اغتيال شينزو آبي.. هل يغتنم رئيس الوزراء الفرصة لوضع بصمته؟

فراغ سياسي عميق.. وتوقعات بعملية تطهير لأنصار آبي بالحزب الحاكم

اغتيال شينزو آبي.. هل يغتنم رئيس الوزراء الفرصة لوضع بصمته؟
شينزو آبي

ترجمات - السياق 

ترك اغتيال شينزو آبي فراغا سياسيا عميقا في الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم، بعد ترك الفصيل الأكبر داخل الحزب والمكون من 94 عضوا بلا زعيم، بينما حققت جبهة فوميوا كيشيدا رئيس الوزراء فوزا ساحقا في انتخابات مجلس الشيوخ وتعززت قاعدتها السياسية.

ومنحت وفاة آبي رئيس الوزراء الأطول خدمة في البلاد الفرصة لكيشيدا لوضع بصمته على السياسية اليابانية دون القلق من وجود المخضرم آبي الذي صاغ سياسة البلاد لعقد من الزمان، وحافظ على نفوذه رغم تنحيه عن رئاسة الوزراء في 2020.

ويرى تاكاو توشيكاوا، رئيس تحرير النشرة الإخبارية السياسية إنسايدلاين أنه رغم وحشية الأمر لكن وفاة آبي تعني أن كيشيدا أطلق سراحه وأنه يمكنه الآن ممارسة قيادته لتعيين الأشخاص من دون الحاجة إلى القلق.

ويقول المحللون إنه من المحتمل أن تبدأ عملية تطهير تدريجي لأنصار آبي وإضعاف الأصوات المحافظة المتشددة داخل الحزب خلال السنوات الثلاث المقبلة، ومن المرجح أن تحدث التغييرات الأولى، خلال تعديل وزاري من المتوقع -على نطاق واسع- أن يجريه كيشيدا أواخر أغسطس أو أوائل سبتمبر.

وفي الوقت ذاته يبحث فصيل آبي عن زعيم جديد، للرجل الذي فشل في تهيئة خليفة له، يتمتع بقوة كافية لقيادة المجموعة العملاقة، ويصبح الوجه الجديد لسياساته اليمينية.

حتى قبل إطلاق النار على آبي وقتله على يد مسلح، خلال خطاب ألقاه في الحملة الانتخابية الأسبوع الماضي، توقع المحللون أن يحل كيشيدا محل نوبو كيشي، وزير الدفاع وشقيق آبي، الذي كان في حالة صحية سيئة.

واقترح البعض تنحية سناء تاكايشي، رئيسة السياسة في الحزب الديمقراطي الليبرالي، الحليفة المقربة لآبي، المعروفة بآرائها القومية المتشددة.

 كما كان من المتوقع أن يستفيد كيشيدا من فوزه الانتخابي الكبير لرفع المزيد من الأشخاص من فصيله المكون من 44 عضوًا -رابع أكبر فصيل في الحزب الديمقراطي الليبرالي- إلى مناصب وزارية وحزبية رفيعة.

فيما علق المحلل السياسي المستقل أتسو إيتو، إن خطط كيشيدا قد تكون معقدة، بسبب المخاطرة بأن التحرك بسرعة كبيرة، لتطهير حلفاء آبي، لن يحظى بشعبية لدى الجمهور، مضيفا ان  "السؤال المثير للاهتمام هو: إلى أي مدى يستطيع كيشيدا إبراز لونه الخاص من خلال التعيينات الوزارية؟".

وفي ما يتعلق بالسياسة، توقع ناروشيغ ميتشيشيتا، الأستاذ في المعهد الوطني للدراسات السياسية العليا، أن يكون هناك تباطؤ في دفعة توقيع آبي لزيادة الإنفاق الدفاع، حيث حولت حكومة كيشيدا تركيزها نحو الانضباط المالي.

وقال ميتشيشيتا: "الاتجاه العام لزيادة الإنفاق الدفاعي لن يتغير، لكن سيتم تعديل وتيرة الزيادة فيه".

وخلال فترة ولايته الثانية رئيسًا للوزراء بين عامي 2012 و2020، اتبع آبي تحفيزًا ماليًا قويًا وتيسيرًا نقديًا، لانتشال الاقتصاد الياباني من الانكماش.

وتوقع المحللون أن كيشيدا سيتحول تدريجياً عن السياسية المالية لآبي، ومع ذلك، قال محللون إنه من غير الواضح مدى جرأة كيشيدا في اغتنام الفرصة، لتشكيل برنامجه الاقتصادي.

وأشار المحلل السياسي إيتو إلى ان أحد أسباب بقاء نسبة تأييد كيشيدا عالية، أنه لا يفعل أي شيء، ولهذا السبب لا توجد معارضة، يبدو أن استراتيجية كيشيدا الأساسية أن يبدو كأنه يفعل شيئًا، من دون فعل الكثير في الواقع".

ويتوقع المحللون -على نطاق واسع- أن يواصل كيشيدا رؤية آبي لـ "منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة" وتعميق التحالفات الأمنية الإقليمية، مثل الرباعية التي دافع عنها رئيس الوزراء الراحل لمواجهة الطموحات العسكرية للصين.

تايوان إحدى الدول التي تراقب تأثير وفاة آبي، إذ أصبح وليام لاي، نائب الرئيس -هذا الأسبوع- أكبر مسؤول تايواني يزور طوكيو منذ أن حولت اليابان الاعتراف الدبلوماسي من تايبيه إلى بكين قبل 50 عامًا، وحضر جنازة آبي الثلاثاء.

الحكومة التايوانية امتنعت عن التعليق على رحلة لاي، التي وصفتها بأنها "خاصة".  ومع ذلك، قال مطلعان على الوضع إن لاي كان يمثل الرئيسة تساي إنغ ون، وحمل رسالة منها.

 كانت اليابان، التي حكمت تايوان بين عامي 1895 و1945، أهم شريك دولي لتايوان، إن لم نأخذ الولايات المتحدة في الحسبان، وتوطدت العلاقات في السنوات الأخيرة، سواء في عهد آبي أم بعد تنحيه عن منصبه رئيسًا للوزراء. وتأمل تايبيه أن يواصل الحزب الديمقراطي الليبرالي هذا المسار حتى من دون تأثير آبي.

وبعيدًا عن الجغرافيا السياسية، فإن أحد أكبر أوجه عدم اليقين هو ما إذا كان كيشيدا -المعروف بآرائه المعتدلة- سيمضي قدمًا في مراجعة دستور اليابان السلمي، وهو طموح حمله مدى الحياة آبي.

يوم الأحد، حصل الائتلاف الحاكم وحزبان آخران يدعمان الإصلاح الدستوري على عدد كافٍ من مقاعد مجلس الشيوخ، للحفاظ على أغلبية الثلثين، اللازمة لبدء مراجعة الدستور.

وقال كيشيدا: " سأرث رغبات آبي وأعمل على التحديات التي لم يستطع التغلب عليها مضيفا أنه يشعر بشغف خاص تجاه الإصلاح الدستوري.

 يقول المشككون مثل إيتو إنه من غير المرجح أن يخاطر كيشيدا برأسماله السياسي، من خلال اتباع أجندة مثيرة للجدل، لا تزال تفتقر إلى دعم الأغلبية الشعبية، لكن آخرين يقولون إن كيشيدا يمكن أن يؤمن دعم أنصار آبي، من خلال المضي قدمًا في الإصلاح الدستوري.

وأضاف ميتشيشيتا: "هناك أيضًا مسألة الإرث، فإذا أصبح رئيس الوزراء الذي راجع الدستور، سيتم إدراجه في كتب التاريخ".