تعيش تحت حماية الشرطة... باحثة فرنسية مهددة بالقتل بعد نشر كتاب عن الإخوان
عالمة فرنسية تواجه تهديدات بالقتل بسبب كتاب عن تنظيم الإخوان

ترجمات – السياق
تهديدات بالقتل، تلقتها عالمة الأنثروبولوجيا في المركز الفرنسي الوطني للبحوث العلمية فلورنس بيرغود-بلاكلر، بسبب كتابها الصادر مطلع 2023 بعنوان "الإخوان وشبكاتهم"، الذي يُعد -وفق سياسيين وباحثين- مرجعًا عن تنظيم الإخوان وتأسيسه في أوروبا، لأنه يُحدد بدقة أسباب خطورة هذه الحركة وأساليبها وقيادتها للإسلام السياسي، ما اضطر السلطات الفرنسية لوضعها تحت حماية الشرطة.
تهديدات القتل
بسبب ذلك أرجئت محاضرة عن الكتاب بجامعة السوربون في باريس، كانت مقررة 12 مايو "لأسباب أمنية"، ما أثار ردود فعل غاضبة، خاصة بعد تلقيها تهديدات بالقتل.
الكاتب في شؤون التطرف ليام دافي، لم يفوت الأمر، وسلط الضوء على حياة الباحثة الفرنسية من أصل بلجيكي، وكيف تبدلت تمامًا، بعد تلقيها هذه التهديدات.
وروى في مقال بمجلة ذا سبيكتاتور البريطانية، كيف تعيش هذه المرأة "تحت الحماية المستمرة"، خوفًا على حياتها، مشيرًا إلى أنه لاحظ -خلال زيارته لمنزلها- وجود رجل ضخم يضع وشمًا كبيرًا حول عنقه، ورغم غرابته فإنه لم يكن سوى حارس أمن مكلف بحمايتها.
وقال الكاتب: كان واضحًا أن الرجل لم يكن هناك للغداء... وإنما حضر بالنيابة عن الدولة الفرنسية، لمنع اغتيال الدكتورة فلورانس بيرغو-بلاكلير، التي كانت تعيش تحت حماية الشرطة، خلال الأسابيع الستة الماضية، لردود فعل على كتابها (الإخوان وشبكاتهم).
التنظيم السري
ويرى دافي أن الإخوان أبرز تنظيم إسلاموي في العالم، مشيرًا إلى أنه تأسس خلال عشرينيات القرن الماضي في مصر أثناء الاستعمار الإنجليزي، منوهًا إلى أنه وصل إلى الغرب عبر الطلاب وبعض القيادات التي فرت إلى أوروبا، بعد التضييق عليهم في الوطن العربي.
ووصف الكاتب، التنظيم بأنه "سري بشكل مهووس"، لذلك فإن استقصاء عالمة أنثروبولوجيا وكتابتها عن أنشطته قوبلا بغضب شديد من مؤيدي وأعضاء التنظيم في أوروبا.
رواية ملفقة
وردًا على سؤال الكاتبة: "لماذا لم تهرب بعيدًا لتتجنب هذه التهديدات؟"، قالت بيرغو-بلاكلير متحدية إنها لا تنوي الهرب وترك كل شيء وراءها، لكن عالمة الأنثروبولوجيا أبدت استياءها من تلميحات بعض الأكاديميين الآخرين بأن "التهديد بالقتل"، مجرد رواية ملفقة أو مبالغ فيها للترويج للكتاب.
وشددت الباحثة الفرنسية، على أن "التهديدات بالقتل كانت حقيقية، خصوصًا أنها تعيش في فرنسا، البلد الذي شهد قتل المعلم صامويل باتي".
ففي 16 أكتوبر 2020، قُتل المعلّم باتي (47 عامًا) بقطع رأسه، بالقرب من مدرسته في كونفلان سانت أونورين، بالضاحية الشمالية الغربية لباريس، على يد عبدالله أنزوروف (18 عامًا) وهو لاجئ روسي من أصل شيشاني، قتلته الشرطة خلال الهجوم.
إلى جانب ذلك، أعربت العالمة عن شكوكها الكبيرة -ساخرة- في انتداب السلطات الفرنسية حارسًا شخصيًا للمساعدة في مبيعات الكتب.
غزو الدولة
وأشار دافي إلى أن بيرغو-بلاكلير وجدت تعاطفًا من قسم كبير من وسائل الإعلام، ما سمح لها بالرد بقوة، لافتًا إلى أنها -حتى الآن- تصر على أنها لم تتلق دحضًا لعملها.
وبدلًا من ذلك، قالت الباحثة الفرنسية: "تضمن رد الفعل اتهامات بالإسلاموفوبيا، والترويج لنظريات المؤامرة، إلى جانب شجب شخصيتها، ودوافعها، بينما تضمنت ردود كل هذه الأمور معًا، لكن تحت غشاء من النقد الأكاديمي"... على حد قولها.
ويرى دافي، أن المقارنة "في غاية التطرف وغير متوافقة مع أهداف الكتاب، إلا أنها مفيدة للمعارضين لاستغلالها".
وأوضح أن الإخوان تنظيم يسعى إلى تحويل الدولة والمجتمع إلى رؤيته العقائدية، لافتًا إلى أن أشهر شعاراته "الإسلام هو الحل".
كانت بيرغود-بلاكلر قالت في تصريحات صحفية، إنها حرصت بطريقة واقعية وموثقة، على استكشاف أصل حركة الإخوان وأسسها العقائدية وتنظيمها وأساليب عملها، وتمويلها، فضلاً عن أساليب التجنيد والتلقين التي تتبعها.
وشددت على أن هذا النوع الخاص من "الإسلاموية" الذي يُمثله تنظيم الإخوان، لا يسعى فقط لغزو السلطة والدولة من خلال السياسة، لكن أيضًا وقبل كل شيء، من خلال الاقتصاد والثقافة.