بعد توافق المعارضة اللبنانية عليه... هل اقترب جهاد أزعور من قصر بعبدا؟
يرى حزب الله ترشيح أزعور مناورة يقصد بها كل طرف من أطراف المعارضة حرق اسمه قبل أن يكشف عن مرشحه الحقيقي.

السياق
منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، نهاية أكتوبر، فشل البرلمان اللبناني -على مدى 11 جلسة- في انتخاب رئيس، وسط انقسام بين فريق مؤيد لحزب الله، وآخر معارض له، وسط تباينات داخل كل فريق، ووجود مستقلين.
لكن يبدو أن أوساط المعارضة اللبنانية اقتربت من التوصل إلى توافق، عقب إعلان 32 نائباً لبنانياً -الأحد- ترشيح المسؤول في صندوق النقد الدولي الوزير السابق جهاد أزعور، لرئاسة الجمهورية بعد أكثر من سبعة أشهر من الشغور الرئاسي.
ويرى مراقبون أن أزعور، يمكن أن يحصل على دعم 68 نائبًا، يكفي لكسر معارضة الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله)، الذي مازال متمسكًا بترشيح سليمان فرنجية زعيم تيار المردة الموالي له.
ومنذ أسابيع تسعى أبرز الاحزاب المسيحية، القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب، إلى التوافق على أزعور في بلد تتوزع فيه الرئاسات الثلاث الأولى على قاعدة مذهبية: رئاسة الجمهورية للموارنة، ورئاسة المجلس النيابي للشيعة، ورئاسة مجلس الوزراء للسُّنة.
غير استفزازي
ويأتي إعلان ترشيح أزعور إثر اتصالات مكثفة بين كتل معارضة والتيار الوطني الحر، حليف حزب الله المسيحي الأبرز، الذي عارضه في مسألة رئاسة الجمهورية، انتهت بـ"تقاطع" على اسم أزعور.
ويقول مراقبون، إن ترشيح أزعور جاء كثمرة توافق جمع بين تأييد حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع والتيار الوطني الحر بقيادة جبران باسيل، وهما أكبر قوتين مسيحيتين في البرلمان، إلى جانب حزب الكتائب بقيادة سامي الجميل.
وخلال مؤتمر صحفي، تلا النائب مارك ضو بياناً باسم 32 نائباً، أعلن فيه ترشيح أزعور "كمرشح تلاق وسطي غير استفزازي لأي مكون سياسي في البلاد".
ويمثل الـ32 نائبًا كتلاً معارضة، أبرزها حزبا القوات اللبنانية، الذي يملك كتلة برلمانية وازنة، والكتائب المسيحيان، فضلاً عن النائب ميشال معوض ونواب مستقلين وآخرين ينتمون لكتلة التغييريين، المنبثقة من الاحتجاجات ضد الطبقة السياسية عام 2019.
وسبق أن دعم هؤلاء معوض الذي كان أول من ترشح للمنصب، قبل أن يعلن -الأحد- سحب ترشيحه لإتاحة الفرصة أمام أزعور.
كان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الرافض لترشيح فرنجية، أعلن "تقاطع" حزبه مع كتل نيابية أخرى على اسم أزعور، رغم الخصومة التي تجمعه بعدد منها.
هذا التوافق، يوضح الخلاف بين جانب باسيل مع حليفه السابق، حزب الله، كما يعكس رغبته في أن يكون قريبًا من قصر بعبدا، بدلًا من أن يبقى خارج نفوذ التيارين: المعارضة الوطنية من ناحية والثنائي الشيعي من ناحية أخرى، وهو ما قد يمكن أن يُسهّل له -في وقت لاحق- الخروج من دائرة العقوبات التي تفرضها عليه الولايات المتحدة.
دعم حزب الله
في المقابل، يدعم حزب الله وحليفته حركة أمل بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ترشيح حليفهما سليمان فرنجية، المقرب من دمشق.
ويرى حزب الله ترشيح أزعور "مناورة" يقصد بها كل طرف من أطراف المعارضة "حرق اسمه" قبل أن يكشف عن مرشحه الحقيقي.
وقال النائب عن حزب الله حسن فضل الله، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية: "لا تتعبوا أنفسكم وتهدروا الوقت، فلن يصل مرشح التحدي والمواجهة إلى بعبدا أيًا كان اسمه".
كان مسؤولون في حزب الله وصفوا معوض أيضاً بمرشح "التحدي".
ودعا بري إلى عقد جلسة نيابية جديدة لانتخاب رئيس في 14 يونيو، بينما لا يملك- حتى الآن- أي فريق أكثرية برلمانية تمكنّه من إيصال مرشحه.
ويحتاج انتخاب الرئيس في المجلس النيابي، إلى 85 صوتًا في الجلسة الأولى، وهو أمر مستحيل في ظل الانقسام الراهن، إلا أن الجولة الثانية تحتاج أغلبية بسيطة تبلغ 65 صوتا.
ويقول مؤيدو أزعور إنه يمكن الحصول عليها، بل إن المجموع يمكن أن يبلغ 68 صوتًا، من 128 مقعدًا في المجلس النيابي.
ويمتلك الثنائي الشيعي القدرة على تعطيل جلسة الانتخاب الأولى، بتعطيل النصاب، إلا أنه يحتاج إلى كسب تسعة نواب على الأقل، فوق تحالفه الراهن البالغ 55 صوتًا، لكي يتمكن من تعطيل الجلسة الثانية.
وحاول ممثلون لحزب الله ترهيب أزعور، بالاتصال به كي يبلغوه بأن تأييده مجرد لعبة "لحرق اسمه"، وأكدوا أن الأمر لا يعدو كونه مؤامرة لكي يسحب الحزب دعمه لفرنجية.
من هو أزعور؟
يشغل أزعور منصب مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، وقد كان وزير المال اللبناني بين عامي 2005 و2008.
أزعور حائز -وفق موقع صندوق النقد- دكتوراه في العلوم المالية الدولية، ودرجة عليا في الاقتصاد الدولي والعلوم المالية.
وأبلغ أزعور مؤيديه بأنه لن يستقيل من منصبه، قبل أن يضمن حصوله على التأييد الكافي للفوز بالرئاسة.
ويحث المجتمع الدولي المسؤولين على انتخاب رئيس، وتقود باريس حراكاً للإسراع في ذلك، لإجراء إصلاحات ملحة، هي شرط لحصول لبنان على دعم مالي دولي، يخرجه من أزمته الاقتصادية المستمرة منذ عام 2019.