تراشق بالحجارة واعتداءات.. تصاعد العنف بين أنصار أردوغان والمعارضة قبل الانتخابات

تستعر المنافسة بين الجانبين، ومن خلفهما أنصارهما، ووصلت حد التراشق بالحجارة ومهاجمة مواكب الأطراف المتضادة، آخرها كان رشق محتجين غاضيون حافلة رئيس بلدية اسطنبول بالحجارة

تراشق بالحجارة واعتداءات.. تصاعد العنف بين أنصار أردوغان والمعارضة قبل الانتخابات

السياق

قبل أيام من الانتخابات التركية، التي يصفها محللون بالمصيرية بالنسبة لرجب طيب أردوغان، القابض على مقاليد السلطة منذ عشرين عامًا.

وتستعر المنافسة بين الجانبين، ومن خلفهما أنصارهما، ووصلت حد التراشق بالحجارة ومهاجمة مواكب الأطراف المتضادة، آخرها كان رشق "محتجين غاضيون" حافلة رئيس بلدية اسطنبول بالحجارة، أثناء قيامه بجولة انتخابية في منطقة محافظة، قبل الانتخابات العامة، نهاية الأسبوع المقبل.

وأظهرت صور نشرها مكتب رئيس بلدية اسطنبول "المعارض" أكرم إمام أوغلو، تحطم نوافذ الحافلة، أثناء توقفها في مدينة أرضروم شرقي البلاد.

كان إمام أوغلو يلقي خطابًا من على سطح الحافلة، عندما أُجبر على الاحتماء والمغادرة.

وأظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي، الشرطة وهي تستخدم خراطيم المياه، لتفريق مجموعة من المحتجين الذين لاحقوا الحافلة ورشقوها بالحجارة.

ووصف إمام أوغلو الحادث بأنه استفزاز، وطالب بتفسيرات من المسؤولين، وذكرت تقارير إعلامية تركية أن سبعة أشخاص على الأقل، أصيبوا بجروح طفيفة.

ويسيطر على المنطقة حزب الرئيس رجب طيب أردوغان، وسلَّط الحادث الضوء على التوترات المحيطة بالاقتراع البرلماني والرئاسي.

ويقوم إمام أوغلو بحملة دعمًا لمرشح المعارضة للرئاسة كمال كيليتشدار أوغلو.

 

تصرف غير بريء

وذكرت وسائل إعلام تركية، أن رئيس بلدية اسطنبول، الذي يتمتع بشعبية كبيرة، وُعد بتولي منصب نائب الرئيس، حال فوز كيليتشدار أوغلو.

وقالت جانان كافتانجي أوغلو، رئيسة حزب الشعب الجمهوري، إن تصرف المحتجين ليس بالبريء، أي أنهم هاجموه بإيعاز من الحكومة.

الحادث دفع وزير الداخلية سليمان صويلو إلى التعليق، ووصف إمام أوغلوا بالشخص المستفز، قائلًا: "أينما ذهب يجلب الاستفزاز، وإنه رفض المكان الذي عرضته عليه السلطات لإجراء تجمعه الانتخابي"، وفق كلامه.

 

هجوم في بورصة

من مهاجمة المعارضة إلى الحكومة في مدينة بورصة، حيث تعرض أنصار حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، لموكب وزير الصناعة والتكنولوجيا مصطفى فارانك، عندما كان في جولة انتخابية.

وانتشرت في وسائل الإعلام مقاطع فيديو تظهر شبابًا يرفعون أعلاماً لـ"حزب الشعوب" المعارض يضربون آخرين مؤيدين.

وتشير استطلاعات الرأي، إلى تقارب نسب تأييد كيليتشدار أوغلو وأردوغان، قبل أيام من الاقتراع.

من المقرر أن يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع في 14 مايو الجاري، لتحديد مصير الديمقراطية في تركيا، بعد أقل من ثلاثة أشهر من زلزال (6 فبراير) الذي أودي بحياة أكثر من 50 ألف شخص، وأدى إلى نزوح أكثر من 5.9 مليون جنوبي تركيا وشمالي سوريا، وسط اتهامات لحزب أردوغان الحاكم "العدالة والتنمية"، بأن تغاضيه عن أهمية اتباع أُسس معينة في البناء بهذه المنطقة -التي تشتهر بالزلازل- زاد حجم المأساة.

وقبل أشهر، لم يكن كثيرون يرون الموظف السابق في القطاع العام المنتمي إلى الأقلية العلوية كمال كليتشدار، منافسا لأردوغان، الشخصية المحورية التي أعادت رسم معالم تركيا الحديثة، في الانتخابات الرئاسية والعامة.

 

من اليمين إلى اليسار

منذ توليه رئاسة حزب الشعب الجمهوري عام 2010، سعى السياسي البالغ 74 عامًا، إلى تشكيل حيثية في زعامة الحزب العلماني، لمواجهة حزب العدالة والتنمية الإسلامي بزعامة أردوغان.

لكن سجلّه لم يبعث على الأمل، فقد خسر انتخابات رئاسة بلدية اسطنبول عام 2009 أمام حليف للرئيس التركي، وخسر أيضًا أمام أردوغان نفسه، في كل انتخابات عامة أجريت منذ ذلك الحين.

هذا الأداء الضعيف، لم يجعل ترشيح كيليتشدار أوغلو خيارًا سهلًا بالنسبة إلى تحالف الأحزاب الستة الداعم له، الذي يراوح من اليمين القومي إلى اليسار، ويهيمن عليه حزب الشعب الجمهوري الذي أنشأه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.

وتنقل المحللة غونول تول عن كيليتشدار أوغلو قوله لها عام 2020 إنه "رجل صبور جدًا"... وقد صبر ونال.

فبعد تداولات امتدت زهاء عام، دعم التحالف الترشيح، وقد تظهر الأيام أن هذا القرار كان صائبًا.

فالرجل الذي لم يكن كثيرون خارج تركيا سمعوا باسمه حتى أشهر خلت، بات -وفق استطلاعات الرأي- المنافس الجدي لأردوغان في الانتخابات المقبلة، والمرشّح الأوفر حظًا لينافس الرئيس بدورة ثانية فاصلة في 28 منه.

 

إعادة الديمقراطية

بلباسه الأنيق ونظارتيه المربعتين، يعكس كيليتشدار أوغلو صورة رجل مهني، بناها خلال مسيرته كمحاسب، وصولًا إلى رئاسة وكالة الضمان الاجتماعي.

وخلال الحملة الانتخابية، اختار كيليتشدار أوغلو تجاهل الانتقادات الشخصية التي وجهها إليه أردوغان، وآثر التركيز على الصعوبات السياسية والاقتصادية التي يعانيها الأتراك.

ومن التعهدات الأساسية التي قدمّها المرشح السبعيني، سحب عديد من الصلاحيات المعزّزة التي انتقلت إلى الرئيس التركي، خلال العقد الأخير من عهد أردوغان ونقلها للبرلمان، على أن يترك بعد ذلك منصبه لصالح جيل جديد من القيادات الشابة.

وفي تصريحات لمجلة تايم الأمريكية قبل الانتخابات، قال كيليتشدار أوغلو: "أنا لست شخصًا لديه طموحات".

وشدد على أن ما يريده هو "إعادة الديمقراطية" إلى تركيا، وبعد ذلك "التنحي واللعب مع أحفادي".

 

مطبخ قديم

يرى محللون أن جزءًا كبيرًا من التأييد لكيليتشدار أوغلو، يعود إلى أزمة غلاء المعيشة التي تواجهها تركيا، ويعزوها قسم من الناخبين إلى مبادئ أردوغان الاقتصادية غير التقليدية.

كما يعوّل هذا المرشح على حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، تتفادى القبضة السلطوية على وسائل الإعلام التقليدية، ويسجل خلالها أشرطة مصوّرة قصيرة، يتوجه عبرها إلى الناخبين من داخل مطبخ ذي طابع قديم.

وتحظى هذه الأشرطة بملايين المشاهدات، وفيها يتحدّث كيليتشدار أوغلو مع الناخبين بصراحة، ويعرض مواضيع نادرًا ما تعالجها وسائل الإعلام الحكومية.

من أبرز هذه الأشرطة فيديو كشف فيه انتماءه إلى الطائفة العلوية، كاسرًا بذلك أحد المحرمات في تركيا.

وأكد فيه: "أعتقد أن الوقت حان لأناقش معكم موضوعًا خاصًا وحساسًا جدًا... أنا علوي أنا مسلم مخلص".

وسبق لأردوغان أن هاجم الأقلية العلوية، متهماً أفرادها بـ"الهيمنة" على القضاة وبابتكار "ديانة جديدة".