اتفاق إخراج المرتزقة من ليبيا... تحديات على الطريق وانفراجات متوقعة
تحديات وعقبات.. هل يؤدي اتفاق إخراج المرتزقة من ليبيا إلى حلحلة أزمة الانتخابات؟

السياق
بينما تعثر قطار السلام عند محطة «القوة القاهرة»، كانت ليبيا على موعد مع انفراجات على مستويات عدة ، قد تلقي بحجر في المياه الراكدة.
فمن إصدار البرلمان الليبي -قبل أيام- الإعلان الدستوري الثالث عشر الذي يمهد لإجراء الانتخابا،ت عبر حل أزمة القاعدة الدستورية، إلى اتفاق اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) على نقاط مشتركة لإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية، كان البلد الإفريقي، يخطو خطواته الأولى نحو استقرار، قد يصل إليه، حال تنفيذ تلك الخطوات.
فماذا حدث؟
ببيان من العاصمة المصرية القاهرة، أعلنت البعثة الأممية الليبية، ختام اجتماعات دامت يومين، للجنة العسكرية المشتركة، بالاتفاق على آلية لجمع وتبادل البيانات عن المرتزقة والمقاتلين الأجانب.
الاجتماع الذي استضافته العاصمة القاهرة، حضرته لجنة التواصل الليبية ونظيراتها من النيجر والسودان برعاية الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا عبدالله باتيلي، وأقرّت اعتماد آلية متكاملة للتنسيق المشترك بشأن جمع وتبادل البيانات عن المرتزقة والمقاتلين الأجانب.
تلك الاجتماعات أشاد بها المبعوث الأممي إلى ليبيا، واصفًا إياها بأنه «تقدم إيجابي ضمن المساعي الرامية لتحقيق استقرار وسلام في ليبيا، وفي دول الجوار والمنطقة»، وأنها «خطوة مهمة لتهيئة مناخ مواتٍ للعملية السياسية بما في ذلك تنظيم الانتخابات عام 2023».
وأكد المبعوث الأممي أن أجواء التعاون التي سادت الاجتماع والعمل الجاد للمشاركين، يعبران عن الرغبة المشتركة لدى ليبيا وجيرانها في إنهاء وجود المرتزقة والمقاتلين الأجانب على الأراضي الليبية، بما يضمن احترام سيادة ليبيا ووحدتها الترابية من دون الإضرار بدول الجوار.
انعدام الاستقرار
دخلت الولايات المتحدة على خط الاجتماع، مرحبة بمخرجاته، قائلة في تغريدة عبر سفارتها في واشنطن: «وجود المقاتلين الأجانب المزعزع للاستقرار يقوض الأمن ويؤجج انعدام الاستقرار الإقليمي».
وبحسب تقديرات أممية، فإن عدد المقاتلين الأجانب قد يصل إلى 20 ألف مرتزقٍ من جنسيات مختلفة، على رأسهم السوريون والروس والسودانيون وتشاد، مشيرة إلى أنه جرت الاستعانة بهم في معارك لمحاولة السيطرة على السلطة منذ سنوات.
تلك الانفراجات، جاءت بعد قرابة 3 أسابيع، من زيارة لرئيس الاستخبارات الأمريكية (سي آي ايه) إلى طرابلس وبنغازي قبل نحو 3 أسابيع، ركزت على مواجهة الوجود الروسي في ليبيا.
تحديات ومطالب
إلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن الاتفاق ما زال في مرحلة جمع المعلومات عن المرتزقة والقوات الأجنبية الموجودة على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن فرص تنفيذه لا تتعلق باللجنة العسكرية فحسب، بل بالدول التي جاء منها هؤلاء المرتزقة، إضافة إلى الدول ذات العلاقة بالأزمة الليبية، التي تسعى حتمًا لاستمرار الأزمة مدة أطول.
وأوضح أن تشاد والنيجر والسودان، التي حضرت الاتفاق، غير قادرة على سحب مقاتليها بلا دعم ومساندة دولية، مشيرًا إلى أن الحديث عن إخراج مرتزقة هذه الدول من ليبيا، دونما آلية واضحة، سيسبب اضطرابات في تلك الدول المحيطة بليبيا، التي تعاني اضطرابات أمنية.
وأشار إلى أن الاتفاق في حد ذاته لن يكون خطوة مهمة للاستقرار، لكن تطبيقه بخطوات مدروسة سيكون له أثره الإيجابي في الاستقرار، مشترطًا ضرورة تحرك مواز من الساسة الليبيين، ليكون لذلك الاتفاق تأثير في تنظيم الانتخابات.
تطورات إيجابية
وأوضح المحلل السياسي الليبي أن الملفين الأمني والسياسي لا يمكن فصلهما، فكل التطورات الإيجابية التي تحققها اللجنة العسكرية المشتركة ستنعكس بشكل إيجابي على الملف السياسي، وفي اعتقادي أكاد أن أجزم بأن تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار ستكون مفتاح الحل في ليبيا حتى قبل أن يتفق الساسة، وبذلك فإن عملية إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية -حال تنفيذها بالفعل- ستكون أداة للضغط على الساسة، لاستكمال مهامهم المعطلة.
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي محمد فتحي الشريف، في تصريحات لـ«السياق»، إن الأطروحات التي يجريها المبعوث الأممي عبدالله باتيلي، بشأن إخراج المرتزقة والأجانب من ليبيا، جديدة، ولم يسبق أن تطرق إليها أحد المبعوثين الأمميين، ما قد يؤدي إلى تنفيذ ذلك الاتفاق.
عملية سياسية متعثرة
وبينما قال إن المرتزقة في المنطقة الغربية، أغلبهم من تركيا، أكد أن وجود النيجر والسودان وتشاد على الأراضي المصرية، إضافة إلى اللجنة العسكرية، يعد طرحًا جديدًا ومغايرًا، يتطلب ضغطًا من المجتمع الدولي ليرى النور.
وتوقع المحلل الليبي، الذي يرأس المركز الآفروآسيوي للدراسات والاستشارات، أن تثمر اجتماعات القاهرة نتائج جديدة، خاصة أنها عقدت في حضور الأطراف المتعلقة بالأزمة الليبية، مشيرًا إلى أن المبعوث الحالي يحتاج إلى تنقية الأجواء، واتخاذ آليات ضدهم.
وأكد المحلل السياسي الليبي، أن اجتماع القاهرة قد يضع النقاط على الحروف، في ما يخص ملف المرتزقة، وجنسياتهم وأماكن تمركزهم والأسلحة التي بحوزتهم، مشيرًا إلى أنه حال رؤية اتفاق المرتزقة للنور، فإنه سيؤثر بالإيجاب في العملية السياسية التي ستظل رهن التجاذبات على الأرض، مستدلًا على رؤيته بفشل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا، بسبب حالة القوة القاهرة.
وأشار المحلل الليبي إلى أن اتفاق إخراج المرتزقة يعد أحد أركان عملية سياسية، لأن المليشيات المسلحة والمرتزقة أحد عوامل عدم الاستقرار، خاصة أن لهم تأثيرًا في القرار السياسي بليبيا.