إرث مُلطخ بالدماء.. أين يقف تنظيم الإخوان بعد 74 عامًا على اغتيال حسن البنا؟

قال الباحث المختص بشؤون الجماعات الإسلامية محمود علي، في تصريحات لـ -السياق-، إن تنظيم الإخوان خبا أثره منذ خمسينيات القرن الماضي، بعد صدامه مع الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر

إرث مُلطخ بالدماء.. أين يقف تنظيم الإخوان بعد 74 عامًا على اغتيال حسن البنا؟

السياق "خاص"

من صراع الأجنحة، مرورًا بإطاحة ممثليها ورموزها، وما نجم عنه من فشل سياسي، إلى مستقبل مظلم باتت على أبوابه، ملامح الوضع الحالي لجماعة الإخوان، في الذكرى الـ74 لاغتيال مؤسسها حسن البنا.

ذلك الاغتيال، الذي كان بيد النبتة الشيطانية التي غرسها، في 12 فبراير 1949، ما زالت أصداؤه حاضرة في تاريخ تنظيم الإخوان، الذي حاول التبرؤ من تلك التهمة، بإلصاقها بالملك فاروق والحكومة المصرية آنذاك.

إلا أن تاريخ التنظيم الملوث بالدم، فضحهم حينها، بينما شبح حادث الاغتيال ما زال حاضرًا في سلوك التنظيم، الذي دأب على سلوك درب العنف، لفرض أجندته الملوثة والخبيثة.

ورغم فشله في فرض تلك الأجندة، وهو قابع على رأس السلطة في مصر وتونس، واقتلاع جذوره من شعبي البلدين، فإن التنظيم الإرهابي ما زال يحاول العثور على موطئ قدم في هذين البلدين، اللذين فيهما ترعرعت نبتته الشيطانية، وعلى أرضها اقتلعت جذورها.

ذلك الفشل في محاولات العودة، يأتي جنبًا إلى جنب مع صراع الأجنحة، الذي يقوِّض تنظيم الإخوان ويهدد إرث البنا، خاصة بعد أن وصل جناحا اسطنبول ولندن إلى طريق مسدود، وفشلت معهما محاولات التوحيد التي قادها عدد من قيادات الجبهتين.

 

جمود فكري وسياسي

أوضاع فرضت نفسها على التنظيم، وجعلته في حالة جمود فكري وسياسي، ما شغله عن الاحتفاء بذكرى مؤسسه حسن البنا، وأكد أن تنظيم الإخوان يعاني النزع الأخير، في انتظار من يطلق عليه رصاصة الرحمة، بعد حالة العقم السياسي التي وصل إليها، وفشله في إنتاج مساحات جديدة من التفاهم مع الدولة.

تلك التشابكات، وضعت تنظيم الإخوان بين سيناريوهين، إما الاندثار وطي صفحته بشكل نهائي، وإما البقاء على وضعه الحالي، من دون تأثير يذكر أو تغيير في مواقفه تجاه الدولة.

إلى ذلك، قال الباحث المختص بشؤون الجماعات الإسلامية محمود علي، في تصريحات لـ«السياق»، إن تنظيم الإخوان خبا أثره منذ خمسينيات القرن الماضي، بعد صدامه مع الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، مشيرًا إلى أنه «تعثر في صدامه مع الدولة ومع محيطه الإقليمي والعالمي».

 

تنظيم ضعيف

وأوضح الباحث المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، أن جزءًا كبيرًا جدا من أزمة الإخوان، أن قراره تابع لأطراف إقليمية، مشيرًا إلى أن التنظيم الإرهابي أضعف من اتخاذ قرار جوهري يتعلق بتطوير فكرة إنشائه أو حله.

وبينما توقع أن يظل وضع تنظيم الإخوان على حاله من انقسامات وتشظ، أشار إلى أن الخلاف التنظيمي بين أقطاب الجماعة وانشغالهم عن الاحتفاء بذكرى حسن البنا، يؤكدان انتهاء ميراثه ويضعان الجماعة تنظيميًا على المحك.

وأشار إلى أن إرث حسن البنا، يتضمن تشابكات كثيرة من حيث الأفكار وعلاقته بالتنظيم الخاص والسلطة التنفيذية والسياسية والدول العربية، وهي قضايا مسكوت عنها داخل التنظيم الذي يخشي تسليط الضوء على ثغرات وكبوات فكره، الأمر الذي يمكن معه نسف التنظيم.

وأكد الباحث المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، أن الجماعة لديها أزمة في مشروع حسن البنا، فلم يحدث على مدى التاريخ أن قدمت قراءة حقيقية، سواء من داخل الإخوان أم من أي أطراف أخرى ذات حيثية فكرية أو فلسفية في الوطن العربي، مشيرًا إلى ما تعرف بـ«حتمية التنظيم»، التي عدها عائقًا أمام استمرار الجماعة هيكليًا.

 

عبء كبير

وشدد على أن تنظيم الإخوان كان يجب حله، بعد ما يعرف بـ«الربيع العربي»، كونه عبئا كبيرًا على قياداته وأعضائه، مستدلًا على رؤيته بفترة صعود التنظيم في مصر وتونس، وما كشفت عنه من حالة عقم سياسي، نتيجة عدم قدرتهم على إنتاج مساحات جديدة من التفاهم مع الدولة.

في السياق نفسه، قال الباحث في الإسلام السياسي سامح عيد، إن تنظيم الإخوان بات حبيس الأفكار التكفيرية لمؤسسه الأول حسن البنا، التي كانت شديدة الراديكالية.

وأوضح الباحث في الإسلام السياسي، في تصريحات لـ«السياق»، أن حسن البنا كان رافضًا لفكرة التحزب السياسي، بمعنى رفض وجود أحزاب دينية والاكتفاء بحزب إسلامي فقط، وهي الفكرة الوحيدة التي استطاع الإخوان تجاوزها، سعيًا وراء مصالحهم وأغراضهم بالوصول إلى السلطة، عبر تأسيس حزب الحرية والعدالة والتعاون مع حزبي النور السلفي والوسط ذي التوجه الديني، وحركة النهضة وحزبي جبهة الإصلاح والعدل والتنمية في تونس.

 

تنظيم مأزوم

ورغم ذلك، فإن الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، قال إن الإخوان، لم يكن لديهم الجرأة والقدرة على مراجعة أفكار حسن البنا وسيد قطب، لتتوافق مع النظام السياسي الحديث، ما يعني أن التنظيم الإرهابي «مأزوم».

وعن مستقبل التنظيم، توقع سامح عيد، أن ينتهي تنظيم الإخوان ويصبح جزءًا من التاريخ، خاصة مع إصراره على التمسك بالأفكار الراديكالية، وعدم تجاوزه لتأسيس إسلام سياسي حقيقي.

الأمر نفسه أشار إليه الباحث في شؤون الإسلام السياسي والجماعات الإرهابية منير أديب، في تصريحات لـ«السياق»، قائلًا إن تنظيم الإخوان «يقدس» ميراث حسن البنا، بأخذه والمغالاة في كل ما ورد عنه، ما كان أحد أسباب سقوط التنظيم.

وأوضح الباحث في شؤون الإسلام السياسي، أن الأفكار التي طرحها حسن البنا، لم يتخل عنها الإخوان، فمازالوا يعملون بمقولاته ويتحركون في سياقها، رغم أن بعضها كان يناسب العهد الملكي باعتباره كان موجودًا أثناء الاحتلال الإنجليزي لمصر وأثناء النظام الملكي.

منير أديب، قال إن الإخوان نفذوا إرث حسن البنا، في ما يتعلق بالعنف والحض على استخدامه، رغم أنها أفكار لم يعلنها، لكنها جاءت تحت مبدأ «فقه الضرورة».

 

تفكيك الإخوان

وأشار إلى أن أفكار العنف ترجمت في تأسيس الإخوان جناحًا عسكريًا له في مصر وتونس، مؤكدًا أن العمل الدعوي لدى الإخوان لم يخل من العنف اللفظي والسلوكي والسياسي، في ممارسات تصب في صالح العنف الجنائي.

وعن أسباب فشل محاولات تفكيك الإخوان، قال الباحث في شؤون الإسلام السياسي، إن تلك المساعي فشلت، لعدم تركيزها على أفكار الجماعة، إضافة إلى إشكالية عدم فهم أفكار الإخوان فهمًا صحيحًا، فهناك من مال إلى تهويلها، بينما الفريق الآخر هون منها.

وشدد على ضرورة قراءة الأفكار بشكل صحيح، كشرط لنجاح مساعي تفكيك الجماعة، لأن تكفير أفكار المؤسس ستؤدي إلى انهيار أعمدة التنظيم، ومن ثم انهياره.