إسرائيل وتركيا... آفاق جديدة على أنقاض توترات قديمة

قال مكتب نتنياهو إن رئيس الوزراء هاتف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهنأه بفوزه في الانتخابات.

إسرائيل وتركيا... آفاق جديدة على أنقاض توترات قديمة

السياق

رغم جولات من التباعد والتقارب والخلاف العلني والخطابات التركية الحامية، فإن الغلبة في العلاقات بين تركيا وإسرائيل دائمًا كانت "للمصلحة" السياسية للبلدين.

وبعد ساعات من إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فوزه في الانتخابات، تلقى اتصالًا من نظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، يهنئه فيه بولايته الجديدة.

و كتب هرتسوغ في "تويتر": "تحدثت الليلة مع رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، وهنأته بفوزه في الانتخابات".

واتبع: "قلت له إنني أتطلع إلى استمرار ازدهار العلاقات المشتركة بين إسرائيل وتركيا".

وأكد في اتصاله: "مواصلة العمل معًا للحفاظ على الاستقرار وتعزيز السلام الإقليمي وتعميق التعاون المثمر بين البلدين، وأعربنا عن أملنا بأن نلتقي قريبًا".

وأعقبت ذلك مكالمة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يهنئه فيه بالفوز، ويؤكد فيها الارتقاء بعلاقاتهما إلى آفاق جديدة.

وقال مكتب نتنياهو -في بيان- إن رئيس الوزراء هاتف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهنأه بفوزه في الانتخابات.

وأكمل: اتفق الزعيمان على مواصلة تعزيز العلاقات بين البلدين والارتقاء بها إلى آفاق جديدة.

وذكر أن الرئيس التركي شكر إسرائيل مرة أخرى على مساعدات الإنقاذ، في أعقاب الزلزال الذي ضرب تركيا.

وأكد نتنياهو في المكالمة لأردوغان، أنه ملتزم بتوسيع دائرة السلام في دولة إسرائيل، وتعزيز العلاقات بين إسرائيل وتركيا.

هذه الجملة من التبريكات والثناء على عمق ومتانة العلاقات بين البلدين، تتقاطع مع سنوات كانت البراغماتية سيدة الموقف في التعامل بين تل أبيب وأنقرة

 

توتر العقد الأخير

البداية كانت في يناير 2009 حينما انسحب رئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان، من المنصة في منتدى دافوس السنوي، بعد أن طلب السماح له بدقيقة واحدة للكلمة ينتقد فيها "الضربات الجوية الإسرائيلية" على الفلسطينيين، ردًا على خطاب ألقاه الرئيس الإسرائيلي وقتذاك شيمون بيريز.

لكن أعقبت هذا الحدث واقعة تمنى الطرفان أنها لم تحدث.

وقالت تركيا وإسرائيل إنهما ستتبادلان تعيين السفراء مجددًا، بعد أكثر من أربع سنوات على استدعاء كل منهما لسفيرها، في ما يمثل تطورًا مهمًا، بعد شهور من التحسن المطرد في العلاقات.

 

أبرز الأحداث بين الدولتين قبل عودة السفراء

مايو 2010 حينما قتلت إسرائيل عشر نشطاء أتراك، خلال مداهمة للسفينة مافي مرمرة الخيرية، التي كانت تقود أسطولًا يحمل مساعدات لقطاع غزة.

لتخفض بعدها أنقرة تمثيلها الدبلوماسي في تل أبيب، ما ألحقه بعامين اعتذار من بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، خلال مكالمة هاتفية توسط فيها الرئيس الأمريكي وقتها باراك أوباما مع أردوغان.

بعد 6 أعوام من الواقعة التي أدت لقطع العلاقات بينهما، وتحديدًا في يونيو 2016 وقَّعت الدولتان اتفاقًا لإعادة العلاقات بينهما، إثر الخلاف الذي استمر ست سنوات، بما أضفى الصفة الرسمية على اتفاق وصفه الأمين العام للأمم المتحدة وقتها بان كي مون بأنه يرسل بارقة أمل لاستقرار المنطقة، وأعيد  تبادل السفراء.

وقيل بعد ذلك على لسان مسؤول تركي كبير، إن إسرائيل دفعت 20 مليون دولار تعويضات لأسر ضحايا المداهمة الإسرائيلية لأسطول المساعدات.

لكن العلاقات بينهما وقعت مرة أخرى في مأزق عام 2018 وطرد سفير كل دولة.

مايو 2018، تبادلت الدولتان طرد كبار الدبلوماسيين في خلاف، بعدما وصف أردوغان قتل القوات الإسرائيلية 60 فلسطينيًا، خلال احتجاجات على حدود قطاع غزة، للتنديد بفتح السفارة الأمريكية في القدس، بأنها إبادة جماعية، واتهم إسرائيل بأنها دولة إرهابية.

وبعد عام تحديدًا في ديسمبر 2019، أعلنت تل أبيب معارضتها لاتفاق بين ليبيا وتركيا لترسيم الحدود البحرية شرقي البحر  المتوسط.

ووقَّعت إسرائيل واليونان وقبرص اتفاقًا في الشهر التالي، لمد خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا، وهو مشروع تعارضه تركيا وتوقف في ما بعد.

 

فصل السياسة عن الاقتصاد

كثيرًا ما كانت القضية الفلسطينية، من النقاط التي يجيد الرئيس التركي التحدث عنها في خطاباته، ودائمًا ما يتحدث عن ضرورة دعم الشعب الفلسطيني، ووقف انتهاكات إسرائيل بحقه، ويشيد أنصار أردوغان في الدول العربية بهذه الخطابات، التي يصفها كثيرون بالشعبوية، التي غرضها الوحيد كسب الجماهيرية.

عام 2021 قال أردوغان مهاجمًا إسرائيل:"إنهم قتلة لدرجة أنهم يقتلون أطفالًا بعمر خمس وست سنوات لا يشبعهم إلا سفك الدماء".

لكن عام 2022 قال وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو إن إقامة تركيا علاقات أوثق مع إسرائيل، لا يعني أنها ستدير ظهرها لالتزاماتها بقيام دولة فلسطينية.

في العام ذاته، دعا الرئيس رجب طيب أردوغان نظيره الإسرائيلي -وقتها- إسحق هرتزوج لزيارة تركيا، وهي الزيارة الأرفع لمسؤول إسرائيلي منذ أكثر من عقد.

لتعقبها زيارات متبادلة بين كبار الساسة في البلدين، حتى إعادة تعيين السفراء في العام ذاته.

وكذلك فإن العلاقات بين البلدين قائمة على مبدأ فصل الاقتصاد عن السياسة، وحجم التبادل التجاري بين تل أبيب وأنقرة عام 2020 أي في أوج الأزمة بينهما، كان 6.2 مليار دولار.

كذلك فإن تل أبيب على قائمة أكثر الدول استيرادًا من تركيا، ولإسرائيل استثمارات مهمة في تركيا، فضلًا عن مئات الآلاف من الإسرائيلين، الذين ترحب بهم تركيا كسائحين.