شكوك في أهدافه... ماذا يعني تشكيل مجلس حضرموت الوطني؟
تقارير أشارت إلى أن تشكيل المجلس الجديد، يأتي ضمن عدد من المؤشرات على انتقال الصراع الذي أنهك اليمن إلى حضرموت، التي ظلت بعيدة عن التداعيات المباشرة للحرب في اليمن.
السياق
كيان يمني جديد عمره ساعات، ما أن أعلِن تشكيله، أثار التساؤلات عن أسبابه ودلالاته وتوقيته وهدفه، في وقت يقول محللون إن رماد الحرب في اليمن ستنتقل نحو الجنوب الغني بالنفط، صاحب الموقع الاستراتيجي.
في الرياض أُعلِن تأسيس مجلس حضرموت الوطني "بموجب الوثيقة السياسية والحقوقية" الصادرة في ختام المشاورات بين القوى الحضرمية، حيث استضافتها السعودية بمشاركة عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية في المحافظة، بحضور السفير السعودي لدى اليمن محمد الجابر، بعد نحو شهر من مشاورات جرت في المملكة.
الانتقالي واستعادة الجنوب
التساؤلات الأكثر إلحاحًا ،كانت عن دور "حضرموت الوطني" والحاجة إلى تشكيله، في وقت يمتلك الجنوب "المجلس الانتقالي" محارب القاعدة والحوثيين ودافع فاتورة باهظة في الدفاع عن البلاد، كذلك عن الجهة التي تقف وراءه وتدعمه، في وقت تشير تقارير إلى محاولات تسلل إخوانية، وكذلك هناك رؤية لمحللين مفادها أن تشكيل هذا المجلس السياسي في حضرموت شرقي اليمن، لإعاقة جهود المجلس الانتقالي، الذي يطالب باستعادة الجنوب عبر انفصاله وضم حضرموت.
ويسعى "الانتقالي" إلى استعادة "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية"، التي كانت في محافظات جنوب اليمن، قبل أن تتوحد مع شماله عام 1990.
تقارير أشارت إلى أن تشكيل المجلس الجديد، يأتي ضمن عدد من المؤشرات على انتقال الصراع الذي أنهك اليمن إلى حضرموت، التي ظلت بعيدة عن التداعيات المباشرة للحرب في اليمن.
وقالت وثيقة "قوى يمنية"، إنها اجتمعت في الرياض، لمشاورات شاملة ومسؤولة، تلبي تطلعات أبناء حضرموت وحقهم في إدارة شؤونهم السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية.
وكشفت الوثيقة "الرؤية الحضرمية" لعديد من التفاعلات التي يشهدها الملف اليمني، في الجانب السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي والثقافي والتنموي.
وبينت أنها تأتي "استجابة للدعوة الكريمة من حكومة المملكة العربية السعودية الشقيقة، ومساعيها المخلصة في دعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والشعب اليمني على توحيد الصف، وتغليب نهج الحوار لحل الخلافات والتفرّغ للإصلاحات الاقتصادية والخدمية، وحشد الجهود لاستعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، وحرصًا من القوى والمكونات الحضرمية على النأي بحضرموت عن أيّ توترات أو خلافات بينيّة".
وأشارت إلى "خطورة تحويل حضرموت إلى مسرح للصراع وتداعيات ذلك على السكينة العامة والسّلم الاجتماعي في حضرموت ومصالح مواطنيها، وأمن واستقرار المناطق المحررة، ودول الجوار، وخطوط الملاحة العالمية".وقالت إن وحدةَ حضرموت وحق أبنائها في إدارة شؤونهم الاقتصادية والسياسية والأمنية، ستظل الأولوية القصوى للمكونات والقوى الحضرمية.
تسلل الإخوان
وسلط عدد من الجنوبيين، الضوء على عدم مشاركة عديد من القوى الحضرمية المحسوبة على الانتقالي في مشاورات الرياض، لكنهم بينوا أن أي حكم بالمنافسة بين " حضرموت الوطني" والمجلس الانتقالي أمامه مزيد من الوقت، حتى تتضح الرؤية من خلال المواقف التي يتبناها ويقدم عليها المجلس الوليد.
ويعبر مراقبون ومواطنون عن مخاوفهم من أن يتسلل تنظيم الإخوان إلى القوة اليمنية الجديدة، وما يترتب عليه من مواجهة مع المجلس الانتقالي الجنوبي.
كما قال محللون إن إنشاء هذا المجلس باب لإطلاق عديد من التكتلات والمجالس الأخرى، ما ينعكس سلبًا على مناطق الشرق والجنوب. وهو ما ألمح إليه عضو مجلس القيادة الرئاسي نائب رئيس المجلس الانتقالي فرج سالمين البحسني بقوله: "إن من لا يدرك شيئاً سيظل كما هو ولن يقدم شيئًا لحضرموت سوى مزيد من التشرذم".
وأشار محافظ عدن السابق إلى أن "تعدد المشاريع والرؤى والإقصاء وغيرها من المشاريع الأخرى، لن يزيد حضرموت إلا تفككاً، وحضرموت ليست في حاجة إلى ذلك".
وعد مراقبون تشكيل مجلس حضرموت الوطني، بداية مرحلة جديدة في الصراع السياسي، داخل المحافظة اليمنية الغنية.
وأرجع محللون تشكيل المجلس الجديد لمنافسة "الانتقالي" الذي استطاع التمدد في المحافظة الجنوبية، ما أفقد "بعض القوى" مصالحها، فلجأت إلى مواجهته، عبر إعادة تشكيل نفسها في قوالب سياسية جديدة.
حديث العليمي
من جانبه عقد رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي لقاءً موسعًا، مع عمدة محافظة حضرموت، مبخوت بن ماضي وقيادة السلطة المحلية وقيادات ووجهاء القبائل، والشخصيات الاجتماعية المشاركة في المشاورات الحضرمية، التي رعتها السعودية مؤخرًا، حسبما أعلنت وكالة الأنباء الرسمية.
وقالت وكالة "سبأ"، إن العليمي حث أبناء محافظة حضرموت على تعزيز المكانة العظيمة التي خلدوها عن محافظتهم العريقة في ذاكرة الأجيال كمهد للحضارة الإنسانية، ومصدر إلهام في التنمية والإعمار، واحترام مؤسسات الدولة، ونشر ثقافة التعايش والوسطية في مختلف أنحاء العالم".
وأشار رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى "حرص مجلس القيادة والحكومة على دعم جهود السلطة المحلية في تعزيز الأمن، والسكينة العامة، وتخفيف المعاناة الإنسانية عن المواطنين، وفي المقدمة إيجاد الحلول الجذرية لقطاع الكهرباء، والخدمات الأساسية، بما يليق بالدور الرائد لمحافظة حضرموت في مختلف الميادين".
وأكد "النأي بمحافظة حضرموت والمناطق المحررة عن أي نزاعات بينية، والتفرغ لمواجهة مشروع ولاية الفقيه المتربص بالجميع، وفق ما نص عليه إعلان نقل السلطة، والأهداف الاستراتيجية لمجلس القيادة الرئاسي".
لكن المجلس الانتقالي الذي يسيطر على محافظات جنوبية وشرقية، اتهم سلطات المجلس الرئاسي بالتنصل من واجباته وبلغ ذروته في إرهاق المواطنين، في ظل الوضع المعيشي والخدمي المتردي، حيث تعاني المحافظات الجنوبية، حسب ما نشره الموقع الرسمي للانتقالي على الإنترنت.
التحالف والسعودية
يضم مجلس حضرموت الوطني أعضاء "الوفد الحضرمي" المشاركين في مشاورات الرياض، والوزراء المنتمين للمحافظة في الحكومة اليمنية والمحافظ والوكلاء المساعدين بحضرموت، وأعضاء مجلسي النواب والشورى ونواب الوزراء والقادة العسكريين والأمنيين ورؤساء المكونات الحضرمية وممثلين لمنظمات المجتمع المدني وقطاع المرأة والشباب.
ونصت "الوثيقة الحضرمية" أيضًا على "الالتزام بالأهداف المشتركة مع التحالف بقيادة السعودية، وإعلان نقل السلطة، وحيادية رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي وهيئاته المساندة وقيادات السلطة العليا، وعدم توظيف أو استخدام مهامهم الدستورية لتحقيق مكاسب سياسية.
وتعهدت "المكونات الحضرمية" في الوثيقة بتحييد مؤسسات الدولة الخدمية والأمنية والعسكرية، عن أي خلافات بينية من شأنها الإضرار بالمصالح العامة ومفاقمة الأزمة الإنسانية في حضرموت.
ولفتت إلى "المشاركة في صياغة إعلان مبادئ على نطاق واسع يضمن تماسك الجبهة الداخلية، وردع أي تهديد يستهدف حضرموت والمناطق المحررة، ودول الجوار والأمن والسلم الدوليين، ويضمن وضع البلدِ على طريق السلام، والاستقرار والتنمية".