ذا أتلانتك: التزام بايدن بحرية الصحافة يواجه اختبارًا جادًا

 قالت مجلة ذا أتلانتك إن التزام الرئيس الأمريكي جو بايدن بحرية الصحافة في العالم، يواجه اختباراً جديداً بمناسبة سفره إلى الشرق الأوسط الشهر المقبل.

ذا أتلانتك: التزام بايدن بحرية الصحافة يواجه اختبارًا جادًا

ترجمات - السياق

 قالت مجلة "ذا أتلانتك" إن التزام الرئيس الأمريكي جو بايدن بحرية الصحافة في العالم، يواجه اختباراً جديداً بمناسبة سفره إلى الشرق الأوسط الشهر المقبل.

وأضافت المجلة، في تقرير لزميل مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي كيم غطاس، أنه عندما يسافر بايدن إلى المملكة العربية السعودية وإسرائيل وفلسطين في يوليو المقبل، يجب أن يحتفظ باسمين في ذهنه بكل خطوة: جمال خاشقجي وشيرين أبو عاقلة، مشيرة إلى أن كلاهما صحفي، ورغم أنهما قُتلا في ظروف مختلفة تماماً، فإنهما كانا يمثلان وعداً بشرق أوسط مختلف.

وتابعت: "تقول إدارة بايدن إنها تركز سياستها الخارجية على المعركة بين الديمقراطية والاستبداد، وعلى الحاجة إلى نظام دولي جديد قائم على القواعد، لكن الحقيقة أن لدى الولايات المتحدة حلفاء ليسوا ديمقراطيين بشكل كبير وأصدقاء استبداديين بشكل صريح، والنقطة الأساسية للولايات المتحدة، ضرورة التأكد من أنها تستخدم نفوذها، لا للنصح ولا لإلقاء المحاضرات أو التنازل، لكن للدخول في محادثات أوسع، وإقناع هذه البلدان بضرورة وفائدة الالتزام بالقيم العالمية الأساسية، ولذا فإن رحلة بايدن أهم من مجرد الحديث عن سعر برميل النفط، والتعاون الإقليمي، والتهديد الإيراني، أو حتى إطلاق سراح بعض المعارضين".

ورأت المجلة أن الطريقة التي يتعامل بها بايدن مع قتل خاشقجي وأبو عاقلة تمثل اختباراً، ليس لوعده بدعم سيادة القانون والمساءلة فحسب، لكن لقدرته على تحقيق توازن أفضل بين القيم والسياسة الواقعية، مشيرة إلى أن نجاح الرئيس الأمريكي في هذا الاختبار ليس مهمًا للولايات المتحدة والشرق الأوسط والعلاقة بينهما فحسب، لكن لعلاقة أمريكا بالعالم أيضاً.

وأشارت المجلة إلى أن عمليات القتل لا تكون متساوية جميعها في التأثير، صحيح أن كل الأرواح ثمينة، لكن معظم الوفيات، حتى تلك التي تحمل أهمية وطنية، في أي مكان في العالم، سرعان ما تُنسى وتظل ذكراهم موجودة فقط لدى أحبائهم، فبعضهم يطلق العنان للكثير من الاحتجاجات أو يشعل الصراعات، وقليل فقط منهم يغير مجرى التاريخ.

وأضافت الصحيفة: "رغم أن تاريخ الشرق الأوسط حافل بالوفيات السياسية العنيفة، فإن مجموعة قليلة فقط كانت نقطة تحول، إذ لم يغير اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005 مسار السياسة اللبنانية فحسب، بل غيّر أيضاً الجغرافيا السياسية للمنطقة، وأزال الحصن الذي كان يردع صعود النفوذ الإيراني من بيروت إلى صنعاء".

وذكرت المجلة أن قتل الصحفي جمال خاشقجي يندرج في هذه الفئة، إذ أدت وفاته عام 2018، بالقنصلية السعودية في اسطنبول، إلى قلب العلاقات السعودية الأمريكية، مشيرة إلى أن غزو روسيا لأوكرانيا، وارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع أسعار الغاز أجبرت الولايات المتحدة على إعادة التفكير في علاقتها بالمملكة.

وقالت المجلة: "كما أن هناك وفيات أخرى تؤثر بهدوء في الشعوب والبلدان، وهي الفئة التي تندرج فيها وفاة الصحفية شيرين أبو عاقلة، صحيح أن هناك العديد من الصحفيين الفلسطينيين الذين قُتلوا بالرصاص قبلها وبعدها، لكن موت أبو عاقلة كان مختلفاً، فهي صحفية فلسطينية تحمل الجنسية الأمريكية، وكانت رائدة في مجالها ووجهًا مُرحبًا به من ملايين العرب وهي تروي قصة شعبها بهدوء واتزان وتعاطف عبر مسيرة إعلامية استمرت 25 عاماً، إذ كانت جنازتها من أكبر الجنازات الفلسطينية على الإطلاق".

ورأت المجلة أن هذه الوفيات تدعم قضية الإفلات من العقاب، وتحقيق التوازن في واشنطن بين القيم والمصالح، والإجابة -على الأرجح- ستحدد كيف يميل الميزان.

وأوضحت المجلة أن الولايات المتحدة لديها القدرة على المطالبة بالمساءلة، كما أنها تتحمل مسؤولية إخضاع حلفائها هؤلاء لمعايير أعلى، لكن السؤال هو: كيف تفعل ذلك، مضيفة: "طالما كانت الأولوية في الشرق الأوسط للحفاظ على الاستقرار، وقد تأسست علاقات أمريكا في المنطقة في الغالب على المقايضة المتمثلة في تقديم المزيد من الأسلحة مقابل بعض الإيماءات الرمزية، وهو ما يجب أن يتغير".

ورأت "ذا أتلانتك" أنه في حال عدم ضمان واشنطن إجراء تحقيق ذي مصداقية في قتل شيرين أبو عاقلة، سواء بقيادة الولايات المتحدة أم بالاشتراك مع دول أخرى، مثل مصر أو الأردن، فإنه يمكن للرياض أن تجادل بشكل مُبرَر بأنه ينبغي عدم إلقاء محاضرات بعد الآن عن قتل خاشقجي، لأنها أجرت تحقيقاتها الخاصة وتم بالفعل الحكم على ثمانية أشخاص بالسجن، وهو ما يعد أكثر مما فعلته إسرائيل حتى الآن.

ورجحت المجلة أن تكون ملاحظات بايدن عن السعودية مبنية على الرغبة في فك الارتباط بالشرق الأوسط، أو على الأقل تغيير مستوى الاهتمام الذي كانت أمريكا تكرسه له، قائلة إن التقدميين قد ينتقدون الرئيس الأمريكي بسبب التحول الواضح في موقفه، لكنهم ينسون أنه طالما اجتمع الرؤساء الأمريكيين بانتظام مع الأعداء والحلفاء على حد سواء، كما أن هؤلاء التقدميين أنفسهم يتبنون معايير مزدوجة، عندما يضغطون من أجل التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران ورفع العقوبات عن طهران، بينما يتجاهلون الاضطهاد الذي يمارسه النظام الإيراني.

وطالبت المجلة بايدن بأن يجادل بأنه بعد أشهر من الحرب الروسية في أوكرانيا، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبدو كرهان خاسر وأنه ينبغي لحلفاء أمريكا في الشرق الأوسط عدم التحوط به بعد الآن، كما يجب عليه أن يدفع السعودية إلى الوقوف بجانب واشنطن ضد موسكو.

وتابعت: "في الوقت نفسه، يجب على الرئيس منح الفضل لمن يستحقه، فالمملكة العربية السعودية اليوم مختلفة عما كانت عليه قبل أربع سنوات، فحتى وقت قريب، كانت الدولة الوحيدة في العالم التي لا تسمح للنساء بقيادة السيارات، لكن بالنسبة لأي شخص زار المملكة -خلال العقود الماضية- فإن الانفتاح الثقافي والاجتماعي السريع الأخير يبدو مذهلاً، كما أن هناك مشروع (نيوم) وهو مدينة عصرية في الصحراء، فقد كان التغيير تحويليًا ومثيرًا لإعجاب جيل الشباب، في بلد تقل أعمار ثلثي سكانه عن 29 عامًا، كانت متعتهم الوحيدة -حتى سنوات قليلة- التجول بالسيارات في الشوارع.

ووفقاً للمجلة، لا يمكن الدفاع عن الجرح المتقيح للإذلال اليومي والعنف الذي يتعرض له الفلسطينيون تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يحدث بشكل لا هوادة فيه، من دون احتجاج دولي، ويشمل الاعتقال المنتظم للقصَّر، ومصادرة الممتلكات والطرد، إذ وصفت إحدى منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية الاحتلال بأنه يشبه نظام الفصل العنصري.

وقد لا يكون لدى الولايات المتحدة إمكانية استئناف محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية التي لا تزال فاشلة، لكن التقدم الهادف نحو تبني تدابير متساوية للأمن والحرية والفرص والكرامة للشعب الفلسطيني، التي روَّجت لها الإدارة الأمريكية العام الماضي، لم تعد تحتمل الانتظار، فالعلاقات الإسرائيلية العربية المتنامية لن تهدئ تصاعد الغضب داخل الأراضي الفلسطينية، ولا يمكن للولايات المتحدة أن تدعو الدول العربية الأخرى، خاصة المملكة العربية السعودية، للانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية، من دون إحراز تقدم ملحوظ للفلسطينيين، حسب المجلة.

وأضافت: "كما أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تطالب بمصداقية بالمساءلة عن الفظائع الروسية، بينما تسمح لإسرائيل بممارسة سياسة الضم بحكم الأمر الواقع وقتل الصحفيين، فالإفلات من العقاب يمثل عامل تآكل في جميع المجالات في جميع أنحاء العالم، كما أن الإفلات من العقاب هو ما دفع بوتين إلى المضي قدماً في اختبار حدود ما يمكن أن يفلت منه، في جورجيا منذ أكثر من عقد من الزمان، ثم في شبه جزيرة القرم، وسوريا، والآن في أوكرانيا، وقد انتهكت الولايات المتحدة أيضاً القواعد مرات عدة وأفلتت من العقاب، ما سمح للحلفاء والأعداء بتجاهلها عند الضغط عليهم بشأن انتهاكاتهم الخاصة، ويشيرون بأصابع الاتهام نحو الولايات المتحدة".