منعًا لانهياره... بنوك أمريكية تضخ 30 مليار دولار في فيرست ريبابليك

مجموعة تضم 11 مصرفًا أمريكياً تقرر إيداع 30 مليار دولار في بنك فيرست ريبابليك، في مسعى لإنقاذه وتهدئة المخاوف من أن يكون التالي، بعد انهيار مصرفي سيليكون فالي وسيغنيتشر

منعًا لانهياره... بنوك أمريكية تضخ 30 مليار دولار في فيرست ريبابليك

ترجمات – السياق

مع انخفاض سعر سهم بنك فيرست ريبابليك، ومقره سان فرانسيسكو، وخفض تصنيفه الائتماني، تكاتفت أكبر البنوك الأمريكية لإيداع 30 مليار دولار بحساباته، في محاولة لتعزيز موارده المالية واحتواء تداعيات انهيار اثنين من كبار المقرضين بالولايات المتحدة، الأسبوع الماضي.

تأتي عملية الإنقاذ بعد انهيار الثقة بالمقرضين، في أعقاب انهيار بنك سيليكون فالي، وبنك سيغنيتشر في أسبوع غير عادي للمقرضين الأمريكيين.

وكشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن مجموعة تضم 11 مصرفًا بينها "بنك أوف أمريكا" و"سيتي غروب" و"جيه بي مورغان" و"ولز فارغو"، قررت إيداع 30 مليار دولار في "فيرست ريبابليك"، في مسعى لإنقاذه وتهدئة المخاوف من أن يكون التالي، بعد انهيار مصرفي سيليكون فالي وسيغنيتشر.

وحسب الصحيفة، فإن "بنك أوف أمريكا" و"سيتي غروب" و"جيه بي مورغان" و"ولز فارغو"، ستدعم البنك بنحو 5 مليارات دولار لكل منها، بينما يضع كل من "جولدمان ساكس" و"مورغان ستانلي" 2.5 مليار دولار، بينما يودع كل من "بي إن واي ميلون" وبنك بي إن سي وستيت ستريت وتروست وبنك الولايات المتحدة مليار دولار.

تأسس فيرست ريبابليك عام 1985، ويحتل المرتبة 14 في قائمة المصارف الأمريكية الكبيرة في الأصول التي بلغت 212 مليار دولار نهاية عام 2022.

وشهد البنك، الذي يقع مقره في سان فرانسيسكو، انخفاضًا في سعر السهم بنسبة 70 في المئة تقريبًا، الأسبوع الماضي، إثر قلق المستثمرين من أن يكون البنك مُعرضًا لخطر اندفاع العملاء إلى سحب ودائعهم.

 

عودة الثقة

ووفق "فايننشال تايمز"، ذكر بيان مجموعة البنوك أن "هذا الإجراء الذي اتخذته أكبر البنوك الأمريكية يعكس ثقتها بفيرست ريبابليك وبالبنوك من جميع الأحجام، ويبرهن على التزامها بمساعدة البنوك في خدمة عملائها ومجتمعاتها".

وأضاف البيان أن الإجراءات التي اتخذتها البنوك تعكس ثقتها بالنظام المصرفي للبلاد.

وقال البيان: "نعمل معًا على نشر قوتنا وسيولتنا المالية في النظام الأكبر، حيث تشتد الحاجة إليها".

ورغم هذا البيان الهادف لطمأنة المودعين، فإنه لا يزال هناك بعض التساؤل عما إذا كانت هذه الخطوة ستعزز ثقة المستثمرين بفيرست ريبابليك، فضلاً عن صلابة القطاع المصرفي.

وتراجعت أسهم فيرست ريبابليك، بعد انتعاشها الخميس، بأكثر من 20 في المئة في تعاملات ما بعد الإغلاق.

جاء التراجع بعد أن أعلن البنك تعليق توزيعات أرباحه "خلال فترة عدم اليقين هذه". وقال البنك أيضًا إنه يتطلع إلى تقليص اقتراضه، وكذلك حجم وتكوين عملياته الإجمالية.

بينما يرى مدير صندوق التحوط، بيل أكمان -في "تويتر"- أن الإجراء المنسق لتعزيز فيرست ريبابليك، يُعد "تصويتًا وهميًا على الثقة"، وأن "مخاطر التخلف عن السداد لدى البنك، تنتقل إلى أكبر البنوك الأمريكية".

وفي إشارة إلى ضغوط أوسع نطاقًا بالقطاع المصرفي، توافد المقرضون الأمريكيون على بنك الاحتياطي الفيدرالي للحصول على الدعم، في أعقاب انهيار "إس في بي"، مع إقراض البنك المركزي الأمريكي 160 مليار دولار، الأسبوع المنتهي في 15 مارس عبر نافذة الخصم والتسهيلات الطارئة الجديدة.

لكن بيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي، الخميس، أظهرت أن استخدام نافذة الخصم قد تضخم إلى مستوى قياسي بلغ 152.85 مليار دولار، بزيادة قدرها 148.3 مليار دولار في الأيام الخمسة المنتهية الأربعاء، رغم تخفيف شروط التسهيل، في إطار إجراءات الطوارئ للبنوك التي أُعلن عنها الأحد الماضي.

كما اقترض المقرضون 11.9 مليار دولار من برنامج البنك الاحتياطي الفيدرالي للتمويل لأجل، وهو مخطط جديد أُطلق الأحد الماضي.

وبشكل منفصل، صرف البنك المركزي أيضًا 142.8 مليار دولار لضمان جميع الودائع في "سيليكون فالي" و"سيغنيتشر".

 

الأزمة المالية

ووسط مخاوف من تكرار سيناريو الأزمة المالية العالمية، التي اندلعت شرارتها بإفلاس بنك ليمان براذرز الأمريكي عام 2008، نقلت "فايننشال تايمز" عن مايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في "جيه بي مورغان"، قوله: إن أكثر من 300 مليار دولار من القروض التي قدمها بنك الاحتياطي الفيدرالي للمؤسسات المالية كانت "نحو نصف ما تم تمديده خلال الأزمة المالية الكبرى لعام 2008".

إلا أنه أضاف: "لكن هذا الرقم -300 مليار دولار- ما زال كبيرًا"، موضحًا أن من ينظر إلى نصف الكأس الفارغة يرى أن البنوك بحاجة إلى كثير من المال، بينما من ينظر إلى نصف الكوب الممتلئ يرى أن النظام المصرفي يعمل على النحو المنشود.

في هذه الأثناء، كان "جي بي مورغان"، مستشار "فيرست ريبابليك"، يبحث عن المقرضين المتنافسين حول تجميع حل مدعوم من السوق المصرفي لشركة فيرست ريبابليك.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن مصدرين مطلعين، قولهما: إن المُقرض أجرى مكالمات مساء الأربعاء مع بنوك في "وول ستريت" للعثور على تمويل.

أمام ذلك، شجعت الحكومة الأمريكية، البنوك على مساعدة "فيرست ريبابليك"، بعد أن تراجعت أسهمه وخفض تصنيف ديونه، في أعقاب فشل بنك سيليكون فالي، حسبما قال مشارك في المحادثات للصحيفة.

وحسب الصحيفة، فقد كان شريان الحياة بالنسبة لشركة فيرست ريبابليك هي أصداء إنقاذ إدارة رأس المال طويلة الأجل عام 1998، عندما وضع بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك خطة إنقاذ بـ 3.6 مليار دولار لصندوق التحوط بمساهمات من دائنيه الرئيسين في "وول ستريت".

وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين ورئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جاي باول وكبار المنظمين، قالوا، في بيان: "إن هذا العرض للدعم من قِبل مجموعة من البنوك الكبيرة موضع ترحيب كبير، ويظهر مرونة النظام المصرفي".

وأعلنت وزارة الخزانة وبنك الاحتياطي الفيدرالي والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، أنها ستغطي جميع المودعين في "سيليكون فالي"، بينما قدم الاحتياطي الفيدرالي أداة إقراض جديدة للمصارف، في محاولة لمنع تكرار سيناريو "سيلكون فالي".

وأضاف بنك الاحتياطي الفيدرالي: "كما هو الحال دائمًا... نحن على استعداد لتوفير السيولة، من خلال نافذة الخصم لجميع المؤسسات المؤهلة".

وارتفعت أسهم "فيرست ريبابليك" بأكثر من 10 في المئة عقب الإعلان، بينما تراجعت أسهمه بنسبة 64 في المئة الأسبوع الماضي، منذ أن تدخلت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع للاستحواذ على "إس في بي"، ما أثار مخاوف من انتشار العدوى إلى المقرضين الإقليميين.

ولتعزيز مركزه المالي، حصل البنك على تمويل من بنك الاحتياطي الفيدرالي و"جيه بي مورغان" الأحد الماضي، ما منحه 70 مليار دولار من السيولة غير المستخدمة، باستثناء الأموال المتاحة من برنامج التمويل البنكي الفيدرالي الجديد.

ورغم ذلك، كافح "فيرست ريبابليك" لاستعادة الثقة بين المستثمرين، بعد انهيار "إس في بي" الجمعة، وما تبعه من انهيار بنك سيغنيتشر الأحد.

والثلاثاء الماضي، وضعت وكالة موديز جميع تصنيفاتها طويلة الأجل لشركة فيرست ريبابليك تحت المراقبة لخفض التصنيف، قائلة إنها تعكس اعتماد البنك على الودائع غير المؤمنة والخسائر غير المحققة على الأوراق المالية المحتفظ بها حتى تاريخ الاستحقاق.

بينما خفضت وكالة فيتش وستاندرد آند بورز العالمية التصنيف الائتماني لشركة فيرست ريبابليك، الأربعاء.

كانت وكالة موديز إنفستورز سيرفيس قد خفضّت، الثلاثاء، توقعاتها للقطاع المصرفي الأمريكي، ووضعت ستة بنوك أمريكية قيد المراجعة لاحتمال خفض التصنيف الائتماني، بما في ذلك "فيرست ريبابليك".

وتعكس هذه التحركات المخاوف المستمرة بشأن النظام المصرفي، في أعقاب انهيار بنكَي سيليكون فالي وسيغنتشر.

وتتزايد المخاوف بشأن "فيرست ريبابليك" رغم طمأنة الرئيس جو بايدن بأن المنظمين سيفعلون "كل ما هو مطلوب" لحماية المودعين وتدابير التمويل الطارئة من الحكومة الأمريكية لتعزيز السيولة.