الصرب والألبان... هل تعود الحرب الدامية؟
أعلن حلف شمال الأطلسي أنه سينشر قوات إضافية في كوسوفو، عقب مواجهات شمالي البلاد، أصيب فيها 30 جنديًا من قوة حفظ السلام، التي يقودها التحالف

السياق
بعد 23 عامًا من حرب كوسوفو الدامية، تتزايد المخاوف من عودة شبح القتال، في ظل وضع داخلي مضطرب، وحرب قد تتسع دائرتها لتعبر روسيا وأوكرانيا.
وتتصاعد التوترات، بين الصرب والحكومة التي يقودها الألبان في كوسوفو، جنوب شرقي أوروبا.
وأغلق المتظاهرون الطرق وأطلقوا النار، بعد إجبارهم على وضع لوحات أرقام صادرة من كوسوفو على سياراتهم.
وأعلن حلف شمال الأطلسي أنه سينشر قوات إضافية في كوسوفو، عقب مواجهات شمالي البلاد، أصيب فيها 30 جنديًا من قوة حفظ السلام، التي يقودها التحالف.
وقال الأدميرال ستيوارت بي مونش، في بيان: "يعد نشر قوات إضافية من (الناتو) في كوسوفو إجراءً حكيمًا، لضمان أن قوات كوسوفو لديها القدرات التي تحتاج إليها للحفاظ على الأمن، وفقًا لتفويض مجلس الأمن". وأضاف: "يجب أن يتوقف العنف".
وتابع: "أريد أن أثني على قوات (كفور) لاتخاذها إجراءات سريعة ومنضبطة ومهنية للتدخل، لوقف الاضطرابات وإنقاذ الأرواح".
وأضاف: "يجب أن يتوقف العنف وعلى جميع الأطراف التوقف عن اتخاذ إجراءات لتقويض السلام في كوسوفو".
كوسوفو بلد صغير غير ساحلي في البلقان، على الحدود مع ألبانيا ومقدونيا الشمالية والجبل الأسود وصربيا.
عصيان مدني
وحسب "بي بي سي" فإنه بين 1.8 مليون شخص يعيشون في كوسوفو، يشكل الألبان 92 في المئة، والصرب 6 في المئة فقط، في حين أن الباقي من البشناق والغوران والأتراك والغجر "الروما".
وتؤكد "بي بي سي" أن توتر العلاقات بين الحكومة التي يهيمن عليها الألبان والأقلية الصربية لم يهدأ، حتى لو ظهر عليها السكون
ونهاية الأسبوع الماضي، اشتعلت الأمور وزادت التوترات وتحولت إلى عصيان مدني، بعد ما أرادت حكومة كوسوفو أن تجعل سكان المناطق ذات الأغلبية الصربية يستبدلون بلوحات أرقام سياراتهم الصادرة من صربيا أخرى صادرة من كوسوفو.
ويعني ذلك أنه لن يستخدم قرابة 50 ألف شخص في هذه المناطق لوحات أرقام كوسوفو، لأنهم يرفضون الاعتراف باستقلال كوسوفو.
وأرجأت حكومة كوسوفو تطبيق القواعد الجديدة لمدة شهر.
نزاع جديد
دعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل –الثلاثاء- قادة كوسوفو وصربيا إلى وقف التصعيد على الفور، بعد اشتباكات "غير مقبولة على الإطلاق" شمالي كوسوفو.
وقال بوريل، بعد اتصال هاتفي برئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي، وآخر بالرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، إن الاتحاد الأوروبي "يناقش الإجراءات التي يمكن اتخاذها حال مواصلة الأطراف مقاومة الخطوات المقترحة لوقف التصعيد".
ودعا بوريل سلطات كوسوفو إلى تعليق عمليات الشرطة حول المباني البلدية شمالي البلاد، كما دعا المتظاهرين الصرب إلى الانسحاب.
وفي إشارة إلى الحرب في أوكرانيا، قال وزير الخارجية الأوروبي: "هناك كثير من العنف في أوروبا، لا يمكننا تحمُّل نزاع جديد".
بوتين
ولا يعترف عديد من الصرب، الذين يشكلون الأغلبية في أربع مدن شمالي البلاد، بسلطة بريشتينا وهم موالون لبلغراد.
وقاطع الصرب الانتخابات البلدية التي جرت في أبريل، ما أدى إلى انتخاب رؤساء بلديات ألبان بنسبة إقبال تقل عن 3.5 بالمئة.
ونصبت حكومة ألبين كورتي رؤساء البلديات الأسبوع الماضي، متجاهلة دعوات التهدئة التي أطلقها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وفرقت شرطة كوسوفو -الاثنين- المتظاهرين الصرب بالغاز المسيل للدموع، بعد ذلك، حاولت قوّة حفظ السلام الفصل بين الطرفين قبل تفريق الحشد.
ورد المتظاهرون بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على الجنود.
وقالت رئيسة كوسوفو، فيوسا عثماني، إن بوتين يمكن أن يستخدم كوسوفو لتوسيع الصراع الحالي في أوكرانيا وزيادة زعزعة استقرار أوروبا.
صربيا وروسيا دولتان حليفتان تقليديًا، ووقع رئيسها فوتشيتش -مايو الماضي- ما وصفها بصفقة غاز تفضيلية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
رد روسيا
الخارجية الروسية علقت على الأمر وحثت -في بيان- الغرب على وقف ما سمتها "دعايته الكاذبة" بشأن المواجهات في كوسوفو التي أسفرت عن إصابة نحو 30 جنديًا في قوة حفظ السلام، ودعت إلى "إجراءات حاسمة لخفض التصعيد".
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان: "ندعو الغرب إلى إنهاء دعايته الكاذبة والتوقف عن إلقاء اللوم في الأحداث في كوسوفو على الصرب المدفوعين باليأس الذين يسعون سلميًا (...) إلى الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم المشروعة".
وأضافت: "يجب اتخاذ إجراءات حاسمة لخفض التصعيد وليس أنصاف إجراءات" تقول موسكو إن الولايات المتحدة اقترحتها.
ورأت روسيا أن إنشاء "مجتمع من بلديات صربية الشرط الأساسي للحوار الذي يمكنه وحده أن يمنح فرصة لضمان الاستقرار والأمن في المنطقة".
تعليق واشنطن
تدخلت الولايات المتحدة على الخط واستبعدت كوسوفو من برنامج لتدريبات عسكرية، في أول عقوبة بعد تسليم ألبان مهامهم رسميًا على رأس بلديات في مدن الشمال، إثر فوزهم في انتخابات قاطعها الصرب الذين يشكلون أغلبية في تلك المنطقة، ما أدى إلى تجدد التوتر.
وأعلن السفير الأميركي في بريشتينا جيفري هوفينير استبعاد كوسوفو من "ديفندر 23"، وهو برنامج لتدريبات عسكرية مشتركة بين أكثر من عشرين 20 دولة بدأ في أبريل ويفترض أن يستمر حتى نهاية ونيو في أوروبا.
وقال هوفينير للصحفيين: "بالنسبة لكوسوفو هذا التدريب انتهى".
وانتقد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن -في بيان مجددًا- رئيس الوزراء الكوسوفي ألبين كورتي، موضحًا أن قراره بشأن رؤساء البلديات "أدى إلى تفاقم التوتر بشدة وبلا ضرورة".
ودعا بلينكن "كل الأطراف إلى اتخاذ إجراءات فورية لنزع فتيل التوتر"، ودان "العنف غير المقبول" ضد قوات حفظ السلام.
وهدد السفير الأمريكي باتخاذ إجراءات غير مسبوقة، لإنهاء الدعم الدبلوماسي للاعتراف الدولي بهذه الدولة الواقعة في البلقان، وما زال استقلالها موضع نزاع بين روسيا والصين وبعض الدول الأوروبية.
وقال هوفينير: "طلبنا من رئيس الوزراء كورتي بشكل مباشر اتخاذ إجراءات فورية لوقف التصعيد في الشمال ولم يستجب لهذه الطلبات".
ويسود توتر -منذ أيام- هذه المنطقة من كوسوفو التي لا يعترف جزء كبير من الصرب فيها بسلطة بريشتينا.
وقاطع الصرب الانتخابات البلدية في أبريل بهذه البلدات، ما أدى إلى انتخاب رؤساء بلديات ألبان، رغم نسبة مشاركة ضئيلة جدًا تقل عن 3.5 بالمئة من الناخبين.
وسلمت الحكومة أعضاء مجالس البلديات الذين انتخبوا مهامهم رسميًا الأسبوع الماضي، وتجاهل رئيس الوزراء الدعوات إلى التهدئة.
ويطالب المحتجون الصرب، الذين تجمعوا أمام بلدية زفيكان، بسحب رؤساء البلديات الألبان وقوات شرطة كوسوفو.