مراقبين، فإن تلك التطورات رسالة تؤكد استمرار الحرب بين «الشباب» والحكومة الفدرالية، مشيرين إلى أن جهود المفاوضات التي سربت قبل 3 أشهر، لم ترق إلى مرحلة اتخاذ خطوات لبناء الثقة.
أمريكا تعود إلى قطف الرؤوس في الصومال
تحولات للصعود
إلى ذلك، قالت مدير وحدة الدراسات الإفريقية بمركز المستقبل الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، الدكتورة إيمان الشعراوي، في تصريحات لـ«السياق»، إن حركة الشباب الصومالية كثفت نشاطها الإرهابي في الآونة الأخيرة، في محاولة منها لتأكيد تأثيرها في المشهد السياسي.
وعن أسباب تصعيد حركة الشباب عملياتها الإرهابية، قالت مديرة وحدة الدراسات الإفريقية بمركز المستقبل الإقليمي، إنها تتمثل في عدم نجاح المفاوضات مع الحكومة الصومالية، بعد الإعلان -لأول مرة من الحركة- عن رغبتها في التفاوض.
وأشارت إلى أن الحكومة رفضت شروط حركة الشباب، معلنة الاستعداد للتعامل مع من استسلم لقواتها، خاصة المقاتلين الصوماليين المنتمين لحركة الشباب، أما الأجانب فأكدت أنه لا خيار لديهم سوى الخروج من الصومال.
وبحسب مديرة وحدة الدراسات الإفريقية بمركز المستقبل الإقليمي، فإن بين أسباب تصعيد الحركة هجماتها الإرهابية، مساعيها لتعظيم وجودها ومكانتها، في ظل التغيرات السياسية بمقديشو، واتباع الرئيس الصومالي المنتخب حسن شيخ محمود، نهجًا أكثر حزما مع الجماعات الإرهابية.
إعادة بناء القدرات
وأكدت أن حركة الشباب عملت -خلال الأشهر الماضية- على إعادة بناء قدراتها العسكرية، بعد حالة الضعف واستنزاف القيادات، على وقع الضربات المكثفة التي وجهتها لها القوات الحكومية، ونهج قطف الرؤوس الذي تتبعه الولايات المتحدة.
وأشارت إلى أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدًا من الصدام بين «الشباب» والحكومة الصومالية، مؤكدة أن الحركة الإرهابية ستصعد من العمليات الإرهابية، بعد تنامي مصادر تمويلها الذاتية، التي تضاف إلى أخرى لها علاقة بالقرصنة وبيع المخدرات، مؤكدة أنه رغم الحملة الكبيرة التي تقودها القوات الحكومية، بمشاركة قوى إقليمية ودولية ضد حركة الشباب، فإن الحركة ما زال لديها كثير من أدوات القوة على أرض الواقع.
واختتمت الباحثة في الشأن الإفريقي، تصريحاتها بتأكيد ضرورة ممارسة الضغوط المكثفة والتضييق على حركة الشباب وعملية التمويل والحصول على السلاح اللازم، وتأمين الحدود بشكل جيد لمنع تسلل الإرهابيين عبر الحدود وتلقي التدريبات في الدول المجاورة والارتباط بالتنظيمات الإرهابية، والتعاون والاتحاد بين الحكومة والجيش والشعب، للقضاء على الجماعات الإرهابية.
الصومال بين مطرقة داعش وسندان الشباب... هل تنجح مقديشو في تحييد الإرهاب؟
«الشباب» تتكيف
من جانبه، أكد الكاتب اليمني المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية عاصم الصبري في تصريحات لـ«السياق»، أن حركة الشباب لن توقف أنشطتها، مشيرًا إلى أنها لم تجمد تحركاتها، لكنها أبطأت أنشطتها، في إطار التكيف مع العمليات العسكرية الحكومية ضدها.
وأوضح المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، أن حركة الشباب الإرهابية تنفذ -بين الحين والآخر- عمليات نوعية كتلك التي استهدفت المجمع الرئاسي، أو الفنادق في العاصمة الصومالية، مشددًا على أنها تهدف من هذه العمليات النوعية، لتسليط الضوء عليها إعلاميًا بشكل يومي، ما يدعم وجودها كرقم صعب في الدولة الصومالية على الأقل أمنيًا.
وأشار إلى أن حركة الشباب «قوية بما يكفي لجعلها ترفض الحوار مع السلطة الحاكمة»، مؤكدًا أن «مشروعها الفكري قائم على تكفير الحكومة».
وبحسب المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، فإن عودة التدخل الأمريكي عبر القصف الجوي بطائرات من دون طيار، أعاد لأنشطة حركة الشباب، ما وصفها بـ«شرعية» افتقدتها الفترة الماضية بين مقاتليها على الأقل.
وبينما قال إن الحديث عن مفاوضات بين الحركة والحكومة الصومالية خفت تمامًا، أشار إلى أنه لا يوجد ما يجبر «الشباب» على الجلوس للتفاوض مع الحكومة الفيدرالية، ما يجعل «الضغط العسكري» حلًا لا مفر منه، لطرد تلك الحركة من المناطق التي تسيطر عليها.