العالم يترقب وأمريكا تتأهب... ترامب في قفص الاتهام

من المتوقع أن يسلِّم ترامب نفسه لمكتب المحامي العام لمانهاتن، قبل أن يمثل أمام المحكمة... وسيصطحبه فريق من المحققين إلى قاعة لأخذ بصماته

العالم يترقب وأمريكا تتأهب... ترامب في قفص الاتهام

السياق

حتى الآن، يعد الحدث الأبرز عام 2023، الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على بعد ساعات من مثوله أمام محكمة منهاتن في نيويورك، الذي سيحضر برفقة محامية، لإبلاغه رسمياً بتوجيه تهم جنائية إليه، في قضية دفع أموال لنجمة أفلام إباحية لشراء صمتها، في حدث غير مسبوق لرئيس أمريكي سابق.

ويجتمع ترامب بعدد من المحامين في برج ترامب بنيويورك، في الوقت الذي يستعد لمواجهة اتهامات جنائية، لا أحد متيقن بمدى تأثيرها في حملته الانتخابية التي يتقدم فيها.

بداية المحاكمة

من المنتظر أن تبدأ جلسة الاستماع الساعة "19:15" بتوقيت غرينتش، وحسب "بي بي سي" من المتوقع أن يسلِّم ترامب نفسه لمكتب المحامي العام لمانهاتن، قبل أن يمثل أمام المحكمة.

ونشرت وسائل الإعلام الأمريكية، الخطوات التي تنتظر ترامب منذ دخوله محكمة منهاتن الجنائية، حيث سيصطحبه فريق من المحققين إلى قاعة لأخذ بصماته، ومن غير المؤكد ما إذا كانت ستلقط له "صور جنائية" أم لا، من الطبيعي أن تؤخذ صور تقليدية للمتهمين، لكن محاميي ترامب عارضوا تلك الفكرة خشية تسريبها لوسائل الإعلام.

وحال إصرار المحكمة على هذا الإجراء، ستكون أشهر صورة جنائية في العصر الحديث.

كذلك أصر محاموه، على منع دخول وسائل الإعلام قاعة المحكمة، مقابل ضغط مارسه عدد من المؤسسات الإعلامية على القاضي جوان ميرشان، للسماح بتغطية الحدث.

وخاطب فريق ترامب القانوني القاضي ميرشان قائلين: "نلتمس من سيادتكم رفض طلب وسائل الإعلام، لما قد يحدثه من أجواء تشبه أجواء السيرك إلى حد كبير أثناء المحاكمة".

وبعد فترة، توصل القاضي إلى حل وسط، وسمح لخمسة مصورين فقط بالدخول، قبل دقائق من بدء المحكمة، والتقاط صور ثابتة ومغادرة القاعة.

وعلى الأرجح سيعامل ترامب كغيره من المتهمين، لن يحجز مكبلًا في الزنزانة، حيث المكان الاعتيادي للمتهمين، الذين ينتظرون قرب قاعة المحكمة.

أخذ البصمات

وأكدت وسائل الإعلام أنه فور الانتهاء من أخذ البصمات، سينقل إلى طابق قاعة المحكمة، في الطابق الخامس عشر.

حينها ستكون المرة الأولى التي يتلو فيها القاضي الاتهامات الموجهة لترامب على مسامعه، وتتحدث تسريبات وسائل الإعلام عن 34 اتهامًا.

ومن المتوقع أن يدفع محامو ترامب ببراءته في الاتهامات المذكورة، وبعد إكمال الإجراءات، سيفرج عن الرئيس السابق بكفالة مادية، ويخرج من المحكمة عبر أبوابها الخلفية، تحت حماية الحرس السري وقوات الشرطة، ليتوجه من المحكمة إلى مطار لاغوارديا، للعودة إلى فلوريدا، حيث من المقرر أن يلقي كلمة أمام حشود من أنصاره في أحد منتجعاته.

من القاضي؟

ترامب الذي يطمح للعودة إلى البيت الأبيض، ندّد بهذا الاتّهام "الزائف والمخزي"، مشيرًا إلى أنه من تدبير الديمقراطيين.

ووصف ترامب الملاحقات القضائية بحقّه، بأنّها "حملة اضطهاد"، موجّهاً انتقادات للقاضي المكلّف بالنظر فيها.

وقال أحد محاميي ترامب عن القاضي:"ميرشان ليس سهلاً على الإطلاق، لكن من المرجح أن يكون عادلاً".

ولميرشان سابقة مع ترامب، إذ حكم على صديقه ألين فايسلبيرغ بالسجن، بتهمة التحايل الضريبي.

مخاوف عنف

وأقدمت نيويورك على إجراءات أمنية مشددة، خشية اندلاع مظاهرات وأعمال شغب، من مؤيدي الرئيس السابق وكذلك معارضيه.

ووُضعت شرطة مدينة نيويورك في "حالة تأهب" قبل مثول ترامب أمام المحكمة.

وحذّر رئيس بلدية نيويورك إريك آدمز –الاثنين- من أنّ أيّ شخص في المدينة سيتوسّل العنف للاحتجاج، خلال المحاكمة التاريخية للرئيس السابق، "سيوقف ويحاسب أيّاً كان".

وقال آدامز خلال مؤتمر صحفي: "في الوقت الذي يفكّر بعض مثيري الشغب بالمجيء إلى مدينتنا رسالتنا واضحة وبسيطة: "تحكّموا بأنفسكم".

ولا ينفك ترامب عن إنكار التهم المنسوبة إليه، ووصف القضية بأنها ذات دوافع سياسية، وأطلق عليها في منشور بمنصة "تراست سوشال" لقب "صيد الساحرات" وقال فريق دفاعه إن المحكمة سوف تحكم بأنه غير مذنب.

كانت لقطات تلفزيونية أظهرت موكبًا يغادر منزل ترامب في مارالاغو الساعة 12.20 (16.20 بتوقيت غرينتش)، للتوجّه إلى نيويورك، المدينة التي صنع فيها الرئيس السابق اسمه، حيث يأمل استغلال مثوله أمام المحكمة، لاستثارة حملة تأييد لترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2024.

وحمل عشرات أعلامًا مؤيدة لترامب وأعلامًا أمريكية، واصطفوا على طول الطريق الذي مرّ فيه الموكب.

وفي مطار بالم بيتش الدولي، ركب ترامب طائرته الخاصة وهي من طراز بوينغ 757، ولوَّح للصحفيين خلال صعوده سلّمها.

تأهب الشرطة

بدورها، أمرت شرطة مدينة نيويورك، التي تضمّ 36 ألف شرطي و19 ألف مدني كلّ قواتها بالانتشار بلباسهم الرسمي على الطرق العامة ولمدة أسبوع، بحسب ما نقلت شبكة إن بي سي عن مصادر في الشرطة.

ولم ترد معلومات وافرة بشأن الإجراءات القضائية المتوقّعة الثلاثاء في مانهاتن، حيث تتهيّأ الشرطة ووكالات إنفاذ القانون لتظاهرات احتجاجية وأخرى مضادّة.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، من أمام برج ترامب، قال فيتو ديكيارا وهو مناصر للرئيس السابق يبلغ 71 عاماً: "أعتقد أنّ الحزب الديمقراطي يفعل ذلك فقط للتدخّل في الانتخابات".

من جهتها قالت ليا ستارلي المقيمة في نيويورك: "من المهم فهم أنّ الأمر لا علاقة له بالتحيّز لأيّ طرف، الأمر له علاقة بالقضاء".

ورفض محامي ترامب جو تاكوبينا -الأحد- التّهم المرتقب توجيهها رسمياً لموكّله، ووصفها بأنها أشبه بسيناريو في "عالم مقلوب رأساً على عقب".

وقال المحامي في تصريح لشبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية "إنها قضية اضطهاد سياسي"، لكنّ تاكوبينا أكّد أنّ موكّله يستعدّ للمواجهة.

والشاهد الأساسي في الملف، هو المحامي السابق لترامب مايكل كوهين، الذي أصبح عدوّه اللدود، وهو الذي دفع المبلغ لستورمي دانيالز عام 2016 وأعيد تسديده له.

وليست هذه القضية الوحيدة التي يواجهها ترامب.

فهناك قضية الهجوم الذي شنّه حشد من أنصاره على مبنى الكابيتول في السادس من يناير 2021.

الجمهوريون وترامب

من أبرز القضايا التي تلاحق الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتّحدة، الاتّهامات الموجّهة إليه بممارسة ضغوط على مسؤولين عن العملية الانتخابات في ولاية جورجيا عام 2020، وتحقيق في طريقة تعامله مع أرشيف البيت الأبيض.

والتفّ الجمهوريون صفًا واحدًا حول ترامب للرئاسة جاعلين منه -في مقابلاتهم وتغريداتهم وبياناتهم- ضحية.

ومن هؤلاء خصمه المحتمل لنيل الترشيح الجمهوري رون ديسانتيس، الذي ندّد بتهم "مخالفة لقيم أمريكا".

لكنّ الجمهوري آسا هاتشينسون، الحاكم السابق لولاية أركنسا جنوبي الولايات المتّحدة، الذي أعلن ترشحه للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لخوض السباق الرئاسي، طرح تساؤلات جدّية عن هذه الاستراتيجية، داعيًا ترامب إلى الانسحاب من السباق.

وقال الحاكم السابق: "أولاً، وقبل كل شيء، المنصب أهمّ من أيّ فرد، ومن أجل المنصب الرئاسي، أعتقد أنّ هذه (اللائحة الاتهامية) ستشكّل تشتيتاً كبيراً له، ويجب أن يكون قادراً على التركيز على العملية القضائية".