اجتماع شي وبوتين... ماذا يريد الرئيسان الصيني والروسي؟

ينظر الغرب إلى زيارة شي، على أنها إظهار لدعم بكين لموسكو في حربها المتعثرة ضد كييف.

اجتماع شي وبوتين... ماذا يريد الرئيسان الصيني والروسي؟

ترجمات -السياق 

من المقرر أن يتوجه الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى موسكو خلال أيام لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهي أول زيارة لروسيا منذ غزوها لأوكرانيا.

وحسب صحيفة ذا هيل الأمريكية، ينظر الغرب إلى زيارة "شي" - من 20 إلى 22 مارس، وهي أول رحلة خارجية له منذ فوزه بولاية ثالثة- على أنها إظهار لدعم بكين لموسكو في حربها المتعثرة ضد كييف.

ومع كثير من تكهنات طبيعة الزيارة، حذر مسؤولون غربيون من أنها قد تشير إلى أن الصين تفكر في تقديم مساعدات عسكرية لروسيا.

لكن الصين، التي تحاول تقديم نفسها كطرف محايد في الصراع، نفت هذه المزاعم رغم رفضها إدانة الغزو.

النتيجة المتوقعة

وعن النتيجة المتوقعة للاجتماع، رأت "ذا هيل" أنه مهما كانت النتيجة، من المؤكد أن الاجتماع سيكثف العلاقات بين الزعيمين اللذين التقيا 39 مرة، آخرها قبل أكثر من عام ببكين في 4 فبراير 2022، إبان افتتاح دورة الألعاب الأولمبية.

وفي هذا اللقاء، الذي عُقد قبل وقت قصير من غزو روسيا لأوكرانيا، أعلن الاثنان "شراكة بلا حدود".

وفي ما يخص متطلبات كل طرف من الآخر، بينت الصحيفة الأمريكية، في تحليل للكاتبة والفيلسوفة إلين ميتشل، أن بوتين لاشك يريد الحصول على دعم عسكري، ومزيد من الأسلحة لاستخدامها في حربه الدائرة بأوكرانيا.

وأشارت إلى أنه بعد شن هجومه على أوكرانيا قبل عام، وجد بوتين نفسه مع مجموعة محدودة من الأصدقاء، وهو أمر مهم عندما يتعلق الأمر بقدرة موسكو على استيراد وإعادة توريد الأسلحة والذخائر المهمة في القتال.

إلا أن الصين أوقفت -حتى الآن- هذه المساعدات الفتاكة، وبدلاً من ذلك اختارت دعم روسيا، من خلال تعزيز التجارة والمناورات المشتركة الإضافية.

لكن المسؤولين الغربيين بدأوا التحذير من أن بكين قد تتحرك قريبًا، لمنح موسكو المساعدات العسكرية المطلوبة، حيث سيكون الاجتماع المقبل مكانًا مثاليًا محتملًا لكليهما، لهذا الإعلان.

ومما زاد هذه المخاوف، التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية الصيني تشين جانغ، التي اتهم فيها الولايات المتحدة بالنفاق، بشأن تحذيرها للصين من إمداد روسيا بالأسلحة، بينما في الوقت نفسه تزود تايوان بالأسلحة.

وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان للصحفيين، الاثنين: "إنه شيء ننتظره" في إشارة إلى أي وميض لاتفاق أسلحة بين البلدين، مضيفًا: "من الواضح أن لروسيا مصالحها الخاصة في محاولة جر الدول الأخرى إلى هذا الصراع إذا استطاعت، لكن موقفنا هو نفسه سواء اجتمعا أم لا".

ورغم تصريحات سوليفان، فإن "ذا هيل" رأت أن هذا الاحتمال -دعم بكين لموسكو عسكريًا- مقلق جدًا للمسؤولين الأمريكيين لأن الأسلحة الصينية -رغم أنه لا يُنظر إليها على أنها قادرة على تحقيق فوز حاسم لبوتين- فإنها يمكن أن تؤدي إلى إطالة أمد الصراع واستنزاف الأسلحة الأمريكية وموارد المساعدات الأخرى.

نية شي

وعن نية الرئيس الصيني من الاجتماع المرتقب مع بوتين، أشارت "ذا هيل" إلى أنه بعد اتفاق بوساطة صينية، بين المملكة العربية السعودية وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، فإن عين "شي" على الحرب الأوكرانية الروسية.

وحيال ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين: "زيارة شي تهدف إلى تعزيز السلام، مع محادثات تتناول القضايا الإقليمية".

وردًا على سؤال: هل يتصل الرئيس الصيني بنظيره الأوكراني، بعد اللقاء المحتمل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟ قال وانغ وين بين: "أود أن أجيب عن سؤالك من ثلاثة جوانب... أولًا، تحافظ الصين وروسيا على اتصالات وثيقة على جميع المستويات، وليس لديّ ما أُبلغ عنه بشأن لقاء الرئيسين الصيني والروسي".

وأضاف المتحدث الصيني: "ثانيًا، موقف الصين من الأزمة الأوكرانية واضح، لقد ظللنا على اتصال بجميع أطراف النزاع... ثالثًا، تلتزم الصين دائمًا بسياسة خارجية تهدف إلى الحفاظ على السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة".

وحسب الصحيفة الأمريكية، أصدرت حكومة "شي" ما تسمى "خطة السلام" لأوكرانيا، من 12 نقطة لـ "حل سياسي للأزمة الأوكرانية"، التي تجاهلها الغرب إلى حد كبير.

وفي مكالمة هاتفية الخميس، أخبر وزير الخارجية الصيني تشين جانغ نظيره الأوكراني دميترو كوليبا، بأن بكين تأمل أن "تظل جميع الأطراف هادئة وعقلانية وتلتزم بضبط النفس، وأن تُستأنف محادثات السلام في أقرب وقت ممكن".

وقال جانغ لنظيره الأوكراني في محادثات هاتفية، إن الصين "متمسكة بموقف موضوعي وعادل في قضية أوكرانيا، وألزمت نفسها بتعزيز السلام ودفع المفاوضات ودعوة المجتمع الدولي إلى تهيئة الظروف لمحادثات السلام"، وفقًا لبيان وزارة الخارجية الصينية على موقعها الإلكتروني.

لكن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) لا يزالان حذرين من دفع الصين للوساطة، لأن بكين لم تُدن روسيا، أو حتى تسمي الصراع ظاهريًا بهذا الشكل، وبدلاً من ذلك تذعن لإصرار روسيا على أنها مجرد "عملية عسكرية خاصة".

ومما زاد الشكوك الغربية، انحياز الصين مرارًا وتكرارًا إلى روسيا، وعرقلة العمل الدولي ضد موسكو بسبب الحرب.

نظام عالمي جديد

وتؤكد "ذا هيل" أن الطرفين -الصيني والروسي- يريدان نظامًا عالميًا جديدًا، مشيرة إلى أن إحدى النتائج المحتملة لاجتماع شي بوتين، إعادة الالتزام بشراكة الدولتين، التي يُنظر إليها على أنها حيوية بالنسبة لهما لمواجهة ما يريانه تدخلاً غير عادل من الغرب في شؤونهما.

وترى الصحيفة الأمريكية، أن زيارة شي إلى روسيا، والدعم الصيني المتزامن معها، تحدٍ للولايات المتحدة وحلفائها، الذين سعوا إلى الضغط على اقتصاد موسكو بفرض عقوبات شديدة.

ووصفت "ذا هيل" العلاقات الصينية الروسية بالتكافلية، إذ إن روسيا بدورها تمنح الصين وزنًا أكبر على المسرح الدولي وتدعم مناوراتها العدوانية، خاصة في بحر الصين الجنوبي.

في هذا السياق، قالت وزارة الخارجية الصينية في بيان: "بدعوة من رئيس الاتحاد الروسي فلاديمير بوتين، يزور الرئيس شي جينبينغ روسيا بين 20 و22 مارس"، ورأت الوزارة أنها "زيارة من أجل السلام" تهدف إلى "ممارسة التعددية الحقيقية، وتحسين الحوكمة العالمية والإسهام في التنمية والتقدم".

وأضافت: "في الوقت الحالي، تتطور بسرعة تغيرات لم نشهدها خلال قرن، ودخل العالم فترة جديدة من الاضطراب، ومن ثمّ كدولتين كبيرتين مهمتين -عضوين دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة- فإن أهمية وتأثير العلاقات الصينية الروسية تتجاوز بكثير النطاق الثنائي.

ونقلت "ذا هيل" عن ريان هاس، الزميل البارز بمركز الأبحاث بروكينغز في واشنطن العاصمة، قوله: تأمين روسيا كشريك للصين "أمر أساسي" ضمن رؤية شي للنهضة الوطنية.

وأضاف: "في سبيل هذه النهضة، تنظر الصين إلى الولايات المتحدة على أنها العقبة الرئيسة أمام صعودها".

من الأمور التي تزيد اهتمام شي بروسيا أيضًا، أنه يرى موسكو ذات فائدة كبرى، في تشتيت تركيز الولايات المتحدة الاستراتيجي بعيدًا عن الصين.

وترى الصحيفة الأمريكية، أن بكين وموسكو لا يستطيعان التعامل مع الولايات المتحدة وشركائها كلُ بمفرده، مشيرة إلى أن الطرفين يُفضلان الوقوف معًا، للتعامل مع أي ضغط خارجي على مواجهته وحيدًا.

وأشارت "ذا هيل" إلى أن إعلان اجتماع شي بوتين كان قبل ساعات من إصدار المحكمة الجنائية الدولية (آي سي سي) مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي، بسبب مزاعم بارتكاب جرائم حرب تتعلق بالترحيل غير القانوني للأطفال من أوكرانيا إلى روسيا.

مذكرة الاعتقال -وهي من أولى التهم الموجهة إلى بوتين بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا- تعني أن الرئيس الصيني سيجتمع مع هارب دولي، حسب وصف الصحيفة الأمريكية.

وكتب المدعي العام الأوكراني أندري كوستين على "فيسبوك": "من الآن فصاعدًا، يتمتع الرئيس الروسي بوضع رسمي كمشتبه به في ارتكاب جريمة دولية، بالترحيل والتهجير غير القانوني للأطفال الأوكرانيين".

وقال كوستين: "تلقى العالم إشارة بأن النظام الروسي إجرامي، وأن قيادته وشركاءه سيقدمون إلى العدالة". وأضاف: "هذا يعني أنه يجب اعتقال بوتين خارج روسيا ومحاكمته، وسيفكر قادة العالم مرتين قبل مصافحته أو الجلوس معه على طاولة المفاوضات".

وترى "ذا هيل" أن فرص محاكمة بوتين أمام المحكمة الدولية ضئيلة، لذلك من غير المرجح أن تؤثر المذكرة بشكل كبير في الاجتماع أو موقف بكين من موسكو، لكن الخطوة القانونية قد تضغط على البلدين بالمسرح العالمي.