انقسام كبير في إسرائيل لتشكيل حرس وطني.. فما وظيفته؟

مفوض الشرطة يعقوب شبتاي، أعرب في رسالة إلى بن غفير، عن مخاوفه إزاء القوة الجديدة، متسائلًا في رسالته عن الحاجة إلى الحرس الوطني.

انقسام كبير في إسرائيل لتشكيل حرس وطني.. فما وظيفته؟
إيتمار بن غفير

السياق

وصفه مؤيدوه بأنه تحديث لمبادرة حكومية، بينما رآه معارضوه «مليشيا» لقمع المظاهرات المناهضة لخطة الحكومة بشأن التعديلات القضائية.

هكذا انقسم المجتمع الإسرائيلي بشأن قرار تشكيل حرس وطني تحت قيادة وزير الأمن الوطني اليميني المتطرف إيتمار بن غفير.

 

فما قصة ذلك الحرس؟

تعود قصة التشكيل الجديد، إلى الحكومة التي كانت قد بدأت إجراءات لتشكيل قوة شرطة مساعدة، لمواجهة العنف السياسي الداخلي، في أعقاب الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، بالمناطق التي يعيش فيها اليهود والعرب، خلال حرب غزة في مايو 2021، إلا أنها رحلت قبل الانتهاء من تشكيل هذه القوة.

وهو ما أشار إليه بن غفير، خلال مقابلات مع وسائل إعلام، قائلًا إنه تحديث لمبادرة الحكومة السابقة، مؤكدًا أن ذلك التشكيل سينتشر فقط في المجتمعات العربية المتضررة من أعمال شغب أو جرائم في إسرائيل، وكذلك على امتداد الحدود مع الضفة الغربية الفلسطينية.

وأضاف الوزير اليميني، في تصريحات لراديو الجيش الإسرائيلي: «ستتعامل مع هذا حصرًا، الشرطة لا تتعامل مع هذا حصرًا، إنها مشغولة بألف شيء وشيء».

وقال بن غفير إن التمويل الحكومي سيمكن من ضم 1850 فردًا للقوة الجديدة مبدئيًا، مضيفًا أن هؤلاء يمكن أن يكونوا ضباط شرطة ومتطوعين معارين، ومنهم عرب.

وأكد أن نشر قوات الحرس الوطني يستغرق أشهرًا، وأنه يحاول دعم مراكز الشرطة بالتوازي.

وتأكيدا لتلك الرسالة، قال بن غفير إنه سيلتقي شبتاي، الاثنين، مشيرًا إلى أنه منفتح على إمكان وضع الحرس الوطني تحت سلطة الشرطة «إذا كانوا جادين ويريدون ذلك».

كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد وعد بن غفير -الأسبوع الماضي- بأنه سيعرض القضية للتصويت، في اجتماع مجلس الوزراء المقبل، مقابل بقاء الوزير اليميني المتطرف في الحكومة، رغم معارضته الشديدة لتوقف نتنياهو عن تشريع الإصلاح القضائي للسماح بذلك.

وحدة الحرس الوطني التي أنشأتها الحكومة السابقة عام 2022 تخضع لسلطة الشرطة الإسرائيلية، وتتألف من بضع مئات فقط من الأفراد المستمدين في الغالب من شرطة الحدود، التي هي نفسها قوة درك.

وينص الاقتراح على أن قوة الحرس الوطني الجديدة تتألف من «قوات نظامية وألوية تكتيكية متخصصة» في جميع أنحاء البلاد.

 

صلاحيات الحرس

يقول مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -في بيان- إن الصلاحيات المحددة للحرس الوطني الجديد، ستناقشها لجنة من جميع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ستقدم توصيات في غضون 90 يومًا، مشيرًا إلى أن اللجنة ستقترح إما وضع الحرس الوطني تحت قيادة المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، وإما هيئة أخرى.

بينما قالت «تايمز أوف إسرائيل»، إن القوة المثيرة للجدل تتألف من 2000 جندي سيكلفون بمعالجة «الجريمة القومية» والإرهاب، و«استعادة الحكم عند الحاجة».

الجدول الزمني لتشكيل هذه القوة غير واضح، رغم أنه من المحتمل أن يستغرق أشهرًا، بينما ستقرر لجنة أيضًا، كما سعى بن غفير، ما إذا كانت سترفع تقاريرها مباشرة إلى الوزير اليميني المتطرف.

ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام العبرية، أعرب عديد من الوزراء في مجلس الوزراء عن معارضتهم لخفض 1.5 بالمئة في ميزانيات الوزارات، ما من شأنه منح وزارة بن غفير قرابة مليار شيكل (278 مليون دولار) قالوا إنه غير مسؤول وسيثير انتقادات عامة، ومع ذلك صوتوا لصالحه.

وقال مسؤولو وزارة المالية إنهم يستطيعون إيجاد حلول تمويل بديلة في غضون أشهر لتجنُّب التخفيضات الكاسحة، وانتقدوا بن غفير لمطالبته بالمال على الفور.

 

انقسام القوة

مفوض الشرطة يعقوب شبتاي، أعرب في رسالة إلى بن غفير، عن مخاوفه إزاء القوة الجديدة، متسائلًا في رسالته عن الحاجة إلى الحرس الوطني.

وحذر شبتاي، من أي فصل له عن الهيكل التنظيمي الهرمي للشرطة، قائلًا: «يمكن أن يكون مكلًفا جدًا بل يضر بأمن المواطنين»، بحسب موقع صحيفة يديعوت أحرونوت على الإنترنت.

ورفض مكتب بن غفير رسالة شبتاي، كجزء من «حرب الأنا» مع الشرطة، قائلاً إن «بيروقراطية الشرطة» تعيق خطة تشكيل حرس وطني كجزء من الشرطة، وأن فصل القوة الجديدة كان طريقته لتسريع يتحرك.

بن غفير مستوطن يهودي من الضفة الغربية المحتلة، سبق أن أُدين بدعم الإرهاب والتحريض على العرب، الذين يشكلون 21% من سكان إسرائيل، إلا أن نجمه سطع في السياسة لأسباب منها اضطرابات عام 2021.

وبعد أن خفف بن غفير بعض مواقفه المتشددة، صار مسؤولًا عن حقيبة موسعة للقانون والنظام، في الائتلاف الحاكم الديني القومي، الذي يتزعمه نتنياهو.

وندد ساسة عرب بالحرس الوطني، ووصفوه بأنه «ميليشيا» لابن غفير، واتهمت شخصيات معارضة أخرى بن غفير برغبته في تشكيل قوة جديدة لقمع المظاهرات المناهضة لخطة الحكومة بشأن التعديلات القضائية.

وتساءل النائب العربي أيمن عودة عبر «تويتر»: «لماذا إسرائيل بحاجة إلى حرس وطني أيضًا، رغم أن لديها جيشًا وشرطة ومخابرات عسكرية وشين بيت والموساد ومجلس الأمن القومي ومصلحة السجون وشرطة مكافحة الشغب وقوات خاصة؟».

ورغم أن عديد أعضاء مجلس الوزراء أعربوا عن استيائهم، صوتوا لصالح المقترح، مستنكرين إجراء تسليم وزير يميني متطرف «ميليشيا خاصة».

وخلال الاجتماع، اتهمت وزيرة المخابرات جيلا جمليئيل (الليكود) بن غفير بـ«الرغبة في كل شيء والآن على حساب الوزارات الأخرى»، ورد الوزير اليميني المتطرف بغضب حتى تدخل نتنياهو.

وشجب زعيم المعارضة يائير لابيد أولويات الحكومة، ووصفها بأنها «سخيفة وحقيرة»، وانتقد الوزراء لتصويتهم على «تمويل جيش خاص من البلطجية لمهرج تيك توك».

وقال لابيد إن الحكومة «موجودة منذ ثلاثة أشهر والشيء الوحيد الذي يهمها هو سحق الديمقراطية وتعزيز الأوهام الوهمية للوهميين».

وذكر بيان لمجلس الوزراء أن الصلاحيات الممنوحة للحرس الوطني ومن سيكون مسؤولاً أمامه، ستناقشها لجنة مهنيين من مختلف الأجهزة الأمنية والجهات الحكومية، ستصدر نتائجها في غضون 90 يومًا.

 

انقلاب

وحذر كبار قادة الشرطة السابقين من الخطة، بما في ذلك قائد الشرطة السابق موشيه كرادي، الذي قال إن بن غفير قد يستخدم القوة لشن «انقلاب»، بحسب الغارديان.

وبالمثل، أعربت جماعات الحقوق المدنية وكذلك السياسيون المعارضون، عن قلقهم البالغ بشأن اقتراح وضع هذه القوة تحت السيطرة المباشرة لوزير في الحكومة، بحجة أنه يمكن أن يسيِّس عمل الشرطة، ويقوِّض مبدأ المساواة في إنفاذ القانون.

ودق المدعي العام غالي باهراف ميارا ناقوس الخطر، الأحد، حيث أخبر الحكومة بأن هناك «عائقًا قانونيًا» للنسخة الحالية من الاقتراح، وأن الشرطة يمكنها التعامل مع التحديات التي تواجهها من دون الحاجة إلى هيئة منافسة.

وأفاد موقع هآرتس الإخباري، الأحد، نقلًا عن مسؤولين أمنيين لم يكشف هويتهم، قولهم إن رئيس جهاز الأمن الداخلي الشاباك، رونين بار، أعرب أيضًا في اجتماعات مغلقة عن معارضته لتشكيل الحرس الوطني.

وبن غفير، بصفته وزيراً للأمن القومي، أشرك نفسه مراراً وتكراراً بشكل مباشر في مراقبة المظاهرات الحاشدة ضد برنامج الإصلاح القضائي للحكومة، بما في ذلك إخبار الشرطة بالطرق السريعة التي يجب التأكد من تركها مفتوحة أثناء الاحتجاجات، ومناقشة أساليب تفريق الحشود، وزيارة مراكز قيادة الشرطة أثناء المظاهرات.

 

مؤيدو القرار

يقول أنصار الحرس الوطني، إن المؤسسة ستعمل على تحسين استجابة الدولة للاضطرابات الداخلية أوقات الاضطرابات، مثل أعمال الشغب التي اجتاحت إسرائيل في مايو 2021، بحسب «نيويورك تايمز».

بينما قال بن غفير إن قوة الشرطة الحالية تفتقر إلى القدرة على كبح جماح انتشاره أعمال شغب، مشيرًا إلى أن الحرس الجديد سيشمل جنودًا متفرغين، إضافة إلى متطوعين يمكن استدعاؤهم في وقت قصير.

كان بن غفير، تحدث سنوات عن الحاجة إلى حرس وطني تحت إمرته، قائلاً إنه يمكن نشر قوة مؤلفة من القوات المسلحة النظامية والمتطوعين، خلال حالات الطوارئ الشديدة، مثل أعمال الشغب العنيفة عام 2021.

لكن نشطاء حقوقيين ومواطنين فلسطينيين في إسرائيل، يعبرون عن قلق واسع النطاق، من أن الحرس الوطني قد يعرِّض سلامة العرب للخطر.

وقالت غدير نقولا، رئيسة القسم العربي بجمعية الحقوق المدنية في إسرائيل، وهي منظمة مستقلة لمراقبة حقوق الإنسان: «لا يتطلب الأمر كثيرًا لتحقيق هدفه مع هذه الميليشيا (...) سيستهدف السكان العرب».