لأول مرة منذ 100 عام.. تركيا تتجه لجولة انتخابات رئاسية ثانية
أظهرت النتائج شبه الكاملة لأهم انتخابات تشهدها تركيا، أن أردوغان الذي يُحكم قبضته على السلطة منذ عام 2003 ولم يهزم في أكثر من 10 انتخابات وطنية، أخفق بفارق طفيف عن تحقيق نسبة الـ50% المطلوبة زائد صوت واحد.

السياق
بدأت تركيا -الاثنين- الاستعداد لأول جولة إعادة في الانتخابات الرئاسية، بعد منافسة انتخابية حامية، شهدت تقدم الرئيس رجب طيب أردوغان على منافسه كمال كيلغدار أوغلو، من دون أن ينجح في تأمين ما يكفي من الأصوات لتأكيد فوزه في الجولة الأولى.
بدا أردوغان منتصرًا، عندما ظهر أمام حشد كبير من مؤيديه بُعيد منتصف الليل، ليعلن بنفسه جاهزيته لخوض جولة انتخابات رئاسية ثانية.
وأظهرت النتائج شبه الكاملة، لأهم انتخابات تشهدها تركيا في حقبة ما بعد السلطنة العثمانية، أن أردوغان الذي يُحكم قبضته على السلطة منذ عام 2003 ولم يهزم في أكثر من 10 انتخابات وطنية، أخفق -بفارق طفيف- عن تحقيق نسبة الـ50% المطلوبة زائد صوت واحد.
وقال وسط هتافات صاخبة: "أنا أؤمن من أعماق قلبي بأننا سنواصل خدمة شعبنا في السنوات الخمس المقبلة".
كما أعلن أن حزبه الحاكم فاز بأغلبية واضحة في البرلمان.
وبحسب وسائل إعلام تركية، فإن الرئيس البالغ 69 عامًا، حصل على 49.4% من الأصوات، بينما حصل كيلغدار أوغلو على 45.0%.
ومن المقرر أن تُجرى جولة الانتخابات الرئاسية الثانية، للمرة الأولى في تاريخ الدولة ذات الأغلبية المسلمة والعلمانية رسميًا، في 28 مايو.
كان معسكر كيلغدار أوغلو قد اعترض -في البداية- على نتائج فرز الأصوات، وادعى أنه في الصدارة.
لكن كيلغدار أوغلو -رغم خيبة الأمل من النتائج بعد تصدره الاستطلاعات قبل الانتخابات- تعهد بالفوز على أردوغان في الجولة الثانية.
وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري للصحفيين إن "إرادة التغيير في المجتمع أعلى من 50%".
نسبة قياسية
يتوقع أن تصل نسبة المشاركة إلى 90% في الانتخابات التي ينظر إليها على أنها استفتاء على الزعيم الأطول حُكمًا لتركيا وحزبه ذي الجذور الإسلامية.
وقاد أردوغان تركيا، التي يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة، في واحدة من أكثر حقباتها تحولًا وانقسامًا.
فقد نمت الدولة الكبيرة، لتصبح قوة عسكرية وجيوسياسية ذات ثقل، تلعب أدوارًا في نزاعات تمتد من سوريا إلى أوكرانيا.
وقال رجب تركتان، الناخب في اسطنبول، لوكالة فرانس برس، بعد الإدلاء بصوته متجهًا إلى الزعماء الأتراك: "أهم شيء ألا نقسم تركيا".
وأضاف الرجل البالغ 67 عامًا: "سنقوم بواجبنا... استمروا مع أردوغان".
"اشتقنا إلى الديمقراطية"
أعقب العقد الأول من الانتعاش الاقتصادي لأردوغان، والعلاقات الدافئة مع أوروبا، عقد ثان مليء بالاضطرابات الاجتماعية والسياسية.
ولقد رد على محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 بعمليات تطهير واسعة النطاق، تسببت في قشعريرة المجتمع التركي، وجعلته شريكًا غير مريح للغرب على نحو متزايد.
لكن ظهور كيلغدار أوغلو وتحالفه المعارض المكون من ستة أحزاب، وهو نوع من الائتلاف الواسع، الذي برع أردوغان في تشكيله طوال حياته السياسية، يمنح الحلفاء الأجانب والناخبين الأتراك بديلًا واضحًا.
غير أن جولة الإعادة يمكن أن تمنح أردوغان -في غضون أسبوعين- الوقت الكافي لإعادة تجميع صفوفه.
ومع ذلك يظل يطارده شبح أسوأ أزمة اقتصادية شهدتها تركيا في عهده، والقلق بشأن استجابة حكومته المتعثرة لزلزال فبراير، الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص.
وصرح كيلغدار أوغلو بعدما أدلى بصوته في الانتخابات بأنقرة: "اشتقنا إلى الديمقراطية".
وتابع: "سترون بإذن الله أن الربيع سيأتي إلى هذه البلاد".
ويقود كيلغدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري، الذي أنشأه مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة.
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في تركيا 64 مليونًا، كان عليهم اختيار أعضاء برلمانهم أيضًا في بلد يبلغ عدد سكانه 85 مليون نسمة، ويشهد تقليديًا إقبالًا على التصويت.
خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، عام 2018، فاز أردوغان من الدورة الأولى، بعد حصوله على أكثر من 52.5 في المئة من الأصوات. لذلك، سيشكل احتمال تنظيم دورة ثانية في 28 مايو باقتراع انتكاسة له.
"لا أرى مستقبلي"
أشارت استطلاعات الرأي -قبل الانتخابات- إلى أن كيلغدار أوغلو سيفوز بأصوات الشباب، الذين يشكلون نحو 10 في المئة من الناخبين، بهامش خطأ من اثنين إلى واحد.
وقال الطالب الجامعي كيفانتش دال (18 عامًا) لوكالة فرانس برس في اسطنبول عشية التصويت: "لا يمكنني أن أرى مستقبلي".
وأضاف أن أردوغان "يستطيع بناء أكبر عدد من الدبابات والأسلحة كما يشاء، لكنني لا أحترم ذلك طالما ليس هناك قرش في جيبي".
لكن المدرّسة دنيز أيدمير قالت إن أردوغان سيحصل على صوتها، بسبب التقدم الاقتصادي والاجتماعي الذي حققته تركيا، بعد نِصف قرن من الحكم العلماني الذي غمره الفساد.
كما تساءلت المرأة البالغة 46 عامًا: كيف يمكن لتحالف من ستة أحزاب أن يحكم دولة؟ وهي النقطة التي ركز عليها أردوغان خلال حملاته الانتخابية.
وأضافت: "نعم هناك أسعار مرتفعة (...) لكنْ على الأقل هناك ازدهار".
وأصبحت حملة أردوغان موجهة -بشكل متزايد- إلى مؤيديه الأساسيين مع اقتراب الانتخابات.
وقد وصف المعارضة بأنها "مؤيدة للمثليين والعابرين جنسيًا" تتلقى أوامرها من مسلحين أكراد محظورين ويمولها الغرب.
وحاول أيضًا كسب تأييد العاملين في القطاع الحكومي، من خلال منحهم زيادات هائلة على أجورهم، في الأشهر التي سبقت الانتخابات.
لكن الآن سيتركز كثير من الاهتمام على سنان أوغان، المرشح الرئاسي المستقل، الذي تحول إلى صانع ملوك بحصوله على 5% من الأصوات.
وقال أوغان الأحد: "لن نقول ما إذا كنا سندعم هذا المرشح أو ذاك"، مضيفًا: "سنجري مشاورات مع ممثليهم ثم نقرر".