منازل محترقة وسيارات مغطاة بالرماد.. ما حدث في حوارة كان مروِّعًا
تواصلت أعمال العنف في الضفة الغربية، بين مستوطنين إسرائيليين وفلسطينيين، في ظل تزايد حالة التوتر التي تهيمن على العلاقات بين الطرفين، بعد قتل مستوطنين برصاص مسلح فلسطيني

ترجمات - السياق
"ما حدث كان مروعًا وبربريًا"، هكذا وصف فلسطينيون، الهجمات التي شنها عدد من المستوطنين الإسرائيليين، على قرية حوارة الواقعة بين مدينتي نابلس ورام الله في الضفة الغربية المحتلة، ردًا على قتل شقيقين إسرائيليين.
وحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، تواصلت أعمال العنف في الضفة الغربية، بين مستوطنين إسرائيليين وفلسطينيين، في ظل تزايد حالة التوتر التي تهيمن على العلاقات بين الطرفين، بعد قتل مستوطنين برصاص مسلح فلسطيني.
وأكدت المتحدثة باسم رئيس مجلس المستوطنات الإسرائيلي شمالي الضفة الغربية، أن القتيلين هما الشقيقان هليل (22 عامًا) وياغيل (20 عامًا) يانيف من مستوطنة هار براخا، التي تبعد 1.9 كيلومتر (1.2 ميل) جنوب نابلس.
وذكرت تقارير أن المستوطنين واصلوا اعتداءهم على مدى ساعات في بلدة حوارة -موقع إطلاق النار- وألقوا الحجارة والزجاجات الحارقة، وأضرموا النيران في أكثر من 15 منزلاً، وأحرقوا أكثر من عشرين سيارة، انتقامًا لقتل الشقيقين.
تأتي التطورات الأخيرة بعد أيام من العملية العسكرية الإسرائيلية، الأربعاء، في مدينة نابلس التي أدت إلى قتل 11 فلسطينيًا وجرح أكثر من 80 بالرصاص الحي.
حوارة تحترق
ووصف توم بيتمان مراسل "بي بي سي"، الأوضاع على الأرض بالمروِّعة، مشيرًا إلى أن المنازل في حوارة تفحمت جراء النيران، بينما غطى الرماد السيارات في شتى أنحاء البلدة، لدرجة أن الهواء مازال يحمل رائحة الحرائق التي شهدتها البلدة طوال ليل الأحد/ الاثنين.
ونقلت "بي بي سي" عن عدد من سكان حوارة، قولهم: إن حشدًا من الغوغاء انطلقوا في هياج استمر ساعات، مسلحين بقضبان حديدية وصخور، قبل أن يحرقوا المباني والسيارات والأشجار، انتقامًا لقتل الشقيقين الإسرائيليين.
وحسب الشبكة البريطانية، تعرضت المدينة الفلسطينية، مساء الأحد، لواحدة من أسوأ حالات عُنف المستوطنين الإسرائيليين الجماعي منذ سنوات، بعد ساعات من قتل مستوطنين اثنين برصاص مسلح فلسطيني.
وفي ذلك، قال عبد الناصر الجنيدي، الذي كان يتحدث مع مراسل الشبكة خارج منزله المحترق: "هاجم المستوطنون منزلنا وحطموا النوافذ وأحرقوا سيارات وشاحنات ابن أخي، وحاولوا اقتحام صالة عرض سيارتي وأشعلوا فيها النيران".
وأوضح أنه دفع بأطفاله إلى السطح حفاظًا على سلامتهم.
وأضاف الجنيدي: "لم يفعل الجيش شيئًا لحمايتنا، بل دعم المستوطنين وحماهم"، مشيرًا إلى أنهم تعرضوا لإطلاق نار من قِبل المستوطنين والجنود، واصفًا المشهد: "كنا مرعوبين... فما حدث كان هجومًا مروِّعًا وبربريًا".
ويبيّن بيتمان، أن حجم الضرر يتضح أكثر كلما استمر في السير على طول هذه البلدة الواقعة على جانب الطريق 60، الطريق السريع الرئيس الذي يمتد من الشمال إلى الجنوب، عبر الضفة الغربية المحتلة.
وأضاف واصفًا المشاهد المروِّعة: "منزل بعد منزل تجده محطمًا، والنيران مضرمة في واجهات المتاجر وكذلك عشرات السيارات".
مناوشات
من جانبها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، أن سامح أقطاش، 37 عامًا ، توفي بعد إصابته برصاصة في بطنه، خلال هجوم شنه مستوطنون في قرية الزعترة بنابلس، مساء الأحد، حيث أصيب عشرات.
ونقلت "بي بي سي" عن عبدالمنعم ، شقيق أقطاش، قوله: إنهم كانوا يقفون قبالة ورشة حدادة عندما هاجمهم المستوطنون.
وأضاف: "خرجوا من المنطقة ثم عادوا مع جيش الاحتلال، وقد أطلق الجيش النار على أخي وليس على المستوطنين".
ولكن الجيش الإسرائيلي قال إن أقطاش لم يصب برصاص قواته.
وحسب "بي بي سي" يقع هذا الجزء من الضفة الغربية تحت السيطرة الإسرائيلية، بينما انتقد الفلسطينيون قوات الأمن الإسرائيلية لإخفاقها في حمايتهم.
وحاول المسعفون إنقاذ إحدى العائلات، بعد أن حوصروا في منزلهم، عندما وضع المستوطنون إطارات محترقة خارج باب منزلهم، وسدوا الطريق.
وأشارت "بي بي سي" إلى أنه على بعد مئات الأمتار من الطريق السريع، كانت هناك أسرة تحاول العودة إلى منزلها، بعد أن تعرضت للهجوم، إلا أن الأمر بدا صعبًا.
وعلى بُعد أمتار من أنقاض ردهة منزله المحترقة، نقلت الشبكة عن مواطن يدعى "عدي الدومادي" قوله: "زوجتي وزوجة أخي وأولادنا الصغار كانوا في المنزل يصرخون من الرعب، والأولاد يبكون ويصرخون طلبًا للحماية من ظلم المستوطنين، إلا أننا لم نتمكن من الوصول إليهم".
وأشار إلى أنه هرع إلى منزله من عمله في نابلس، بعد أن سمع أن المستوطنين كانوا يخططون لمسيرة "انتقامية" بعد قتل اثنين من المستوطنين.
وأضاف: "كان هناك نحو 30 مستوطنًا ملثّمًا يحملون مسدسات ويدمرون المنزل، لحظة دخولنا المنزل اكتشفونا ورشقونا بالحجارة وكسروا كتف أخي".
واستطرد الدومادي: "صرخت على الجنود لحماية الأطفال ومنع المستوطنين من تخويفهم، لكن الجنود ردوا بإطلاق النار عليّ والصراخ في وجهي للبقاء في المنزل" ، إلا أنه نجح في النهاية من الاطمئنان على أن أطفاله بأمان في جزء آخر من المبنى.
ووصف "عدي" ما حدث قائلًا: "هذه واحدة من أسوأ ما مر به أطفالنا، إذ عاشوا ساعات من الرعب والذعر لم يتخيلوه يومًا، فقد كانوا يرتجفون من الخوف، ويلقون بأنفسهم في حضني بحثًا عن الأمان، ويتوسلون لي أن أبقى بجانبهم، خوفًا من عودة المستوطنين".
في المقابل، دافع الجيش الإسرائيلي عن أسلوب تعامله مع العنف، إذ قال مسؤول عسكري إن "الحكمة في الانتشار يمكن الطعن فيها".
وأشارت "بي بي سي" إلى أنه طالما ألقت جماعات حقوق الإنسان باللوم على العنف ضد المدنيين الفلسطينيين، على مناخ الإفلات من العقاب، المحيط بعنف المستوطنين في الضفة الغربية، لا سيما في بعض المستوطنات في المنطقة المحيطة بحوارة ونابلس.
وبينوا أن هذا العنف يزداد مع المكون القوي المؤيد للمستوطنين واليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
وبينما تقول الشرطة الإسرائيلية إنها تحقق في هذه الحالات، يؤكد نشطاء أنه غالبًا ما تتم تبرئتهم.
وفق "بي بي سي"، فإنه "إلى جانب موجات عمليات البحث والاعتقال التي قام بها الجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية، والأعداد المتزايدة من الهجمات الفلسطينية المسلحة ضد الإسرائيليين، هناك قلق متزايد بشأن الانزلاق إلى أعمال عنف لا يمكن السيطرة عليها".
وترى الشبكة البريطانية، أن الأمور تتجه -بشكل متزايد- نحو نقطة تحول، لا سيما وسط مؤشرات على أن السلطة الفلسطينية غير قادرة على استعادة قبضتها الأمنية المحدودة على المدن الرئيسة، رغم المحاولات التي تقودها الولايات المتحدة لمساعدتها في ذلك.
كان مستوطنون قد دعوا إلى مسيرة لحوارة "سعيًا للانتقام" لقتل هيلل وييغل يانيف، اللذين يعيشان في مستوطنة هار براخا، التي تقع على بعد 1.2 ميل جنوب نابلس.
وكان الشقيقان يقودان سيارتهما عبر حوارة، عندما صدم فلسطيني سيارتهما ثم أطلق عليهما الرصاص.
وقالت والدتهما إستي: "الكلمات لا يمكن أن تصف هذه الكارثة... بدلاً من الإعداد لزفافهما، نحضر لدفنهما".
كما دعت إلى الوحدة بين الإسرائيليين، وشددت على أن "مسؤولية ضمان الأمن تقع على عاتق الجيش وحده".
ولم تعلن أي جماعة فلسطينية مسلحة -حتى الآن- مسؤوليتها عن الهجوم، لكن المسلح كان يرتدي قميصًا يحمل شارة "عرين الأسود" في نابلس.
وكان أعضاء المجموعة هدفًا لغارة إسرائيلية في نابلس، الأربعاء، قُتل فيها 11 فلسطينيًا، بينهم عدد من المدنيين، وهي أكثر العمليات دموية من نوعها في الضفة الغربية منذ عام 2005.