رفع سقف الدين الأمريكي... الإفلات من الكارثة
أعلن بايدن أنه ما من شيء سيكون أكثر انعداما للمسؤولية وأكثر كارثية من تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها.

السياق
أخيرًا، وقع الرئيس الأميركي جو بايدن على قانون رفع سقف دين الحكومة إلى ما يزيد عن 31.4 تريليون دولار، مما يجنب البلاد التعثر في سداد الديون.
وأقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون رفع سقف الدين العام والحد من الإنفاق، قبل 4 أيام فقط من إعلان الحكومة عجزها عن تسديد التزاماتها للمرة الأولى في التاريخ.
وينص مشروع الاتفاق على رفع سقف الدين العام سنتين، أي إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية عام 2024، مع فرض حد أعلى لبعض النفقات، باستثناء النفقات العسكرية، لإبقائها مستقرة عام 2024، وبزيادة 1% عام 2025.
سقف الدين المحلي حاليًا هو الحد الأقصى للقيمة المالية المسموح للخزانة الأمريكية باقتراضها لسداد التزاماتها، ويصل إلى 31.4 تريليون دولار، أي ما يعادل 130% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأعلن بايدن أنه ما من شيء سيكون أكثر انعداما للمسؤولية وأكثر كارثية من تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها.
وقال بايدن مخاطبا الأمة من المكتب البيضوي: "أود أن أثني على رئيس مجلس النواب مكارثي.. كما تعلمون، هو وأنا، نحن وفرقنا، تمكنا من التوافق وإنجاز الأمور. كنا صريحين مع بعضنا بعضا، صادقين تمامًا ومحترمين مع بعضنا بعضا.. كلا الجانبين عمل بحسن نية. والجانبان حققا وعدهما.. أود أن أشكر أعضاء الكونغرس الذين صوتوا لتمرير هذه الاتفاقية التي سأوقعها السبت، لتصبح قانونا".
نجاح جمهوري
نجح الجمهوريون في تحقيق مطلبهم بأن ينص القانون الجديد على خفض 10 مليارات دولار من الأموال المخصصة للخدمات الضريبية لتحديثها وتشديد الضوابط، وكذلك استرداد الأموال المخصصة لمكافحة كورونا، التي لم تنفق.
إضافة إلى ذلك، ستعتمد قواعد جديدة للوصول إلى بعض برامج المساعدات الفدرالية.
وقال مكتب الميزانية بالكونغرس، غير الحزبي، الثلاثاء، إن التشريع سيحقق توفيرًا بـ 1.5 تريليون دولار على مدى عقد من الزمن.
وصوت الكونجرس بغرفتيه لصالح تمرير القانون ورفع سقف الدين عامين ما يعني تجنُّب اللعب على حافة الهاوية لـعام 2025، وهي خطوة وصفها الرئيس بايدن بأنها لحماية التقدم الاقتصادي المكتسب بالجهد الذي حققناه، ومنع التخلف عن السداد لأول مرة من الولايات المتحدة... أظهروا -مرة أخرى- أن أمريكا دولة تدفع فواتيرها وتلبي التزاماتها وستظل".
وأضاف: "عملنا لم ينته، لكن هذا الاتفاق خطوة حاسمة إلى الأمام، وتذكير بما هو ممكن عندما نعمل لمصلحة بلدنا، المشروع انتصار كبير للاقتصاد والشعب الأمريكي".
الإفلات من الكارثة
إقرار القانون يعني إفلات واشنطن من تداعيات كارثية، ستظهر مع التخلف عن سداد التزاماتها وعجزها عن دفع مستحقات ديونها وفواتيرها، ومعاشات التقاعد ورواتب الموظفين الفدراليين، ومزايا الضمان الاجتماعي، والرعاية الطبية، واسترداد الضرائب، ورواتب العسكريين، ومدفوعات الفوائد على الديون العامة المستحقة، رغم كل ذلك فإنه ليس نهاية المطاف، فالتأثيرات لن تكون داخلية فقط بل ستشمل الاقتصاد العالمي.
وأشار مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، مقره أبوظبي، إلى أنه حال استمرار الأزمة فتكرار سيناريو أزمة 2011 وتخفيض وكالات لتصنيف الائتماني إلى التصنيف الائتماني لواشنطن ومصارفها أمر وارد، ما يعني ارتفاع تكلفة الديون التي ارتفعت بسبب رفع سعر الفائدة، كذلك تشير بعض التوقعات إلى توقّف 10% من الاقتصاد الأمريكي بسبب هذه الأزمة.
عام 2011 خفضت وكالة الائتمان ستاندرد آند بورز تصنيف البلاد، وهي خطوة لم تتراجع عنها.
ووفقا للمركز ذاته، فحجم الكارثة التي أفلتت منها واشنطن وربما العالم كله بإقرار القانون، تظهره تصورات نماذج محاكاة لتضرر الاقتصاد الأمريكي والعالمي، إذ تشير إلى ركود حاد وفوري وتداعيات مختلفة في عدد من القطاعات، واستمرار الحال على ما هو عليه لما بعد الربع الثالث من العام الجاري، ستهبط معه الأسهم المتداولة بنحو 45%.
كذلك أسفر أحد نماذج التنبؤ عن زيادة البطالة بـ 5 نقاط مئوية دفعة واحدة، مع تراجع الاستهلاك وتسريح العمالة، وعلى عكس أزمة الكساد الكبير، وركود الجائحة، وغيرها من الأزمات المشابهة، فإن الحكومة الأمريكية ستكون غير قادرة على مساعدة المستهلكين والشركات هذه المرة، لأن يدها ستكون مغلولة بسقف الدين المخترق.
إنقاذ الكونجرس
وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، أشارت هي الأخرى إلى أن الأزمة تهدد عرش الدولار الأمريكي كعملة احتياطي عالمي، في الوقت نفسه الذي يحذر مراقبون من ارتفاع الأصوات المطالبة باستبدال عملات أخرى بالدولار كوسيط للتبادل، ولزيادة نسبة الذهب وغيره من الأصول في مكوّن الاحتياطي للبنوك المركزية على حساب الدولار وأذون الخزانة الأمريكية، التي ضعفت الثقة بها نسبياً، جنباً إلى جنب مع سندات الخزانة.
وفقا للتاريخ لم تسقط الولايات المتحدة في فخ سقف الديون من قبل، من دون أن ينقذها الكونجرس برفع السقف الديون، الذي سبق أن أقره 78 مرة منذ عام 1960 بينها 20 مرة منذ عام 2001، والثانية في عهد الرئيس بايدن، إذ ارتفع سقف الدين عام 2021 من 27.7 تريليون دولار إلى 31.4 تريليون عام 2021.