غارديان: هل يريد الغرب انتصار أوكرانيا في الحرب؟
مع استعداد الجنود الأوكرانيين لخوض حرب -يتصورها الغرب حاسمة- قد يكون الوضع على الأرض مختلفًا.

ترجمات -السياق
منذ شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حربه ضد أوكرانيا، والموقف الغربي واضح، بتقديم الدعم غير المحدود لكييف، لكن ذلك لم يمنع انقسامات حادة بين شطري المحيط الأطلسي، بشأن المساعدات العسكرية المقدمة لأوكرانيا.
الكاتب فرانك ليدويدغ، المحامي والضابط البريطاني السابق، الذي خدم في البلقان وأفغانستان والعراق، تساءل: "هل يريد الغرب أن تنتصر أوكرانيا في الحرب؟"، مشددًا على أنه "إذا كان الأمر كذلك، فليرفعوا حجم الدعم العسكري".
وأوضح، في تحليل نشرته صحيفة غارديان البريطانية، أنه مع استعداد الجنود الأوكرانيين لخوض حرب -يتصورها الغرب حاسمة- قد يكون الوضع على الأرض مختلفًا.
مؤخرًا، ظهرت انقسامات بين الولايات المتحدة وأوروبا، بشأن دعم أوكرانيا بعدد من الأسلحة المتقدمة، وخلافات أمريكية داخلية بشأن تقديم مقاتلات إف16 لكييف، حتى خرج الرئيس جو بايدن ليعلن، خلال وجوده بقمة مجموعة السبع، موافقته على خطط لتدريب طيارين أوكرانيين على هذه المقاتلات.
هجوم مضاد
وأشار ليدويدغ إلى أنه بينما يستعد الأوكرانيون لهجوم الربيع المضاد، فإن المعدات والذخيرة التي قدمها الغرب لكييف قد لا تكون كافية لتحقيق مكاسب على الأرض.
وقال: "المسؤولون الأوكرانيون يجاهدون لتأكيد أن هذه الحملة المقبلة، من غير المرجح أن تكون حاسمة، لكنهم يتوقعون أن تكون هناك مكاسب بطيئة وتدريجية، أكثر من كونها كاسحة وواسعة النطاق".
ورأى الكاتب أن أوكرانيا أُجبرت -العام الماضي- على خوض حرب استنزاف بتكلفة عقابية، مشيرًا إلى أن حروب الاستنزاف -مثل تلك التي تجري في أوكرانيا- دائمًا ما تكون بطيئة، ومن السذاجة الاعتقاد بأنها ستنتهي قريبًا.
وأضاف: "لا مجال لفكرة أن كل شيء سينتهي بحلول عيد الميلاد"، فالأمر سيطول أكثر من ذلك.
وشدد الضابط البريطاني السابق، على أن الأمر يتطلب الحفاظ على هذا الجهد القتالي في المدى المتوسط (من سنة إلى ثلاث سنوات) والطويل (من سنتين إلى 10 سنوات)، وضرورة إجراء تغيير تدريجي في توريد المعدات العسكرية، أكبر بكثير مما قُدِّم على الأرض خلال العام الأول من الحرب، مضيفًا: "مهما كان الوضع، نهاية العمليات العسكرية هذا الصيف، فإن روسيا لن تختفي، ومن ثمّ فإن التهديد من الشرق سيستمر".
وتأكيدًا لذلك، استشهد الكاتب بتصريحات لمسؤول عسكري أوكراني كبير، كان قد وجَّه رسالة للغرب بشأن الدعم العسكري، قائلًا: "يجب استدامة الدعم العسكري وتنوعه"، مشيرًا إلى أن الغرب يفكر في كيفية الحفاظ على الاستقرار السياسي والعسكري على نطاق زمني أطول بكثير، وهو ما قد لا يخدم كييف على المدى البعيد.
وتعليقًا على ذلك، يبين الكاتب أن أوكرانيا تعلق آمالها على عضوية حلف شمال الأطلسي "الناتو" نهاية المطاف، الأمر الذي ستناقش كيفيته أو احتمال حدوثه، دول مجموعة الناتو في قمة فيلنيوس المقبلة في يوليو.
الجبهة العسكرية
ويرى ليدويدغ، أن طبيعة وحجم المساعدة الغربية -على الجبهة العسكرية- غير كافيين لدعم الجهود الأوكرانية لاستعادة أراضيهم، موضحًا أن "النجاحات المذهلة لقوات الدفاع الأوكرانية استندت إلى حد كبير لمخزون سوفييتي سابق"، مشيرًا إلى أن معدات الناتو عززت هذا المخزون، لكنها لم تحل محله حتى الآن.
ونظرًا لتأثير قوة الاستنزاف، التي لا هوادة فيها في معداتهم الحالية، فإن الكاتب يرى أن الحاجة إلى أسلحة جديدة وأفضل بكميات كبيرة ستزداد.
وبالحديث عن الدبابات، كمؤشر على مدى الدعم العسكري الذي يقدمه الغرب، أوضح الكاتب أن الولايات المتحدة والدول الحليفة تعهدوا -حتى الآن- بتقديم 140 مركبة غربية حديثة.
فقد أعلنت ألمانيا أنها سلمت 18 دبابة ليوبارد2 (تشير الشائعات في كييف إلى أن نحو نصفها ليس جاهزًا للقتال).
وهذا الأسبوع وُعدت كييف بمزيد من الطرازات (وإن كانت أقدم - ليوبارد1) كجزء من التزام ألماني متزايد.
وتبرعت المملكة المتحدة أيضًا، بـ 10% من قوتها من الدبابات على شكل 14 دبابة من طراز تشالنغر2.
بينما وعدت الولايات المتحدة بتقديم 31 دبابة أبرامز، وتعهدت الدنمارك وهولندا -بشكل مشترك- بتقديم 14 دبابة.
كما تعهدت إسبانيا وبولندا وكندا والنرويج، بتقديم عشرات أخرى من الدبابات، سُلِّم بعضها.
ومع ذلك، فإن 31 طائرة أبرامز الأمريكية لن تكون مستحقة حتى الخريف، وستصل النماذج الهولندية والدنماركية أوائل عام 2024.
ولوضع ذلك في السياق، طلب قائد القوات الأوكرانية، الجنرال فاليري زالوغني، في سبتمبر الماضي، 300 دبابة غربية جديدة على الأقل للحملة المقبلة وحدها، لكنها تلقت أقل من 100 دبابة حديثة نسبيًا وعددًا أكبر قليلا من المركبات القتالية المدرعة، بحسب الكاتب.
وأشار الضابط البريطاني السابق، إلى أن دول "الناتو" تعاني ضغوطًا على إمداداتها من المعدات والذخيرة -خاصة قذائف المدفعية- على المدى القصير، ومع ذلك، تمتلك الولايات المتحدة وحدها أكثر من 2000 دبابة أبرامز إم1 أي2 في المخازن، مع آلاف أنظمة المدفعية والمركبات القتالية المدرعة، ويضيف أنه لا أسباب عسكرية لعدم تسليم هذه المعدات إلى أوكرانيا.
وعن إمكانية أن تدخر الولايات المتحدة هذه المعدات لحرب محتملة مع الصين، قال الكاتب: "لن تكون لأي من هذه المنصات أي فائدة في صراع مع الصين -الشاغل الحالي والمستقبلي المحتمل لمؤسسة الدفاع الأمريكية- ومن ثمّ إذا لم يذهبوا إلى أوكرانيا، فلن تُستخدم".
في الوقت الحالي -يضيف الكاتب- تورد الأسلحة والذخيرة بطريقة مخصصة إلى حد ما، من خلال عملية تعرف بمجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية.
ونوه إلى أن هذه المجموعة تتواصل خلال اجتماع شهري في قاعدة رامشتاين الجوية بألمانيا، حيث تتوافق احتياجات أوكرانيا مع الموارد المعلنة للمجموعة المكونة من 54 دولة، لافتًا إلى أنه خلال الاجتماع الأخير، كان هناك نقاش لتطوير نهج أكثر استدامة وطويل الأجل.
وأضاف: "إذا كنا مهتمين بمساعدة أوكرانيا في تحقيق أهدافها الأساسية -التي قد تبدو في بعض الأحيان موضع شك- فنحن بحاجة إلى أن نكون جادين في استبدال النظام الحالي للتبرعات القائم على التنقيط، بإعادة إمداد وتجهيز منهجية على نطاق واسع، ويجب أن يبدأ التخطيط الآن، وأن يكون الهدف مساعدة أوكرانيا في إنشاء قوات مسلحة قادرة على الاندماج بشكل صحيح مع حلفائها الغربيين والدفاع عن نفسها"، مشددًا على أنه إذا قدم الغرب ذلك، فإن "مكافأة النجاح ستكون عنصرًا جديدًا ونشطًا وديناميكيًا في نظامنا السياسي".