كاتب بريطاني: مهاجرو الشرق الأوسط يُلحقون العار بالمملكة المتحدة
قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة -كوين ماري- البريطانية، كريستوفر فيليبس، إن رفض بريطانيا المهاجرين من الشرق الأوسط، الذين ساعدت سياساتها في محنتهم الحالية، تضيف طبقة أخرى من النفاق والعار على المملكة المتحدة

ترجمات-السياق
سلط أستاذ العلاقات الدولية بجامعة "كوين ماري" البريطانية، كريستوفر فيليبس، الضوء على خطط الحكومة البريطانية لترحيل الذين يطلبون اللجوء في البلاد إلى رواندا، قائلاً إن الأمر يواجه انتقادات واسعة في الداخل والخارج، بما في ذلك أحزاب المعارضة، وجماعات حقوق الإنسان، والأمم المتحدة، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وأضاف فيليبس، في مقال لصحيفة عرب نيوز السعودية الصادرة باللغة الإنجليزية، أن المعارضة المُبررة من هذه الكيانات على الخطط البريطانية، تركز على عدم أخلاقية فكرة ترحيل المهاجرين إلى بلد غير معتاد على ترحيل المهاجرين إليه، وله سجل سيئ في مجال حقوق الإنسان، فضلاً عن التكاليف الباهظة التي تتحملها المملكة المتحدة من الناحية المالية، وكذلك من ناحية النيل من سُمعتها.
وتابع: "ومع ذلك فإن هناك مجموعة قليلة ربطت بين الأزمة الحالية والسياسة الخارجية البريطانية في الفترة الأخيرة، إذ يأتي معظم المهاجرين الذين يحاولون دخول المملكة المتحدة بشكل غير قانوني من دول في الشرق الأوسط، لعبت فيها لندن دوراً رئيساً في زعزعة استقرارها خلال العقود الأخيرة".
وأشار الكاتب إلى أنه من بين 44190 شخصاً طلبوا اللجوء في المملكة المتحدة عام 2021، وصل أكثر من نِصفهم (28526) في قوارب صغيرة عبرت القناة الإنجليزية، بعد أن شددت فرنسا الضوابط على طرق الوصول غير القانونية، كما أن الأرقام أعلى هذا العام، ولذا فإن سياسة لندن -المتمثلة في ترحيل المهاجرين إلى رواندا- تهدف إلى أن تكون رادعاً جديداً لتهديد أولئك الذين يخططون للعبور إلى البلاد، ومع ذلك، فإن القضية التي لم يتم الاهتمام بها من أين تأتي أغلبية هؤلاء المهاجرين.
ووفقاً للكاتب، فإنه العام الماضي، جاء 30% منهم من إيران، و21% من العراق و9% من سوريا، وفي عامي 2018 و2019، كانت الأغلبية من طهران، وهي البلدان التي تشترك في مستويات مختلفة من العنف في الفترة الأخيرة، والقمع السياسي وعدم اليقين الاقتصادي، كما أنهم يتشاركون في تدخل كبير من المملكة المتحدة في بلادهم خلال السنوات الأخيرة، موضحاً أنه قد تم غزو العراق واحتلاله من قِبل لندن، إلى جانب الولايات المتحدة، كما تم فرض عقوبات على إيران من المملكة المتحدة ودول غربية، على مستويات متفاوتة خلال سنوات، بينما انضم القادة البريطانيون إلى الآخرين في تسهيل الحرب الأهلية بسوريا، من خلال تشجيع التمرد ضد دمشق، مع عدم تقديم الدعم الكافي لها لتحقيق النصر.
وتابع: "عادةً ما يطلب الناس اللجوء لأسباب متنوعة، لكن من الواضح أن عدم الاستقرار والخوف من العنف في بلدانهم هي الأسباب التي تتصدر القائمة، وأحد الذين تحاول المملكة المتحدة ترحيلهم إلى رواندا عراقي قال إنه فر من وطنه بعد تلقيه تهديدات من أقاربه الذين شغلوا مناصب رفيعة المستوى في الحكومة التي تدعمها المملكة المتحدة وساعدت في وصولها للسلطة، بينما يقول آخر من إيران إنه كان يواجه الاعتقال أو الإعدام، لمشاركته في مظاهرات ضد النظام، وعلى عكس الوضع في العراق، فإن المملكة المتحدة تعارض النظام الإيراني وحاولت معاقبته من خلال فرض عقوبات عليه".
ولفت الكاتب إلى أن العديد من الأشخاص، مثل هذين الرجلين، يعانون حالياً في المراكز المؤقتة بالمملكة المتحدة بعدما فروا من واقع الشرق الأوسط، الذي ساعدت المملكة المتحدة في إنشائه.
وأوضح الكاتب: صحيح أن لندن ليست وحدها التي تسببت في عدم الاستقرار كما أن التدخل الغربي لا يعد العامل الوحيد في المشكلة، لكن المملكة المتحدة تتحمل بعض المسؤولية، ولذا يجب على الأقل الاعتراف بذلك، إلا أنه بدلاً من ذلك، تتم شيطنة طالبي اللجوء من الشرق الأوسط من قِبل الحكومة البريطانية وأنصارها في الصحافة، وبدلاً من قبول أنهم يفرون من العنف الذي ساعدت المملكة المتحدة في إنشائه، أو الأنظمة القمعية التي تعارضها لندن بنشاط منذ سنوات، يتم تصويرهم على أنهم جزء من مجموعة أجنبية تسعى إلى استغلال الكرم البريطاني من دون استحقاق.
ورأى الكاتب أن الموقف الذي اتخذته حكومة المحافظين -بزعامة رئيس الوزراء بوريس جونسون- لم يكن مفاجئاً، لأن بريطانيا لديها تاريخ طويل في إنكار العناصر السلبية في أفعالها السابقة في الخارج، أو التقليل منها، سواء خلال أيام الإمبراطورية أم بعدها، وكثيراً ما يؤكد جونسون "الماضي المجيد" لبريطانيا، وبذلك فإن قلة فقط من الناس يتوقعون منه الاعتراف بدور أسلافه في تسهيل الأزمة الحالية، كما أن شيطنة طالبي اللجوء -بدلاً من النظر في سبب فرارهم من بلدانهم- أمر جيد لبعض السياسيين والناخبين، الذين يسعى جونسون بشدة للاحتفاظ بدعمهم.
وأضاف: "ومع ذلك، فإن هذا النهج يبدو، مثل الكثير من سياساته، قصير الأجل ومن المرجح أن يؤدي إلى نتائج عكسية على المدى الطويل، فرغم أمل لندن بإعادة تصوير نفسها باعتبارها (بريطانيا العالمية) بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، فإن ترحيل المهاجرين إلى رواندا يجعلها تبدو كدولة قاسية وفاترة المشاعر".
ونهاية المقال، أكد الكاتب: حقيقة أن بريطانيا ترفض المهاجرين من الشرق الأوسط، الذين ساعدت سياساتها في محنتهم الحالية، تضيف طبقة أخرى من النفاق والعار على المملكة المتحدة، محذراً من أنه رغم أن خطط لندن قد تساعد في إبقاء جونسون في السلطة بضعة أشهر، فإنها ستلحق المزيد من الضرر بسُمعة بريطانيا الدولية المتراجعة بالفعل.