الأسد في الإمارات.. ومحمد بن زايد يبحث معه تعزيز علاقات البلدين

قال المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات ، إن موقف أبوظبي واضح بضرورة عودة سوريا إلى محيطها، عبر تفعيل الدور العربي.

الأسد في الإمارات.. ومحمد بن زايد يبحث معه تعزيز علاقات البلدين

السياق

بـ«طائرات حربية» وطلقات المدفعية، كانت رسائل الترحيب الإماراتية، باستقبال الرئيس السوري بشار الأسد، الذي حطت طائرته الأحد، في العاصمة الإماراتية أبوظبي.

وفي زيارة رسمية، ترافقه خلالها السيدة أسماء الأسد، في أول زيارة خارجية لها، كان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، في مقدمة مستقبلي الرئيس السوري، لدى وصوله مطار الرئاسة في أبوظبي.

وقالت وكالة الأنباء الإماراتية، إن طائرات حربية رافقت طائرة الرئيس السوري، لدى دخولها أجواء دولة الإمارات، ترحيباً بزيارته إلى البلد الخليجي، بينما أجريت للأسد مراسم استقبال رسمية لدى وصول موكبه قصر الوطن. 

ورافق الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، نظيره السوري إلى منصة الشرف، وعزف السلام الوطني لسوريا، بينما أطلقت المدفعية 21 طلقة، واصطفت ثلة من حرس الشرف تحية للرئيس الأسد.

وفود رسمية

رافق الرئيس بشار الأسد وفد يضم الدكتور سامر الخليل وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، ومنصور عزام وزير شؤون رئاسة الجمهورية، والدكتور بطرس حلاق وزير الإعلام، والدكتور أيمن سوسان معاون وزير الخارجية، والدكتور غسان عباس القائم بأعمال سفارة سوريا لدى الدولة.

والتقت قرينة الرئيس أسماء الأسد «أم الإمارات» الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، لدى وصولها قصر الوطن.

وعن تلك الزيارة، قال رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: أرحب بالرئيس بشار الأسد في الإمارات، مشيرًا إلى أنه أجرى مباحثات إيجابية وبناءة لدعم العلاقات الأخوية وتنميتها لمصلحة البلدين والشعبين الشقيقين مع الرئيس الأسد، بهدف تعزيز التعاون والتنسيق، في القضايا التي تخدم الاستقرار والتنمية في سوريا والمنطقة.

وقالت وكالة الأنباء الإماراتية، إن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بحث العلاقات الأخوية بين البلدين وسبل دفع التعاون والعمل المشترك البناء، الذي يسهم في تحقيق مصالحهما المتبادلة، إلى جانب عدد من القضايا محل الاهتمام المشترك.

ثقة إماراتية 

ورحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بداية جلسة المحادثات في قصر الوطن، بالرئيس بشار الأسد والوفد المرافق في بلده الثاني دولة الإمارات، مشيراً إلى أن الزيارة توافق الشهر ذاته للزيارة التي قام بها إلى الدولة في مارس الماضي.

وأعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بهذه المناسبة، عن خالص تعازيه إلى الرئيس والشعب السوري، في ضحايا الزلزال الذي شهدته سوريا، مؤكداً ثقته بقدرة دمشق وهمة أهلها على تجاوز هذه المحنة والتحدي، والانتقال بسوريا إلى مرحلة جديدة.

بينما قال المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات أنور قرقاش، الذي كان أحد مستقبلي الرئيس الأسد، عبر «تويتر»، إن موقف الإمارات واضح بضرورة عودة سوريا إلى محيطها، عبر تفعيل الدور العربي، وهو ما أكده الشيخ محمد بن زايد خلال استقباله الرئيس بشار الأسد. 

تعاضد عربي

وأضاف مستشار الرئيس الإماراتي أنه يكفي عقد ونيف من الحرب والعنف والدمار، مشيرًا إلى أن الوقت حان لتعزيز تعاون وتعاضد دولنا العربية، لضمان استقرار المنطقة وازدهارها.

وتابع: نهج الإمارات وجهودها نحو سوريا، جزء من رؤية أعمق ومقاربة أوسع، هدفها تعزيز الاستقرار العربي والإقليمي وتجاوز سنوات صعبة من المواجهة، مشيرًا إلى أن الأحداث المرتبطة بعقد الفوضى وتداعياتها، أثبتت أن عالمنا العربي أولى بالتصدي لقضاياه وأزماته، بعيداً عن التدخلات الإقليمية والدولية.

كيف ساندت دولة الإمارات سوريا؟

بعد كارثة الزلزال الذي ضرب سوريا في 6 فبراير الماضي، قادت دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أعادت فتح سفارتها في دمشق عام 2018، الاستجابة الإقليمية لتلك الكارثة البيئية، التي أودت بحياة أكثر من 3500 شخص في سوريا وحدها.

وكرَّست دولة الإمارات جهودها الإنسانية، لإغاثة المتضررين، بمساعدات عاجلة، قبل أن تتحول جهودها إلى عملية إغاثية شاملة متكاملة باسم «الفارس الشهم2»، أطلقت بموجبها جسرًا جويا إنسانيًا.

وبمختلف مؤسساتها العسكرية والأمنية والدبلوماسية والخيرية، تحركت دولة الإمارات على أكثر من صعيد وضمن أكثر من مسار، لتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من كارثة الزلزال.

كيف كسرت الإمارات العزلة المفروضة على سوريا؟

تلك التحركات لم تكن وليدة لحظة الزلزال، بل إن دولة الإمارات تقود -منذ قرابة عام ونصف العام- جهودًا حثيثة لإعادة سوريا إلى الحضن العربي، بدأتها في نوفمبر 2021، بإرسال وفد إماراتي رفيع المستوى بقيادة الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية والتعاون الدولي، إلى سوريا لينهي عمليًا عزلة دمشق العربية، في أول زيارة من نوعها منذ عام 2011.

وفي بيان صدر حينها، قالت الرئاسة السورية، إن الرئيس بشار الأسد بحث مع الشيخ عبدالله بن زايد والوفد المرافق له، العلاقات الثنائية بين البلدين، وتطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، مشيرًا إلى «المواقف الموضوعية والصائبة التي تتخذها الإمارات، التي وقفت دائمًا إلى جانب الشعب السوري.

زيارة الشيخ عبدالله بن زايد سبقها إعلان وزارة الخارجية الإماراتية في ديسمبر 2018، إعادة فتح سفارتها في العاصمة السورية دمشق وعودة بعثتها الدبلوماسية للعمل، في قرار لحقتها فيه البحرين.

المؤشرات سبقتها تحركات، أثمرت اتصالًا هاتفيًا للرئيس السوري بشار الأسد بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك، وتطورات الأوضاع في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى الملفات ذات الاهتمام المشترك، بحسب بيان نشرته -آنذاك- وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية.

وفي أول زيارة خارجية إلى دولة عربية منذ اندلاع الأزمة السورية، حطت طائرة الرئيس السوري بشار الأسد بدولة الإمارات، في مارس 2022.

تلك الزيارة فتحت الآفاق لكسر العزلة المفروضة على سوريا، حيث تلتها زيارة وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة إلى سوريا في يوليو 2022، بصفته مبعوثًا خاصًا لرئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون.

ولم تتوقف جهود دولة الإمارات لإعادة دمج سوريا في محيطها العربي، ففي 4 يناير 2023، استقبل الرئيس بشار الأسد، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي في دمشق، لبحث العلاقات الثنائية بين الإمارات وسوريا وسبل تعزيزها وتنميتها، من خلال التعاون المشترك على كل المستويات وفي مختلف الأصعدة، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين.

وفي أعقاب الزلزال الذي ضرب سوريا، تسارعت الخطوات العربية التي وضعت نواتها الأولى دولة الإمارات في تكثيف الزيارات الدبلوماسية إلى سوريا، ففي 9 فبراير 2023 زار وزير الخارجية البحريني عبداللطيف الزياني السفارة السورية في المنامة، لتقديم واجب العزاء في ضحايا الزلزال.

كما زار الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية في 12 فبراير سوريا، في زيارة دعم إنساني لسوريا، تلتها زيارة نائب رئيس الوزراء الأردني وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي إلى العاصمة السورية، في أول زيارة رسمية له منذ بداية الأزمة.

وبعد قرابة أسبوع من وصول الوفد الأردني دمشق، التقى الرئيس السوري بشار الأسد سلطان عمان السلطان هيثم بن طارق خلال زيارة عمل إلى مسقط في 20 فبراير الماضي، بينما اتفق الزعيمان على تعزيز التعاون الثنائي والنهوض به في المجالات كافة.

لم يكن هذا فحسب، بل إن وفد البرلمان العربي زار دمشق في 26 فبراير الجاري، والتقى الرئيس السوري في أكبر تجمع عربي بدمشق منذ قرار الجامعة العربية.

الوفد ضم رئيس الاتحاد العراقي محمد الحلبوسي ورؤساء مجلس النواب في الأردن وليبيا وفلسطين والإمارات ومصر، ورؤساء وفدي سلطنة عمان ولبنان، والأمين العام للاتحاد البرلماني العربي.

المحطة الأخيرة

وأواخر فبراير الماضي، زار وزير الخارجية المصري سامح شكري دمشق، لـ«نقل رسالة تضامن من مصر»، عقب الزلزال الذي ضرب سوريا، بحسب بيان الخارجية المصرية -آنذاك- الذي أكد أن رئيس الدبلوماسية المصرية أكد استعداد مصر لتقديم يد العون والمساعدة للمتضررين في المناطق المنكوبة بالبلدين.

كانت آخر محطات الخطوات العربية المتلاحقة، لإعادة فتح أبواب دمشق على العالم العربي، زيارة الرئيس السوري وقرينته، العاصمة الإماراتية أبوظبي.